2008/08/08

المقاومة... وعناقيد الأحلام الصاعدة إلى دروب السماء...!!

المقاومة... وعناقيد الأحلام الصاعدة إلى دروب السماء...!!

بينما تسرح قطعان الإحباطات في شوارع المدن العربية و زواريب أحيائها القديمة, تجلس الحكايات على رصيف المواجع القومية, تضع رجلاً على رجل أمام مقهى الأحزان, تتابع نشرة الأخبار التي يتحرك فيها الموت في كل اتجاه, يخطف الآهات و الدعوات من سماء حصار غزة, و يغتال أنفاس التين و الزيتون من بساتين الضفة, يقطف الأزهار و الأطفال من ضفاف الفرات, يقبض على خضرة النخيل و قوافي القصائد من شواطئ دجلة, يطوف بدموع الماجدات الحائرات في شوارع بغداد متجاوزاً حواجز العملاء و قوات الاحتلال و إشارات المرور إلى متاحف التراث و دار الخلافة و مقرات سرايا الفتح و شبابيك العشاق و مكالمات الأصدقاء, يركب موجات الأثير إلى حدود لبنان فيتوقف على صدى أنغام أغنية السنابل التي استيقظت على وقع صهيل خيول المجاهدين في الجنوب, و هي تشم روائح العشب الندي المضمخ بدماء الشهداء, تغني لسمير القنطار و رفاقه العائدين من الأسر, ولدلال المغربي و رفاقها اللائذين بأرواحهم إلى مرابع الطفولة و مراتع الصبا و الشباب, المسوّرة بوشوشات النسيم الباردة وقبلات الشمس الدافئة و أزهار اللوز و عناقيد الأحلام الصاعدة إلى دروب السماء....وقتها يموت الموت من القهر, يرمي سلاحه احتراماً لسلاح المقاومة, يجلس القرفصاء واضعاً رأسه بين ذراعيه و ساقيه, يبكي بدموع الضياع و الخيبة, يذعن صاغراً لإرادة الجهاد, يمزّقُ أوراقه المبعثرة, يدوس عليها بالأقدام حيث لا مكان له هنا, بعدما ولى زمن الهزائم و جاء زمن الانتصارات....!!!
وتحت ظلال أشجار الروح في تموز/يوليو دخلت السعادة من أربع جهات الأرض إلى لبنان, فتفجرت ينابيع الإحساس, صافية كأغاريد الحرائر, نقيّة كدموع الأتقياء, تروي مساحات العشق الوطني و القومي من الماء إلى الماء, حيث تفاقم الشعور بالانتصار لدى سمير القنطار: ((لم أعد إلا لكي أعود إلى فلسطين)), معيداً إلى الذاكرة وقفة سيد المقاومة حين أمسك بيده أغصان المطر, وهزّ بعصا صواريخه أركان الأمن الصهيوني, فراحت أصداء "الوعد الصادق "تطلق أهازيج الفرح في مرافئ حيفا, تقرأ الأشعار حول بيارات البرتقال في يافا, تؤذن لصلاة الفجر في قرى الجليل, تطرق باب القدس الساهرة في انتظار الصباح القادم إليها من بوابة الكرامة, تجبر الصهاينة على النوم في الملاجئ تأهباً للرحيل, يغيّر العدو مفرداته كما تغيّر الحرباء جلدها, يحتمي بجدار الخوف من الأيام الثقيلة القادمة, فلم يتبقَ له متسع من الوقت إلا كلمة الرضوخ لشروط القوة في يوم وصفه"أولمرت" بأنه ((يوم الذلّ في إسرائيل)).
وعندما اخترقت صفعة المقاومة جدار الصمت العربي, استيقظت حدائق النشوة تستقبل الأسرى المحرّرين بلغة واحدة, جميلة كالأمنيات, و لذيذة كالأحلام, وعفيّة كالذكريات, ارتفع فيها منسوب الدفء وجداول الحنين إلى الوحدة الوطنية, التي ما لبثت أن ارتدت شوارعها رايات النصر و انفتحت آفاقها على بحر من ضياء يغمر أناشيد الوطن و روح القصائد و مواعيد الكلام, و صوابية خيار المقاومة الوطنية الذي أثبت حضوره فوق عصبية المذاهب و الطوائف ......
وإذا كانت الأشواق الظامئة إلى الحرية, الخارجة من حقول الروح المشتعلة بالمواجع قد حملت المقاومة _مدفوعة بالحنين إلى زمن الكرامة و عصر العبقريات الخالدة _إلى إنجاز صفقة تبادل الأسرى في عملية جمال عبد الناصر (1979)التي مثلت بذاكرتها رداً على اتفاقية "كمب ديفيد", و بأحلامها و إبداعاتها رسالة وطنية عالية, وقومية عربية بالغة الدلالة حين أعادت الاعتبار إلى قومية الصراع بنشر محصول بيادر البسالة من جثامين الشهداء على أقطار المشرق و المغرب العربيين في شهر انتصار المقاومة و ثورة يوليو..
فهل تحمل الأيام القادمة عبر لهيب الروح و الكلمة و الفعل للقابضين على جمر المبادئ و الثوابت القومية العربية إلى المقاومة الرابضة على ضفاف الجهاد هدية وحدتهم ؟!! فيعيدون الاعتبار إلى المشروع القومي العربي النهضوي الحضاري كوحدة متكاملة في مواجهة المشروع الصهيوني أم أنها باقة ورد في انتظار مسافرٍ لا يأتي ؟!!.........

دمشق في الأول من آب 2008 : بقلم محمد علي الحايك
((أبو تمّام))










































ليست هناك تعليقات: