2008/08/28

ناصريون اون لاين تنفرد بنشر الحلقة الجديدة من سلسلة الغاسقون للكاتب و المناضل العربي رمضان عبد الله العريبي

الغاسقون ومشهد المصير
رمضان عبد الله العريبي



حينما نمعن النظر في المشهد الذي يسود أركان الوطن المقدس، سوف تزدحم في أذهاننا عدة تساؤلات وأسئلة تتطلب إجابة حاسمة غير مترددة تضع النقاط علي حروفها دون خجل أو وجلٍ.

ولكي نتحدث عن المشهد الذي يعيشه إنسان أمتنا سوف تعترضنا بدون شك عدة مصاعب لها صلة بحالة التشخيص المطلوب بصراحة ووضوح، والذي يوضح جملة المعطيات التي تشكل عراقيل تحول دون خلق حالة نهوض جديد في مواجهة الخطط والترتيبات الاستراتيجية التي يبينها (التدبيريون) الأشرار، والتي تحدثنا عنها في سلسلة الغاسقون، وحددنا أهدافهم وعناصر تفكيرهم ومستهدفاتهم التي تقضي في مجمل مكوناتها بتخريب المرتكزات الرئيسية القائم عليها بعدنا الاجتماعي والديني والقومي، خاصة إذا استطعنا أن نعلم علم اليقين خطورة ما يُبيت لنا في المستقبل، وملامح ذلك ظاهرة الان لكل ذي عينٍ وبصيرة.

وبما أن هذه الحلقة تتحدث عن مشهد المصير، فإننا سنضع قاعدة فكرية تنبعث من خلالها جل المعالجات التي تستهدف مشهد المصير (والقاعدة تقول إن أي شيء يبدأ من فراغ سيعود إلى الفراغ ذاته).

وبما إن الحديث حول ما يجري في كيانات التقسيم والتجزئة (كيانات سايكس بيكو) سوف يأخذ وقتاً منا، وسيكون غير ذي فائدة لذلك نقترح أخذ مثالاً ذو أبعاد مناطقية تتسم بأهمية الموقع الجغرافي والاجتماعي والعقائدي من حيث أبعاد هذا المثال الرسالية، حيث سيكون الحديث عن المثال الذي اخترناه مجسماً في الكيانات (دول) التالية:-

مملكة آل سعود .
ليبيا .
الجزائر .

قبل أن ندخل في الحديث عن هذه الكيانات وتفادياً لحساسيات وإحراجات، فلابد أن نقول إن الذي نريد قوله يمثل تشخيصا موضوعيا لجملة الوقائع التي حدثت عبر مسارات وسياسات وتصرفات وقعت في تاريخ مضى، ولازال بعضها سائراً في طريق الخطأ، ولا نلاحظ حتى يومنا هذا بادرة لممارسة النقد كطريق نستكشف من خلاله أخطاء وأخطاء، والذي سيأتي قوله ليس المقصود فيه تجريح أو ما إلى ذلك من عبارات اعتاد عليها عقل المتخاصمين العرب. هذه مجرد إيضاحات لعلها تكون باعثا نحو استشعار لمسئولية ووتيرة نعود من خلالها لإستخدام عقولنا، ونهتدي بهذا العقل إلى طريق الحكمة والموعظة الحسنة.

آل سعود :

عندما نتحدث عن الموقع الجغرافي لهذه المملكة وأهميته بالنسبة لأمة العرب حيث يشكل أهمية بالغة لطبيعة موقعه دينياً ورسالياً، وبما أن الأمر كذلك فإننا سنتتبع مسار الأخطاء الجسيمة التي مارستها الأسرة السعودية عبر السنوات الماضية التي انقضت منذ خروج هذه الأسرة من قرية (الدرعية) وتمكنها عن طريق ما، من إنشاء ما أصبح يعرف الآن (بالمملكة العربية السعودية). وإذا عددنا جملة الأخطاء الإستراتيجية التي وقعت فيها هذه الأسرة وأولها ذلك التحالف الأساسي مع مجموعة الأشرار الحاكمين في الولايات المتحدة الأمريكية، وإذا قرأنا جيداً النتائج التي ترتبت عن هذا التحالف سنجدها كارثية وباهظة لم تأت بنتيجة حت على كيان أسرة آل سعود.

ولكي نضرب مثلاً لذلك حينما تحالفت هذه الأسرة مع الولايات المتحدة الأمريكية أثناء المواجهة حول المياه الدافئة بين السوفيت وأمريكا، ونتذكر هنا ذلك النشاط الاستخباري المحموم الذي انتشر في الجسم العربي داعياً ومجنداً لحوالي ثلاثون ألف عربي للحرب مع أمريكا في أفغانستان والتي استنزف فيها دم المجاهدين الطيبين، وخرجنا نحن العرب المسلمين من (المولد بلا حمص). وكانت نتيجة هذا التحالف وخيمة حتى علي شعب أفغانستان المسلم، حيث ساد خراب المدن، وانتشرت الفتن، وأمعن الناس في تكفير بعضهم البعض (هذا كذا وهذا كذا). والأدهى من ذلك عندما استعصت الأمور، تم تنصيب مجموعة من الناس ذات أفق ديني محدود، وحكمت هذه المجموعة افغانستان بأساليب لا تتماشى مع صلاحية الزمان والمكان في القران الكريم.

وقد جاء هذا التنصيب باقتراح أمريكي باكستاني سعودي وكان دهاقنة الشر في أمريكا الصهيونية يظهرون خلاف ما يبطنون تجاه العرب المسلمين، وكانت استراتيجيتهم الصهيونية تقضي بتخريب البعد الرسالي للقرآن الكريم، وجاءت المفاجأة الكبرى عندما أوحت دوائر معينة الى المجموعة التي حكمت أفغانستان بضرورة تفجير التمثال البوذي الواقع في أحد الجبال (والذي مر عليه جيش المسلمين بقيادته المشهورة دون أن يمسه بحجر واحد باعتبار ذلك لا يغني ولا يسمن).

وقد انطلت حيلة التفجير على الذين نصّبوا هذه الجماعة لحكم أفغانستان لان الهدف في عقول المتآمرين كان يستهدف خلق ردة فعل سلبية في أوساط ملايين البوذيين في الشرق الأسيوي وإلحاق الضرر بالامتدادت الجغرافية التي ينتشر فيها مسلمو اسيا.

حدث ذلك أمام أعين ونظر الأسرة السعودية ولم تستطع أن تدرك أبعاد هذا الموضوع الذي تم تدبيره للوصول الى ضعضعة الأبعاد الاجتماعية للمسلمين وإظهارهم بمظهر المحاربين للحجر والبشر. والغريب في الأمر إن هذه الوقائع لم تمكن نتائجها الأسرة السعودية من مراجعة جادة لعلها تتجنب نتائج وخيمة قادمة عبر الأفق المستقبلي حيث السلوك والمسلك لازال قائماً على اخطائه السابقة.

ولا نريد هنا أن نتحدث عن التسهيلات التي مكنت جيش العدوان الأمريكي الصهيوني على شعبنا في العراق، لكننا نشير فقط الى تكرار خطأ جسيم أخر تمثل في إعداد عمل خطير في مواجهة تيار المقاومة الباسلة في العراق حيث طلب أمريكياً من هذه الأسرة إعداد ترتيبات تقضي بتشكيل ( قوات صحوة ) عن طريق بعض ضعاف النفوس في عشائر العراق وصُرفت أموال طائلة من أجل ذلك أمتثالاً للنداء الأمريكي المتهالك في العراق وهذا خطأ أخر يضاف الي جملة الأخطاء التي نتمني أن تتم مراجعهتا بكل جرأة وشجاعة أستشعاراً للمسئولية أمام الله و أمام الضمير وأمام الأمة ، كما إننا نشير الي سلوك غريب أخر يجري في لبنان عبر أدوات ضعيفة ذهنياً وعقائدياً حيث تشكلت بمعرفة أسرة آل سعود مجموعات نشرت في مناطق حساسة مثل البقاع الأوسط الذي يشكل خاصرة خطيرة للجيش السوري وللمقاومة الإسلامية في لبنان ، كما نشرت جماعة أخري في منطقة ( بعل محسن ) في الشمال الشرقي من لبنان وهي كذلك خاصرة تحيط بالبعد الأجتماعي في كلاً من لبنان وسوريا والبقاع الأوسط وبعل محسن ، وفي الأستراتيجية الصهيونية يشكلان ممراً أساسياً ويقول عنه الخبراء بأنه السلسة التي تطوق عنق حوض دمشق وسهل حوران أن أي نشاط تخريبي أو طائفي في هاتين المنطقتين سيخلق خللاً وإضطراباً في البعد الأجتماعي ولانريد الحديث عن جملة التعرضات التي قامت بها هذه الأسرة ضد المد الوحدوى وساهمت مساهمة كبيرة في إبقاء تجزئة الأمة علي حالها .


هذا موجز ملخص جداً عن هذه الدولة ..

ليبيا :-

عُرفت هذه البلاد في تاريخ أمتنا بأنها منطقة عبور اجتماعي ورسالي وشكل هذا الموقع أهمية بالغة في ربط جناحي وطن الأمة المقدسة وأمدهُ بفعاليات رسالية وجهادية وقاتل أهلها الغزاة بكل بسالة وإيمان واستشهد فيها عبر تاريخ الفتح الأسلامي عدد من الصحابة وتشكلت فيها أول قيروان عسكري وحضاري كان قاعدة هامة في شمال أفريقيا ( ودان ) وقد ساهمت هذه المنطقة عبر جهد إنسانها في تفاعلات حضارية وثقافية منسجمة مع معطيات التاريخ العربي الأسلامي وأنصهر وجدان أهلها مع تلك المعطيات ولم يحيد عنها قيد أنمله ، أما من حيث المقومات والأسس الحضارية القديمة فهي تشكل مشهداً لطبيعة التوحيد وذلك يتجسم في المدن الحضارية القديمة من أمثال ( قورينا – برنيق – لبدة – إيناس ( طرابلس ) – صبراته – مرتفعات الجمال الثلاث ( ترهونة ) وكذلك الأثار في الجبل الغربي والمسميات الذوقية العالية لمدن الجبل الأخضر .. إن هذا المشهد يشكل أمتداد طبيعي يبدأ من مدينة أوغاريت في الشرق العظيم مروراً بقرطاج الباسلة حتي مدينة أنفا ( الدرا البيضاء ) حيث هذا الجهد الحضاري الأنساني لايجوز بأي حال من الأحوال تجاوزه أو فصم بعضه عن بعض لانه قد ُبني بفعل أمة موحدة قاد بنائه عباقرة الرجال الشجعان ( الكنعانيون العرب ) إن هذا الذي ذُكر أعلاه يسجل أمامنا معطية لعلها تقنع من في أيديهم ( منجل ) يريدون بأشهاره قلع جذور هذا الشعب من منابتها والحديث عن بلادنا فيه صعوبات جمة ، فقد كان من الممكن لبلادنا أن تلعب دوراً مثالياً منسجماً مع قاعدة العمران والحضارة التي ذُكرت أعلاه لكن الظروف قد قيدت الي ابعد الحدود هذا الدور وتغيرت علي الأقل في المعلن بعض النداءات الحاسمة وذلك نتيجة لتسرب نوعين من الناس الي جسمها الثقافي و ( الأداري ) أما النوع الأول من الناس كان ولايزال يمثل خطاباً ثقافياً أستغل الظروف والتغيرات وبدأ ينفث سموماً ثقافية إنكفائية وأصبحت قاعدة خطابه الثقافي قائمة علي روح أنعزالية في مظهر ملامحها خطورة لها صلة بأمن إنسانها المستقبلي في ظل صراع يحتدم ساعة بساعة وتقوده قوي الأشرار( التدبيريون) الحاكمون في الولايات المتحدة الأمريكية حيث من المفهوم إن فكرة العزل يأتي بعدها الضرب والتخريب ، وإن عدداً من الملاييين البسيطة لايمكن لها أن تعيش في مأمن في ظل أوضاع منكفئة علي ذاتها حسب مانراه من صراعات في وقتنا الحاضر ومن تطويقات تجري حول مجالنا الحيوي وكان حريُُ بذوي الخطاب الثقافي وربما الأعلامي أن يركزوا جهدهم علي أبعاد تخص الناس والبلاد وفي مقدمة ذلك البعد التنموي القائم علي روح إقتصاد تكافؤ الفرص وكذلك التركيز علي خطاب إعلامي يقوم علي روح التفاعل والنقد البناء وتبادل الأراء علي أسس حضارية قائمة علي الأحترام والتفاعل التي تحكمها قوانين العيش المشترك دون تعسف أو أضطهاد كيف ماكان نوعه ، أما نوع التسرب الأخر فقد كان ممثلاً في مجموعات ( تمضغ ) مفردات فرغتها حتي من مضامينها وفشلت في التعبير عن الأبعاد الكبيرة لتلك المفردات وهذا النوع من الناس بتسربه هذا أستطاع أن يأتي ( بمنجل جديد ) لاجتثاث روح الترابط مع البعد القومي لامته الأمر الذي مكن الأعداء من خلق حالات الظروف التي أشرنا إليها آنفاً كما قام هذا الرعيل من الناس بخلق أضطرابات أجتماعية نفرت سكان البلاد من العديد من المعطيات التي كان يمكن أن تأتي بخير للعباد والبلاد وأخذ هذا الرعيل يبذل جهداً يشكل نفس النتيجة التي يهدف إليها الأنكفائيون الأنعزاليون وبذلك تخلي الفريقين عن المهام الخلاقة التي كان يتوجب علي الجميع الأرتقاء بها حضارياً بحيث ينجم عن ذلك نشاط يبني ولايهدم ويربط جدلية تاريخية قائمة علي مسند الماضي وفاعلة في واقع الحاضر ومستشرفة لافاق مستقبل العلم والمعرفة والتفاعل الأخوي المتصالح .
إن الذي تغافل عنه الفريقين المذكورين هو عنصر الأنتماء الذي يؤمن به سكان هذا البلد عبر هوية إيمانية صريحة لايمكن بأي حال من الأحوال التنازل عنها بسهولة وخاصة إذا نظرنا الي الروح الجديدة التي تنامت في أمتنا عبر جهد مضني شكله تيار المقاومة العربية الأسلامية الباسل وحقق عبر هذا الجهد إنجازات في مقارعة أعداء الأمة والأنسانية حيث تبلور وعي جديد وقدرات ستقصم بإذن الله ظهر أعداء الأمة بكل جدارة ورؤية أستراتيجية تقود أسس الصراع لفهم جديد لطبيعة ومكونات أستراتجية الأعداء وإن ممر المارثون كاد أن يصل الي مداه النهائي وسيذكر التاريخ الأنعزاليون الأنكفائيون والسماسرة وفرق الأنتهازيون والفاشلون سيذكرهم بذكر لانحب ذكره هنا، إن منهج التدبيريون الأشرار الحاكمون في أمريكا يعمل بكل جد علي تحقيق نظرية التجويع والأفقار والعوز فلا ينبغي أن نغفل هذا الركن الخطير وأن جهداً يُبذل لتحسين حالة الناس في شتي مناحي الحياة سيكون رداً منطقياً وفعالاً علي أستراتيجية الأعداء وذلك بإعادة الأعتبار لحالة العيش المتوازن الذي يجعل الأنفس أمنة في قوتها وفي حاجتها وفي متطلبات الحياة بكل راحة ويسر .


الجزائر :-

عندما نتذكر تلك المطامح الأستعمارية التي تحدث عنها كتاب ينتمون الي منظومة الأستعمار الغربي سوف نجد أهمية الموقع الجغرافي للجزائر كمنطقة أساسية في التكوين الأجتماعي الأسلامي في غرب الوطن العربي وبما أن الجزائر كذلك فقد عبر أهلها عن أنفسهم بكل بسالة في مواجهة الطامحين والمستعمرين وصارت أنتفاضات شعبية هائلة عبر حقبٍ متتالية توجت هذه الأنتفاضات بقيام جبهة التحرير الوطني وتشكيل جيش التحرير الشعبي الذي نهض بقطاعاته المختلفة وبشعبه العظيم لمقاتلة المستعمرين وبروح نظامية منظمة حاسمة في أهدافها المتصلة بضرورة تحرير الجزائر من قبضة المستعمر الفرنسي ودفعت الجزائر ثمناً كبيراً في سبيل تحريرها وكانت الخاتمة المعروفة أن أنتصر جيش التحرير الشعبي علي جيش الغزاة الفرنسي ونشأ علي أنقاض المستعمرين كيان ( دولة ) عرفت بالأسم الرسمي الحالي ولكنني أذكر هنا مفارقة عجيبة حيث كان قبيل تشكيل جبهة التحرير الوطني فكرة مطروحة تهدف الي تكوين جيش موحد بين الجزائر والمغرب وتونس ولكن الفرنسيين عندما علموا بهذه الفكرة أستشعروا خطرها وقاموا بالتفافة حيث قاتلوا بشراسة جيش التحرير المغربي من جهة ومن جهة أخري أستدعوا الملك محمد الخامس من منفاه في جزيرة مدغشقر ومن أجل أجهاض الفكرة وعدوا محمد الخامس بإعطاءه أستقلال ذاتي للمغرب الأقصي وأتصل رئيس وزراء فرنسا بالحبيب بورقيبة من أجل إجهاض فكرة التوحيد وأعطيت تونس أستقلالاً ذاتياً تراسه الحبيب بورقيبة .. وبذلك تم تشتيت جيش التحرير التونسي وهُجر أعضاءه ولازال بعض أعضاءه يعيشون حتي الأن في مدينتي بنغازي وطرابلس وبعد ذلك قامت بعض المنظمات التابعة للنظام الجديد بإيحاء فرنسي بقتل الزعيم ( صالح بن يوسف ) وتصفيته في ألمانيا أردت أن أذكر بهذه المفارقة لانها تعني مفصلاً خطيراً في صناعة التجزئة أي تجزئة الأقطار العربية وميثاق هذه الفكرة التوحيدية (موجود لدينا) إذن نعود لمنطقة المثال ( الجزائر ) التي تعد ركناً أساسياً وأستراتيجياً في منظومة البناء الوحدوي فقد قام النظام في هذا الكيان الذي أسسه في البداية أحد أهم رموز جبهة التحرير الوطني وهو السيد ( أحمد بن بله ) ثم حدث أنقلاب فيما بعد وتولي الحكم فيه العقيد هواري بو مدين ( محمد أبو خروبة ) وأتسمت طبيعة الكيان بإنعزالية شديدة وخالف نهجه تلك النداءات العظيمة التي كانت أصداءها تتردد إبان معارك التحرير تلك المعارك التي شاركت في دعمها الأمة من أقصاها الي أقصاها شيباً وشباباً وخاصة ذلك الدعم الهائل الذي أشرف عليه القائد الخالد جمال عبد الناصر وهنا أذكر بدون فخر أنني شاهدت في ريعان شبابي إحدي الرحلات الهامة وطوابير الشاحنات المليئة بمختلف الأسلحة والتي كسرت فيها يدي في منطقة برج الباف جنوب تونس وعندما أستولي العقيد بومدين كان يركز في طبيعة حكمه علي أستقرار الكيان (دولة ) ولم يعطي أهتماماً للبعد الوحدوي رغم إن هناك في الجزائر قوي وحدوية ناضجة وقوي متفتحة غير أن المبادرة التاريخية غابت عن سلوك وأفكار من حكموا في الجزائر الأمر الذي جعل الناس في الجزائر وقطاعات من المثقفين مرتبكون في داخل أوضاعهم وتسودهم حالة جدل خلق أضطراب شديد وصرعات حول الهوية وكان تيار العلمانيون والماركسيون المتسترون بالهوية المحلية يعملون بكل جد علي تكريس الهوية المحلية في خطب ومساجلات بلورت إضطراب ذهني ونزاعات عرقية عنصرية كانت واضحة في الجسم الجزائري وخاصة بعد وفاة هواري بومدين ( محمد بوخروبة ) حيث تحرك المستعمرون ومنهم مجموعة الأشرار الحاكمة في أمريكا وحدث جدل حول من يخلف بومدين وكانت الأمور تشير الي شخصية وطنية وحدوية معروفة بهذا التوجه وذلك لرئاسة الكيان الجزائري بيد أن المنظومة الأستعمارية أعترضت علي هذا الشخص وأقترحت عبر شروط تعسفية شخصاً أخر كان مركوناً في غرب الجزائر وفرض علي الجزائر العقيد الشاذلي بن جديد ولكن الجزائر تعرضت في عهده الي مؤامرة كبري أنتقاماً من الأنتصار التاريخي للثورة الجزائرية وبدأت الخطط والترتيبات لتفجير البعد الأجتماعي الجزائري ونشأت جماعات وضع علي رأس قيادتها في البداية شخصان أحدهما إنسان طيب يتسم بالسذاجة وأنعدام الوعي بطبيعة المؤامرة والأخر مندفع لايجيد قراءة أفكار الأعداء ولايعرف مراميهم وأهدافهم وتحت هذا الهرم الحزبي نشأت الجماعات التي دربت أمريكيا في قاعدة بيشاوا في الباكستان وكانت السلطات منقسمة علي نفسها طرفاً يعرف أبعاد المؤامرة ولكنه لايملك إلا الصبر والمواجهة وهو ممثل في المكونات الأساسية لجيش التحرير الشعبي ، وممثلاً في منظمة المجاهدون القدماء وهاتان الجهتان هما اللتان عصمت الجزائر الي حد ما أما الطرف الثاني فكان يتمثل في عناصر يريدون أن يستثري الفساد والإرباك وتريد أن تتعمق هوة الأضطرابات الأجتماعية وكانت أهداف هذه الجماعات تتمثل في تفكيك البنية الأجتماعية الجزائرية وتعميق الخلافات وخلق مناخ مناسب لبروز أشكال اخري عنصرية تفكك وحدة التلاحم والترابط الديني والأجتماعي وهذه كلها أهداف تقع في البرنامج الأستراتيجي ( للتدبيريون ) الجدد الحاكمون في الولايات المتحدة الأمريكية وقد أنبلج فجر جاهليُُ في الجزائر وأصبح الهدم والتقتيل أمراً أعتيادياً في الجزائر وفُقد البصر والبصيرة وشارك في ذلك أطراف من خارج الجزائر منهم مايسمي برجال الدين ومنهم من تفاعل مع المخطط الأجنبي المستهدف للثأر من ثورة التحرير الجزائرية وعندما نذكر ذلك إنما نذكره من أجل أخذ العبر ومن أجل إيقاف مسألة الضحك علي الذقون التي تأتي من طرف أعداء أمتنا لإن في إعتقادهم تكمن فكرة أن العرب قد تم تجريبهم في أكثر من مرة حيث أنطلت عليهم حيل كثيرة واستخدام جهدهم من أجل تحقيق أهداف غيرهم وتحولوا أكثر من مرة إلي حصان طروادة وهذه التجربة قد مارسها الأشرار الحاكمون في أمريكا أكثر من مرة مع الأسرة السعودية وعندما نتحدث بإيجاز مطلق عن مشهد المصير فأننا ندعو كل الذين أرتكبوا أخطاء أن يعودوا إلي رشدهم وإن الله لايغير مابقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ، فيأيها الحكام يأيهما المثقفون يأيها الرياديون جددوا في أنفسكم نداءً جديداً قائمُ علي حالة وعي ذهني جديد وذلك من أجل ضمانات المستقبل فإن القادم سيكون أخطر وستندلع من خلاله شرارات يأخذها الأعداء ذريعة للتدخل المباشر أنظروا الي ماحولكم وحول مجالكم الحيوي وفي داخل مجتمعاتكم فستجدون توترات تستهدف أي وئام وتعمل علي تخريبه فتوبوا عن أخطائكم وأبحثوا عن مكامن القوة التي تحمي ولاتهدد تصون ولاتبدد هذا المثال أخذته في الحلقة باختصار شديد وسلسلة الغاسقون تعتمد منهج التشخيص وليس التحليل .

ليست هناك تعليقات: