2008/08/09

نحو تأسيس حزب قومي ديموقراطي اشتراكي

دياب ابو جهجه

عقود عديدة مرت و الأمة العربية تتخبط في واقعها السياسي المجزء و هي تواجه تحديات الاستعمار المباشر و غير المباشر و الديكتاتورية و التناغم بين هذين النسقين في قمع الانسان العربي و المجتمع العربي و دفعه الى التبعية و التخلف و الانحطاط.

وقد انطلقت الحركة القومية العربية منذ ايامها الأولى رافضة هذا الواقع و طارحة مشاريعا وحدوية مشروعة من حيث تعبيرها عن الطموح الى التوفيق بين الشكل السياسي للامة العربية و وحدتها الموضوعية. و كانت تلك المشاريع متنوعة من حيث الشكل و المضمون فمنها الشعبوي الرومانسي و منها التقدمي الاشتراكي و منها الليبرالي و منها الفولكلوري الخالي من اي بعد نضالي. و لكنها كانت تلتقي دوما في اصرارها على وحدة الشعب العربي و تاسيس الدولة العربية الواحدة على تراب الوطن العربي.

فمن ارهاصات النضال الفدرالي العربي في اطار الدولة العثمانية الى الثورة العربية الكبرى ضد الاتراك , و من بداية تاسيس الجمعيات السرية مثل العربية الفتاة و الجمعية القحطانية الى تاسيس حزب البعث العربي الاشتراكي و حركة القوميين العرب و المد الجماهيري الناصري, مر النضال القومي العربي بعملية بلورة ايديولوجية نقلته من مجرد رد فعل على الاستبداد الطوراني التركي الى مشروع سياسي اجتماعي ثوري بكل ما في الكلمة من معنى.

و لكن لنكن صريحين, لم تتحول القومية العربية الى حركة جماهيرية عارمة تتخطى مقولاتها السياسية حدود النخب المثقفة و الواعية و تصبح اطارا عقائديا لشرائح واسعة من المواطنين العرب الا مع التجربة الناصرية و المد الناصري بين 1952 و 1970.

ربما باستطاعتنا استثناء الثورة العربية الكبرى التي طرحت القومية العربية اطارا و استطاعت حشد زخم جماهيري لها و لكنها اولا لم تطرح مفهوما سياسيا واضحا للمشروع القومي و لم تحمل اي مشروع مجتمعي معين و انحصر افقها العربي على الاقطار العربية في اسيا. و لذلك من الصعب اعتبار الثورة العربية الكبرى ثورة عربية كبرى فعلا و ان كان هذا اسمها المتداول. لكن كانت تلك الثورة ثورة وطنية عروبية ذات افق محدود جدا و من دون اي مشروع سياسي واضح تقودها اقطاعية عربية رجعية انتهى الامر بها الى مساومة المستعمر و الصهيوني.

اما الأحزاب و الجمعيات القومية فقد انحصر دورها في اطار نخبوي و في اوساط الطبقة الوسطى العربية و العسكر و لم تشكل قط امتدادا جماهيريا واسعا.

مع صعود نجم جمال عبد الناصر انبلجت ظاهرة المد الجماهيري العارم المؤيد له في الوطن العربي ككل. عوامل عدة ساهمت في خلق هذه الظاهرة اهمها رؤية عبد الناصر الايديولوجية و الثورية و مواقفه المبدئية و نجاحه في مواجهة عدوان 1956 و شخصيته الفذة و سيطرته على اكبر الدول العربية و اكثرها تاثيرا, ذلك في مواجهة هشاشة الانظمة العربية الاخرى و ارتباطها المفضوح بالدوائر الاستعمارية. بالنسبة للجماهير العربية المفجوعة بنكبة فلسطين و الناقمة على فشل حكامها في التصدي للكيان الصهيوني, تلك الجماهير عينها التي كانت لا تزال تعي خطر الاستعمار و وطاته المباشرة, فقد كانت تتطلع الى قيادة ثورية في مواجهة العدو الخارجي و عندها قابلية راديكالية للانتفاض في وجه واقعها المتردي على اكثر من صعيد.

لا نريد ان نخوض في تحليل للتناغم السيكولوجي الذي جعل من عبد الناصر قائدا جماهيريا عربيا و لكننا نريد ان نقول ان هذا الواقع و تلك المسؤولية هي التي علمت عبد الناصر القومية العربية و مبادئ الحرية و الاشتراكية و الوحدة التي لخصت مشروعه المجتمعي الثوري. عبد الناصر لم يجئ بنظرية خالصة جاهزة لتغيير الواقع و انما تعامل مع الواقع الموضوعي من منطلق التجربة و الخطا و انتج مع طليعة من رفاقه نظرية هي بنت واقعها.

و عندما انحسر المد الناصري انحسر معه المد القومي و عادت الأمة العربية للتخبط في دوامة انهزامية رغم محاولات المقاومين هنا و هناك الوقوف في وجه الانهيار. و انحصرت الطروحات القومية العربية في اطار الأنظمة السلطوية القمعية التي و ان كانت تحتفظ احيانا ببعض من وفاء لمسلمات قومية الا انها شوهت صورة الفكر القومي و ربطته بمرض الحكم الديكتاتوري الفاسد المستند على طائفة او عشيرة.

اما الحركة القومية العربية فتشتت قواها و تراجعت من موقعها الملتحم مع الجماهير الى خنادقها النخبوية من جديد. فها هي اليوم حركة للمثقفين و المتعلمين و الأدباء و المفكرين و بعض اطياف الطبقة الوسطى. اما الساحات الشعبية فخالية أو تكاد من أي وجود فعلي للحركة القومية العربية.

و لكن المد الناصري الهائل اصبح جزء من الذاكرة العربية و من الوجدان الحي للجماهير العربية ما عدا تلك الشرائح المأدلجة اساسا ضد القومية في كل تجلياتها من غلاة الاسلامجيين و الشيوعيين.

فأصبح عندنا من جهة جماهير عربية واسعة تركت في وجدانها التجربة الناصرية وفاء للمبادئ الثلاثة الحرية و الاشتراكية و الوحدة في مضامينها العملية و ان تغيرت التسميات. و من ناحية أخرى نخبة قومية عربية مخلصة لنفس المبادئ حاملة لنفس المشروع الذي تحمله الجماهير و لكن عاجزة عن ان تتواصل معها أو حتى ان تصل اليها. و بينهما هوة تنفذ من خلالها تيارات و حركات اكثر تنظيما و أكثر تصميما تستقطب جزء من الجماهير مستفيدة من تراث الحركة القومية العربية و لكن محولة مضامينه الى خطاب شعبوي عاطفي ديني.

و يبقى الجزء الأكبر من الجماهير العربية بعيدا عن التأطير السياسي و مناضلا ضد واقعه من اجل الاستمرار و البقاء و لقمة العيش مع شيء من الكرامة دون الانتماء الى تنظيم او فكر سياسي معين .

و لا يكتفي القوميون النخبويون بالابتعاد عن العمل الجماهيري بل يدينون الجماهير و يتهمونها بالبلادة و الجبن و الانسحاب من المعركة. و هم لا ينزلون الى الشارع الا في اعتصام او مظاهرة أو ذكرى وهي كلها مناسبات يلتقي فيها الناشط مع الناشط و المناضل مع المناضل. لكنهم لا ينزلون الى الشارع لكي ينشطوا بين الناس و يبنوا اطرا اجتماعية اقتصادية و مستوصفات و مدارس و اندية تكون اضافة الى طابعها الخدماتي نقاط ارتكاز شعبية و نقاط تجييش و نقاط انطلاق. لقد تركت الحركة القومية العربية مجال العمل الجماهيري المباشر للاسلاميين و الشيوعيين و انكفأت الى السطح الاجتماعي. و ان كان ظهورها لا يزال مميزا بل الابرز في الاوساط النخبوية الا ان هذا الظهور هو سطحي بكل ما في الكلمة من معنى ما لم يترافق مع زرع جذور متينة للحركة في الاوساط الشعبية.

ان الخطاب القومي العربي لا يزال هو الخطاب الأساسي و هو في تفاعله مع الخطاب الاخر الموجود بقوة على الساحة العربية اي الخطاب الاسلامي ينتج خطابا قوميا منفتحا على الأبعاد المتعددة للانتماء الحضاري العربي و مقبول من كافة القوى الجدية على الساحة من اسلامية و قومية. و اذا استثنينا التيارات السلفية و التكفيرية فان التيار الاسلامي المعتدل يتكلم اليوم بالمنطق القومي و ان كان مهجنا بابعاد اسلامية و الفضائيات العربية تساهم في اعادة تمكين الخطاب القومي العربي و ادخاله الى بيوت الجماهير العربية من الطبقة المتوسطة و الطبقة المتوسطة الفقر التي تملك تلفازا. بعض هذه الفضائيات تقودها نخب عروبية سواء قومية او اسلامية و بعضها الاخر فرض عليها السوق الاعلاني اخذ البعد العربي بعين الاعتبار في عملها و اتخاذ الخطاب القومي لكي تبيع اكثر و هذا دليل اضافي على البعد الموضوعي للامة العربية. فهل يستفيد التيار القومي العربي من هذه العوامل المساعدة؟

لقد حان الوقت لكي نطرح كقوميين مشروعا متكاملا لمجتمعنا يرتكز على ثوابتنا التي عبرت عنها التجربة الناصرية ولكنه يبتعد عن الترديد الرومانسي الفولكلوري لمقولات معينة و تعظيم الماضي و الحنين اليه.

اذا كنا نريد الحرية و التقدم و الوحدة لأمتنا فلا بد لهذا المشروع ان يحتوي على النقاط التالية:

أولا: وعي كامل متكامل لواقعنا الموضوعي و للعوامل المؤثرة به و للأطراف الناشطة داخله و حوله و لحركته في المكان و الزمان. هذا الوعي لا بد من ان يتمخض عن دراسة علمية منهجية كاملة تخوض بالاقتصاد و السياسة و الديموغرافيا و علم الاجتماع و الجغرافيا-السياسية والبيئة و تربط بين كل من هذه المجالات و تضعها في اطارها الديناميكي المتكامل من حيث تأثيرها على الواقع العربي و تطوره المستقبلي. ان هذا التقرير الموضوعي الكامل لا بد له من ان يصدر دوريا لكي نعرف عن أي واقع نتكلم و اي واقع نريد ان نغير. ومن المهم الملاحظة ان دراسة الواقع هذه لا يجب ان تكون منحصرة بالواقع العربي بل بالواقع العالمي المحيط ايضا من زاوية تأثيره على واقعنا و تاثره به.

ثانيا: اعادة طرح المشروع الوحدوي مبنيا على ثوابته الثلاثة الحرية و الاشتراكية و الوحدة. و الادراك لحقيقة مفادها ان ترتيب الاهداف الثلاثة بهذا الشكل ليس فارغا من مضمون تفاضلي. فالأولوية لحرية الفرد و تحرره و لحرية المجتمع و تحرره من الاستعمار و الاستغلال. لا يمكن ان تنتظر حرية الأخرى و لا يمكن أن يحرر العبيد ارضهم من المحتل بأن يظلوا عبيدا و لا ان يتحرر الانسان من العبودية تحت نير الاحتلال. المعركة ضد القهر و الاستعباد سواء كان داخليا و خارجيا هي معركة واحدة من اجل التحرر و يجب ان تتم في نفس اللحظة التاريخية لا ان تؤجل الواحدة من أجل الأخرى. فلذلك لا قبول بالديكتاتورية من اجل مقاومة الأجنبي الغاصب و لا قبول باغتصاب الأجنبي لارضنا و مجتمعنا و مواردنا من أجل اسقاط الديكتاتورية بل قتال للغاصب و للديكتاتور في نفس الوقت. و التحرر من الاستبداد و القهر يعني ايضا التحرر من ثقافة الاستعباد و القهر و من القيود على التعبير و الرأي مهما كان و مهما ناقض المسلمات و المقدسات. فالرأي ليس خطرا و طالما النظام ديمقراطي فالاغلبية تحكم و لذلك لا بد من حماية الاقلية و الأراء التي لا تحظى بقبول عام قبل حماية الاراء المهيمنة. ان اي حد او قيد على حرية الرأي هو بداية تحطيم السلام الاجتماعي و الديمقراطية. اما الشكل الديمقراطي فلا بد من ان يكون مبنيا على تداول السلطة في فترات زمنية محددة و محدودة و تعدد الأحزاب و المرشحين للمنصب و الاقتراع الكلي و المباشر و النسبي و الفصل بين السلطات فصلا مطلقا و احترام القوانين و المبادئ الدستورية احتراما مطلقا.

هذا فيما يتعلق بالحرية بشكل موجز, اما الاشتراكية فهي المضمون الاقتصادي و الاجتماعي للحرية. الاشتراكية العربية التي طرحها عبدالناصر ليست شيوعية طوباوية بل نابعة من واقعها العربي و بذلك أشد علمية من الاشتراكية الوهمية الدوغمائية التي سقطت الى غير رجعة. الاشتراكية العربية تعني ان الشعب العربي يسيطر على موارده و ثرواته و يجيرها لبناء مستقبله و نهضته. و الاشتراكية العربية تعني أن لا تستحوذ فئة صغيرة على المقومات الاقتصادية لبناء الامة و ان تبعثر مليارات الدولارات بينما المواطن العربي يجوع و يذل و يهاجر قسرا بحثا عن لقمة العيش. الاشتراكية العربية تعني قطع دابر الفساد بأن يسيطر الشعب العربي عبر هيئاته المنتخبة ديمقراطيا على قناته و مياهه و نفطه و غازه و فوسفاته و منغنيزه. و ان يتم توزيع الربح الناتج عن تجارته بها على الشعب العربي في اطار مشاريع دراسية و صحية و تنموية و ثقافية و رياضية و طبعا عن طريق فرص عمل و استثمارات صناعية و زراعية و نظام ضمان اجتماعي فعال يحفظ للمواطن كرامته دوما. الاشتراكية العربية تعني ان يحصل الفلاح على ارض يزرعها و ان لا تتشكل ملكيات احتكارية للارض تستعبد الناس و تبني اقطاعية جديدة. الاشتراكية العربية تعني ان يحصل العامل العربي على عقد عمل محمي من قبل الدولة و يضمن حقوقه و واجباته و ان يكون هنالك حد ادنى للأجور و حد أقصى لساعات العمل و حق في وقت عطلة و فراغ يخصص للراحة و لنشاطات اخرى.

الاشتراكية العربية لا تعني كف يد المبادرة الفردية و بناء بيروقراطية اقتصادية كريهة تجمد الحركة الاقتصادية و تقتل السوق. كلا الاشتراكية العربية ليست ضد الملكية الفردية ولا ضد ان يكون هنالك أغنياء, انها ضد ان يكون هنالك فقراء و تعتبر ان التكافل الاجتماعي شرط واجب لبناء مجتمع صحي.

فليقاول المواطن العربي و يتاجر كما شاء و ليكدس الاموال كما يريد و يستثمرها فيما يريد طالما ان الاطار المشار اليه اعلاه مضمون و محقق عبر السيطرة المباشرة للشعب العربي على موارده و على المرافق ذات الطابع الاستراتيجي و طالما ان الاحتكار ممنوع و محارب. و نحن لا نريد ان نسهب هنا أكثر من هذا و لكن الطرح الاشتراكي هوالذي يربط بين القومية العربية و بين بعدها الاجتماعي و يجعل من الحركة القومية صاحبة مشروع متكامل لبناء مستقبل افضل. الاشتراكية هي التي تجعل من القومية العربية مشروع الجماهير و هي التي تجعل من المناضلين القوميين طليعة اشتراكية و ليس نخبة تميل للفاشية.

و تبقى الوحدة التي نعني بها الوحدة السياسية لان الوحدة الموضوعية للأمة العربية امر اخر. هذه الوحدة السياسية لا تتم الا عبر انشاء دولة عربية واحدة تجعل من العروبة مواطنة الى جانب كونها انتماء و هوية. الطريق الى هذه الدولة العربية الواحدة قد يسهله برنامج تكامل تقوم به الدول العربية الحالية خاصة اذا ما التزمت بقيم الحرية. ان اسقاط الديكتاتوريات العربية شرط اساسي من اجل بناء الوحدة العربية. فالديكتاتوريات عاجزة عن التنازل عن سيادتها للشعب او لأي اطار اخر حتى لو بنته بنفسها. و اضافة الى ذلك فان الدولة الاقليمية العربية ستبقى عائقا في وجه الوحدة العربية و التضامن العربي و ان كان ضروريا لا يمكن ان يكون بديلا عن الوحدة و لا يمكن ان يكون طريقا الى الوحدة. الطريق الى الوحدة هو طريق تحرير المجتمع العربي من قيود الاستبداد السياسي و الاستغلال الاقتصادي و الاحتلال الاجنبي و من الدولة القطرية ذاتها.

ان اعادة طرح المشروع المثلث الأهداف مع الوعي بأسبقية الحرية على الاشتراكية و أسبقيتهما معا على الوحدة يعني الايمان بمسيرة نضالية ستكون صعبة و عاتية من أجل تحقيق مضامينه و تعني مواجهة الانهزامية و التخاذل بمزيد من القناعة بصحة المشروع القومي الديموقراطي الاشتراكي و بضرورته. ان التنظير الليبرالي الذي يريد ايهامنا بأن الليبرالية هي الحل لمشكلة التنمية و الفقر و الفساد و بأن الديموقراطية مجرد ماكياج سطحي لا مضمون اجتماعي اقتصادي له و بأن الاستعمار وهم غير موجود و الاحتلال واقع يجب الرضوخ له و الاستلام له من اجل التخلص منه, هذا الطرح واهن و لا بد من اظهار ضعفه و تناقضه.

ثالثا: بناء حزب ديموقراطي اشتراكي عربي يتشكل على المستوى القومي و يعمل في اطار استراتيجية قومية شاملة و يكون له وجوده في الدول العربية كلها و في الشتات. هذا الحزب لا بد من ان يكون ديموقراطيا في ذاته وليس فقط في عقيدته. و لا بد من ان يفرز قياداته ديمقراطيا و يدير شؤونه عبر مؤسسات حزبية تحكمها قوانين واضحة يتم الالتزام بها دونما مساومة. هذا الحزب لا بد من ان يكون تنظيما صلبا حديديا و ان يتحلى بالروح الطليعية التي تدفعه الى التجذر في اعماق الشعب العربي في الحواري و الأزقة و القرى النائية و كذلك في الجامعات و الصحف و الفضائيات. و تدفعه ايضا الى الوقوف في الصفوف الامامية للصدام مع أعداءالأمة الداخليين و الخارجيين. لا بد من ان ياخذ مناضلو الحزب الصف الامامي في المظاهرة و في المناظرة و في العصيان المدني و في الندوة العلمية و في المعركة المسلحة. الظروف تملي اسلوب المواجهة و لكن دور الحزب دوما هو الوقوف في الصف الاول و اخذ المخاطرة الاكبر و تقديم التضحية الاعظم. ان التنظير للجماهير سهل جدا و لكن التحلي بالدور الطليعي يكون فقط عبرالانقضاض على العدوامام الجماهير و ليس الاختباء خلفها و عبر تلقي الصدمات الاولى ذودا عنها و توجيه الضربات الاولى باسمها. الحزب الطليعي الذي يطرح مشروعا قوميا اشتراكيا ديمقراطيا شاملا و الذي يتصرف بهذه الاخلاقية الثورية العالية و الذي يريد ان يكون اداة بيد الشعب لا ان يجعل الشعب اداة له لا بد له من ان يبن اطر خدماتية ليعمق التواصل بينه و بين الجماهير و لينشط التفاعل اليومي معها. لا بد من ان يبن المدارس و النوادي و الحركات الكشفية و المستوصفات و المسارح. هذا الحزب لا بد من ان يؤسس الان, لا بد من ان توضع لبناته الاولى الان, لاننا في خضم المعركة و التاريخ لا ينتظر المتخاذلين

ليست هناك تعليقات: