2008/08/18

55أستاذا متعاقدا على مشارف الموت


تتواصل معاناة الأساتذة المتعاقدين الذين دخلوا في إضراب عن الطعام منذ 34 يوم، في محاولة منهم لإقناع السلطات العليا في البلاد من أجل التدخل وفتح باب الحوار وإدماج حوالي 45 ألف أستاذ متعاقد يشغلون مناصبا شاغرة، وضع صحي جد متدهور لأكثر من 55 أستاذ مضرب من بينهم 25 امرأة والتقارير الطبية تشير إلى كارثة إنسانية في حال استمرار الإضراب الذي دخل مرحلته الثانية والتي تنذر باحتمال وفاة أي أحد من هؤلاء الأساتذة المعتكفين بمقر النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية بالحراش بالجزائر العاصمة وفي أي وقت، لا سيما بعد أن دخل البعض منهم في حالة غيبوبة، وأمام تعنت وزير التربية الوطنية بوبكر بن بوزيد، لا يزال هؤلاء المضربون متمسكون بحقهم في الإدماج المهني ومهما كلفهم الثمن.

عزيز طواهر

خلال الزيارة التي قادتنا إلى مقر النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية بالحراش "السناباب" التي تحتضن 55 أستاذا متعاقدا، قرروا الدخول في إضراب عن الطعام حتى يسمعون السلطات العليا في البلاد صوتهم، مطالبين بفتح أبواب الحوار بهدف التكفل بمشاكلهم وانشغالاتهم المطروحة منذ سنوات على طاولة بن بوزيد من دون جدوى، لقائنا كان بعدد من الأساتذة المضربين الذين ألفوا حياة طويلة من الملل، كلها تعب وفراغ، جوع لا يشبعه إلا الماء والسكر الذي يستعين به هؤلاء من أجل أن يقفوا صامدين، مواجهين ساعات وساعات يكل المرء منا أن يقضيها حتى وهو في راحة ورفاه.
كانت الساعة تشير إلى العاشرة من صباح يوم الجمعة الفارط، عندما زرنا مقر السناباب، حينها فتح لنا الباب المشرف الطبي الذي يرافق هؤلاء المضربين وهو الهواري قدور أحد النقابيين الذي يشغل منصب رئيس المجلس الوطني لقطاع الصحة والسكن، رحب بنا ودعانا إلى قاعة الاستقبال أين التقينا ببعض الأفراد المتواجدين هناك، في أول الأمر ظن أحدهم أننا ننتمي إلى فئة الأساتذة المتعاقدين الذين تعودوا على زيارة المقر لمساندة رفقائهم المضربين، لكن سرعان ما عرف الجميع أننا صحفيين.


"
قرار الإضراب هو كفاح من أجل لقمة العيش"

أول لقاء جمعنا بهؤلاء الأساتذة المضربين كان بمراد مدرس التربية البدنية والرياضة في إحدى الثانويات بالعاصمة، هو أستاذ متعاقد منذ أزيد من أربع سنوات، لم يتردد هذا الأخير في الحديث عن معاناة في جزائر العزة والكرامة، جراء الظروف الصعبة التي رافقته بعد تخرجه من الجامعة، "قمنا باجتياز كل المسابقات وكل مرة نحاول أن نجرب فيها حظنا نصاب بخيبة أمل، كل شيء بالمحسوبية والوساطة، ولا مجال لتكافؤ الفرص أو المساواة بين المترشحين لاجتياز المسابقات المهنية، وحتى المسابقة التي فزت فيها، صدمت بقرار إلغاؤها، أنا شاب في الثانية والثلاثين من عمري، مرتبط وعلى موعد مع زواج هو وقف التنفيذ في انتظار حصولي على عمل يصان به ماء وجهي".
بتلك العبارات لخص لنا مراد جزء من معاناته المتواصلة والتي تكاد لا تنقطع، ليؤكد لنا بأن الإضراب عن الطعام الذي اختاره إلى جانب عدد من زملائه في المهنة هو الحل الوحيد لإسماع صوت هذه الفئة من الأساتذة المتعاقدين، واستطرد قائلا "إننا نعاني جسديا ومعنويا، عندما نفكر بأننا قمنا بإعداد دراسات عليا في الجامعة ولا نملك الحق في العمل على مستوى وزارة الشباب والرياضة التي تعتبرنا خارجين عن ميدان تخصصها وتنسبنا إلى وزارة التربية الوطنية التي بدورها تعتبرنا دخلاء عن القطاع، في حين يفترض أن يتم توظيفنا تلقائيا، إننا نتأسف في حقيقة الأمر لكون هناك أساتذة متعاقدين لأكثر من 10 سنوات لا يزالون يعانون من نفس المشكل ولم يعترف بمجهوداتهم إلى حد الساعة وحرموا بكل بساطة من حقهم في الإدماج المهني".
مراد يرى بأن الإضراب عن الطعام هو أسلوب حضاري قرر الأساتذة انتهاجه كسلاح لكسر صمت القيود التي فرضتها وزارة التربية الوطنية بعد أن صمت ورفضت أن تفتح أبواب الحوار أمام هذه الفئة التي لا حول لها ولا قوة، وهنا يذكر المتحدث -الذي نقص وزنه بحوالي 50 بالمائة ، فبعد أن كان يزن أكثر من 120 كيلوغرام ها هو اليوم لا يزد عن 70 كلغ- تلك التجمعات التي لم يتوان الأساتذة المتعاقدون في المشاركة فيها لا سيما بعد أن تم إنشاء المجلس الوطني للأساتذة المتعاقدين المنضوي تحت لواء السناباب بتاريخ 19 نوفمبر 2007، تجمعات واحتجاجات بالقرب من دار الصحافة الطاهر جاووت لمدة ساعات وفي بعض الأحيان لمدة أيام، كما أن مساعينا تواصلت حتى في تلك الاحتجاجات التي قمنا بها أمام وزارة التربية الوطنية ومختلف الأكاديميات التابعة لها عبر الوطن. ولعل الطريف فيما كان يحدثنا به هذا الشاب، هو أنه في إحدى المرات، خرج مدير إحدى الأكاديميات عن صمته، ليجعل حدا للحركة الاحتجاجية وفجأة يعلم من كان خارج "أكاديميته" بأنه سيدفع لهم كل الأجور المتأخرة وسيقوم بطردهم نهائيا من عملهم. كل الوسائل السلمية لم تجدي نفعا، حتى الرسائل التي وجهناها لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لم تلق صدى إلى حد الساعة ولم يبق أمامنا سوى قرار الإضراب عن الطعام الذي كان من المفترض أن نشرع فيه بداية من شهر جوان الفارط، لكن مراعاة لمصالح الطلبة المقدمين على اجتياز امتحان شهادة البكالوريا، تقرر تأخير هذا الموعد، وحتى نثبت لوزارة التربية الوطنية إننا لسنا انتهازيين، نستغل ظروف التلاميذ للوصل إلى أهدافنا يقول مراد.
بدوره أحد الشباب المدعو عبد النبي القادم من ولاية أدرار قرر الدخول في الإضراب عن الطعام، حيث فقد قرابة 14 كيلوغرام من وزنه وهو يعاني من حالة تعب جسدي ونفسي ولا يكاد يقوم من مكانه، يتحرك بصعوبة وحالته الصحية جد متدهورة، لم يتمكن من الكلام واكتفى بالتحية.
أما فتيحة إحدى المضربات البالغة من السن 36 سنة والقادمة من ولاية بجاية، فهي متعاقدة منذ ستة سنوات وقررت الانضمام إلى الفريق المضرب عن الطعام، متحصلة على شهادة مهندس دولة ولم تتمكن من اجتياز مسابقة التوظيف، وبكل جرأة -رغم تعبها وعدم قدرتها حتى على الكلام- قالت سنواصل الإضراب فنحن نعاني من الضياع ولن نستسلم، لم أتقاضى أجري منذ 3 سنوات واضطررت للعمل في الصيف خادمة في البيوت وأساهم في تحضير الكسكسي خلال الحفلات والأعراس، وعندي ديون بقيمة 15 مليون سنتيم وكنت أقطع مسافة 90 كيلومتر للوصل إلى مقر عملي بعد أن أغير الحافلة ثلاثة مرات.
خلال حديثنا مع هؤلاء المضربون استوقفنا المقابلة بعد أن حضر رجال الشرطة وأجروا لقاء سريعا مع أحدهم، عندما حاولنا الاستفسار عما يحدث، أكدوا لنا أن عناصر الأمن وبأمر من السلطات يأتون كل يوم لطلب نوع من التقرير حول وضعيتهم، وبلك باسطة فن الأساتذة المتعاقدون يرفضون تزويدهم بالمعلومات، لأنهم يرون فيهم احد العوائق التي تمنعهم من الوصول إلى الرئاسة، "فهم يمنعوننا من الاحتجاجات السلمية التي نقوم بها ويضيقونا علينا الخناق، واليوم يأتونا ألينا إلى عقر دارنا ويحاولون معرفة أخبارنا، ما عليهم إلا الإطلاع عليها في الجرائد والصحف"، هكذا كانوا يقولون.


التقرير الطبي ينذر بوقوع كارثة إنسانية ضحايا رجال العلم

إن أقل ما يمكن أن يوصف به التقرير الطبي الذي قدمه لنا المشرف الطبي الذي يرافق هؤلاء المضربين وهو الهواري قدور أحد النقابيين الذي يشغل منصب رئيس المجلس الوطني لقطاع الصحة والسكن بـ "الكارثي"، حيث أكد هذا الأخير أن الأساتذة المضرين وباختلاف وضعية كل واحد عن الأخر يعانون من انخفاض في الأوزان تتراوح ما بين 50 إلى 60 بالمائة، ويضاف إلى ذلك تشنج في العضلات المتبوع بالعياء الشديد والتعب، وكذا اضطرابات في الجهاز البولي، ويقول المشرف الطبي أن طول فترة الإضراب قد نجم عنها انخفاض في معدل السكر في الدم الذي أصبح يقدر بأقل من 60.0 غرام في اللتر.
ومن أهم الأخطار الصحية التي تعرض لها هؤلاء المضربون حسب ما أوضحه ذات المتحدث هو انخفاض ضغط الدم، حيث نجد أن القياس الكبير يتراوح ما بين 7 على 6 درجات، أما القياس الصغير فيتراوح ما بين 4 على درجات.
ولم ينف المشرف الطبي أن هناك بعض المضربين تعرضوا إلى انهيار عصبي واضطرابات نفسية، كما أشار إلى أن مرحلة الإضراب عن الطعام والتي تنطلق من اليوم الأول وحتى 30 يوم يفقد خلالها الجسم كل الدهون التي يستعين بها للعيش باعتبار أن المضرب عاكف عن الطعام وبالتالي يعرف انخفاضا كبيرا في الوزن وهو الحال مع مراد وعبد النبي وفتيحة وغيرهم من المضربين.
أما ابتداء من اليوم الواحد والثلاثون، فستبدأ تعقيدات جديدة -يؤكد الهواري قدور- في الظهور لأن الإضراب عن الطعام يكون قد دخل مرحلته الثانية التي تتميز بعدد من الخصائص، حيث يحتمل أن يدخل في أي لحظة أي واحد من المضربين في حالة غيبوبة، توقف الكليتين عن العمل، في بعض الحالات يمكن تسجيل فقدان للبصر، كما يجب أن نعلم انه مكن الناحية العلمية حياة المضربين عن الطعام لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تتجاوز 60 يوم وهو أقصى أجل. ومن هذا المنطلق أكد الطبيب أنه في حال عدم تدخل السلطات المعنية، فإن عددا من الأساتذة سيلقون حتفهم في الأيام القليلة القادمة ليهلكوا جميعهم بعد انتهاء المرحلة الثانية من الإضراب.
ومن الناحية النفسية، فقد قيم ذات المتدخل الوضع بالصعب، لأن المضربون في رأييه هم شباب تحصلوا على شهادات جامعية، ومن بينهم أساتذة متعاقدين لأزيد من 10 سنوات، فهم يعانون من فقدان الأمل ورؤيتهم للحياة سوداوية، خاصة أمام إصرار السلطات المعنية وعلى رأسها وزارة التربية الوطنية على غلق أبواب الحوار.


مساندة وطنية ودولية واسعة لنصرة الأساتذة المضربين

بدورها السيدة مريم معروف المكلفة بالإعلام على المجلس الوطني للأساتذة المتعاقدين، لم تتردد في التأكيد بأنها كانت ضمن الأساتذة المضربين باعتبار أنها أستاذة متعاقدة تدرس مادة الفلسفة، لكنها اضطرت لوقف الإضراب لأسباب مهنية تتعلق أساسا بضرورة الاتصال بالصحفيين والعالم الخارجي لنقل معاناة الأساتذة المضربين عن الطعام.
وحسب التوضيحات التي قدمتها مريم معروف، فإن الإضراب قد بلغ 34 يوم بحلول تاريخ أمس السبت، وقد تفاقمت الوضعية لدرجة أن المضربين لا يسمعون بعضهم البعض وهم في وضعية جد محرجة. وأمام تفاقم الوضع أكدت المتحدثة التي بدت متأثرة بما يحدث لرفقائها وزملائها الذين أصبحوا عاجزين عن الكلام، أن الإضراب الذي قام به هؤلاء الأساتذة لقي مساندة واسعة من طرف عديد من الشخصيات والهيئات الوطنية والدولية، حيث أشارت إلى عدد من النقابات مثل "الكناس"، "الكناباست"، "السناباست"، مجلس ثانويات العاصمة، إلى جانب مواقف تضامنية من طرف أحزاب سياسية مثل جبهة القوى الاشتراكية، الأمدياس وحزب العمال، ويضاف إلى هذه الهيئات منظمات دولية مثل الاتحاد الدولي للخدمات العامة التي تضم أكثر من 90 دولة، الاتحاد الدولي للتربية، امنستي التي تتابع الوضع عن كتب من خلال التقارير التي تصلها عن وضعية الأساتذة المتعاقدين، المكتب الدولي للعمل، نقابات فرنسية، سويسرية، وكذا الكنفدرالية العامة لعمال التربية باسبانيا، دون أن ننسى المجتمع المدني وما تبذله الحركات الجمعوية من مجهود في هذا الشأن. ولم تغفل معروف حتى الناس العاديين الذين باتوا يترددون على مقر السناباب لزيارة الأساتذة المضربين والاطلاع على وضعهم الصحي، حتى الفنانين، زملاء في المهنة وغيرهم، الكل يسعى لإبراز تضامنه قدر المستطاع وحسب الإمكانيات المتاحة أمامه.
واستطرد السيدة معروف قائلة "إننا نأسف عن تعنت وزارة التربية الوطنية التي فضلت الصمت والسكوت والهروب وكأننا غير موجودين وكان الجزائر ليست للجميع، وما يجب أن يعلمه الجميع هو أن مطالبنا مشروعة، هناك أكثر من 45 ألف أستاذ متعاقد يشغلون مناصب شاغرة ويكفي أن يتم ترسيمهم وإدماجهم مهنيا، أنا شخصيا متعاقدة منذ 6 سنوات وأدرس مادة الفلسفة في ثانوية عين النعجة بالجزائر العاصمة وطيلة كل هذه السنوات لم أتحصل أنا وزملائي على فرصة التأمين كغيرنا من الموظفين، فهل من المعقول أن تحارب الدولة الخواص الذين يستغلون العمال ويوظفونهم دون التصريح بهم لدى صناديق الضمان الاجتماعي، في الوقت الذي يتم فيه توظيف أساتذة دون أي تأمين".
مريم معروف وفي حديثها عن واقع الأساتذة المتعاقدين، تذكرت إحدى السيدات المدعوة رشيدة ومتزوجة وأم عائلة، تعمل كمتعاقدة لأزيد من 14 سنة، كافحت في سنوات الإرهاب وتحدت الموت في مناطق كانت تسمى بالمحررة في سنوات التسعينيات خاصة بمنطقة "أولاد السلامة" التابعة لولاية البليدة، نجت لمرات عديدة من الحواجز المزيفة عندما قبلت أن تدرس في مناطق نائية رفض عديد من الأشخاص أن يغامروا بأنفسهم ويدخلوها، وبالمقابل تجد نفسها اليوم مقصاة ومهمشة وكأن كل ما قامت به ذهب هباء منثورا. إننا نطالب بإدماج هؤلاء الأساتذة المتعاقدين في هذه المناصب الشاغرة، ويجب أن يعلم بهذه الكلمات ختمت معروف مريم حديثها وهي كلها عزم وإصرار على مواصلة طريق الكفاح السلمي الذي اختاره رجال العلم لكسر أبواب من فولاذ وفتح قناة للحوار تكون سابقة في بلد تبنى الديمقراطية كايدولوجية ومنهج حياة بما يضمن دولة القانون وصيانة كرامة كل مواطن.


هل يجب أن يموت أحد الأساتذة حتى تتحرك السلطات؟

هل سنضطر أن نموت حتى تتحرك السلطات المعنية في البلاد؟ سؤال رددته بإلحاح السيدة غزلان نصيرة الأمينة العامة للنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية والتي تعمل بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، هذه المرأة التي دخلت في الإضراب عن الطعام تضامنا مع قضية الأساتذة المتعاقدين، هي ربة عائلة وتجاوزت عقدها الخمسين.
السيدة غزلان وصفت الوضع بالمأسوي ونددت بما يحدث قائلة "إن ما يحدث غير منطقي أمام أناس ليس لهم أي ضمير، فوزير التربية الوطنية بوبكر بن بوزيد يتجاهل شريحة مهمة مثل شريحة الأساتذة المتعاقدين والتي تعد الثانية في قطاع التربية وإذا لم يتم اتخاذ قرارات عاجلة فإن مصير 55 أستاذ متعاقد سينتهي بالموت الأكيد، خاصة وأننا نسجل معنا في هذا المقر ثلاث حالات في وضعية جد حرجة وتنذر بكارثة إنسانية حقيقية".
إن وزارة التربية الوطنية تنتقد العنف ، لكنها تمارس هذا العنف ضد أبناء هذا الوطن وبالتحديد شريحة الأساتذة وفضلت أن تغلق جميع الأبواب في وجه الأساتذة المتعاقدين، وبإعياء كبير بعد أن نال منها تعب الجوع الذي أفقدها قدرتها على التحرك والكلام السلس، استطردت السيدة غزلان حديثها مؤكدة بان بن بوزيد قد اعترف لأحد رؤساء الكتل البرلمانية بان الأمر قد تجاوزه وانه سلمه إلى الحكومة، وهنا بالتحديد تساءلت لماذا لا يملك الوزير الجرأة والشجاعة الكافيتين للمواجهة، في وقت قد يموت فيه أحد الأساتذة.
وفي معرض حديثها عن تفاقم الأزمة تساءلت غزلان نصيرة عن دور اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان التي يرأسها المحامي فاروق قسنطيني، أين هي ولماذا لم تتدخل لحد الساعة، لم نلمس أي رد فعل من هذه الهيئة الرسمية التي فترض أن تساهم في حماية أبناء هذا الوطن وضمان كرامتهم، أين هو قسنطيني الذي طالما ألفناه يردد شعارات رنانة للدفاع عن حقوق الإنسان، حتى حزب العمال الذي كان منن المفروض أن يصدر بيان مساندة ويتدخل بكل قوة منذ أول يوم لم يفعل ذلك إلا بعد مرور 30 يوم عن الإضراب.
"
إننا لا نأبه بأولئك الذين يرددون شعارات من وراء مكاتب مكيفة، بل نؤمن بالكفاح الميداني وبالأشخاص الذين يساندوننا على أرض الواقع بكل ما أوتوا من قوة، يجب أن يعلم الجميع أن كفاحنا هو كفاح من اجل لقمة العيش، فهناك أكثر من 14 ألف أستاذ متعاقد لم يحصلوا على رواتبهم لأكثر من ثلاثة سنوات وأغلب هؤلاء الأساتذة غير مصرح بهم لدى صناديق الضمان الاجتماعي، نحن كنقابيين كمنا نحارب الخواص وإذا بنا نفاجأ بهيئات رسمية تقوم بمثل هذه الممارسات" تقول غزلان.
ولم تتوان ذات المتحدثة في التعبير عن أسفها لما آل إليه وضع هؤلاء الأساتذة الذين لجؤا إلى القيام بمهن مهينة خلال الصيف لضمان السنة الدراسية، كما فندت المتحدثة تصريحات وزير التربية عندما اتخذ من المناصب المعوضة حجة لرفض مطلب الإدماج، حيث قالت إن الأساتذة المتعاقدين يشغلون مناصبا شاغرة وما يحدث هو دليل على عجز الوزارة الوصية في تسيير الموارد البشرية وكل ما يصرح به الوزير هو مغالطة ليس أكثر.
ولعل نداء السيدة غزلان لوزير التربية تلخص في دعوته إلى إعادة الإطلاع على ملف الأساتذة المتعاقدين لأنه -كما قالت- حسب تصريحاته إما يغالط أو ليس له علم بما يحدث في قطاعه، لأن غلقه لباب الحوار هو محاولة للهروب من الهزيمة وإننا نملك ملفات رسمية تؤكد بان الأساتذة المتعاقدين يشغلون مناصبا شاغرة. وفي سياق متصل فندت المتحدثة ما جاء في بيان لوزارة التربية الوطنية الذي أكدت فيه هذه الأخيرة بأنها ستمنح الأساتذة المتعاقدين نقاطا إضافية في المسابقات التي يجرونها بما يمنحهم الأولية في الاختيار في حال اجتيازهم للامتحانات، لتؤكد غزلان نصيرة بأنه حتى الأساتذة المتعاقدين الذين حاولوا الاستفادة من مثل هذه التصريحات صدموا بالأمر الواقع بعد أن أكدت لهم كل الإدارات السمية التي ذهبوا إليها بطلان مثل هذا القرار الذي لا أصل له من الصحة.


احتجاج أمام الرئاسة يوم الثلاثاء القادم

أكدت السيدة غزلان نصيرة أن مساعي ومجهودات الأساتذة المتعاقدين لن تقف عند حد الإضراب عن الطعام وحسب، ففي الوقت الذي لا يقوى فيه المضربين عن التحرك بسبب وضعهم الصحي المتدهور، فإن هناك عديد من المحتجين الذين قرروا معاودة الكرة مرة ومرتين ولما ألف، من أجل أن يسمع صوتهم.
الأمينة العامة للسناباب انتقدت ما قامت به قوات الأمن لما وصفته بالتحرش بالمحتجين نهاية الأسبوع الفارط عندما حاولوا الوصول إلى الرئاسة في مسيرة سلمية، حيث حاولوا منع المتظاهرين ابتداء من نقطة الديار الخمس بالحراش، مع العلم أن قوات الأمن كانوا في زي مدني وهي ممارسة غير قانونية تخالف كل الأعراف المعمول بها، ولم يفرقوا بين أستاذ ولا رجل ولا امرأة ولا حتى أولياء التلاميذ الذي أكدوا حضورهم في وقفة تضامنية.
وبالرغم من كل هذه المضايقات تؤكد المتحدثة أن الحركات الاحتجاجية ستتواصل، حيث تم تنظيم احتجاج أخر يوم الثلاثاء القادم بالقرب من مقر الرئاسة، كما تتواصل المساعي الدولية بدورها من خلال ما قام به الاتحاد الدولي للخدمات العامة والذي يعد السناباب عضو فيه إلى جانب 600 نقابة دولية أخرى ويضم 20 مليون عامل عبر العالم، حيث وجهت هذه الهيئة الدولية نداء إلى السلطات بالبلاد حتى يكف الأمن عن مضايقة المتظاهرين، لأن قانون الطوارئ يستثني النقابات في الاحتجاجات

ليست هناك تعليقات: