2008/12/29

انه زمن البول فوق المناضد والبرلمانات والوزراء

بقلم : نبيل عودة


ما يجري في غزة ضد ابناء شعبي يجعلني بالغ الاكتئاب وأتفجر قهرا وغضبا ، لغياب موقف عربي .وأعجز عن التفكير الا بأطفال يذبحون ، ونساء يمرمغن بوحل المذلة والعجز.. ورجال تحت القيد والموت .. وما سيؤلمني أكثر اننا سنتفاخر بالموت ... وكأن الجريمة ارتكبت لنتفاخر باستشهادنا!!
الموضوع ليس حماس أو فتح ، انما أرواح شعب يعيش محاصرا بالجوع والقهر واليوم يضاف اليه القصف القاتل.. مائة الف طن من المتفجرات القيت فوق رؤوس شعب أعزل في ساعة واحدة فقط ..
حتى قنبلة هيروشيما أكثر رحمة للجرحى الذين لا علاج لهم ، ويموتون مائة مرة كل ساعة حتى يلفظون انفاسهم الأخيرة.. .ولم أسمع جملة من مسؤول في دولة عربية واحدة تعطي أملا لشعب يتعرض لما هو أكثر من نكبة ، الى كارثة قومية وانسانية .. لم تتوقف خلال ستة عقود.. ونفاخر اننا أصبحنا 350 مليون عربي ...
شعوري يتطابق مع ما يقولة الشاعر الكبير مظفر النواب:

انه زمن البول فوق المناضد والبرلمانات والوزراء

أبول عليهم بدون حياء

ولا أظن ان حال انظمتنا أبقت مجالا لأمل ... ويقول :

هل عرب انتم !!!!

والله انا في شك من بغداد الى جدة

هل عرب انتم

وأراكم تمتهنون الليل

على أرصفة الطرقات الموبوءة

أيام الشدة؟؟

قتلتنا الردة ...قتلتنا الردة

ان الواحد منا يحمل في الداخل ضده

يؤسفني ان اللغة باتت عاجزة عن افراغ الألم الذي في صدري ..
لن أخوض في هذه العجالة حول تفاصيل واقع الانشقاق الفلسطيني . ورغم ان رؤيتي العامة ان حركة حماس ارتكبت حماقات بحق شعبها ، الا ان حساب حماس يظل بيد الشعب الفلسطيني وليس بيد أي قوة همجية تستغل حماقة فئة لتعاقب شعبا كاملا بمئات الاطنان من المتفجرات القاتلة.
ان رفض حماس الاحتكام لصناديق الآقتراع ، ،كما اقترحت مصر للخروج من الأزمة المستفحلة ، وقبلت به السلطة الفلسطينية .. هو موقف يعمق الانقسام . الاحتكام للناخب هي طريق لا بد منها لحقن الدم الفلسطيني بين فتح وحماس ،واعادة اللحمة الى الحركة الوطنية الفلسطينية ، وتعزيز شرعية المؤسسات الفلسطينية ، وتقوية موقف الشعب الفلسطيني بكل ما يخص اشكاليات الوضع الفلسطيني ، أهم بما لا يمكن مقارنته ، مع تمسك حماس بأمارتها في غزة ..
الآن لا بد من اتخاذ القرار الصحيح .. نقل الصلاحيات كاملة للسلطة الفلسطينية على قطاع غزة وفورا ، من أجل تسريع وقف العدوان الهمجي ، وعدم ابقاء الصورة لما يجري في القطاع ، كحالة تصادم بين حماس واسرائيل.
ان من يعتقد ان قمة عربية ، او تحرك الأنظمة العربية سينقذ القطاع من عملية ابادة لكل البنى التحتية ، وتركه أرض محروقة ، واسقاط مئات القتلى الفلسطينيين ، كنوع من سوأ انواع الردع ، الذي يتجاوز الردع الى شبه تصفية اثنية لشعب، يعيش وهم قاتل .
ألمطروح بشكل عاجل وملح اعادة الشرعية الفلسطينية للقطاع ... بدون ذلك لا أرى الا اعطاء المعتدي المزيد من التغطية على أبشع جريمة ترتكب في القرن الواحد والعشرين .. وبغياب صوت دولي حاسم لوقف التصفية الاثنية وتدمير القطاع بنيويا.
حماس فشلت في ضمان الأمن والحماية والشرعية للشعب الفلسطيني في القطاع . وسهلت على المعتدي تجنيد الرأي العام الدولي الى جانبه . لن يقتعني أحد ان صواريخ المقاومة هي الرد الاستراتيجي المعادل للهمجية العسكرية الاسرائيلية. ان تصرفات سلطة حماس كانت تقود بوعي أو بغير وعي ، الى هذا الصدام .
لا أفهم العقلية التي دفعت حماس وجعلتها تتوهم انها قادرة على مواجهة هذه الآلة الحربية الأكثر حداثة في عالمنا. ولكن سيحين الوقت ليحاسب السعب الفلسطيني فصائله على نجاحاتها وفشلاتها . على حسن ادارتها لحياته ، او فسادها.
لا . لست مدافعا عن فتح ، ولست غافلا عن الفساد في فتح .. ولكني لست الآن في مجال المفاضلة ، انما في مجال واحد وأوحد .. صيانة الشرعية الفلسطينية واعادتها الى الرئاسة الفلسطينية لتتصرف بما يتلائم ووقف التدمير والقتل الجماعي لشعبنا.
ولا بد من اضافة صغيرة ..
كمواطن عربي فلسطيني داخل اسرائيل ، أرى بألم محدودية دورنا ، نتيجة الأولويات التي تتحكم بالقيادات العربيةعندنا .
لا أعني ما يجري اليوم في القطاع ، بل ما جرى خلال العقدين الأخيرين على الأقل ، من انحرافات وانتصار لنهج انتهازي ، جعل من عضوية الكنيست الهدف الأسمى لمن يعرفون أنفسهم كقادة للأقلية العربية في اسرائيل.
في الواقع عضوية الكنيست تكليف وليس تزعم وانتفاخ وتعالي على الجماهير ..
لنا دورنا الذي يجب ان يكون عبر فكر سياسي ورؤية سياسية استراتيجية .. وليس ارتجالا سياسيا كلما وجدنا انفسنا داخل وضع مؤلم ، فنبدأ بردود فعل ارتجالية ، لا تصب كلها في الاتجاه الصحيح ..
هل أكشف سرا اذا قلت ان جماهيرنا أضحت ترفض التجند والمشاركة في معارك الأحزاب السياسية التي تخاض بأسمها؟
هل درست أحزابنا هذا الوضع ؟
هل يعون لوجود حالة من الأزمة التي يمكن تعريفها الأساسي بأنها انعزال عن الهموم اليومية للجماهير العربية ؟
هل الخطاب السياسي للأحزاب العربية قادر على تعبئة كوادر الأحزاب وليس الجماهير فقط ؟
أين كان دورها من التطورات السياسية التي شهدتها الساحة الفلسطينية ، منذ بدء الخلاف الدموي بين فتح وحماس؟
ألم يكن يستحق استمرار النزاع الفلسطيني ان يدفع أحزابنا وقياداتها الى رفع صوت شعبنا الفلسطيني من داخل اسرائيل أيضا ، ضد ما يجري من تجاوزات بحق أصحاب الانتماء المختلف في غزة بالأساس؟
هل استمرار اطلاق الصواريخ البدائية من غزة ، التي لم تحقق أي هدف استراتيجي او سياسي بسيط ، حقق أو سيحقق مكسبا للقضية الوطنية الفلسطينية ؟
أجل لنا خبرتنا السياسية ، ولنا تجربتنا الكبيرة ، ولنا فهمنا للعقلية الاسرائيلية ، ولكني ما أراه أن احزابنا لم يشغلها أي شاغل يتجاوز تعزيز مكانة القائد وفرص الفوز بعضوية الكنيست ...
لا لم نعد أحزابا تخدم تطلعات الناس وقضيتنا الوطنية . أعرف ان ما أقوله صعب ، وأعرف اني سأواجه بعاصفة من النقد غير المسؤول. ولكن ما أعرفه أن ضميري يرفض التهريج السياسي ، ويرفض ان يستبدل مصالح الجماهير بمصالح الأفراد .
وكلمة أخيرة لوزير حكومة العدوان ، السيد غالب مجادلة .
أسمعنا صوتك .. هل من اللأئق بك استمرار جلوسك في حكومة تقتل ابناء شعبك بدون تمييز ؟
هل بات كرسي الوزارة ، الذي سيتخلص منك بعد شهرين ، شئت أم أبيت ، أهم من اسماع صوتك ضد الجرائم التي لا تُخجل أعتى مرتكبي المجازر الاثنية في تاريخ الشعوب؟؟

نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة

ليست هناك تعليقات: