2008/12/26

لنناضل من أجل إطلاق سراح جميع معتقلي الحوض المنجمي

إن الديمقراطية هى الحرية السياسية ،و الإشتراكية هى الحرية الإجتماعية ،ولايمكن الفصل بين الإثنين ..إنهما جناحا الحرية الحقيقية الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر" ".
الجمعة,ديسمبر 19, 2008
إلى نسر العروبة الشامخ من أبناء الحوض المنجمي
حفناوي بن عثمان

بقلم : النفطي حولة -ناشط نقابي وحقوقي –بتاريخ :13 ديسمبر 2008

كنت طالبا مناضلا في الحركة الطلابية ضمن الاتحاد العام للطلبة مناصرا لقضايا أمتك وشعبك تنحاز للجماهير للدفاع عن الحرية والمساواة والعدل .تعلمت هذه القيم في ساحة النضال الوطني والقومي . لم تكن تركن لثقافة الكتب تلك الثقافة الطوباوية التي تدعو إلى قيام المدن الفاضلة بعيدا عن معاناة شعبك وأمتك في المعارك التي تخوضها من اجل الحرية والاشتراكية والوحدة .كنت مناضلا شرسا وعنيدا منذ أن كنت طالبا تواجه الاستبداد والقمع بروح كفاحية عالية . وبالرغم من كل المضايقات الأمنية والبوليسية والتتبعات القضائية أصررت على المضي قدما من اجل تحقيق مبادئك التي آمنت بها في ساحة الوغى .وكنت تعلم علم اليقين أن الطريق شاق وليس مفروشا بالورود ولا بالأقحوان. وهذا ما ظهر جليا في ممارستك للنضال من اجل حقك في الشغل والعيش الكريم لما أسقطوك عمدا في الكاباس. فلم تركن إلى الظلم وحكم الاستبداد والفساد وأعلنت عن موقفك النضالي في موقفك التاريخي أمام أبناء شعبك في شارع الحبيب بورقيبة لما ربطت يديك رمزيا أمام المسرح البلدي بالعاصمة وكتبت على صدرك شعار المطالبة بحقك في الشغل بطريقة سلمية حضارية .إلا أن نظام الاستبداد البوليسي جن جنونه لأنه ببساطة لا يريد لهذا الشعب أن يعي بالنضال من اجل حقوقه الاجتماعية و المدنية. يريده شعبا جبانا يساق كالقطيع يسبح بحمده ويخاف من جبروته . وبما انك قمت بخطوة في هذا الاتجاه فلم يغفر لك نظام الحكم ذلك وزج بك في السجن وحكم عليك بصفة استعجاليه في محاكمة غير عادلة بخمسة عشر يوما في رمضان من سنة 2006. وكعادتك لم تستسلم وظللت على طريقك تطالب بحقك في الشغل فقمت بالعديد من الاعتصامات والتظاهرات مع بقية زملائك المسقطين عمدا كمحمد المومني وعلي الجلولي خريجي الاتحاد العام لطلبة تونس وغيرهم سواء في الطريق العام في شارع الحبيب بورقيبة أو أمام مقر وزارة التربية .وهكذا بدون كلل ولا تعب واصلت طريقك في المطالبة بحقك في الشغل إلى أن بدأت الاحتجاجات والمظاهرات في مدن الحوض المنجمي في بداية جانفي 2008 ورغم بعدك عن موطنك الأصلي بمدينة الرديف وأنت مقيم بالعاصمة ساهمت من موقعك في كشف الحقائق التي أدت إلى الانتفاضة وساندها بكل جرأة وشجاعة المناضل باعتبارها رفعت نفس المطالب المشروعة التي رفعتها وكافحت في سبيلها وهي الحق في الشغل والكرامة الوطنية والتوزيع العادل للثروة .وبما انك رجل كفاح ميداني التحمت مع أبناء أهلك بمدينة الرديف وساهمت في كل الاحتجاجات والمظاهرات السلمية والمدنية وعينوك اهلك عضوا في اللجنة التفاوضية التي طالبت بها السلطة في ذلك الوقت للخوض في المشاكل التي أدت إلى تلك الانتفاضة وإيجاد الحلول الملائمة . وكنت من بين الذين تمتعوا بشركة مناولة في إطار بعض المقترحات التي استجابت لها السلطة الشيء الذي يدل على أن هذه اللجنة القيادية كانت حريصة على الحوار الجدي والمسئول لوضع نهاية للازمة.إلا أن المتنفذيبن والانتهازيين الذين ليس لهم مصلحة في استقرار الوضع الاجتماعي غاضهم ذلك فلعبوا دور المخرب وأوعزوا إلى بعض المناوئين إلى توتير المناخ من جديد حتى يخرج عن سيطرة النقابيين والمناضلين الذين أداروا الأزمة بحنكة واقتدار. وهكذا تسببوا في إطلاق النار وسقوط الشهيد الأول حفناوي المغزاوي وعديد الجرحى لأول مرة في تونس بعد انتفاضة الخبز في جانفي من سنة 1984 مما دعا الأهالي للعودة إلى الاحتجاجات السلمية والتنديد بما آل إليه الوضع من جديد إلى حالة اختناق امني رهيب وحصار بوليسي شديد أدى إلى إعلان حالة الطوارئ ودخول الجيش. فلم تكن انتهازيا أو وصوليا لأنك كذلك والإخلاص . صرت على هدي الزعيم الخالد للأمة العربية جمال عبد الناصر وخطاه ثابتا لا تبحث عن غاية شخصية ولا منفعة ذاتية. نشأت ونهلت من ينبوع أخلاق أمتك العربية المجيدة في التمسك بالصدق والوفاء . وهكذا شاركت بكل ثقة في النفس وبإيمان قوي في التنديد بجريمة القتل مطالبا بالكشف عن الجناة .وتلت تلك المرحلة من الاحتجاجات موجة قوية من الإيقافات والمداهمات الليلية أدت إلى إيقاف العديد من شباب الرديف والمناضلين النقابيين سواء في الاتحاد العام التونسي للشغل كعدنان وبشير وغيرهم أو من الاتحاد العام لطلبة تونس وكنت على رأسهم .و زج بك ومن معك في السجن في إطار اللجنة القيادية التي بادرت بتنظيم الاحتجاجات والمظاهرات والتحركات السلمية و أدارت بنجاح كل الجلسات التفاوضية وأمضت في بعض محاضر الاتفاق. واتهموك ورفاقك بتهمة تكوين عصابة مفسدين .. أنت الحريص على محاسبة الفاسدين والمرتشين وكل الخونة والمرتدين والكرازيين والجلبيين ومن أتى معهم على ظهور دبابات الأمريكيين ومن تحالف مع الصفويين ومن مارس لعبة المكر والخداع مع شعبنا في فلسطين والعراق أجمعين . وبدأت محنتك مع التعذيب والقمع في زنزانات النظام الحاكم . وجربوا معك كل أساليب التعذيب الوحشي بدا بالاهانات والكلام الفاحش إلى التعنيف البدني القاسي إلى ما اصطلح عليه في زنزانات التعذيب بطريقة –دجاجة روتي – إلى غير ذلك من أصناف العذاب والاعتداء على الحرمة الجسدية قصد افتكاك اعترافات منك تحت التعذيب . إلا انك كنت شامخا كالجبل . ولم يقف نضالك و صمودك في وجه جلاديك بل ناضلت وأنت في السجن من أجل إطلاق سراحك بمعية رفاقك فقمت بالعديد من الاحتجاجات من بينها الإضراب المفتوح عن الطعام الذي نتج عنه نقلتك إلى السجن المدني بسيدي بوزيد .ولم يمض على بقائك في سجن سيدي بوزيد الكثير حتى سمعت بوفاة والدك رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فراديس جنانه ﴿ الممدود في فراش الموت منذ سنة تقريبا ﴾ في اليوم الثاني لعيد الأضحى المبارك أي يوم الأربعاء 10 ديسمبر 2008 الذي تمنيت أن ترعاه بموصول عنايتك ودفأك وحنانك الذي لا ينضب حالما تتحصل على شغل تكفل به حياتك وحياة أسرتك التي تعيش الفقر والخصاصة والحرمان و التي تتكون من أربعة أولاد كلهم يعانون البطالة. ورغم علمك بوفاة والدك الشيخ إلا أن ذلك لم ينل من صمودك فظهرت في الجلسة الأخيرة ليوم الخميس 11 ديسمبر 2008هادئا و معنوياتك مرتفعة جدا ترفع الشعارات ضد جلاديك مع رفاقك :الثبات الثبات ضد حكم المافياة و قضاة التعليمات- كنت واعيا ومقتنعا بأن المحاكمة التي تدور أمامك إنما هي سيناريو وديكور والحكم جاهز سلفا لأنك تعلم أن القضاء في بلادنا غير مستقل بل إن أحد المطالب التي تناضل من أجلها كطالب ومواطن هو تحقيق استقلالية القضاء عن السلطة السياسية وعن نظام الحكم .وهكذا أسدل الستار على أسوأ محاكمة على الإطلاق عرفتها في تاريخ تونس الحديث حيث لم تتوفر فيها أدنى شروط للدفاع ولا للمحاكمة العادلة فكانت مهزلة تاريخية ويوما أسود آخر في سجل القضاء التونسي . فلم تتمكن لا أنت ولا رفاقك كمتهمين من الاستنطاق ولا المحامين من المرافعات ولم يستجب لطلب الدفاع في إحضار الشهود والقرائن ﴿كالأقراص المضغوطة وغيرها ..... ﴾ الموجودة في محاضر الأبحاث التي اقتلعت منك بالقوة أنت ورفاقك . فحكم عليك صوريا وباطلا وبهتانا بأربعة سنوات سجنا وشهرا نفاذا .وقادوك عنوة إلى السجن أين ستواصل المشوار كالعادة بهمة عالية وعزيمة من حديد من اجل إطلاق سراحك أولا وبراءتك ثانيا وتلبية مطلبك العادل والشرعي في الشغل والحرية والكرامة الوطنية . ونحن بدورنا نعاهدك أننا سنواصل جهودنا من أجل ذات المطالب المشروعة التي رفعتها أنت ورفاقك وسنعمل من أجل إطلاق سراحك أنت ورفاقك

إليك يا نسر العروبة الشامخ يا من لبى النداء
من اجل مطالب شعبه بإخلاص ومحبة و وفاء
سجنوك وعذبوك وجربوا معك كل أنواع البلاء
لكنك كنت صامدا كما صمد الحسين في كربلاء
كنت كنخل العراق الأبي تحلق في السماء
طلبا للحرية وحقك في الشغل و فوزا بالعلاء
أتوجه بالتحية حبا لك على التضحية والفداء

ليست هناك تعليقات: