2008/09/20

قلها ياشيخ الأزهر!

بقلم :عادل الجوجري
اذا لم يصدر موقف رسمي من الازهر الشريف بشأن ضرورة قيام حكومة مصر بكسرالحصار الظالم والقاسي على شعبنا في غزة فمتى ،ولمن سوف تصدر الفتاوى والمواقف من هذه المؤسسة الدينية العريقة؟
لقدسكت شيخ الأزهر الشريف طويلا ولم يجاهر بكلمة حق عن مأساة الفلسطينيين المحاصرين من العدو والحدود، بينما تكلم كثيرا في الوضوء والطهارة وهي أمور يحفظها أطفال المسلمين ،فكان لابد أن يخرج صوت آخر يعبر عن ضمير العالم المسلم،ويرفض استمرار القتل الجماعي للفلسطينيين ،
ونحمد الله أنه لازال في بلادناعلماء يدركون رسالة الازهر الذي كان –وسيظل- منارة للمقاومة ضد المستعمر وضد استبداد الحكام ،وأشير هنا بكل احترام إلى "جبهة علماء الأزهر"،التي حثت المصريين الذين وصفتهم بـ "أحفاد صلاح الدين وقطز" على أن يتحركوا في يوم السادس من أكتوبر القادم لكسر الحصار المفروض على الفلسطينيين في قطاع غزة المتاخم للحدود المصرية.
وناشدت الجبهة في بيان نشرت محتواه صحيفة "المصريون "الاليكترونية، الشعب أن يدفع عن نفسه ذل الحصار والعار، "خاصة وأنه لم يعد هناك عذرا أمام هذا الهوان الذي نعيشه"، وخاطبت المصريين قائلة: "جددوا في أنفسكم معالم العاشر من رمضان واستجيبوا لدعوة فك وإنهاء الحصار يوم 6 أكتوبر القادم".
والجبهة في هذا الموقف النبيل تعبر عن الشعب العربي في مصر ولاتعبر عن سلطة الرئيس حسني مبارك وحزبه البيروقراطي،هذه الجبهة التي تم حلها بموجب حكم قضائي عام 1999 عاودت الظهور، لكنه هذه المرة إلكتروني فقط، عبر موقع لها على شبكة الانترنت انطلق من الكويت، ويشرف عليه أمينها العام الدكتور يحيى إسماعيل حبلوش،وهي تجاهر بالرأي الشرعي في قضايا الامة بغض النظر عن موقف السلطة،وهكذا ينبغي ان يكون رأي وموقف الازهر الشريف..وهناك بالفعل العشرات مع علماء الازهر الشرفاء الذين يشاركون في التظاهرات او يكتبون في الصحف داعين الحكومة الى انهاء الحصار على الشعب الفلسطيني ومدهم بكل مايحتاجونه لتحرير ارضهم بدءا من الغذاء والدواء وانتهاء بالسلاح.
لقد بدت الجبهة عبر نشاطها الأخير كياناثوريا معارضاو موازيا للأزهر بإبداء رأي علمائها في كثير من القضايا التي أثارت جدلا ولغطا على المستويين الشعبي والرسمي مثل قضية بيع الغاز المصري لإسرائيل، وطلب المحكمة الدولية توقيف الرئيس السوداني البشير.. وغيرها من القضايا التي قد تعارض المؤسسة الرسمية المتمثلة في مجمع البحوث الإسلامية، المؤسسة الأبرز في الأزهر.
وتحظى جبهة علماء الازهر باحترام شديد في الاوساط الثقافية بالنظر الى مواقفها الشجاعةـ التي تعبر عن ضمير مصر ولاتعبر بالضرورة عن رأي الحكومة،و تأسست جبهة علماء الأزهر في عام 1946 حتى عام 1995، وتلخصت أهدافها في استنهاض همة الأزهريين لاستعادة دور الأزهر، ومساندة الدولة بالدعوة إلى الله ونشر مبادئ الألفة والمحبة والإخاء، ومساندة الأزهر ومشيخته وجامعته فيما نيط بهم من نهوض بالوطن في مجال الثقافة الإسلامية الصحيحة. وفي عام 1996 ومع تولي الدكتور محمد سيد طنطاوي مشيخة الأزهر بدأ الصراع بين الجبهة والمشيخة، حيث رفض طنطاوي وجودها، بسبب معارضة الجبهة لبعض فتاويه، وقام شيخ الأزهر برفع عدة دعاوى قضائية حتى صدر حكم قضائي بحلها، وعدم اعتبارها جمعية رسمية مشهرة بشكل قانوني.
لكن قبل عدة سنوات عادت الجبهة لإحياء نشاطها برئاسة الدكتور محمد عبد المنعم البري وعضوية بعض من علماء الأزهر، وانبرت لإطلاق فتاوى مناوئة لفتاوى دار الإفتاء الرسمية كما حدث في فتوى الدكتور علي جمعة بشأن غرقى الهجرة غير الشرعية وعدم اعتبارهم شهداء، وفتوى الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر السابق بجواز الزواج من الإسرائيليات، وغيرها من الفتاوى التي أثارت جدلا لم تنته حدته بعد.
ونحن هنا لسنا بصدد البحث في شرعية او قانونية وجود جبهة علماء المسلمين لكننا نلفت النظر الى وجود راي آخر في داخل الازهر او في محيطه يتعارض مع الفاتوى والاجتهادات التي يقدمها شيخ الازهر او المفتي وهي فتاوى ترضي الحكومة ولاترضي الشعب مع انه يفترض في عالم الازهر ان يكون مستقلا في اجتهاداته ولايخضع لأي سلطان الا ماجاء في كتاب الله والسنة ثم الاجتهاد
فالعلماء ـ علماء الشريعة ـ هم ورثة الأنبياء، ورثوا عنهم علمهم، وعملهم وأخلاقهم في الناس والحياة،وليسوا معبرين عن الحكومة ولاهم لسانها او يدها التي تبطش.
وكان عدد من الناشطين في الحملة الشعبية لكسر الحصار عن غزة أعلنوا أن يوم السادس من أكتوبر سيكون يوما للتحرك من أجل كسر الحصار المفروض على غزة، بعد أن كانت أجهزة الأمن اعترضت مسيرة حملة العاشر من رمضان.
ونحن نرى ان يتضامن اخوتنا في أجهزة الامن مع الدعوة الشعبية لفك الحصار عن المرضى والجوعى من ابناء شعبنا ،واذا كان فضيلة شيخ الازهر لايتكلم ولايتحرك دفاعا عن حق الفلسطينيين في حياة كريمة وحرة ،فإن جبهة علماء الازهر قامت بالواجب ونطقت بلسان الشعب لأن شيخ الازهر ينطق ينطق بلسان آخر ،لسان معزول عن الامة ،هو نفسه اللسان الذي جعل مصر وسيطا في قضية فلسطين ،ويبدو أن فضيلته تفرغ لرفع دعاوى قضائية ضد الصحفيين بدلا من أن يستنهض في الشعب روح المقاومة ضد المشروع الصهيوني الاميركي الذي يتغلغل في مصر،وسط صمت رسمي رهيب.

ليست هناك تعليقات: