2008/09/01

كسر الحصار .. ولا العار

كسر الحصار .. ولا العار
بشعور عارم اختلط فيه الفرح بالحزن , والامل بالالم , و السعادة بالغبن , و الظلمة بانبثاق النور .. تابعت مشهد وصول السفينتين اليونانيتين الى ميناء غزة بفلسطين المحتلة .وكان المشهد على تعدد صوره و ازدحامها مؤشرا واضح على عمق الإيمان الذي سكن إرادة أولائك الناشطين "الدوليين" و جعلهم يحققون حلمهم بكسر الحصار ولو بشكل رمزي .. وبالتالي كسر "إرادة" العدو وحشره في الزاوية وإظهاره في حجمه الحقيقي و هو ينحني ذليلا صاغرا لإرادة بضعة عشرات من البشر لا يتجاوز عددهم 47 نفرا .
هؤلاء الناس (مع تحفظي الشديد على وجود البعض منهم ضمن تلك التشكيلة ) رفضوا أن يبقى المشهد في فلسطين و في غزة بالذات محل فرجة, في وقت وقف فيه العالم كله بما فيه العرب يمارس خطيئة الاسترخاء الفرجوي عبر شاشاته الملونة على أكبر جريمة إبادة ترتكب الآن في حق الإنسانية .ملون و نصف من البشر يزج بهم في بوتقة حصار جائر منذ ما يقارب السنتين و نصف و تمارس عليهم شتى أنواع الترهيب و الإذلال و الإفقار و الجوع و الموت البطيء .. و لا أحد من "الكبار" ولا الصغار يحرك ساكنا ,و كأنما أريد لهذا الحصار أن يكون عقابا جماعيا و محرقة حقيقية أفتتح بها مجرمي هذا العالم العقد الأول من الألفية الثالثة .
إنما شاهدناه في ميناء غزة يوم الأحد 24 من آب 2008 يفتح أعيننا مرة أخرى على عمق المأساة التي صار عليها حال العرب اليوم ,و هو وضع بات موصوما بقدر كبير من الذل و الهوان في ظل واقع من التشرذم و التشظي لم تشهد له الأمة مثيلا من قبل . وإذا كنا نفهم مخططات العدو الصهيو- امبريالي ومراميه من وراء كل تلك الجرائم وحروب الابادة التي يرتكبها في حق ابناء امتنا سواء في فلسطين اوالعراق او غيرهما من الارض العربية التي تقع تحت طائلة عدوانه واعتداءاته ,والمراد بها فرض سياسة الاحتواء و التدجين و التبعية (في أحسن الحالات ) . فإن ما يحير العقل فعلا هو حالة الاستسلام و التماهي التام مع تلك المخططات و المرامي و التي وصلت ببعض "الرسميين" العرب ,انظمة و مؤسسات و دوائر قرار الى حد المشاركة الفعلية في تلك الجرائم التي ترتكب في حق شعبنا في فلسطين ,فمن لم يمارس الخنق و الغلق و التآمر ,فقد مارس الفرجة و الصمت و الإنكفاء .و ليس حال الجماهير و منظماتها و تنضيماتها وروابطها الشعبية بأحسن حال مما هو عليه المشهد في إطاره الرسمي (باستثناء ما تشهده بعض بؤر المقاومة من حراك نضالي من حين لآخر ).
فالذين ركبوا نظالات الجماهير و وظفوا تضحياتها و اغلقوا دم الشهداء لافتتاح "الحوار" مع الكيان الصهيوني الغاصب نجدهم اليوم و قد وقعوا في فخ العدو "يترافسون" في باص السلطة الموهومة غير عابئين و لا مقدرين لكل ما قدمه ويقدمه الشعب العربي هناك من ضريبة و تضحيات جسام .
بل إن ما الحقه بعض الصهاينة "العرب" و ما الحقته تلك السياسات الرعناء التي ينتهجونها .. من خسائر وانحسار لنهج المقاومة و تفتيت لوحدة الممارسة النضالية , يعد أخطر مما يأتيه الصهاينة- الصهاينة في حق كل أبناء فلسطين و في حق جماهير امتنا في غزة على وجه الخصوص .
لقد وعد كل ناشط من منظمي تلك الرحلة و هم يغادرون غزة المحاصرة..ان يتكفل بتنظيم رحلة بمفرده و العودة مجددا لتفتيت الحصار .. و هي وعود لها من الدلالة ما يكفي لأسال , ماذا عنا نحن العرب ؟ وتحديدا الجماهير و طليعتها؟؟
ماذا عنكم ايها الناشطون الحقوقيين ؟ مذا عنك ايتها النخب الواعية؟ ماذا عنك ايتها الجماهير قوى الشعب العامل ؟ماذا عنكم ايها المنتمون الى هذه القضية رابطة ودين ؟ماذا عنكم ايها الجامعيون ؟ بالله عليكم ماذا كان شعوركم و انتم تشاهدون ذلك الجامعي اليوناني صاحب السفينتين و هو يلتحم بارض فلسطين و يرسوا بمياه غزة كالفاحين حاملا روحه على كفه في سبيل قضية لا يربطه بها عرق او دين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ترى كم من امير ,من ثري ,من مترف ,و كم من لص عربي يؤثث المياه و البحار العربية بمئات اليخوت و دور "الدعارة " العائمة؟؟
فهلا استفقت ايتها الحشود الواقفة على مرمى حجر من الحصار ؟ لا خيار .. لا خيار .. فإما كسر الحصار و اما العار يلاحقنا جيلا بعد جيل.
فائزة عبد الله – تونس

ليست هناك تعليقات: