2008/09/12

مرحباً يا عراق

تنشر جريدة العربية لسان حال التيار العربي في العراق التي تصدر في بغداد يوم السبت 13/9/2008 المقال الاتي:

الفرات الأوسط ... قومي وحدوي
حسين الربيعي
شاءت الصدف أن يتوافق أطلاعي على (خارطة) القيادة السياسية للتيار العربي في الفرات الأوسط التي قدمها المناضل صلال الغزالي مسؤول الفرات الوسط وعضو الأمانة العامة للتيار العربي ، وهي الخارطة التي تضم خيرة من رجال المنظقة ومناضليها الذين ما عرفوا يوماً المساومة أو مقايضة المبادئ ، وظلوا على عروبتهم محافظين على سلوكهم القومي والوطني ، ولو بهم خصاصة ، شاءت الصدف أن يتلازم ذلك مع امرين : أحدهما الخبر عن تعهد عشائر الفرات الأوسط عدم التفريط بتراب مدينة كركوك تحت شعار ( نموت نموت وما نفرط بترابك يا كركوك ) وهو ذات الشعار الذي ردده أبائهم وأجدادهم في العشرينات ( نموت نموت ولن نفرط بترابك ياموصل الحدباء)
والثاني أن يتقارن أطلاعي على تفاصيل الخارطة في الوقت الذي كنت أتابع فيه قرآتي لكتاب المحامي جواد الظاهر الذي صدر مؤخراً ، والموسوم (الوجيز في تأريخ العراق السياسي الحديث) ، لأقف بشموخ امام سفر الماضي والحاضر لجهاد أبناء الفرات الأوسط والجنوب في الدفاع عن وطنهم وعروبتهم ، وتلازمهم المستمر مع أخوانهم من أبناء الوطن في أية موقعةٍ أو مكان
فمع شدة الهجمة الصفراء ضد العروبة وضد القومية العربية ، هذه الهجمة المغلفة بلبوس دينية ، تكون كل الوسائل الشرعية والصادقة مشرعة الأستخدام في مواجهتها ، خصوصاً الإرث التأريخي الذي يحاول أعداء العراق وأعداء العروبة ، التعتيم عليه بغية تحريفه عن موضعه لتمرير الهجمة وتحقيق أهدافها ، ومن أهدافها التي أصبحت واضحة دون الحاجة لمزيد من التفوق في الذكاء تمرير أهداف الأحتلال ومنها الأتفاقية مع دولة الأحتلال ، والعمل على تعددية الثقافات ، وفتح طريق النزعات الطائفية المظللة على مصراعيها بغية تمزيق العراق وتحويله لمقاطعات وكانتونات ليكون جلنا عيدان ضعيفة بأيدي أعداء العراق والعروبة يلون الواحدة تلو الأخرى .
لقد جاء الرفض الشعبي ضد هذه الهجمة بشكل يتناسب مع تأريخ الشخصيات الوطنية التأريخية في هذه المنطقة الحساسة ، ولم يأتي عن فراغ ، فلم يكن غريباً ان يتمسك أبناء الفرات الأوسط والجنوب بالمقاومة طريقاً لفرض حرية العراق وأستقلاله ، كما أنهم أنتبهوا لخطورة محاولات البعض أيقاع الضغينة والخلاف بين العروبة والأسلام ، ومن خلال خبرتهم الموروثة حيناً والمتولدة من خلال التجارب أحياناً آخرى عرفوا عن يقين ان اصحاب دعاوي الخلاف ، غرباء دخلاء أستغلوا كرم العراقيين وهم يحتضنون أسلافهم ، كتعبير عن شيمة العربي وتمسكه بمبادئ الدفاع عن المستضعفين
وتحت عنوان (نشاط أبن الشيرازي والقومية العربية) يقول المحامي جواد الظاهر في كتابه أعلاه : (كان محمد رضا أبن الشيخ الشيرازي ناشطاً من جانبه في تأييد الأحداث في بغداد ـ يقصد مقاومة الأنتداب والمطالبة بدولة عربية ـ وبث الدعاية لها في أوساط عشائر الفرات الأوسط ، وعلاوة ًعلى نشاطه الوطني كان مؤيداً للقومية العربية ، ولم يكن هذا الأمر غريب ، لأن القوميين والدينيين كانوا في تلك الأيام يشعرون بأنهم جبهة واحدة أتجاه عدوٍ مشترك )
ويتابع الكاتب : (ومن مظاهر هذا التلاحم بين القومية العربية والدين الأسلامي رسالتان ، الأولى بعثها الشيخ الشيرازي إلى الأمير فيصل في سوريا ، والأخرى كتبها أبن الشيرازي إلى الأمير علي في الحجاز ـ آبان الثورة العربية الكبرى ـ وقد جاء في الأولى " إننا لازلنا نسمع أنباء تفانيكم العظيم في سبيل إحياء الجامعة العربية التي هي عنوان المجد الأسلامي ، ذلك المجد الرفيع الذي رفع قواعده أجدادك الطاهرون )
ويتابع أيظاً : ( أما الرسالة الثانية لأبن الشيرازي فقد جاء فيها الدعاء لبقاء العرش الهاشمي وأستمرار حياته فإنه أمل حياة الأمة العربية ومادة وجودها ، إلى ان يقول : يا سمو ولي العهد لاشك إنكم جاهدتم في سبيل الأمة العربية ، وإن كل عربي صميم يقدر جهادكم ، فالشعب العربي في كل أنحاء المعمورة مدين لكم إلخ إلى ان يقول : أن القطر العراقي كسائر الأقطار العربية التي بايعت جلالة الملك والدكم ، وأنه أكثر تحمساً للأستقلال وأقرب إلى الوحدة العربية لآنه شعب عربي بحت ليس فيه دخيل )
لذلك فإن هذا التأريخ الناصع البياض لم يكن بعيداً عن عقلية الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ، الذي قاد الأمة العربية في حركتها القومية من أجل الوحدة والأستقلال ، فوجد ما يخدش متانة هذه الوحدة في مجال التعامل مع مسائل الأديان والطوائف التي يكون أبنائهم نسيج الأمة العربية ، فأقدم في عام 1960 بإصدار قوانين تعديل الجامع الأزهر والتي كان من بين اهدافها الدعوة للتقارب بين المسلمين ، وأن يتحمل الأزهر أعباء هذه المسؤولية : يقول المناضل الكبير سامي شرف في رسالة خاصة حول هذا الموضوع :
( لقد كان موقف الزعيم الخالد من الشيعة وغيرها من المذاهب المختلفة ، بل أقول من الأديان الأخرى هي باختصار شديد تطبيق مبدأ التعايش والتحالف ، حتى العمل الجبهوي من أجل تحقيق نوع من الوحدة مفابل الهجمات الأستعمارية بكافة أشكالها والتي كان جل هدفها النيل من العروبة والأسلام )
ويتابع الأستاذ المناضل سامي شرف :
( فلقد كان من اهم أهداف تطبيق قوانين تعديل الأزهر سنة 1960 مبدأ التقلرب بين المذاهب الأسلامية المختلفة من أجل تحقيق وحدة المسلمين حول أختلافات كانت في الغالب نتيجة سياسات وأهداف تسعى للتفرقة والتقسيم للنيل من هدف أسمى وهو وحدة المسلمين . )
ومع هذا ، ومهما يكن من نضال أهل الفرات وأهل الجتوب ، أو اهل الأنبار والموصل وصلاح الدين ، فإن كل هذه النضالات إذا لم تجري في بوتقة واحدة ، فإنها لن تصيب العدو بهزيمة على مضضٍ منه ، ولن تدعه يهرول خارجاً من العراق طلباً للنجاة
ونحن في مجال متصل ، لاندعي أننا قادة المقاومة ، لكننا بالتأكيد حملة فكرها ، والساعين لتعميم ثقافتها ، نقدم ما في استطاعتنا للوقوف في وجه تهلكة الأنحسار الطائفي والمناطقي ، وليعلم الجميع أن حرية أيةِ بقعة في العراق لن يقررها ويحميها غير وطن محرر من أقصاه إلى أقصاه ، ولنتذكر معاً ، وليذكر بعضنا البعض بكل ما يجمعنا على طريق الحرية والوحدة
وسلاماً لأهل الفرات
وسلاماً لأهل العراق أجمعين .
و سلاماً لأهل العروبة في كل مكان.

ليست هناك تعليقات: