2008/09/23

آه يا ناصر....



تابعت الأخبار المتعلقة بالانهيارات الصخرية في حي منشية ناصر بالقاهرة الذي يقع فوق سفح جبل المقطم الأسبوع الفارط وما نتح عن ذلك من نكبة أدت إلى فقدان العشرات من الأهالي الأبرياء والمئات منهم لا يزالون تحت الأنقاض. إنها ليست النكبة الأولى التي يتعرض لها أبناء شعبنا الغلابى في مصر في هذه السنوات الأخيرة التي خيم فيها القهر والظلم والاستبداد على الجماهير المسحوقة من أبناء الفلاحين والعمال والفقراء والمعدمين من شعب مصر .فتكاد النكبات تكرر نفسها وتستنسخ فمن نكبات تهدم المنازل في الشقق الآهلة بالسكان والمتداعية للسقوط التي أصبحت أمرا اعتياديا إلى نكبة العبارة التي ذهب ضحيتها ما يزيد عن مئات الضحايا الذين ماتوا غرقا بعد ما أكلتهم الحيتان الآدمية قبل أن تأكلهم الحيتان البحرية . وها هي آخر نكبة ولن تكون الأخيرة في حي الدويقة بمنشية ناصر . والغريب في الأمر والعجيب في كل النكبات هي تلك العادة السيئة وربما المقصودة في تلك الطريقة الباهتة التي تدخلت بها السلطات المحلية والمركزية والتي تميزت بالتباطؤ و سوء تقدير الكوارث قبل حدوثها والأكثر غرابة وشماتة هو عدم الاستجابة لحق المنكوبين في التعويض عن مصائبهم المتوالية بل وصلت الحالة في قضية العبارة إلى عدم إدانة الأطراف المتسببة في الحادث لأنها متنفذة في السلطة .وتشير المعلومات في حادثة الانهيار الصخري أن التجهيزات لم تصل في وقتها المناسب ناهيك عن عدم جدواها وفعاليتها . كما أن كل الدراسات الميدانية التي قام بها مهندسون معماريون أكدت منذ مدة أشهر بأن هذا الحي معرض للخطر في كل وقت وهو ما يدل على تهاون السلطات المحلية والمركزية وعدم تقديرها للموقف لان المتساكنين في ذلك الحي هم أبناء الطبقة العاملة والمسحوقين من الجماهير المستضعفة .

فلماذا لا تتراخى السلطة لنجدة المحظوظين من الطبقات الحاكمة والثرية أصحاب النفوذ والجاه الذين يكدسون المال ويحبونه حبا جما الذين يملكون العربيات المضخمة ويسكنون –الفيلات- والقصور بينما أبناء شعب مصر يبيتون في القبور ؟ فلماذا لا تتباطئ السلطة في الدعاية بمناسبة الانتخابات الرئاسية أو التشريعية وصرف الأموال الطائلة لابتزاز المواطنين وشراء أصواتهم ترغيباوترهيبا؟ فلماذا لا تتأخر السلطة في قمع المظاهرات الاحتجاجية على غلاء الأسعار أو على تهاون السلطات وتخاذلها في تقديم الإسعافات الضرورية للمنكوبين ؟ فإلى متى يعيش أبناء الشعب المصري في المقابر أحياء وأمواتا؟ فهل قدرهم أن يسكنوا في المقابر وفي التلال وعلى سفوح الجبال وفوقها في أحياء عشوائية لا لشيء إلا لان ليس لديهم المال حتى يشتروا الشقق اللائقة للسكن؟

إن الإحصائيات المتوفرة التي ذكرت في الندوة الوطنية بالقاهرة لمساندة المنكوبين تقول بأنه يوجد أكثر من مليون ونصف المليون المصري يقطنون المقابر وأكثر من أربعة ملايين يعيشون في أحياء عشوائية وهذا كله وسط القاهرة .فأين هو حق المواطن المصري المعذب في المسكن اللائق والعيش الكريم ؟فحتى الوعود التي وصلت إلى أسماع المواطنين من أن سوزان مبارك قد جهزت لهم مساكن تبخرت ومنهم من قال بأنها معدة للتوزيع في مناسبة ليلة القدر. فهل نترك المصيبة تحل بالمواطن من اجل الدعاية السياسية لهذا الطرف أو ذاك آه يا ناصر قم وانظر لأبناء مصر وهم محرومون حتى من المسكن المتواضع

آه يا ناصر ها هم أبناء منشيتك وهم يعذبون في الأرض وكثرت مصائبهم وتنوعت ينادونك بصوت واحد :هل من مجيب لنداء الثكلى واليتامى والمشردين ؟

آه يا ناصر لقد ولى زمنك الذي على الأقل شعرنا فيه بأنك احد منا تحزن لحزننا وتفرح لفرحنا.

آه يا ناصر لقد ولى زمن تضحياتك من اجل أن ينعم شعب مصر بالعيش الكريم لقد أصبحنا في العراء وفي المجاعة ننام وبطوننا خاوية ومصر تنهب وحريتنا تسلب منا كرها وعدوانا؟

آه يا ناصر لقد سلبت منا الدار وبقينا بلا دار ؟ هيا انظر حالنا وأحوالنا وسبحان من غير الأحوال .

آه يا ناصر هذي ايادينا تمتد إليك من جديد

لتقرئك السلام وتخبرك عن وحشة ليلنا البعيد .

آه يا ناصر فهل من نجدة إلى شعبك المجيد؟

تعيد له البسمة والفرحة واليوم السعيد

آه يا ناصر فهل من استغاثة في الصعيد ؟

هل من ثورة ترد كيد المعتدي العنيد؟

آه يا ناصر

النفطي حولة: 18 سبتمبر-أيلول - 2008

ليست هناك تعليقات: