2008/05/11

كلمة الرفيق صلاح المختار لمناسبة اغتيال سيد شهداء العصر صدام حسين


فيما يلي نص الكلمة الاساسية التي القيت اجزاء منها في اليمن وموريتانيا وغرفة شهيد الحج الاكبر في البالتوك، احتفاء بالذكرى السنوية الاولى لاغتيال سيد شهداء العصر صدام حسين.

أيتها الاخوات الفضلاوات

أيها الاخوة الافاضل :

عام مضى على اغتيال سيد شهداء العصر القائد العظيم صدام حسين زخر بالدروس والحقائق والعبر، واسقط الكثير من الدعايات القائمة على الكذب والتزوير، التي اعدت بعناية ووفق تخطيط مركزي عالمي واقليمي دقيق لاجل شيطنة البعث والقائد صدام حسين. وربما يكون من بين اعظم مظاهر وفاءنا للقائد الشهيد هو التذكير بأهم ما تبلور من حقائق ودروس وعبر والاعتماد عليها في مواصلة طريقنا المقدس، طريق تحرير العراق من الاستعمارين الامريكي والايراني.

ما الذي فرض نفسه خلال عام مضى؟

قبل كل شيء يجب علينا جميعا ان نتذكر الحقيقة المركزية الكامنة خلف الاغتيال، وهي انه كان نتيجة حتمية لنهج صدام حسين القومي العربي المؤمن بوحدة الامة العربية وتحررها، والذي جعله يضع تحرير فلسطين في مقدمة سياساته ومنهجه العام، ورفض باصرار لم يتزحزح حتى استشهاده، التخلي عن تحرير فلسطين ومناهضة ما سمي ب(الحلول السلمية) للصراع العربي الصهيوني. لقد كان من بين اخر مالفظه الشهيد قبل اغتياله هو هتافه بحياة وعروبة فلسطين ثم لفظ الشهادتين. وهذا النهج الثابت حشد ضده الصهيونية العالمية والغرب الاستعماري، وهو نهج لم يكن شخصيا بل كان نتاج التربية البعثية التي نشأ عليها وفي بيئتها القومية. أما القضية الثانية التي حتمت اغتيال الشهيد فكانت موقفه المعروف من المسألة النفطية. فصدام حسين البعثي الاصيل امن منذ انتمى للبعث بأن (نفط العرب للعرب) وليس للاحتكارات الاستعمارية الغربية، وان هذا النفط يجب ان يعود لاهله وان يخدمهم من خلال احداث انقلاب شامل في حياتهم ينقلهم من حالات الفقر والامية والتخلف والتمزق والضعف الى حالات الرفاهية والتقدم العلمي والتكنولوجي والوحدة. واستنادا لذلك كان تأميم النفط في عام 1972 الشرارة التي اشعلت سلسلة الحروب على العراق، والتي اتخذت اشكالا مختلفة انتهت بغزوه في عام 2003.

ان هذه السياسات القومية الثابتة اوجدت تناقضا حادا لا يمكن حله بالوسائل السلمية بين بين ستراتيجية الغرب والصهيونية، القائمة على المحافظة على ركيزتين ثابتتين في السياسات الاستعمارية وهما (امن اسرائيل) و(امن النفط)، والتي تحتم ابقاء العرب مجزئين متخلفين محرومين من الاستفادة من ثرواتهم وفي مقدمتها النفط، وبين ستراتيجية البعث التي طبقت في العراق وقامت على رفض التفريط بفلسطين او النفط، ويترجم ذلك بمواصلة النضال بلا مساومات من اجل الوحدة العربية بصفتها الهدف الوسيط بين اكتساب العرب للقوة الضرورية لنهوضهم في عالم لا يعيش فيه الا الكبار ووصولهم لهدف تحقيق رسالتهم الانسانية الخالدة.

وحينما اراد الغرب والصهيونية استخدام نظام الملالي في ايران لضرب مشروع النهضة القومية العربية في العراق، بعد فشل نظام الشاه في ذلك، انتفض العراق كله ووقف ضد النزعة الاستعمارية الاقليمية التوسعية الايرانية، ففجرت ايران حرب الثمانية اعوام، والتي اراد خميني منها تدمير العراق العربي وازالته من الخارطة الجيوستراتيجية ليفسح الطريق لتطبيق المخطط التوسعي الفارسي العتيق على انقاض الامة العربية، وهذا الهدف الايراني المعروف هو ذاته هدف اهم عدوين للامة العربية وهما الاستعمار الغربي والصهيونية العالمية. من هنا، وبعد ان اتضحت صورة المؤامرة الشاملة على الامة العربية، والتي كانت خطوتها الاولى قيام ايران خميني بمحاولة تدمير العراق القوي الناهض السائر بقوة واصرار على طريق بناء الدولة الانموذج المغري للنهضة العربية الحديثة، قررت القيادة العراقية وعلى راسها الشهيد صدام حسين ان تنظم وتعد الشعب العراقي لمواجهة المخططات الغربية والصهيونية والايرانية من خلال دمج الحرب العسكرية النظامية بحرب الشعب، او حرب العصابات او حرب المدن، وان تعيد بناء المجتمع العراقي، اقتصادا وثقافة وسايكولوجيا، ليصبح قادرا على المقاومة الشاملة والصمود لعقود من الزمن.

لقد ولدت فكرة المقاومة الشعبية المسلحة من رحم تجارب الحزب والمجتمع والدولة في العراق، في ذروة المواجهة الساخنة المزدوجة التي وجد العراق نفسه بازائها، فمن جهة اولى ازدادت حدة الضغوط الامريكية الاسرائيلية على العراق، ومن جهة ثانية استكلبت طغمة الملالي في طهران في موقفها من العراق، وهذه التحديات كانت كافية لاختيار العراق طريق اعداد الشعب كله للمقاومة المسلحة والسلمية بكافة اشكالها.

أيتها السيدات

أيها السادة :

لقد عرف الشهيد القائد صدام حسين بحسه المرهف وعمق نظرته الستراتيجية بان قدرة الدولة العراقية بمؤسساتها الحكومية غير قادرة على تحمل حرب كلاسيكية مع قوى عظمى كامريكا، وكبرى كريطانيا وفرنسا، واقليمية مدعومة من الغرب والصهيونية كاسرائيل وايران، الا لوقت محدود، نتيجة التفوق المطلق لهذه القوى في التسلح والقدرات المادية والتكنولوجية والعدد، لذلك اختار طريق خوض حرب الشعب كتتويج للصراع المسلح وبعد ان تعجز الالة العسكرية العراقية عن مواصلة الحرب النظامية. وتجسد هذا الاختيار في خطوات محسوبة ومدروسة ومنها :

1 – تعزيز قوة الجيش الشعبي وتحسين تدريبه على حرب المدن اثناء الحرب التي فرضها نظام الملالي في ايران على العراق.

2 – قبل واثناء وبعد العدوان الثلاثيني في عام 1991 تم اعداد وتأسيس قوات شعبية ضخمة مدربة على قتال المدن وحرب العصابات، واهمها جيش القدس الذي ضم في صفوفه اكثر من ستة ملايين فرد مدرب على حرب المدن، وكان الهدف الرئيس من انشاءه هو تدريب اكبر عدد ممكن من العراقيين على القتال في حروب المدن والعصابات ومواجهة الغزاة الاجانب.

3 – تأسيس منظمة (فدائيو صدام) وهي منظمة فدائية عالية التدريب والكفاءة القتالية لعبت دورا مهما في مقاومة الغزو وانطلاق المقاومة المسلحة بعده.

4 – تحويل قطعات عسكرية من الجيش النظامي من تخصصها في الحرب النظامية الى التخصص في حرب المدن والعصابات.

5 – توزيع ملايين قطع السلاح الخفيف والمتوسط على العراقيين.

6 – تطوير التصنيع العسكري لتوفير الاسلحة المطلوبة لحرب المدن مع عتادها.

هذه الخطوات وغيرها ادت الى اعداد اكثر من ثمانية ملايين عراقي لخوض حرب المدن او العصابات عند الضرورة، وزرع ثقافة فريدة في المجتمع العراقي وهي ثقافة القتال في جبهات الحرب مع مواصلة الحياة الطبيعية في المجتمع والدولة. وازدادت اهمية اعداد هذه الملايين نتيجة تعرض العراق لاربعة حروب رئيسية : حرب اولى فرضتها ايران الملالي ودامت ثمانية اعوام، وحرب ثانية فرضتها امريكا وشنتها على العراق بمشاركة 43 دولة في عام 1991، وحرب ثالثة ابتدأت بعد وقف اطلاق النار في يوم 28 – 2 – 1991 وانتهت في عام 2003 وتميزت بانها (حرب منخفضة الحدة) قامت على استنزاف العراق ببطء عسكريا واقتصاديا ونفسيا، من خلال القصف اليومي المحدود وفرض حصار شامل لحرمانه من القدرة على تعويض ما يخسر من امكانات واستنزافه تدريجيا اعدادا لغزو شامل بعد ان يكون قد انهك وجرد من الحد الادنى المطلوب من عوامل ومتطلبات خوض حرب نظامية، وهو ما حصل في الحرب الرابعة التي ابتدأت في عام 2003 بغزو العراق، وتحول الحرب من حرب نظامية الى حرب مدن او عصابات.

وبحصول هذا التحول انقلبت الاية وتغيرت قواعد الحرب، فبعد ان كان العراق مضطرا لتبني ستراتيجية دفاعية ساكنة، او شبه ساكنة، نتيجة للتفوق المطلق الذي يمتلكه الاعداء المتحدين ضد العراق في مجال الحرب النظامية، اصبح العراق هو المبادر بالهجوم بعد تبني ستراتيجية حرب الشعب. لقد تم تحييد اغلب عوامل التفوق لدى الاعداء المتحدين واصبح العامل الحاسم في حرب غزو العراق هو العامل البشري وليس التفوق في السلاح او التكنولوجيا او المال، لانها حرب لا مواجهة شاملة فيها ولا قتال ثابت في مكانه وزمانه، بل تقوم على هجمات مباغتة وسريعة ومحدودة طبقا لقواعد حرب العصابات، يكبد الاحتلال فيها خسائر كبيرة متواصلة، يشكل تواصلها وتوسعها العامل الحاسم في استنزاف الاحتلال وقلب الميزان الذي يتحكم بالحرب واهدافها وهو ميزان الخسارة والربح.

وما ان مر عام على الغزو حتى ثبت للغزاة وللعالم كله بان المقاومة الوطنية العراقية المسلحة قد وضعت امريكا في اخطر مأزق واجهته في تأريخها كله، وان وعد الشهيد صدام حسين بجعل الغزاة ينتحرون عند اسوار بغداد قد تحقق بالكامل.


أيتها الاخوات

أيها الاخوة :

مما لاشك فيه ان المقاومة العراقية قد احدثت انقلابا ستراتيجيا خطيرا في موازين القوى الاقليمية، ادى الى انكشاف امريكا ستراتيجيا امام الكثير من القوى الدولية والاقليمية، التي تجرأت واخذت تتحدى امريكا نتيجة تورطها في مستنقع مميت في العراق، بعد ان كانت تلك القوى تخشى امريكا وتتجنب استفزازها وتتحمل تجاوزاتها قبل غزو العراق. وبفضل التفوق العظيم للمقاومة العراقية المسلحة وجدت امريكا نفسها مضطرة لتجميد مخططها التوسعي الاستعماري لاقامة امبراطورية عالمية بزعامتها واصبح همها الاول هو كيفية معالجة ورطتها في العراق. وهنا يجب ان نسلط الضوء على عدة حقائق بارزة تم تغييبها عمدا :

اول حقيقة هي ان المقاومة الشعبية المسلحة لم تبدأ كما يظن الكثيرون يوم 9 – 4 – 2003 حينما احتلت قوات الغزو بغداد، بل هي ابتدأت منذ اليوم الاول لدخول الغزاة ارض جنوب العراق. ان المقاومة المسلحة في ام قصر مثلا كانت في جوهرها حرب عصابات اكثر مما كانت حربا نظامية، قاتلت فيها الجماهير المسلحة والقوات العسكرية النظامية وفقا لاساليب حرب العصابات وتمكنت من صد الغزاة وتعطيل احتلالهم للمدينة حوالي ثلاثة اسابيع مع انها مدينة صغيرة جدا.

ثاني حقيقة هي ان النظام الوطني دمج في مواجهته للغزو بين شكليبن من الحرب : الحرب النظامية التي خاضتها القوات المسلحة العراقية الباسلة، وحرب عصابات خاضتها الجماهير المنظمة والمسلحة كفدائيي صدام ومناضلوا البعث والمتطوعين العرب، اضافة للمجاميع العسكرية التي حولت الى حرب العصابات. لقد واجه الاحتلال مقاومة شرسة من القوات المسلحة ومن مقاتلي حرب العصابات، وتلك حقيقة اعترف بها الكثير من جنرالات ومسئولي العدو.

ثالث حقيقة هي ان الاستشهاديين الاوائل كانوا من مناضلي البعث، وليس من الاسلامويين الذين لم يكونوا قد اشتركوا بعد في المقاومة المسلحة، وللدقة والتحديد الاوضح من مناضلات البعث، فكلنا نتذكر العملية الاستشهادية للشهيدة نوشة الشمري ورفيقتها وداد اللتان فجرتا نفسيهما الطاهرتين وسط قوات الاحتلال الامريكي قبل احتلال بغداد.

رابع حقيقة هي ان المقاومة الاساسية والاولى، التي انطلقت على نطاق واسع في يوم 9 – 4 – 2003، وهو يوم احتلال بغداد والتحول من حرب نظامية مقترنة بحرب عصابات الى حرب عصابات كاملة، كانت بالاساس مقاومة وطنية اطلقها الشهيد صدام حسين وقادها معتمدا على الاف المقاتلين البعثيين، اضافة الى عدد رمزي من المتطوعين العرب. ان معارك بغداد ومحيطها ومقترباتها منذ يوم 5 – 4 – 2003، وفي مقدمتها معارك المطار الشهيرة، وليس معركة المطار، كانت اساسا حرب عصابات قاد بعضها الشهيد صدام حسين شخصيا. ولذلك، وللتاريخ يجب ان نذكر ونذكّر بان المقاومة المسلحة كانت في بدايتها تعتمد على مناضلي البعث، ثم بدأت بعد الغزو بفترات مختلفة، تظهر منظمات غير بعثية مختلفة تتشكل من مقاتلين من القوات المسلحة ومن الثمانية ملايين عراقي الذين دربهم البعث على القتال قبل الغزو. وبفضل هذه الحقيقة كانت من اهم مميزات حرب العصابات في العراق ميزة انها ابتدأت بمعارك عديدة وضخمة ومتزامنة وقعت في مدن عراقية احتلت وشارك في القتال الاف المقاتلين العراقيين، في حين ان حروب العصابات المعروفة كانت تبدأ بمعارك صغيرة ومحدودة وبمشاركة افراد محدودين جدا قد لا يتجاوز عددهم اصابع اليدين.

خامس حقيقة هي ان قوات الاحتلال عدت هدف اجتثاث البعث في مقدمة اهدافها بعد الغزو، وكان اهم ما في الاجتثاث أسر او اغتيال قائد البعث الرئيس الشهيد صدام حسين. لقد تعرض البعث لعمليات أبادة جماعية لم يتعرض لها اي حزب عربي على الاطلاق ذهب ضحيتها الالاف من مناضلي الحزب، اضافة لاسر واعتقال عشرات الالاف من مناضلي البعث وتشريد مئات الالاف من البعثيين. ونستطيع الجزم في ضوء ما وقع فعلا بان حملة أجتثاث البعث، على صعيد الابادة الجسدية للبعثيين او على صعيد الشيطنة الاعلامية لهم، كانت هي الاخطر والاشمل في التاريخ الانساني لدرجة ان الحملات ضد ستالين وهتلر وغيرهما تبدو بسيطة ومحدودة مقارنة بما حصل ويحصل ضد البعث.

ان الهدف الرئيس لتلك الحملة الشيطانية على البعث كان شله والقضاء على مقاومته المسلحة للغزو، لانه الحزب الوحيد المتمرس في شؤون الحرب والبناء وادارة الدولة، من جهة، كما انه حزب عقائدي ينفرد بتمثيله لكافة العراقيين بمختلف مكوناتهم، بعكس بقية التنظيمات، الوطنية والتابعة للاحتلال، التي لا يمثل كل منها الا شريحة محددة من العراقيين وليس كلهم، بفضل الفكر والانتماء والالتزام القومي للحزب، من جهة ثانية، لذلك فان اجتثاث البعث يعني ويساوي التخلص من عروبة العراق وتقسيمه.

ونتيجة للحقيقة الخامسة هذه نجح الاحتلال في تمهيد الارضية المناسبة لتعدد الفصائل المقاتلة للاحتلال معتقدا ان ذلك سيمكنه من شقها وشرذمتها واحتواءها. لكن البعث، ورغم ما تعرض له من ابادة جماعية وتشويه لصورته، نجح في المحافظة على دوره بصفته القوة الاساسية والام في العراق، على الصعيدين العسكري والسياسي، وهكذا بقيت المقاومة المسلحة ممثلة لكافة ابناء العراق وليس لجزء منه كما اراد الاحتلال.

أيتها الاخوات

أيها الاخوة :

في ضوء الملاحظات الخمسة المذكورة نستطيع ان نفهم لم اصر الاحتلال على اغتيال الشهيد صدام حسين، فهو مهندس ستراتيجية المقاومة المسلحة ومن اعد مقوماتها العسكرية والمادية وهو من زرع ثقافة المقاومة الشعبية ضد الغزاة، وهو من اطلقها بعد الغزو، وهو من قادها بنفسه قبل اسره، وهو من اصبح ملهمها بعد اسره، وهو من تحول الى رمزها وعنوان قوتها وصمودها وبطولتها بعد اغتياله. لذلك فان الاستشهاد جاء ليؤكد ما يلي :

1 – ان البعث هو اولا وقبل كل شيء حزب جهاد واستشهاد، اذ لم يقدم حزب او تنظيم في العراق، خصوصا وفي الوطن العربي عموما، شهداء بقدر شهداء البعث، خصوصا بعد غزو العراق.

2 – ان استشهادية وجهادية البعث لم تقتصر على قواعده وكوادره الوسطى بل شملت القادة الكبار، فالشهيد صدام حسين والشهيد طه ياسين رمضان هما من بين اعلى القادة، والشهيدين برزان التكريتي وعواد البندر السعدون من بين شهداء الكادر الوسطي. وهذه الظاهرة غير مسبوقة في التاريخ العربي الحديث.

3 – ان استهداف صدام حسين والبعث من قبل الغرب الاستعماري والصهيونية وايران سببه رفض البعث المساومة على المبادئ وتمسكه بالسياسات الوطنية والقومية، وفي مقدمتها فلسطين واستقلال وسيادة وعروبة العراق، وبمبادئ العدالة الاجتماعية، وفي مقدمتها ابقاء النفط وغيره من ثروات العرب ملكا للشعب العربي وتسخيره لازالة الفقر والامية والامراض المستوطنة وتحقيق تقدم علمي تكنولوجي. ولو كان البعث وقيادته وعلى راسها الشهيد صدام حسين قد قبل بعقد صفقات او مساومات، بالاخص حول فلسطين والنفط، قبل الغزو وبعده، لما تعرض البعث، قواعد وقيادات، لعمليات الابادة الجماعية ولما اسقطت سلطته الوطنية.

4 – قدم البعث انموذجا نادرا، وربما فريدا، في التاريخ الانساني، جسد البطولة والاعتزاز بالوطن والوطنية وقيم السماء والتمسك التام بها، فلم يسقط او يرتد قائد واحد، ولم يرهب الموت احدا منهم، بل ساروا باختيارهم الحر نحو الاستشهاد باسمين راضين بما كتبه الله لهم من مصير مشرف.

ان العالم كله سيبقى لقرون طويلة يتذكر صدام حسين وهو يتقدم نحو الموت باسما بصدق المؤمنين، وهو يردد (عاشت فلسطين حرة عربية) قبل لفظ الشهادتين. كما ان العرب سيبقون جيلا بعد جيل يتذكرون نقاء قادة البعث ورموز البعث الذين اختاروا الاستشهاد ورفضوا التراجع والخيانة والردة.

5 – هذه الحقائق لم تصنع قاعدة فولاذية صلبة تستند عليها معنويات الشعب العربي فقط بل هي ايضا، وقبل كل شيء، حسمت الى الابد مسألة هوية البعث، من خلال التاكيد القاطع والحاسم بانه الحزب القومي والوطني الاعظم والاكبر والاقوى تمسكا بوحدة الامة العربية وبحقوقها في الارض والثروة، وبهويتها القومية وبقواعد العدالة الاجتماعية. نعم لقد قدم استشهاد صدام حسين دفعة عظيمة لكافة مناضلي الحزب ولكل الوطنيين العرب ولاحرار العالم، جعلتهم يعززون مواقفهم ضد الاستعمار والغزو والعدوان والظلم.

6 – ان توقيت استشهاد صدام حسين وتقديمه ملحمة نادرة هزت العالم كله، اعجابا ورهبة، له اهمية كبيرة، ففي الوقت الذي انحنى وركع اغلب قادة العالم واحزابه لامريكا، وفي الوقت الذي غيرت فيه الذئاب والاسود والضباع والغزلان جلودها واسماءها والوانها برز صدام حسين باسمه الحقيقي وبهويته العروبية، وبمبادئه وقيمه السامية ليتحدى امريكا وهو في السلطة، ويواصل تحديها ويهدد بهزيمتها هو يقود المقاومة المسلحة بعد الغزو. يقينا ان اخطر ما تعرضت له امريكا، وهي تحتفل بعرس اعلان ولادة امبراطوريتها الاكثر شرا في تاريخ الامبراطوريات، وسيطرتها على العالم وتأكدها من انها قد ازالت كافة معوقات هذه السيطرة، هو المقاومة العراقية المسلحة الباسلة، والتي مرغت انف امريكا في اوحال الهزيمة في العراق، واوقفت تعاقب حلقات مسلسل أقامة استعمار عالمي جديد يشمل الكرة الارضية كلها بلا منازع.

7 - ان من المستحيل ان نكون موضوعيين وصادقين اذا فصلنا ملحمة المقاومة العراقية المسلحة والسياسية في الثلاثة عشر سنة التي سبقت الغزو في عام 2003 عن المقاومة بعد الغزو، وسوف نهين الشعب العراقي، الذي ضحى بابناءه وامنه وامتيازاته المادية وتعرض لظلم فاضح على يد اعداء العراق اذا فعلنا ذلك. ان المقاومة العراقية المسلحة التي تفجرت بعد الغزو هي امتداد طبيعي للمقاومة العراقية الشاملة التي انطلقت في عام 1991، وهي تتويج مشرف لها، بغض النظر عن الانتماءات المختلفة لفصائلها بعد الغزو، لان قوتها الضاربة هي من نخب القوات المسلحة العراقية الوطنية ومن الثمانية ملايين عراقي الذين دربهم البعث وصدام حسين على القتال خلال عقود طويلة وزرع فيهم ثقافة المقاومة المسلحة للاحتلال، وزودهم بالسلاح والعتاد.

أيتها الاخوات

ايها الاخوة :

اليوم وبعد خمسة سنوات على الاحتلال تبدو المقاومة العراقية المسلحة في انضج حالاتها وفي وضع هجومي حافظت عليه رغم كل محاولات الشرذمة وتمزيق الصفوف، والاغراءات المالية وعمليات الابادة والقتل للمقاومين ولابناء الشعب الذين يشكلون مصدر قوة واستمرارية المقاومة. وفي قلب صورة المقاومة العراقية، بكافة فصائلها، نجد ان رمزها الاعظم، المجسد لنقاوتها وتمسكها بالمبادئ وبمشروعية التحرير وطرد الغزاة ورفض الانحناء لهم، هو الشهيد صدام حسين، اذ لم يشهد العراق المقاوم رمزا للمقاومة وعظمة صمودها ورفضها الانحناء اوضح وارقى من صورة صدام حسين وهو يعتلي سلم الموت ليستشهد من اجل عراق متحرر عربي الهوية وانساني الانتماء.

لقد تعلمت الفصائل الجهادية الكثير من دروس مرحلة ما بعد الغزو، ولهذا توحدت في جبهات ثلاث بدل العمل المنفرد لاكثر من 60 فصيل، وتلك خطوة ايجابية نحو الامام نعمل على ان تتحول الى جبهة واحدة لكافة مقاومي الاحتلال الامريكي الايراني للعراق. ويجب ان نؤكد هنا بانه لا سبيل لتحرير العراق الا بوحدة الفصائل الاساسية للمقاومة، ولا ضمانة لاستقرار عراق مابعد التحرير الا بوحدة كافة القوى الوطنية العراقية وفي مقدمتها المقاومة المسلحة، وقيام حكم ائتلافي يمثل كافة القوى الوطنية العراقية ويعتمد الديمقراطية اساسا لتحديد من يحكم العراق المحرر.

اننا اذ نعيد تأكيد كل ما تقدم من ملاحظات وحقائق فلاننا ندرك بعمق بان الثورة العراقية المسلحة قد دخلت مرحلة الحسم ودحر الاحتلال نهائيا، لذلك لا يجوز ان تبقى الصورة العامة للعراق المحتل، بقواه الفاعلة، غامضة او مشوشة لدى البعض، بل يجب ان نبقى جميعا متمسكين بام الحقائق وهي ان المقاومة المسلحة التي اعد لها وفجرها وقادها الشهيد صدام حسين ملك لكل العراقيين الرافضين للاحتلال، ولا يحق لاحد مهما كانت صفته ان يحتكرها لنفسه او لتنظيمه. وتشتق من تلك الحقيقة حقيقة اخرى وهي ان تغليب هدف وحدة العراقيين هو الشرط المسبق للانتصار على الاحتلال، وتلك كانت من بين اهم وصايا القائد الشهيد صدام حسين قبل اغتياله.

- المجد والخلود للشهيد الحي وسيد شهداء العصر صدام حسين.

- عاشت مبادئ صدام حسيين التي استشهد من اجلها.

- عاشت الثورة العراقية المسلحة.

- عاشت فلسطين حرة عربية.

- عاشت المقاومة العراقية المسلحة الممثل الشرعي والوحيد لشعب العراق.

- العار للاستعمارين الامريكي والايراني.

- النصر او النصر ولا شيء غير النصر.

Salah_almukhtar@gawab.com




ليست هناك تعليقات: