2008/05/10

بيان الوحدويون الناصريون بتونس الصادر في 18/10/2007 بمناسبة ذكرى 18 أكتوبر


بسم الله الرحمان الرحيم

تونس في 18/ 10 /2007

بــــيـــــــــــــان

"إن الشعوب التي تساوم المستعمر على حريتها توقع في ذات الوقت وثيقة عبوديتها"

جمال عبد الناصر

تحل اليوم الذكرى الثانية لانطلاق حركة 18 أكتوبر 2005،ولم يعد خافيا على جماهير شعبنا حجم الحراك الذي أحدثته في الجهات والقطاعات حيث تكونت اللجان الوطنية والجهوية والقطاعية المتبنية لحرية التنظيم الحزبي والجمعياتي، وحرية التعبير والصحافة، وإطلاق سراح المساجين السياسيين، و العفو التشريعي العام لإعادة الاعتبار إلى كل المناضلين من مختلف القوى السياسية ولكشف حقيقة الماسي التي لحقت بهم جراء عهود الظلم المتعاقبة منذ خمسينات القرن الماضي. وقد إلتحمت هذه الحركة بالقضايا القومية حيث وقع التصدي لدعوة الإرهابي "شارون" لزيارة تونس خلال قمة مجتمع المعلومات وبذلك تأكد أن معركة الحريات لا تنفصل على المعارك القومية بل كان من أبرز شعارات هذه الحركة " حرية الوطن من حرية المواطن ولا حرية لمواطن بلا حرية للوطن" .

وقد عملت هذه الحركة على تذليل جزء من الفجوة القائمة بين النخب السياسية وعموم الشعب وأسهمت في إعادة الدفء والنشاط للحركة الطلابية حيث سجلت الجامعات تحركات مكثفة ،كما لقيت الحركة مساندة كبيرة في المهاجر حيث تكونت لجان مساندة لها مما جعل المهاجرين يهتمون أكثر بقضايا القطر .

و كشفت حركة 18 أكتوبر خلال قمة المعلومات المنعقدة بتونس عن الواقع المرير والمتردي الّّذي يعيشه القطر على جميع المستويات والذي عكسه الحضور المتدني للمسئولين الرسميين لعديد الدول خلال هذه القمة وتحولها إلى أزمة دبلوماسية مع بعضها عمقتها حالة الإرباك التي عاشها النظام ومنعه للقمة الموازية التي أرادت منظمات المجتمع المدني في العالم عقدها .

وبذلك تكون حركة 18أكتوبر كحركة احتجاجية قد حققت أهدافها الأولى بإخراج الحركة السياسية من عزلتها وكسر حاجز الخوف والسلبية وأوقعت السلطة في عزلة كبيرة داخليا وخارجيا، في المقابل اكتسبت هذه الحركة تعاطفا شعبيا وإعلاميا في الداخل والخارج .

وعلى عكس ما يروج النظام السياسي في تونس بأن هذه الحركة جمعت مجموعات من اليمين واليسار فان هذه الحركة كانت التقاء بين الناصريين والإسلاميين والماركسيين والليبراليين وعددا كبيرا من المثقفين والفنانين والنقابيين وهي الحقيقة المحرجة للسلطة والتي تعمل على طمسها.

إن الوحدويين الناصريين بتونس وباعتبارهم من الفعاليات الرئيسية لحركة 18 أكتوبر، فقد جاء إنخراطهم فيها ترجمة لإيمانهم بايجابية الحركة في التمهيد لإحداث تغيير حقيقي في تونس يقطع مع سنوات الانغلاق والاستبداد ويؤهل البلاد للقيام بدورها الطبيعي في محيطها العربي . ولذلك فهم يؤكدون على الثوابت الآتية :

1-إن الحقوق الأولية للإنسان كحق التعبير وحق الشكوى وإبداء الرأي هي قيم عليا فوق أي نص دستوري أو قانوني أو ميثاق عالمي أو محلي .

2-من مسؤوليات الدولة توفير الحماية الاقتصادية لجماهير شعبنا في تونس ليمارس المواطن دوره بعيدا عن القهر الاقتصادي وبما يضمن قدرته على إبداء رأيه بكل حرية.

3- إعتبار حق المواطنة حقا مقدسا لجميع المواطنين وعلى الدولة توفير كل الضمانات القانونية بما يجعل هذا الحق واقعا لا حبرا على ورق .

4-إن للإعلام وظيفة اجتماعية وهذا يستدعي تحرير وسائل الإعلام والنشر من إذاعة وتلفزيون وغيرها من سيطرة السلطة بحيث تصبح ذات بعد وطني ملتزمة بالقيم المدنية والدينية والاجتماعية والثقافية ومتاحة للتيارات الفكرية والقوى السياسية وبالتالي لا بد من إصدار قانون جديد ينظم الصحافة ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة بما يلغي كل القيود عليها ويحقق الاستخدام العادل لوسائل الإعلام الوطنية من قبل جميع القوى والتيارات السياسية .

5- يجددون التذكير بمبدأ حيادية السلطة القضائية والأجهزة الأمنية وعدم توظيفها في المعارك السياسية .

6- يؤكدون على هوية تونس العربية والإسلامية باعتبارها جزء لا يتجزأ من الأمة العربية وان الوحدة العربية غاية تبذل كل الإمكانيات لتحقيقها وذلك من خلال ترجمة هده القاعدة في تشريعات دستورية وقانونية .

7- إن من مسؤوليات النظام التونسي الوقوف إلى جانب أهلنا في العراق وفلسطين في مقاومة الاحتلال وتأكيد دور تونس في المقاطعة العربية للدوائر المعادية للمصالح العربية ورفض كل مظاهر التطبيع مع العدو الصهيوني .

8- يدعوا الوحدويون الناصريون بتونس إلى ضرورة اعتماد أسلوب الحوار بين جميع القوى والفئات الاجتماعية والسياسية بحثا عن الحلول المناسبة للاستحقاقات الوطنية والقومية التي تواجهها الأمة و للوصول إلى قواسم مشتركة بين كل القوى التي تحمل الهم القطري والقومي، كل ذلك لتكوين جبهة وطنية عريضة تحمل مشروعا نهضويا عربيا يتجه نحو تحقيق الوحدة العربية والتنمية والتقدم والرفاه وتحصين الأمن القومي العربي .

وإنطلاقا من هذه الثوابت فإن الوحدويين الناصريين بتونس يعملون على تحقيق إجماع وطني حولها وجاء إنخراطهم الفعال في حركة 18أكتوبر وتكوين هيئتها العليا، كل ذلك من أجل ميثاق حقيقي للعمل الوطني يجمع أوسع ما يمكن من الفعالياتـ، على الرغم من الظروف التي يمر بها القطر، وضبابية أفق التغيير الديمقراطي، بحكم تمسك النظام بفكرة الحزب الواحد وهيمنة الأجهزة الأمنية على الدولة والمجتمع .ولذلك فإننا لا نريد أن نحمل هذه الحركة أكثر مما تتحمل ولكن ندعو كل الّذين انخرطوا فيها وساندوها إلى التمسك بها وتطويرها حتى تستطيع مواجهة سعي السلطة الحثيث للعودة إلى واقع ما قبل 18 أكتوبر 2005 وهذا يستوجب منا قدرا من المسؤولية الجماعية مع التمسك بالمرونة والحوار أسلوبا لان الاختلاف بين مكونات الحركة حقيقة لا يمكن إنكارها كما أن التخلي عن مكاسب الحركة ردة يجب أن لا تقع ولإحداث النقلة المطلوبة على الجميع أن يتمسك بمنبر الحوار المنبثق عن الهيئة العليا وتطويره للتفكير في المستقبل وبناء العهد الديمقراطي بين مكونات المعارضة السياسية في تونس .

إن الوحدويين الناصريين بتونس يعلنون تمسكهم بحركة 18 أكتوبر التي عملت على خلق فعاليات ضغط مجتمعي سلمي وإستخدمت أساليب الاحتجاج الحضاري وعملت على الإلتحام بالجماهير على الرغم من كل الصعوبات التي واجهتها. ويحملون السلطة السياسية مسؤولية ما آل إليه الوضع بالقطر على جميع المستويات وما يمكن أن تؤول إليه الأمور جراء أسلوب التهميش والتعتيم الذي تعتمده والذي كشفته الإعتداءات المستمرة على المعارضة السياسية ومقراتها ومنابرها إضافة إلى كارثة الفيضانات الأخيرة التي اجتاحت تونس العاصمة وما رافقها من غموض ، ،والسكوت الرسمي على أوضاع المهاجرين المتردية في فرنسا خاصة، زيادة على الإرتفاع المخيف لمحاولات الهجرة السرية إلى أوروبا هربا من جحيم البطالة والفقر، بالإضافة إلى مواصلة السلطة إستهداف العمل النقابـــــي و ضرب الحريات النقابية واستفحال ظاهرة الطرد التعسفي.

كما يحذر الوحدويون الناصريون بتونس من خطورة التساهل مع القوى الامبريالية ومحاولات التطبيع مع العدو الصهيوني وذلك بتمرير مشروع" الشرق الأوسط الكبير" تحت تسميات مخادعة . و يذكرون، أن جماهير شعبنا قد تعلمت من تجاربها المريرة أن تقاوم استبداد أنظمتها بنفس الهمة والعزم الذّي تقاوم به المحتل الأجنبي وأن أي التباس في الموقف أو أي تساهل مع أحد الطرفين ضد الآخر مهما كانت الدوافع والمبررات لا يمكن أن يؤول إلا إلى إعادة إنتاج الأنظمة الفاسدة أو الإنخراط في المشاريع الإستعمارية المعادية فالتغيير الحقيقي لا يمكن أن يكون إلا إعتمادا على القدرات الذاتية لأن الأيادي الملطخة بدماء أهلنا في العراق وفلسطين لا يمكن أن تمتد لتفرض الديمقراطية وتحمي حقوق الإنسان في تونس لأنّها مسؤولة عن حماية الأنظمة المستبدة في الوطن العربي وهي جزء من مشكلاتنا وليست جزءا من الحل .ونناشد الضمائر الحية من القوى الداعمة لقضايانا والمناهضة للإستعمار والصهيونية في الدول الغربية نفسها أن تضغط على حكوماتها حتى ترفع أيديها عن أنظمة الاستبداد وتكف عن رعاية الفساد حتى تتمكن المعارضة السياسية من تحقيق مطالبها المشروعة .

ليسقط الإستبداد والإستعمار والإستغلال والتجزئة .

الوحدويون الناصريون بتونس


ليست هناك تعليقات: