2008/05/11

النكبة عام 1948.... والنكبات اليومية الحالية


بقلم المهندس/ حاتم أبو شعبان

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

11 مايو/‏2008‏‏

hatimabushabangaza@hotmail.com

تعود الشعب الفلسطيني إحياء ذكرى النكبة التي لحقت بالشعب الفلسطيني عام 1948 سنوياً في الخامس عشر من شهر مايو، وهو اليوم الذي أعلنت الجماعات اليهودية الإرهابية قيام ما أسمته في ذلك الحين بدولة إسرائيل على الأرض التي بقيت بحوزتهم والتي تقارب نسبة 78% من أرض فلسطين التاريخية، وذلك بعد هزيمة كافة الجيوش العربية، وانسحاب هذه الجيوش، وتمكنت بعدها هذه الجماعات من إجبار الغالبية العظمى من أبناء الشعب الفلسطيني في ذلك الوقت وبما يقارب المليون نسمة على الهجرة من أوطانهم ومدنهم وقراهم إلى الدول المجاورة لفلسطين، وإلى الضفة الغربية التي بقيت بعد الحرب تحت الحكم الأردني، والتي تم فيما بعد اعلان ضمها ووحدتها مع الأردن إلى أن تم احتلالها من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي في حرب نكسة حزيران عام 1967، وإلى قطاع غزة الذي بقي بعد الحرب تحت حكم الإدارة المصرية كوديعة فلسطينية إلى أن تم احتلاله من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي في حرب نكسة حزيران عام 1967.

لقد كان هناك قناعة تامة لدى كافة اللاجئين الفلسطينيين الذين هاجروا من أوطانهم بالقوة وهروباً من المجازر الجماعية وجرائم القتل الجماعي بدم بارد التي ارتكبتها الجماعات اليهودية الإرهابية في فلسطين، بأنهم سيعودون إلى بيوتهم خلال عدة أيام قليلة بعد هدوء الوضع في فلسطين وتدخل الجهات الدولية والعربية والعالم أجمع لوقف هذه المجازر، حيث سيتمكن حينها اللاجئين من العودة إلى ديارهم.

لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، لأن المؤامرة كانت أكبر بكثير من توقعات الجميع، وبقي اللاجئون الفلسطينيون مشردين في أرض الشتات يقطن معظمهم في الخيام والمعسكرات ويعيشون على مساعدات وكالة هيئة الأمم المتحدة UNRWA.

من المؤسف والمحزن أن القضية الفلسطينية منذ النكبة والهجرة عام 1948 وحتى يومنا هذا مرت بمراحل عديدة، كانت في معظمها تراجعات وتنازلات وارهاصات أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن، وإلى الانقسام الداخلي الحاد الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الشعب الفلسطيني والذي أضحى بالقضية الفلسطينية على الساحة الدولية والعربية ضرراً كبيراً وقاتلاً، حيث أصبحنا نستجدي الدولة العبرية للقبول بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة بما يعادل نسبة 22% من أرض فلسطين التاريخية، ولكن هذا الاستجداء يرفض من الدولة العبرية المدعومة من حليفتها الكبرى الولايات المتحدة الأمريكية، وترفض إزالة المغتصبات من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وتعلن بوقاحة عن ابقاء القدس الشرقية والغربية موحدة كعاصمة أبدية للدولة العبرية، وتقوم يومياً ببناء مغتصبات اضافية في القدس الشرقية، وتعمل على تهويدها، والقيام بأعمال الحفريات تحت المسجد الأقصى، وكما ترفض مجرد الحديث في قضية اللاجئين الفلسطينيين، بالرغم من كافة القرارات الدولية وأهمها القرار 194 الذي يعطيهم حق العودة والتعويض.

حتى عندما قررت الحكومة الإسرائيلية برئاسة شارون الانسحاب الاحادي الجانب من قطاع غزة، فيبدوا وأنها كانت تدرك وتتوقع مسبقاً ما سيئول إليه الوضع في القطاع بعد هذا الإنسحاب الكامل.

ومن المؤسف والمحزن أننا حققنا لشارون وحكومته نبوءاتهم التي توقعوها، والتي مختصرها أن الفلسطينيين سيحققوا لإسرائيل ما لم تستطيع اسرائيل تحقيقه بالحروب والقتل والمجازر.

لا نريد الخوض بتفاصيل هذه التنبؤات والتوقعات والأحداث المؤسفة التي جرت منذ الانسحاب الاسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة وما زالت تجري وحتى الآن، ومن المسؤول عن هذه الأحداث ومن المتسبب بها ومن الذي قام بها فكلُ له اجتهاده واتهاماته للآخر، ولكن يكفينا القول أننا حققنا للدولة العبرية انجازات كبيرة لها، وحققنا لشعبنا الفلسطيني نكبات يومية، لا تقل كل نكبة في مآسيها واجرامها بحق الشعب الفلسطيني عن نكبة عام 1948.

إن الفارق الوحيد بين نكبة عام 1948 والنكبات اليومية الحالية عامي 2007،2008، هو أن نكبة عام 1948 وما بعدها، وقف المجتمع الدولي والعالم أجمع بكامله مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتلقى الدعم المعنوي والمالي والإنساني من كافة قوى التحرر العالمية، وكذلك الدعم العسكري والقومي من كافة الدول العربية شعوباً وحكومات، وكان كل فلسطيني يتباهى بجنسيته الفلسطينية، ووسام شرف له، أما النكبات الحالية والتي ما زالت تجري بصورة مستمرة ويومياً حتى الآن، فإن لا أحد يهتم بما يجري، ووصل الشعب الفلسطيني إلى حافة الإنهيار التام ووصلت القضية الفلسطينية إلى الحضيض وأصبحت الثوابت الأساسية هي المحروقات والكهرباء وفتح المعابر، وأصبح العالم ينظر إلينا نظرة اللامبالاة، وهناك من ينظر إلينا بنظرة الشماتة، وترديد عبارة باللغة العامية – الله لا يجعلهم يردوا- طالما أنهم منقسمون على أنفسهم، ويقتلون بعضهم البعض بهذه القساوة والإجرام.

والسؤال الهام والأخير هو: إلى متى سنبقى كالنعامة التي تدفن رأسها بالرمال ولا تدري ما يجرى فوقها على سطح الأرض.

إنتهى

ليست هناك تعليقات: