2008/10/31

ما بين مؤمن وكافر تعتصرُ الآهات



لم تكن الشمس قد أطلت برأسها بعد، كان الظلام ينحصر والفجر يتململ منتظرا شمسه التي تمنحه الحياة، الكل سيودع السكون بعد قليل، ألمَّا تنتظري؟ فلربما كنتُ مهيئا أكثر لمعانقتك، كيف تقضين مضجعي هكذا؟ ألا تخشين رقيبا؟ الرقيب هذه المرة ليس كما تتصورين، إنه الصبا بكل ما يحمله من رحيق الذاكرة، الذي احلم بأن يعود ليلبسني ثوب الحياة من جديد، أجل أنت صباي، وأنت أغنية الشباب التي تداعب خاطري، علي أن أودع أحزاني أو أضعها جانبا كي استقبل طيفك الذي حطم أسطورة الموت، ها نحن نجتمع، ها نحن نتعانق، شفتاك ما ذبلت رغم القبلات، ونسيم النهد برونقه كم يطفئ حر والآهات، ولكن هل كان لقاء أم شرود ذهن أم دمعة خيال؟

لم تموتي؛ فأنت تتربعين على كل خيالي، وإنْ غضب القدر فهذا شأنه، أما أنا فأقسم أنني ما استنشقتُ هواء بعدكِ إلَّاكِ، وإنْ قبَّلتُ شفاها أخرى غير شفتيكِ وإن عانقتُ ألف امرأةٍ أخرى فأنت بين يدي ما بقيت نرجسةٌ تنبتُ فوق صخرةٍ يعانق نسيمها عبير زهرة ليمون تتفتح.

الطيف يصنع ما لا يصنع يا حبيبتي، بالأمس أتيتُ القبر خجلا من دمعاتي، كانت ليلة تعصف بهواء قارص وكان طيفك قد حملها لي؛ لتطفئ حرا كاد يحرقني. ما بكيت إلَّاكِ، ولم أشرب هذه الليلة خمرة؛ لأنك كنت دائما تدفعيني لتركها، وما لبست كوفية؛ لأنك أردتي مني ذلك، لقد أتيتك كما ترغبين مختلسا وفي الليل البهيم، ولم يرني أحد، أو تذكرين عندما تقابلنا والخوف يلفنا بخفقات قلب تروي مدى تعلقنا ببعض؟ ها أنذا خائف تماما كما لو كنا سنتقابل من جديد، حتى القبر لم أستطع زيارته نهارا.

يا أيتها السماء الجائرة المجردة من كل المشاعر، بل ويا أيتها العادات السوداء، لن يلف الصمت والخوف قلبي بعد اليوم، نفذ صبري، أحبها أحبها ولتحكم محكمتكم ولتجرمني؛ فأنا متمرد ومرتد في حكمكم، خذوا لحمي لتحرقوه، خذوا جسدي لتقتلوه، لكن لن تأخذوا قلمي وخيالي، لن تملكوا قلبي لتسيِّروه. من يقتل حبا ليحيي بغضا، ثم يدعي أن الله أراد ذلك، أي إله هذا الذي يصنع بغضا؟؟ هل عبد الأجداد إلاها للشر حتى تعبدوه؟ من يعبد إله الشر فقد كفر بإله الحب، إذن فهو كافر، ومن يؤمن بأفكاركم فقد كفر بأفكار غيركم؛ إذن فهو كافر، وانتم كفرة، فهل سنظل ندور في هذه الحلقة أيها المتخلفون؟؟؟

ما بين مؤمن وكافر هناك تعتصر الآهات، هناك الكثير الكثير من الكلمات، فماذا تسمونها؟ هل الفكرة تكفر؟ أوَتُكَفِرُ صاحبها!!!؟ إذن فلتحاكموا الأفكار والعقول وصانعها، ولتكمموا الأفواه كما تشاؤون، ولكن انتبهوا فأنا أول الكافرين والثائرين، والسماء ثائرة مثلي عندما تمطر بعد كل صيف، والزهرة أيضا عندما ترتدي حلَّتها الربيعية.

وأخيرا أجدد العهد يا حبيبتي ولن تموتي فأنا أحبك رغم الموت، وما زلت ثائرا على التخلف والجهل والشر وكل من يحرم الحب أن ينمو ويعم البسيطة.

بقلم: خالد حجار

فلسطين



ليست هناك تعليقات: