2008/10/19

الصحون اللاقطة تحرر الأحوازيين !

عادل العابر*
المصدر : جريدة العرب اللندنية
تبث الحكومة الإيرانية فى تلفزيونها المحلى فى الأحواز برامج لمدة ساعة أو ساعتين باللغة العربية، وتتضمن هذه البرامج المسائل الشرعية من الفقه الشيعى الصفوى وحوارات عن الأسرة والمجتمع ولقاءات مع الشريحة الموالية للنظام التى استطاع ان يشترى ضمائرها، أو مع الأميين البسطاء الذين لا رؤية سياسية لديهم نتيجة الفقر المادى المدقع الذى ينتج ولا شك فقراً معنوياً منه ثقافى وسياسي.

ورداً على التفاعل الأخير الذى قامت به بعض القنوات الفضائية كـ قناة ANN الإخبارية مع القضية الأحوازية، فقد دعا تلفزيون إيران المحلى الذى يبث فى الأحواز بعض العرب المثقفين فى برنامج يسمى "حوار الأسبوع" يتكلمون من خلاله عن قضايا المجتمع الأحوازى وهو برنامج يعتقد الأحوازيون انه طرح قضايا كانت تعتبر حتى وقت قريب من المحظورات كـ "دور المرأة الأحوازية فى المجتمع".

والحقيقة ان الأخوة الذين فتحت لهم السلطة هذا البرنامج الأسبوعى ليسوا موالين للنظام، وقد برروا حضورهم فى تلفزيون إيران الذى يعتبره البعض انه حضور يرسخ جذور الاحتلال الإيرانى لقطرنا الأحواز ويعطيه الشرعية ذلك لان الحاضرين يتمتعون بصيت طيب فى المجتمع الأحوازي، برروه قائلين:

لقد غيبنا النظام عن شعبنا منذ انتفاضة 15 نيسان 2005 وهذه فرصة لنتكلم معه دون ان نمدح النظام الإيراني، وقد شكوا أكثر من مرة ان الحلقات التى يبثها التلفزيون ليست مباشرة وانما مسجلة ويحذف القائمون على التلفزيون بعض الجمل التى لا تعجبهم وهى التى قد توحى إلى القومية العربية أو الحق العربى فى الأحواز ضمنياً.

فهم يعتقدون ان الحضور فى الساحة من أى زاوية كانت هو أمر مهم، وان الغياب عن الشعب سيترك للنظام فرصاً يستطيع ان يقضى فيها على شعبنا بسهولة.

ولا ننسى ان المتابعين لهذه البرامج قليلون جداً حيث ان الفضائيات العربية قد أغنت الشعب الأحوازى من متابعة محطات إيران الفارسية والعربية وشكراً لله.

والجدير بالذكر ان الستلايت دخلت جميع بيوت الأحوازيين وان النظام الإيرانى لا يصعب الأمور كما كان فى السابق على من امتلكها، ولو انك صعدت سطح البيت لرأيت الصحون اللاقطة على جميع السطوح فاتحة أفواهها تلتقط الأمواج ودون ان تستر أو تغطى كما فى السابق.

وهذه فرصة من ذهب للاحزاب الأحوازية فى خارج البلاد كى تبث تلفزيوناً على قمر نيل سات، فلو فعلت "وأدرى انها مهمة صعبة جداً" لغطى إعلامها جميع الأسر الأحوازية.
وبالنسبة للسؤال الذى يطرح على الساحة العربية دائماً وهو: ماذا يريد الشعب الأحوازى من نضاله ضد النظام الإيرانى بالتحديد؟ فنقول:

ان شعبنا بأكمله يحلم بالاستقلال التام من الحكومة الإيرانية، ويؤيد الأعمال النضالية والثورية بوجه الطغاة الفرس، ومعظم المثقفين والسياسيين الأحوازيين فى الداخل يلمحون بالعمل الثورى والنضالى أو يصرحون به.

وهناك فئات ثورية درست الواقع الأحوازى دراسة صحيحة وعلمت بان الاستقلال أمر صعب لا يدرك إلا بالتضحيات وقد تقبلت هذه التضحيات واختارت طريقها النضالي، وكونها تسير فى الطريق الصحيح جذبت معظم الشباب الثورى إلى نهجها، واعنى بالتضحيات هو السجن والإعدام والتشريد، ولا يعتبر هؤلاء المناضلون ان هذه التضحيات خسارة فى الصف الأحوازى كما يعتبرها البعض، بل هى ضريبة ضئيلة لغاية عظيمة ألا وهى الاستقلال.

ومنهج هؤلاء المناضلين يسير على إيديولوجية درست الواقع الأحوازى من عام 1925 ولحد الان وعرفت ان السير على خطوط تتقاطع والخط النضالى انما تؤخر قضيتنا الأحوازية بدل ان تقدمها. وقد اعتبرت من نضال الشعوب الأخرى كالشعب الجزائرى ان السبيل الوحيد للخلاص من قيود الاحتلال هو النضال بشتى طرقه ومنه الخروج إلى الشوارع، لا التعاون مع المحتل بحجة ان هذا التعاون يخدم شعبنا الأحوازي.

والصحيح ان التعاون مع المحتل وكسب بعض الامتيازات منه، ليس إلا محاولة فاشلة تخدم العدو أكثر من شعبنا، ودون أى شك انه يرسخ جذور احتلاله فى أرضنا ونحن نعترف به ونتعاون معه، فالعدو لا يخسر ان أعطيته عشرة وأخذت منه واحدة.

أى إن اشتركت فى الانتخابات الإيرانية، وسجلت فى قواه التعبوية "أى البسيج"، وخرجت فى مظاهراته ومسيراته الاستعراضية، وقرأت وكتبت بلغته، وأدنت النضال الأحوازى كى ترضيه، وقلدت الخامنائي، ودافعت عن برنامجه النووى فى الداخل، وعن سياساته التوسعية فى الخارج،وأجبرت أبناءك ان يتكلموا لغته فى البيت كى لا يشك انك لست موالياً له، واعتقدت بان القومية العربية شطر من الكفر،ثم بالمقابل يسمح لك ان تقيم أمسية شعرية! أو يعطيك صحيفة معظم صفحاتها فارسية! فلا شك انك الخاسر وهو الرابح.

وان هذه الفئة "واعنى الثورية" قد لا تؤمن بالحصول على الاستقلال فى ليلة وضحاها ولكنها تؤمن بان نهج النضال يجب ان يسير على خطه المستقيم لا على خطوط تقاطعه ولا حتى على خطوط توازيه، فإذا لم نحصل على ما نبتغيه ونجتهد من أجله عاجلاً، كنا قد قدمنا القضية إلى الأمام آجلاً ليسير أبناؤنا ما تبقى من الطريق إلى الاستقلال ولا يبدأون من الصفر ثانية.

ولا أريد ان أقدم أمثلة من المناضلين الذين سجنوا وأعدموا وهم سائرون على هذا المنهج الثورى علماً بانهم كانوا من حملة الشهادات العليا، والحقيقة ان معظم شهدائنا وسجنائنا هم من حملة الشهادات العليا وليسوا أميين تأثروا من بيت شعر حماسى أو نشيد ثورى ثم خرجوا إلى الشارع هاتفين بشعارات مناهضة للنظام.

ولا يتعارض نهج هؤلاء الأبطال الثوريين مع الفئات الأخرى كالفئة التنظيرية أو البرغماتية بل انهم يناضلون بشتى الطرق من جهة ويدعمون عوائل الشهداء والسجناء من صناديقهم التى تمول ذاتياً من جهة أخرى، كما ان لديهم برامج بعيدة المدى وهى فى الحقيقة استمرار لبرامجهم الحالية مع فارق فى الأساليب، وليس فى الهدف.. ولا يتعارض عمل هؤلاء المناضلين مع النشاطات الثقافية، فهناك مناضلون ثقفوا انفسهم من خلال المطالعات والدراسات المكثفة وثقفوا الآخرين من خلال عقد جلسات علنية وسرية.

وبالنسبة للاحزاب الأحوازية الناشطة فى الخارج، فكل الأحوازيين فى الداخل يدعونهم إلى الوحدة وينتقدون ويذمون تشتتهم بقوة، ولا أرى توحيد كلمتهم أمراً صعباً لا يمكن حله، بل الأمر يحتاج إلى واسطة عربية أم أجنبية يسعى إلى توسيطها بعض السياسيين الذين تهمهم القضية الأحوازية لا المصالح الشخصية وحب الذات.

* كاتب من أسرة العرب

19 - 10 - 2008

ليست هناك تعليقات: