2008/11/01

في مصر..ديمقراطية عرجاء

بقلم:عادل الجوجري
ماذا لو أسس الرئيس مبارك حزبا جديدا؟
الإجابة هي أن جميع قيادات الحزب الوطني حاليا سوف تهرول في اتجاه حزب الرئيس الجديد،ولن يبقى في الحزب الوطنى الذي عقد مؤتمره العام مؤخرا أي عضو،وهذا عيب خطير في الحزب الذي يتأسس بقرار فوقي،وقد حدث في نهاية السبعينات أن بدل السادات حزب مصر العربي الذي كان يترأسه بالحزب الوطني فاذا بكل القيادات تهرول إلى حزب السادات الجديد، الأمر الذي دفع الكاتب الصحفي مصطفى امين إلى انتقاد هذه الهرولة التي ليس لها ما يبررها سوى الجرى وراء السلطة،والتعلق في ذيلها،فغضب السادات، وأقال أمين بعض الوقت إلى أن تدخل البعض فأعاده إلى رئاسة تحرير صحيفة(أخبار اليوم)،وظل الحزب الوطني هو حزب الرئيس أو حزب الحاكم وليس الحزب الحاكم ،وظل البرلمان يشرع للرئيس كل ما يريد من قوانين،ويشرع للحكومة الظلم ،وأضيف إليه مجلس الشورى الذي تعرض لحريق مؤخرا ففرح المصريون ،وتمنوا لو أن الحريق قد شمل الأعضاء جميعا وبدون استثناء لأنهم شاركوا في التشريع لحكم مستبد،ساهم في اضعاف دور مصر العربي والدولي وساهم في افقار ملايين الفلاحين والعمال الفقراء في حين ازداد الأثرياء وتجار الأراضي ثراء،وقد حصلوا على أراضي الدولة بأسعار زهيدة لا تزيد عن 20جنيها للمتر ثم باعوها بثلاثة آلاف جنيه للمتر،حتى أن محافظة 6أكتوبر نهبها تجار الأراضي من أباطرة الحزب الحاكم،وهؤلاء التجار انفقوا الأموال على الراقصات وبنات الليل في حفلات سفه ،ومجون تليق بالنظام السياسي الذي وفر لهم المناخ الملائم للنهب والإثراء الحرام،وتدعمهم حكومة مرفوضة شعبيا،وكل ذلك ساهم في الترسيخ لديمقراطية عرجاء لا تقوى على الصمود أمام التحديات والمتغيرات.
*كيف؟
الأحزاب الحقيقية تنشأ من تحت ،أي من الشارع،لكي تعبر عن مصالح فئات اجتماعية سواء أكانت رأسمالية أم فلاحية وعمالية ،لكن الحاصل عندنا هو أمر مشوه،لا علاقة له بالديمقراطية ولا التعددية الحزبية ،ففي مصر حاليا 18 حزبا اتحدى أكبر صحفي في مصر أن يعرف أسمائها أو أسماء قادتها و برامجها و الصحف التي تصدر عنها،وهي أحزاب ديكورية لإقناع الغرب وواشنطن تحديدا بأنه توجد في مصر أحزاب من كل صنف ولون في حين أن هناك كتل سياسية موجودة في الشارع تبحث عن شرعية من دون أن تجد،وأبرز دليل هو حزب الكرامة وحزب الوسط اللذان لم يحصلا على الشرعية رغم أنهما يمتلكان مقومات الحزب السياسي بالمعنى العلمي للكلمة،وحزب الكرامة له عضوان في البرلمان هما حمدين صباحي وسعد عبود في حين أن هناك أحزابا لديها الشرعية مع أنها تفتقر لكل مقومات الحزب السياسي فلا جماهير ولا برنامج ولا صحيفة ولا اعضاء في البرلمان، والأمر عندها يقتصر على شقة وعنوان وصحيفة تصدر كلما جاء الفرج أي الدعم الحكومة.
واذا كانت الحكومات –كل الحكومات-قد رفضت اعطاء الشرعية للإخوان المسلمين،فلماذا لم تمنحها لحزب الوسط الذي يضم قيادات نظيفة اليد واللسان،ولديها حضور في الشارع السياسي وتتمتع بمصداقية عالية وأخص هنا المهندس أبو العلا ماضي والمحامي عصام سلطان وهما نموذجان محترمان ينبغي أن تتاح لهما أوسع الفرص لمخاطبة الناس بدلا من بغبغانات الحزب الحاكم الذين لازالوا يتحدثون نفس اللغة المحنطة،وقد تغيرت الدنيا لكنهم لا يتغيرون،وتبدلت الشخوص على المسرح العالمي لكنهم لا تبدلون،ولا أعتقد أن هناك أملا في أي إصلاح سياسي في مصر إن لم تتغير معادلة احتكار السلطة التي باتت ثقيلة وكئيبة في قلوب الذين يفهمون،ولست أظن أن الحزب الحاكم يمكن أن تدب فيه الروح إلا إذا وجد منافسة حقيقية من الأحزاب الأخرى التي طلعت روحها بسبب الطوارئ،والحصار الأمني و....

ليست هناك تعليقات: