2008/10/19

التغيير نحو التطور أم التخلف؟



أبو المثنى الأحوازي (الأحواز المحتلة)

إن الشعوب تتغير نحو التطور يوما بعد يوم ولحظة بعد لحظة وتبحث عن طريق الإصلاح والتغيير في المجتمع وتحاول أن تصلح كل الأخطاء التي تحدث كي تستطيع أن تملئ الفراغ الذي يحدث وإن التاريخ شاهد على أن الدول الأوروبية كانت متخلفة وتتصارع في ما بينها على أمور لم تجلب لشعوبها إلا الدمار. وكان التخلف سائد في المجتمعات الأوروبية ولكن المثقفين والعلماء والثوريين في ذلك الوقت حاربوا الجهل وقد استطاعوا أن يبنوا دولا راقية استطاعت في ما بعد أن تخدم شعوبها.

لكن في العالم الثالث لم نرَ مثل هذه الأمور إطلاقا. بل إن الحكومات تحاول بشتى الطرق أن تجعل الشعوب متخلفة كي تستطيع أن تبسط سيطرتها عليها وكما اعتقد طبيعة الأنظمة الديكتاتورية والرجعية تفرض عليها أن تجعل الشعوب متخلفة.

إذن ما هو دور المثقفين في هذه الحالة كي يستطيعوا أن يصلوا إلى أهدافهم السامية ؟ إن المثقفين في هذه الأحوال عليهم أن يقفوا في وجه الحكومات الرجعية من خلال توعية الناس وتعليمهم وتفهيمهم حقوقهم المسلوبة كي يستطيعوا أن يطالبوا الحكومات بها. إذن في الوقت الراهن على المثقفين المتواجدين في الداخل أو الخارج أن يقوموا بتأدية الواجب المطلوب منهم بصورة صحيحة وأن يطوروا أنفسهم نحو الأفضل لأنهم مثلما يريدون أن يقوموا بتوعية شعبهم فأن الاحتلال من ناحية أخرى سيحاول أن يقمع ويدمر كل شيء بأسرع وقت ممكن كي يستطيع أن يقضي علينا. وعليهم أن لا يتلفوا الوقت في مجادلات غير مجدية لم تأتنا بخير بل لم تجلب لنا إلا الدمار والتفرقة وإطالة عمر الاحتلال.على سبيل المثال(المجادلات حول الشيعة والسنة)وكأن الهم الوحيد لدى الشعب العربي الأحوازي هو الصراع حول الخلافة ما بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبو بكر الصديق رضي الله عنه. وأعتقد إن الذين يقرؤون التاريخ بصورة صحيحة ودون انحياز لن يفوتهم أن الصراع حول الخلافة قد مضى عليه أكثر من أربعة عشر قرنا وأن النتيجة مازالت كما هي. إذن علينا أن نعرف ماذا جلب الصراع حول الخلافة أو المذهبين للأمة الإسلامية غير التخلف والحروب والاستسلام للاستعمار وللطامعين الذين استخدموا هذا الاختلاف في الدين الإسلامي غطاء كي يبسطوا سيطرتهم.

علينا نحن الأحوازيين أن نعي أن الفتنة الواقعة في العراق ولبنان والبحرين والكويت والسعودية واليمن خير دليل على ذلك الصراع حول الخلافة والأخبار التي تنقلها القنوات الفضائية أو الصحف والجرائد أيضا ما هي إلا دليل واضح لكافة الناس وعبرة لمن يعتبر.

إذن اليوم ما يجب علينا أن نفعله هو تقوية الحس الوطني والقومي لدى شعبنا كي يعرف ما هي حقوقه المغتصبة وما هو الاختلاف بينه وبين الفرس وهل حقوق الشعب العربي الأحوازي هي حرية المذهب فقط أم حصوله على السيادة الكاملة على أرضه؟؟

إن جميع المثقفين الأحوازيين بل حتى عامة الشعب الأحوازي يعلمون أن الصراع الأساسي الذي يدور بيننا وبين الفرس هو صراع قومي وأن القضية القومية هي أساس كل الأحداث والتطورات التي تحدث وما القضية المذهبية إلا جزء من القضية القومية.

ولكن علينا أن نسترجع حقوقنا الوطنية والقومية من الاحتلال الفارسي ثم إذا بنينا دولتنا بأيدينا واستلمنا السيادة الكاملة على أرضنا سيكون المجال مفتوحا لكل الديانات وسيكون الإنسان الأحوازي حر في انتخاب المذهب أو الدين الذي يريد.

نحن نعلم جيدا أن الاحتلال الفارسي استطاع من خلال ارتدائه لباس الدين أن يفرض سيطرته على الشعب العربي الأحوازي والأحداث التي كتبها المؤرخون ونقلها التاريخ دليل على ذلك. إضافة على هذا استطاع الاحتلال الفارسي من خلال إعلامه الكاذب أن يكون الحامي أو المدافع عن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية ومن خلال إعلامه استطاع أن يغطي على كل تدخلاته في شؤون الدول العربية وعلى احتلاله للأحواز والجزر الإماراتية. في حين أن القوانين الدولية تعطي الحرية الكاملة لكل الشعوب التي تطالب بالحرية أو بحقوقها والشعب العربي الأحوازي ليس استثناء إطلاقا. ولكننا اليوم نرى أن الكثير من المثقفين الأحوازيين تجاهلوا القضية القومية وقضية الاحتلال وبدؤوا يتلفون أوقاتهم في مجادلات عقيمة كالصراع بين المذاهب وكأنهم لا يعلمون أن السبب الرئيسي لكل هذه الاختلافات ومنشأ التخلف وتدمير الشعوب والدين الإسلامي هو النظام الفارسي والمدافعون عن هذا النظام وفئة البسطاء الذين راحوا ضحية الدعايات المغرضة التي يستخدمها النظام . إننا اليوم نرى الاختلافات حول المذهبين في الأحواز بدأت تزداد يوما بعد يوم لو بالحوار فقط وقد استطاعت الأجهزة الأمنية والمخابرات الفارسية أن تستغل هذا الصراع من اجل اعتقال الكثير من الناشطين الأحوازيين واتهامهم بالتسنن من أجل سجنهم أو فرض قيود ظالمة عليهم كي تمنع كل تحركاتهم التي كانت مؤثرة في توعية الشعب العربي الأحوازي.

في الوقت الراهن يجب علينا أن نقوي الإحساس القومي والوطني لدى كافة أبناء شعبنا بالرغم من كل الضغوط التي فرضت علينا وأن نضحي من أجل الوطن أولا من ثم نبدأ بأمور أخرى. إضافة إلى كل ما ذكر فإننا إذا أردنا أن نحصي جميع الشهداء والمعتقلين وندرس وضعيتهم ونسألهم لأي أمر ضحوا بحياتهم وأرواحهم فسنعرف أن تسعة وتسعين في المائة من المعتقلين قد ضحوا بحياتهم وعوائلهم من أجل الأحواز أرضا وشعبا ومئة بالمائة من الشهداء قد استشهدوا من أجل القضية الأحوازية ولم نسمع بأي شهيد قد استشهد من أجل تغيير المذهب لحد الآن لأنه يعرف أن هذا الأمر علاقة بين الفرد وربه ولا داعي لبذل الجهد من أجله إلا النصيحة.

نتمنى لو كان هناك دعم من قبل الأحزاب الاسلامية في الدول الأخرى كي نستطيع أن نستخدمه من أجل ديننا ولكن ومع الأسف الشديد أن كل هذه الدعوات دخلت إلى مجتمعنا دون أي برنامج منسق من قبل أحزاب أو رجال ليس لهم الدراية الكاملة بالأمور الدينية والدعوة المفرطة في الأمور الدينية ستجرنا إلى مأزق لن نحسد عليه أبدا والخروج منه سيكلفنا أرواحنا وتدمير شعبنا ووطننا.. إذن على المثقفين الأحوازيين أن يعوا وأن يعرفوا نوايا الاحتلال وأن لا يكونوا ضحية للاحتلال أو لمصالح دول أخرى مثلما كان الكثير من إخواننا ضحية لمصالح دول أخرى وكانوا لعبة في أيدي الحكومات التي تختلف مع النظام الفارسي في المصالح فقط ولم نر خلال كل الفترات الماضية أي دولة حاولت أن تساعد الشعب العربي الأحوازي بل أن القضية الأحوازية كانت منسية و لم ترض أي دولة أن تذكرها أو تتكلم عنها,لأن المصلحة تحتم على الدول الأخرى أن تضحي بالاحوازيين ثانيا إننا نعلم أن الشعب العربي الأحوازي كباقي الشعوب يتشكل من سنة وشيعة,من مسلمين وصابئة ومسيحيين,من علمانيين وليبراليين وشيوعيين ومتدينين إذن إذا كنا نطالب بحقوق السنة والشيعة فقط وننسى الديانات أو التوجهات الأخرى,فأي حرية هذه التي نطالب بها وأي ديمقراطية ونحن نعلم أن الشعوب في العالم تطورت نحو الأفضل .

في النهاية نقول أن هناك أسئلة تطرح وتحتاج أجوبة صحيحة وشفافة دون أي كذب أو نفاق.

1 - هل المثقفين الأحوازيين ليسوا جديرين أن يكونوا كباقي مثقفين العالم ليبحثوا عن تطور شعبهم ؟

2 - هل سيبقى المثقف الأحوازي متجاهلا جميع الحقائق التاريخية ومازالت أفكاره مشوشة متجهة نحو الخلافة التي مضى عليها أكثر من أربعة عشر قرنا وسيبقى ضحية لخطط الاحتلال الفارسي وألاعيبه التي راح ضحيتها الكثير؟

3 - هل سيبقى المثقف الأحوازي يتجاهل قضيته القومية ولا يلعب الدور المطلوب منه أمام مجتمعه؟

4 - هل مازالت ضمائر الكثير من المثقفين الأحوازيين نائمة تنتظر المخلص ولا تصحو من نومة أصحاب الكهف؟

ثم إذا كان المثقف الأحوازي راضيا عن كل الأحداث التي تحدث حوله ولم يستطع أن ينجز شيئا لشعبه أو يصنع تاريخا حافلا بالانجازات سيخرج من هذه الأحداث خاسرا فاشلا مثل الأجيال التي فشلت في كل القرارات التي اتخذتها مما سبب في إطالة عمر الاحتلال .

19 – 10 – 2008

ليست هناك تعليقات: