2009/01/30

الغاسقون والمخلب الجديد

عند الحديث عن أي ظاهرة قد تبرز في خضم مسار الحياة الإنسانية يتوجب النظر فيها بإمعانٍ ورويةٍ حتى يتمكن الإنسان من معرفة مظاهر هذه الظاهرة أو تلك واستيعاب مصادر علتها وفهم آلياتها وأسبابها وذلك من خلال منهج فكري واعي يشخص أركان ومستهدفات أي ظاهرة يكمن فيها شر أو خير وبما أننا نعيش الآن حقبة صراع بين الخير والشر فقد أصبحنا في حاجة ماسة إلى بلورة حالة نهوض ذهني جديد وخاصة من طرف قوى الخير والحرية لان الأشرار مخربين للأسس التي يتمناها الإنسان الخير أن تسود في الحياة والحضارة وقد وعدنا السادة قراء سلسلة الغاسقون في الحلقة الماضية بان نبين لهم المكونات الفكرية التي يعمل من خلالها الأشرار المخربون في عالمنا المعاصر وخاصة في وطن الأمة الرسالية المقدسة وحين ندخل في تفاصيل ذلك سيُصاب عدد من الناس بالدهشة والانبهار ولعل هذه الدهشة والانبهار ستشكل دافعاً جديداً يرتقي بحالة الوعي الذهني التي ستنقلنا إلى الإعداد والاستعداد وهنا أقول : هل شاهد أو سمع احدنا بدولة بلا ارضٍ وبلا شعبٍ ؟! وعلى الرغم من ذلك فهي دولة معترف بها سراً وعلانية من قبل ثمانية وتسعون دولة ومنها ستة عشر دولة إسلامية ومن بينها تسع دول عربية ولهــــــا (( 3 )) أعلام كل منها يحمل دلالات مختلفة وتحمل اسم (( حكومة السيادة العالمية المستقلة )) وفي بعض الأحيان يُطلق عليها اسم (( المستشارية السامية للفرسان )) ويأتي الدعم لنشاط هذه الدولة من عدد من قساوسة المسيحية الصهيونية وبإشراف دعم روحي وتكتيكي من قيادة حركة التدبيريون الكامنة في الجسم السياسي والاقتصادي في الولايات الصهيونية الأمريكية وفي عدد من الدول الأوربية .. كما أن لهذه الدولة أدوات واليات للتنفيذ يُطلق عليها (( إخوان الخدمة )) وهم منفذي الأوامر ويتمركزون عادةً في أنديــــة (( الليونس )) ، وأندية (( السفاري )) و (( الروتاري )) المنتشرة ألان في عواصم ومدن الوطن العربي ومناطق أخرى في العالم ومن ضمن آلياتهم الأخرى مجموعة أخرى تسمى بـ (( المتبرعين )) ويُطلق عليهم (( الجوادين )) جامعي التبرعات من مكامن المال ..
ومن أهم أهداف معتقداتهم بث روح العنصرية والفتن بين المكونات الاجتماعية للشعوب ، وإشاعة مظاهر التعصب الديني وتشجيع أحزاب ومنظمات دينية إسلامية على التمادي في تخريب المضمون الرسالي للقرآن الكريم وخاصة في الوطن العربي حيث استطاعت هذه الحكومة أن تفعل فعلها في نشر الخرافة في الأوساط الاجتماعية الإسلامية وأوجدت حركات تتبنى فكرة نشر أنماط من الفتاوى الهادفة بالنتيجة إلى تحقيق أغراضهــــم الدنيئة ( هناك حركة معينة لها ثقلها في الجزيرة العربية قد وقعت في فخ هذا التدبير المتآمر على جوهر المضمون الرسالي للقرآن الكريم ) وحين نتتبع إستراتيجية هذه الحكومة وخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي نجد أنهم قد دعموا فكرة الحرب والتخريب ضد المجتمع الإسلامي والمجتمع الارثوذيكسي وذلك باعتبار إن مذهب الأرثوذكسية المسيحي يعتبر عقبة أمامهم حيث الأرثوذكس المتمردون على أفكار ومعتقدات المسيحية الصهيونية ولقد جُند من اجل ذلك أدوات للتخريب كأعضاء ( منظمة الماسونية) ولجان ( المقاصــد الخيرية ) وعصابات ( المافيا ) بعد أن تمت السيطرة على هذه المنظمات وإنشاء منظمة القتل والعبث وعلى رأسها منظمة( بلاك ووتر ) السيئة الصيت والتي سنتعرض بالتفصيل لمؤسسها ؛ ولكي نحدد الأمور بشكل دقيق ونضعها في نصابها ونؤكد بالتوضيح أن مقر هذه الحكومة يقع ألان في ايطاليا ..
ولها رئيس يلقب بـ ( السيد الأعظم) ويرأسها ألان الأمير ( أندرو بيرتي ) وهو من أصل انجليزي ينتمي للقبائل الانجلوساكسونية وخريج جامعة أكسفورد وقد تم انتخابه مدى الحياة عام 1988 وعند الحديث عن أعضاء هذه الحكومة لابد أن نذكر بعضهم وفي مقدمتهـــــم ( توني بلير ) رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ، و ( ديفيد روكفلر ) وهو أغنى رجل في العالم ومعروف جداً . و ( رونالد ريغان ) الرئيس الأمريكي الأسبق و ( خوان كارلوس ) ملك اسبانيا و ( جورج بوش الابن ) صاحب حذاء ( منتظر الزيدي ) و ( إيريك برينس ) مؤسس منظمة بلاك ووتر الإجرامية التي تعيث فساداً وقتلاً وتشريداً في العراق ومنطقة دارفور و ( جوزيف شميتز ) جنرال متقاعد عمل بوزارة الدفاع الأمريكية " البنتاغون " وحالياً مستشار تنفيذي لمنظمة بلاك ووتر ...
وبعد وصول المجموعة الصهيونية الحاكمة ألان في ( فرنسا ) وعلى رأسها المهرج الخطير ( ساركوزي ) والمهرج الفهلوان ( كوشنير ) قد ترتب نهج استراتيجي جديد بتكليف هؤلاء بلعب أدوار تستهدف منطقة الوطن العربي وذلك بمساعدة مجموعة رؤوس الأفاعي السامة في لندن ومجموعة ألمانيا وعلى رأسها المستشارة ( ميركل ) يساندهم في ذلك جهد يظهر خلاف ما يبطن متمثل في ( بيرلسكوني ) وأعوانه في ايطاليا.. حيث ستكون إستراتيجية العمل لهذا الظهير الخطير قائمة على أفعال وجهود عدوانية تقضي بمحاصرة ( تيار المقاومة ) الذي برز في السنوات الأخيرة كأداة معبرة عن الحقوق العربية إذ شعرت المجاميع العدوانية بالخطر القادم عبر الجهد الجهادي لهذا التيار .. وعند التمعن في إستراتيجية الحكومة التدبيرية سوف نجد ملامح منهج جديد تتولى من خلاله مجموعة المهرجين دور يحل محل الظاهرة الأمريكية التي أحرق مكوناتها ( جورج بوش المجنون ) .. وبذلك يتولى المعلم الكبير ( أوباما ) مسئولية التوجيه السياسي لمجموعة المهرجين وتقوم أمريكا بمبادرات تكتيكية يتولى العمل فيها صهاينة محترفين في الكذب و مختصين في أعمال ( التمييع ) وخاصة عندما ننظر إلى حيثيات أعضاء الفريق المختص بالمنطقة العربية والذي تم تشكيله مؤخراً في أمريكا وهنا نتوقف عن الاستمرار في شرح عناصر ما هو مقبل وسوف نتناوله بالتفصيل في حلقة ( الغاسقون ) القادمة ... وبذلك نعود إلى الحديث عن ( حكومة السيادة العالمية المستقلة) وعن سفاراتها في الدول العربية وأولها سفارتها في الأردن وهي تقع في شارع المدينة المنورة في ( عمان ) وسفيرها المستشار ( وليد الخازن ) لبناني الأصل .. أما سفارتها العتيدة في القاهرة فهي تقع في شارع ( هدى شعراوي ) وسط قاهرة المعز ومن الغريب في الأمر إن الرئيس الصهيوني ( شمعون بيريز ) قد طلب من السلطات المصرية الاعتراف رسمياً بهذه السفارة .. كما أن هناك تواجد لهذه السفارات في موريتانيا والمغرب والسودان وجزر القمر والصومال واريتريا والجهد ألان مبذول باتصالات فردية مع عدد من الأشخاص النافذين في بعض الدول العربية ذات التأثير الروحي والاقتصادي من اجل فتح مكاتب لحكومة ( السيادة العالمية المستقلة ) في هذه البلدان...
كما نشير للتأكيد بان هذه الحكومة كانت وراء فصل إقليم ( التيمور ) عن اندونيسيا الإسلامية ونود للتأكيد بأن جميع المجندين المرتزقة الذين مارسوا القتل والفتن في العراق هم تابعون في حقيقة الأمر لهذه الحكومة ..
وبما أن الملامح الرئيسية لإستراتيجية العدوان قد أصبحت بينة واضحة لكل ذي عين وبصيرة .. ومن خلال ما كتبته لأهلي وأبناء أمتي والذي يتضمن معلومات موثقة تبين نوايا الأعداء وتوضح مرامي مكوناتهم الإستراتيجية حيث الخطر قد أضحى محدقاً بالعقيدة والمال ( والعيال ) ... فأنني بكل تجرد وصدق أتوجه بنداء إلى أولي الألباب بأن ينفذوا أمر الله في الآية الكريمة ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) والتغيير المنشود هنا يتجسد في المبادرة التالية :
(1) تنادى كل الحركات الاجتماعية المعروف منها والغير معروف لكي يتم من خلال هذا التنادي عقد لقاء ينجم عنه تشكيل جديد موحد يرتقي فوق التحزبات والكيانات التي جربت العمل منفردة في الماضي وباعتبار إن جهة الأعداء قد توحدت في إستراتيجيتها فان الأمر بات يقضي بضرورة توحيد أبناء الأمة الواحدة ... وخاصة المكونات الدينية والقومية التي لها تجربة تنظيمية قد مضى عليها زمن وبعض تجاربها كان فاشلاً ولم تنجم عنه إلا خلافات يستحي منها العقل الرسالي المناضل وبذلك سوف يتشكل ظهيراً قوياً يساند تيار المقاومة سياسياً واجتماعياً ويقطع الطريق على مظاهر الفتن المذهبية ويحجم دور الفتاوى الطائشة التي ترددها من حين لأخر المرجعيات التابعة لسلط ( سايكس بيكو) في أقطار الخرابات الانفصالية ..
(2) تطوير ظاهرة التيار المقاوم وذلك بتشكيل هيئة موحدة تلتقي من خلالها فصائل المقاومة في كل من فلسطين المقدسة ولبنان والعراق والصومال من اجل إعداد قدرة ترفع من وتيرة التيار المقاوم وتجعله في حالة صعود إيجابي مستمر وتمكنه من العمل على استكمال فكرة توازن الردع والرعب مع الأعداء لان الوقت قد حان في هذا المفصل التاريخي لظهور حالة مقاومة شاملة تعتمد منهج الدفاع الحضاري عن أمة تتعرض للسلب والنهب وتتعرض لأساليب المراد من خلالها قهر إرادتها وتحطيم معنويات أجيالها كما أنها تتعرض للفتن والتقسيمات بشتى أنواع الأساليب التي يعتمدها منهج ( التدبيريون ) القدامى وأعضاء ( المخلب الجديد ) المشار إليهم آنفاً .. وبما نعرفه ونعلمه عن الشخصيات التي تتولى الإشراف ألان على أجنحة وأذرع المقاومة فإننا نستطيع القول بأن أمر هذا اللقاء ممكن وليس مستحيل وخاصة إن معظم قيادي أذرع المقاومة يتمتعون بالصدق والإخلاص ويتميزون بأفكار جهادية ملهمة وبإيمان بالله لا يتزعزع وهم قادرون على إنجاز هذه المهمة الإستراتيجية الكبيرة .. وهذه المبادرة تأتي في ظل رؤيا توضح ملامح أولية لانهيارات باتت في أركان السلوك العدواني لأعداء أمتنا .. وعلينا الاستفادة من هذا المفصل وعدم ترك قوى الشر تلملم عناصر إستراتيجيتها من جديد .
(3) الدعوة لمنظمات الهيئات المدنية بقصد تشكيل كيان موحد يكون له برنامج عمل يهدف إلى تعميق النضال الشامل من أجل الحرية والهوية ويتبلور من خلال ذلك جهد ضاغط على جميع أنماط المعوقات التي تعرقل وتكبح أي جهد يتجه نحو الارتقاء الإصلاحي والجذري والتنموي وتشكل هذه المنظمات سداً منيعاً يساهم في حالة نهوض جديد حيث يتخلص أبناء الأمة من حالة الانكفاء على الذات والانغلاق الإقليمي المقيت وبالتالي تتشكل أرضية نضالية جديدة عبر الكفاح الشعبي لهذه المنظمات .. وبهذا الجهد الذي ستكون نتائجه في حالة نجاحه تصب في مساندة البعد المقاوم وخاصة إذا صمم الكُتاب والأدباء والإعلاميون على أخذ اتجاه تنويري جديد يتجه نحو الدفاع عن هويتهم الحضارية وأمتهم الرسالية وقد أحدثوا انتفاضة ذهنية جديدة قائمة على الوعي والمعرفة وشكلوا بعطائهم المبدع حالة انتماء حضاري حقيقي تحفظ كرامتهم ويسجل لهم التاريخ موقفاً صحيحاً ..
وبعد .. أود أن أسجل شكري وتقديري لكل الأخوة والأخوات الذين أبدوا تعقيباتهم وملاحظاتهم حول ما جاء في سلسلة ( الغاسقون ) ... وأقدر كل التقدير تلك الملاحظات والتعقيبات وقد اعتبرتها إثراء لهذا الجهد المتواضع حيث كان مضمون تلك الحلقات بمثابة جرس ينبه عن مخاطر تحيط بحاضرنا ومستقبلنا ..
( وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم الا قليلاً وكنا نحن الوارثين )
صدق الله العظيم



رمضان عبدا لله العريبي
مفكر قومي عربي - ليبيا

ليست هناك تعليقات: