2008/07/22

إنهم يسرقون نفط العراق

أحمد برغل

ثروة العراق النفطية تتعرض للسرقة والنهب,فللمرة الأولى ,وبعد 36 عاماً على استثمار النفط في العراق وطنياً,

انتقمت الشركات الأميركية والبريطانية وأعادت السيطرة عليه,وتسللت إلى مقدراته تحت عباءة الاحتلال بابرام عقود بلا مناقصات في ظروف وملابسات اكتنفها الغموض والشك والريبة.‏

وحسبما أوردت صحيفة »النيويورك تايمز« فإن هذه الصفقات صيغت على شكل »اتفاقيات خدمات« من أجل تطويق القيود التي كان يمكن أن تنبثق عن مسودة قانون لنفط العراق والالتفاف على هذه القيود وهذه المسودة التي أثبت البرلمان العراقي أنه لا يمكن اقرارها وتحريرها بسبب المعارضة الوطنية للاستغلال الأجنبي لاحتياطات البلاد النفطية من جهة,وبسبب النزاعات بين الحكومة ,والكيانات الإقليمية العراقية حول الهيمنة على حقول النفط.‏

وأقرت »النيويورك تايمز« بأن العقود من دون مناقصات,ومع غياب الشفافية هي أمر غير مألوف البتة في القطاع النفطي في كافة أنحاء العالم,وأن عروض الشركات الغربية الكبرى (إكسون موبيل وشل) هي التي طغت على سائر عروض الشركات الدولية الأخرى.وتعلق صحيفة »التايمز« بقولها:في حين أن العقود الحالية لاعلاقة لها بعمل الشركات السابق في العراق فإنه وفي انعطافة تاريخية في حياة الشركات التي يعتبر بعضها أكبر شركات العالم,عادت الشركات الأربع الكبرى التي كانت قد خسرت امتيازات في العراق في الماضي لتسيطر على ثلثي ثروة العراق وتستأثر بها.‏

فالعقود الجديدة لها صلة وثيقة جداً بالدور الذي لعبته هذه الشركات قبل عقود مضت من الزمن وتصميمها على أن تنتزع وتستعيد تلك الهيمنة التي كانت تبسطها على ثروة هذا البلد النفطية قبل أن يؤمم العراق صناعته النفطية ويطرد عمالقة النفط الأميركان والبريطانيين في عام .1972‏

قبل التأميم كانت الشركات الأميركية والبريطانية تهيمن على شركة »بترول العراق« وكانت هذه الشركات تسيطر على ثلاثة أرباع إنتاج البلاد من النفط.‏

كوندوليزا رايس تكذب عندما تدعي في تصريح لوكالة »فوكس نيوز« الإخبارية بأن حكومتها نأت بنفسها عن هذه المسألة وآثرت ألا تتدخل في ترسية عقود النفط العراقية,إلا أن رايس المديرة السابقة لشركة شيفرون التي تشارك في أحد تلك العقود في اتحاد مالي مع توتال أقرت بأنه مع هذه الصفقات الجديدة »بدأ الأمر يثير الاهتمام في العراق«.‏

وعلاوة على ذلك فقد أفسحت الإدارة الأميركية المجال أمام العسكريين الذين شاركوا في حكم العراق ,أو في العمليات العسكرية خلال السنوات الماضية بالتقاعد من وظائفهم العسكرية والانضمام إلى شركات نفطية مغمورة وغير معروفة لمساعدتها في الحصول على امتيازات للاستكشاف والتنقيب في الأراضي النفطية العراقية الموعودة.‏

وبالفعل نجد أن ائتلافاً كندياً بقيادة شركة نكوريسورز,ومن خلال مستشارها الجنرال المتقاعد (جاي غارنر) أول حاكم عسكري في فترة الاحتلال,حصلت على امتياز (كره داغ) في إقليم كردستان خلال أيار الماضي.‏

وتم التعرف على دور غارنر من خلال حديث إذاعي شرح فيه دوره في مساعدة الشركة الكندية في الحصول على عقد الاستكشاف والتطوير.‏

لقد عملت الحكومة الأميركية على مدى عقود وجهدت لكي تسترد الهيمنة الأميركية على العراق الذي يمتلك ثاني أكبر احتياطات مثبته من النفط في العالم-حيث يقدر مخزونه بأكثر من 115 مليار برميل,كما يمتلك هذا البلد أكبر احتياطي لم يستكشف من النفط بعد في العالم.‏

والحقيقة الصارخة التي يحاول الأميركيون إنكارها,هي أن هذه العقود إنما هي نتاج مباشر للعدوان المسلح الغاشم, فعشية الغزو بسطت القوة الأميركية هيمنتها على حقوق النفط ووفرت الأمن لوزارة النفط العراقية في بغداد في الوقت الذي تركت كل المؤسسات الحكومية الأخرى والصروح المهمة والمرافق الثقافية والحضارية عرضة لنهب اللصوص والسراق وقطاع الطرق.‏

ومن ثم دفع اختيارها على فيليب كارول,الرئيس السابق لشركة شل للنفط ليرأس مجلساً استشارياً لبسط الهيمنة على الوزارة.‏

وتبعاً لنعوم تشومسكي ,فإن السيطرة على النفط هي ما يقود السياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية,ورغم أن أميركا ليست بحاجة إلى نفط الخليج من أجل استهلاكها الداخلي,إلا أن السيطرة على نفط الخليج تعطي قوة الفيتو ضد تحركات المنافسين.‏

إنها الحرب من أجل النفط,فما إن تسلمت إدارة بوش مهمها حتى بدأ التحضير لاحتلال العراق وتدمير دولته,وهو ما تؤكده الوثائق التي أفرج عنها تحت مظلة قانون حرية المعلومات,والتي كان أعدها فريق مهام تشكل من أعضاء من الهيئة القومية للطاقة ورأسه نائب الرئيس ديك تشيني في أوائل عام 2001 على خريطة للعراق أبرزت فيها حقوله النفطية وأرفقت الخريطة بقائمة أدرجت فيها أسماء الشركات الأجنبية التي كانت تسعى للظفر بعقود نفطية.وجاءت مسألة العقود وفرضها على الحكومة العراقية من أجل الشركات النفطية الكبرى لتؤكد حقيقة واضحة وهي أن أحد الأسباب الكبرى وراء شن الحرب على العراق,إنما كان الطمع في نفط العراق والرغبة الجامحة في الهيمنة على مقدرات هذا البلد والاستئثار بثرواته.‏

وما المزاعم عن أسلحة الدمار الشامل,وأكذوبة علاقة النظام العراقي بتنظيم القاعدة سوى ذرائع وأكاذيب ملفقة لتبرير شن الحرب التي ترمي في الأساس إلى إعادة إقامة نظام هيمنة شبه استعمارية للسيطرة على العراق وثرواته النفطية,وهو ما يؤكده نعومي كلاين في صحيفة الغارديان البريطانية حين يقول:»نحن بدأنا في الاستيلاء على النفط العراقي..لقد بدأ الأمر ب»عقود خدمات لم تطرح كعطاءات أعلن عنها لشركات »إكسون موبيل,وشيفرون,وشل وبرتيش بتروليوم«.‏

ويضيف كلاين قائلاً:بعد أسبوع من الإعلان عن صفقة عقود الخدمة تلك عرف العالم, أول لمحة عن الجائزة الحقيقية ,فبعد سنوات من لي ذراع العراق خلف الكواليس,فتحت بغداد رسمياً ستة من حقولها النفطية الرئيسيه والتي تحتوي على نصف احتياطها المعروف من النفط للمستثمرين الأجانب وستحصل الشركات الأجنبية على 75% من قيمة العقود وتترك 25% فقط للشركاء العراقيين.‏

يتضح من العقود الموقعة أن الامتيازات النفطية العراقية للشركات الغربية في سبيلها إلى التنفيذ ,وأنه ما من طرف عراقي يملك الوقوف في وجه »إكسون موبيل أوشل أو شيفرون أو توتال« واستيلاء هذه على النفط العراقي.‏

وعلى هذا فإن مصير النفط العراقي سيتحدد بموجب الاتفاقات الجديدة لعقود طويلة قادمة,وأن أطرافاً أخرى غير واشنطن ولندن لن يسمح لها بالاستفادة من الكعكة النفطية أو المشاركة في قطف ثمار الاحتلال.‏

فهذه الاتفاقات تتضمن إجحافاً ونهباً منظماً للنفط العراقي وهو استعمار نفطي بامتياز ,فنصيب العراق من العائدات النفطية ومن هذه الاتفاقات سيتقلص إلى س25% فقط من إجمالي عائدات إنتاج الحقول النفطية الستة التي تم طرحها للاستغلال بواسطة الشركات الغربية

ليست هناك تعليقات: