2008/07/24

بيان الوحدويين الناصريين بتونس بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين للثورة الناصرية المجيدة

بسم الله الرحمن الرحيم

تونس في 23 يوليو 2008


تهل علينا الذكرى السادسة والخمسين لقيام ثورة 23 يوليو1952 المجيدة التي كانت عملا عظيما أنتج تجربة ثورية رائدة صنعتها إرادة ثورية ترفض أي قيد أو حد لحقوق الجماهير ومطالبها، وطليعة ثورية مكنتها إرادة التغيير الثوري من سلطة الدولة لتحويلها من خدمة المصالح القائمة إلى خدمة مصالح الجماهير الشعبية، ووعي عميق بالتاريخ وأثره على الإنسان وقدرة هذا الإنسان على التأثير في التاريخ، وفكر منفتح على كل التجارب الإنسانية يتفاعل معها أخذا وعطاء بلا تعصب أو عقد، وقبل ذلك كله، إيمان لا يتزعزع بالله ورسله ورسالته القدسية التي بعثها إلى الإنسانية جمعاء في كل زمان ومكان. لقد كانت تجربة عظيمة تجاوزت باندفاعها ما بعد المواجهة السياسية الظاهرة مع القصر والأنجليز لتصل إلى أعماق المشكلة الاقتصادية والاجتماعية، فأعادت توزيع الثروة وجردت رأسمال من أدوات الاستغلال سعيا لبناء دعائم مجتمع الكفاية والعدل، وتخطت بوعيها الأصيل وعنادها الثورى حدود مصر لتنازل العدو حيث ما أمكنها ذلك على كل شبر من الأرض العربية أو ضمن الدائرة الإسلامية أو الإفريقية، وكشفت خداع الاستعمار الذي شرع من بعد الحرب الأوروبية الثانية مباشرة في تغيير أساليبه مستعيضا بخدمات عملائه عن بطش جيوشه. لذلك، التحمت بها جماهير الأمة العربية، حركيا ووجدانيا، على الرغم من إرادة حكامها، فحركت احتمالات الثورة في كامل أرجاء الوطن العربي وأحدثت زلزالا عنيفا تهاوت أمامه صروح الرجعية البائسة وأجبر الغزاة على الرحيل من على أرض العرب مكرهين صاغرين ليعيدوا ترتيب حساباتهم الإستراتيجية على أساس القيمة الاعتبارية التي أصبحت للأمة العربية بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر، ثم ليرتد صدى هذا الزلزال الهائل ليشكل دافعا قويا لصيرورة الثورة الأم ودعامة متينة لها؛ فسطرت عندئذ صفحات من روائع النضال العربي المعاصر وأقامت نبراسا يهتدي به أحرار العالم في مشارق الأرض ومغاربها. لقد حققت الثورة بهذه العوامل مجتمعة، وفي زمن وجيز دون العقدين، صروحا من المنجزات ظلت شواهدها عصية على الهدم رغم إصرار قوى الردّة على محو آثارها مذ تمكنوا من رأس الدولة برحيل القائد فجأة وهو يخوض مع المقاومة الفلسطينية في الأردن معركة الصمود في وجه التصفية، .

وككل عمل إنساني معرض للأخطاء، كان للثورة أخطاؤها في الممارسة يعرف أبناؤها الذين عبرت عن آلامهم وآمالهم كيف يقرؤونها بلا تهويل أو تهوين، وكيف يستفيدون منها في رسم مسيرتهم النضالية لتحقيق أهداف أمتهم في الحرية والاشتراكية والوحدة.

تهل علينا هذه الذكرى والصراع محتدم على أشدّه بين التحالف الصهيوني الرجعي الإمبريالي من جهة، وجماهير الأمة العربية وقواها المناضلة من جهة ثانية.

فجحافل الاحتلال قد عادت تدنس الأرض العربية وترهب أبناء شعبنا في فلسطين والعراق والسودان والصومال وتسومهم ألوانا من العذاب، ناهيك عن مخططات طمس الهوية التي يتعرض لها شعبنا في الأحواز وفي لواء الإسكندرونة، أو مشاريع تفكيك النسيج الاجتماعي وإعلاء الروابط العرقية البائدة والعشائرية والطائفية المتخلفة التي تزايد نشاط أصحابها بدعم وتأييد من دوائر الاستعمار والإمبريالية؛ هذا، وأنظمة سايكس - بيكو تحكم بالمصلحة والهوى وتحاول أن تفرض علينا المذلة والخنوع، ورأس المال يمارس ألوانا من الاستغلال البشع يهدر الثروة الوطنية ويحرم منها أصحابها الشرعيين بعد أن استطاع السيطرة على الحكم وترويضه لخدمته، واغراء قيادات العمل السياسي بالهبات والمزايا فاجتذبها وامتص منها كل قدرة على الصمود ثم استعملها في خداع جماهير الشعب تحت وهم الديمقراطية الزائفة.

وعلى الرغم من مرارة المآسي وبؤس الواقع، فأمتنا العربية بتاريخها الحافل بالانتصارات والنكبات، قادرة على إبداع أساليب تتناسب مع إمكاناتها وغايات نضالها؛ فكانت المقاومة أنبل ظاهرة أنتجتها في تاريخها المعاصر، هي اختيارها الواعي، والتحرير الشامل هو خيارها الأصيل، والوحدة الكبرى التي يتحقق فيها مجتمع الكفاية والعدل هي غايتها التي لا مناص منها مهما كانت التضحيات جسيمة.

فبالمقاومة تمكنت من إجبار العدو الصهيوني على دفع الثمن السياسي لهزيمة عدوانه على لبنان العروبة خلال شهر يوليو/ تموز 2006 فيضطر صاغرا للقبول بالإفراج عن عدد من الأسرى يتصدرهم عميدهم البطل سمير القنطار قائد عملية جمال عبد الناصر، إضافة إلى عدد من جثامين الشهداء الأبرار الذين قضوا على أرض العروبة في فلسطين ولبنان؛

وبالمقاومة ينصاع العدو الصهيوني إلى التوسل بأصدقائه- جماعة كامب ديفيد ووادي عربة وغيرهم من الأوروبيين - من أجل تحقيق هدنة في غزة المقاومة بغية إعادة ترتيب أوضاعه الداخلية وإزالة الحرج عن فريق المساومة على القضية؛

وبالمقاومة يترنح الآن جنود المتصهين جورج بوش الصغير في عراق الرشيد ويستعد للرحيل بعد أن تكبد خسائر جمّة على الأًصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية وفشل في تحقيق مآربه العدوانية؛

وبالمقاومة تستعد الحكومة العميلة في الصومال إلى حزم حقائب الرحيل بغير رجعة؛ وبالمقاومة ستؤول مشاريع تفتيت السودان إلى الفشل، وكما فشل مشروع برشلونة ومشروع الشرق الأوسط الكبير سيكون مصير مشروع ساركوزي الساعي إلى إدماج دولة العصابات الصهيونية في جسم الأمة العربية.

وبكل ذلك نستخلص أنه على الشعب العربي أن يدرك أن الهزائم التي حصلت لهم هي نتيجة تخليهم عن المشروع القومي الناصري وعليه ندعو جميع العرب إلى العودة للنهج الوحدوي الناصري بإعتباره المنقذ الوحيد للأمة العربية من الإستبداد والتجزئة والإستغلال والتخلف.

المجد والخلود لشهداء الأمة العربية

المجد والخلود لقائد الأمة وشهيدها جمال عبد الناصر

عاش نضال جماهير الأمة العربية على طريق الحرية والاشتراكية والوحدة.

الوحدويون الناصريون بتونس

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ان ايماننا بالمشروع العربى النهضوى مستمر سنناضل من اجل العروبة
عاش نضال الشعب العربى
عاش نضال الناصريين
امة عربية واحدة