2008/06/28

علاقة الصهيونية بالإمبريالية والنظام العالمي الجديد (الجزء الاول)

بقلم : د. عادل سمارة


(ورقة مقدمة لمؤتمر البرلمانيين الدوليين للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بروكسل 13-15-2008)


"ليس شأن هذه الورقة كتابة تاريخ الصهيونية، بقدر ما هو تتبع علاقاتها بالنظام العالمي من جهة وإثبات أبوته لها، في مواجهة مزاعم تنسب اختراعها إلى يهود من جهة ثانية."


ما هو النظام العالمي الجديد1؟


ليست الصهيونية وليداً يهودياً، بل مشروعاً راسمالياً غربياً وجد في اليهود أدوات تنفيذه في الوطن العربي. كما ليس الكيان الصهيوني نتيجة للمذابح ضد اليهود بما في ذلك المحرقة النازية التي سرَّعت الهجرات وسهَّلتها، لكنها لم تخلق المشروع الإستعماري الإستيطاني اليهودي في فلسطين . لقد باعت الصهيونية إلى ألمانيا الرسمية دماء اليهود بالمال، أما نحن، فدفعنا ثمن المحرقة دماً ووطناً. لكن ما لم يتوقعه عُتاة المركز الإمبريالي وأدواتهم الصهيونية أن الفلسطينيين، بخلاف كثير من الشعوب الأصلانية المبادة ربما كلياً، سيقاومون ليس قرناً بل إلى الأبد. وعليه، "لم تُنجز المهمة" ولن تُنجز.

تتطلَّب تسمية النظام العالمي، التي تشير غالباً إلى أنه إقتصادي وحسب، تدقيقاً أكثر، كما هي كذلك تسميات الإمبريالية، الغرب، الراسمالية...الخ. وليس هذا لأجل تغيير التسميات، بل التدقيق فيها لا سيما في حقبة أمكن لرأس المال إلحاق ضربات موجعة بالعمل، اي النخب المالكة والطغم الحاكمة بالغالبية الساحقة من البشرية، وصلت درجة احتلال المصطلح وحتى جزءاً من الخطاب مما يخلق تشويهاً في وعي الطبقات الشعبية والشعوب المضطَهَدة والمحتلة2. كما ان حصره في المستوى الإقتصادي يُغفل تمفصلاته الثقافية والطبقية، وحتى، ولو نسبياً، السياسية.


صحيح أن نمط الإنتاج الراسمالي مهيمن على معظم الكرة الأرضية بمعنى انتشار علاقات الإنتاج الراسمالية مما يسهل استخدام مصطلح "النظام الراسمالي العالمي"، ولكن من التمويه موازاة راسمالية ساحل العاج، على سبيل المثال، براسمالية الولايات المتحدة، وإن كان لكلًّ نصيب فيه. كما أن تسمية مركز النظام الراسمالي العالمي فيها تضليل كذلك، فليس دور اليابان كدور الولايات المتحدة رغم كون البلدين من ضواري الإمبريالية بمعنى أن الإمبريالية الأميركية هي متحكمة بدرجة أو أخرى بالإمبرياليات القديمة3، ناهيك عن درجة أو قوة هجوم كل منها على محيط النظام العالمي بغض النظر عن تسميات الهجوم: هجوم على "الإرهاب"، الإرهاب العربي، الإرهاب الإسلامي، الخطر الصيني...الخ. إن عدم الإشارة إلى هذه التباينات لا بد أن تغطي على بعض بطش الولايات المتحدة "التي هي اليوم النظام العالمي الجديد، أو على الأقل اساسه"، والدول الوظيفية في خدمتها، وخدمة أنفسها بالطبع، كالكيان الصهيوني الإشكنازي4. لذا، يُجيز التحكم الأميركي بالنظام العالمي أخذ دور أميركا فيه، وعلاقات الأنظمة الأخرى بها، كمدخل لدراسة النظام العالمي نفسه إلى درجة تكون معها محاكمتنا للنظام العالمي هي محاكمة لأميركا. وهذا أحد مقومات هذه الورقة.


كما لا بد من أخذ تطور مراكز راسمالية أخرى بالإعتبار سواء من حيث خلق توازن قطبي محتمل، وكذلك، وهذا الأهم، من حيث ضياع فقراء العالم في صفقات بين القطبيات، المهيمنة والقديمة والصاعدة أقصد الصين5، روسيا، الهند مثلا. باختصار، ليس النظام العالمي ولا حتى مركزه لوحة واحدة، وإن كان بمعناه العدواني ما زال غربياً.


النظام العالمي وجود مادي، مصطلح يعبر عن وجود مادي مبلور بالضرورة، وهذا ما يكسبه معناه، في المبنى الإجتماعي الطبقي على صعيد الدولة القومية والعالم مجسداً في مصالح الطبقات المالكة/السائدة وخاصة في المركز. لكن نَسْبَه بشكل اساسي للمركز لا ينفي وجود تمفصلات طبقية على صعيد عالمي تخدم، تُوظف، وتتقاسم مع الطبقات الراسمالية في المركز/المراكز الإمبريالية. وإلا، فما معنى كل هذا الدعم للكيان الصيهوني الإشكنازي في جانب ودوره العدواني على صعيد عالمي، وتقديم دولة قطر ثلث أرضها كقاعدة للولايات المتحدة الأميركية من جانب آخر، ومشاركة أنظمة عربية وإسلامية وعالمثالثية وأنظمة هامشية في أوروبا في احتلال أفغانستان والعراق وتحطيم صربيا، وتزكية الإحتلال الأميركي/الأثيوبي للصومال وإرسال قوات باسم الأمم المتحدة إلى الحدود بين لبنان والكيان الصهيوني، وكلها تحركات معادية للشعوب!


ماذا نسمي انتشار مصالح الولايات المتحدة في مختلف بقاع العالم، وقيام أنظمة مختلف هذه البلدان بتكريس هذه المصالح والدفاع عنها وإشراف الإدارة الأميركية على معظم حكومات العالم كما لو كانوا موظفين أميركيين هناك؟ قد يجوز لنا القول أن النظام العالمي مجسداً بقيادة الولايات المتحدة قد انشأ قطاعاً معقداً نسميه: "القطاع العام الدولاني الراسمالي المعولم". هو قطاع عام لمختلف الدول تتشارك فيه، وإن بتفاوتات هائلة، الدولة/الطبقة الحاكمة/المالكة في المركز والطبقة/الدولة الكمبرادورية والوظيفية في المحيط. لكنه على كافة الأحوال، ليس اقتصادياً بحتاً.


نقطتنا هنا هي وجود حالة من تشارك الهيمنة الطبقية للبرجوازية على صعيد عالمي كما لو كانت طبقة واحدة رتبت نفسها قيادياً ووظيفياً إلى حد كبير. قيادها الإداري، وتركزها المالي هو اساساً في الولايات المتحدة، على شكل الشركات الكبرى والدولة، التي لم يمت دورها بعد لكنه دور في خدمة الطبقة، واي طبقة، طبقة على نطاق عالمي، ومن هنا نقول "قطاع عام دولاني رأسمالي معولم". وتحت هذا الوضع القيادي مالياً وإدارياً، تتسلسل تمفصلات طبقية على صعيد عالمي ايضاً إلى درجة مدهشة، متجاوزة بالطبع السيادة، ومزاعم الكرامة القومية والسيادة الوطنية...الخ.



يعد نشاط الشركات عابرة القومية محصوراً في المركز، بل نقلت جزءاً من قاعدتها الإنتاجية، وإن الأقل تطوراً، إلى محيط النظام العالمي ولا سيما المتضخم بعمالة رخيصة الأجر، فاختصر استيراد المواد الخام، وإعادة تصديرها ثانية إلى المحيط، اختصر الجغرافيا جيئة وذهاباً. ولم يكن لهذا أن يحصل، لأنه لم يتخذ شكل احتلال، إلا لأن هناك أنظمة حاكمة وطبقات اجتماعية استقبلت ذلك بابتهاج في نطاق ما يسمى "إستدعاء راس المال الأجنبي المباشر والحفاوة به". وبهذا أسس لطبقة راسمالية عالمية متفاوتة في الدرجة، ومحمية من انظمة الحكم في هذه البلدان. وهذا خلق تناقضاً مع البلدان التي تحاول الخروج ولو النسبي من تحت عباءة المركز، بإقامة بنى إنتاجية مدنية محمية ببنى تسليحية. وكأن الدولة القومية في هذه البلدان في اشتباك محتمل مع المركز، وتوابعه في الأطراف.



نشأت في المركز وامتدت إلى الأطراف طبقة الفقاعة المالية، المضاربين، التي نشرت وهم الربح السريع وغير المتعب. فقد نفخت عبر المضاربات قيم اسهم الشركات في الولايات المتحدة مما جعل قيمة الإقتصاد الحقيقي الأميركي قرابة ثلث قيمة اسهمها في سوق المضاربات المالية. كما أن لهذه الطبقة تمفصلاتها على صعيد عالمي تساعدها في وضع اليد على مدخرات الطبقات الشعبية على صعيد عالمي. ففي آذار 2006 خسر المستثمرون الصغار في السعودية معظم استثماراتهم في السوق المالي6، أما في المناطق الفلسطينية المحتلة 1967 التي تعيش على حقن التمويل الأجنبي، فقد خسر اصحاب الأسهم نصف ما دفعوه، اي أكثر من 2 مليار دولار. فالنهب الرأسمالي لا يعرف الحدود ولا يرحم الأيتام!



أدى الإنتقال إلى "الإقتصاد الجديد" إلى تغيرات في مبنى الطبقة العاملة على صعيد عالمي. لقد تم تقسيم الطبقة العاملة في مركز النظام العالمي، أميركا خاصة، إلى طبقة عمال الإقتصاد الجديد في قطاع المعلومات الإلكترونيات والإنترنيت...الخ، وطبقة عمال الصناعة التقليدية، وطبقة عمال الخدمات بشكل عام.7 أما في المحيط، فأدى هذا الإنتقال إلى تقسيم الطبقة العاملة إلى قسمين على الأقل:

o العاملون لدى الشركات الأجنبية، والذين، رغم ضآلة أجورهم مقارنة مع نظرائهم في المركز، يشكلون طبقة عليا مقارنة مع عمال المشاريع المحلية في بلدانهم

o وطبقة العمال في مختلف قطاعات الإقتصادات المحلية

والنتيجة لهذا التقسيم هي تأكيد انتصار ما لراس المال على العمل، وإضعاف تماسك الطبقات الشعبية في مواجهة تغّوُل رأس المال على صعيد عالمي، مما قاد ويقود إلى تدهور شروط الحياة للسواد الأعظم من البشرية والمتجلي في تزايد من هم تحت خط الفقر، وانتشار الأمراض وارتفاع نسبة الأمية، وتسهيل قيام المركز بالحروب.



وهكذا، لم يعد فهم النظام العالمي على اساس قومي صرف أمراً ممكناً، ولا على اساس تصنيف طبقي بحت عابر كلياً للقوميات أمراً ممكناً كذلك. هو تحالف طبقي عالمي أساسه راسماليات المركز. وفي حين أن راسماليات المركز هي قومية بامتياز، أما مصالحها فعالمية بامتياز ايضاً، فإن راسماليات المحيط هي جزء منه، لكن ارتباطاتها وتبعيتها وتفريطها بالمصالح القومية لأممها، تطرح جدياً حدود ولائها القومي متنافسا مع تخارجها (externalization) العالمي/الطبقي. صحيح ان بعض الأنظمة المحيطية تحاول الخروج عليه، ولكن بالإجمال، هو نظام الطبقات الراسمالية في تحالفها ضد الطبقات الشعبية على صعيد عالمي. لذا، يعيش هذا النظام ويستمر بمقدار قدرته على التلاعب هيمنياً بالطبقات الشعبية عالمياً، وحين لا تفلح الهيمنة قد تُفلح الدبابة.



أمركة النظام العالمي



سمح تفكك الإتحاد السوفييتي للإمبريالية 8 الأميركية بالعودة للإستعمار المباشر، وبهذا نقلت الحرب الباردة بين القطبين إلى حروب ساخنة في المحيط. على أن من جملة معاني هذه الحرب الساخنة هي إشعار الدول الطامحة في التحول إلى اقطاب، بأن دونها القوة العسكرية الأميركية المانعة لذلك. لذا، لا تلبث أميركا تؤكد أنها لن تسمح بتطور اي تحدٍ لها اقتصادي او عسكري. فطالما أكدت الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة أنها لا "تتسامح" مع نشوء اية قوة عسكرية أو اقتصادية يكون بوسعها تحدي السيطرة الأميركية (إقليمياً: العراق، كوريا الشمالية ثم إيران)، وهذا لا ينحصر فرضه على أنظمة الحكم بل يُطال الشعوب كذلك، إنه ضد الحركات السياسية المقاومة للإمبريالية سواء مباشرة أو لا مباشرة وخاصة في فلسطين، والعراق وأفغانستان وصربيا، وقوى المقاومة داخل بلدان الأنظمة العميلة لأميركا، وخاصة حزب الله في لبنان ذي النظام الحالي العميل بصراحة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني9، مجسداً هذا في شعار "لا مقاومة في حقبة العولمة".



فعلى الرغم من التكوين المتسارع للإتحاد الأوروبي بتعدد إمكاناته الهائلة، فإن الولايات المتحدة ما تزال متحكمة بالمركز الأوروبي الغربي. فقد بينت وقائع عدة في العقود الثلاث الأخيرة عمق هذا التحكم الأميركي لدرجة يمكن القول، بدون مبالغة كبيرة، بأن أميركا هي الدولة المستقلة الوحيدة في العالم، وبأن أوروبا واليابان مناطق حكم ذاتي، في حين أن بقية العالم مثابة مستعمرات مستباحة. وإلا فما معنى ذلك الإصطفاف الأوروبي وراء السياسة الأميركية سواء في التخطيط أو التنفيذ العسكري أو التمويل، سواء في فلسطين فالعدوان على العراق (1991)، وقصف يوغسلافيا (1999)، واحتلال أفغانستان (2001) والعراق (2003)10 وحصار كوريا وكوبا وإيران، وبالطبع في دعم الكيان الصهيوني ورعايته المتواصلة.



وحتى حين تدهور الإقتصاد الأميركي إلى درجة عالية من الطفيلية، ووصل الأمر بالولايات المتحدة درجة تمويل عجزها وسيطرتها وحروبها واستهلاكية مواطنيها على حساب الأمم الأخرى، كان ذلك بسبب ومن أجل قوتها العسكرية. فقد قفز العجز في الولايات المتحدة من 100 بليون دولارعام 1989 إلى500 بليون عام 2002. كما نضبت المدخرات القومية الأميركية نظراً للإنفاق الحربي الهائل والإنفاق الإستهلاكي الذي تربى عليه الأميركي. فالمواطنون الأميركيون يستهلكون ما ينتجه العالم، ويمولون ذلك بما يتدفق إليهم من مدخرات واستثمارات العالم. تجدر الإشارة إلى ان الإستثمارات اليابانية في أميركا التي اعتبرت غزوا لأميركا هي في الحقيقة تمويل ياباني وأوروبي لأميركا.



ينطبق الأمر نفسه، وإن بقدر اكبر من التبعية على بلدان الخليج العربي التي استوردت اسلحة من الولايات المتحدة بما قيمته 73 بليون دولار في الفترة من 1981-2006، وقدمت قائمة طلبات تسليح مؤخراً ب 13 بليون دولار، ورغم ذلك فهي تصرخ مستغيثة من "الخطر الإيراني" وتثير فتنة (الشيعة والسنة) كي تبرر للولايات المتحدة احتلال الوطن العربي وضرب إيران. فإذا كانت كل هذه الأسلحة عاجزة عن حماية مشتريها، فما لزوم شرائها؟ أليست هذه المشتريات مثابة "ريع" اقتصادي لعلاقة سياسية جوهرها حماية الولايات المتحدة لأنظمة هذه البلدان من شعوبها؟



كما أن الصين الشعبية تدعم الدولار طالما تمول وارداتها بالدولار الذي تكسبه من فائضها التجاري الملموس مع الولايات المتحدة، مما يدعم الدولار. لذا، تواصل المؤسسات المالية الدولية والأنظمة البرجوازية في العالم دعوة الصين وبلدان النفط العربية لدعم الدولار. إن من مصلحة الولايات المتحدة الإصرارعلى الإحتفاظ بهيمنتها العسكرية لإخضاع الأسواق العالمية، وصناعة الحروب كي يتواصل استيراد منتجاتها من الأسلحة.



ما هو معروض على الطبقات الحاكمة في مختلف بلدان العالم هو التذيل للطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة. وهذا يعني انه كي تتمكن الشعوب من إحداث تغيير فإن عليها فك الإرتباط مع مشروع الطبقات الحاكمة وهذا يفتح على أهمية الحركات الشعبية المناهضة للحروب والعولمة، وهي، رغم كونها مخاليط هائلة من الإتجاهات، هي جوهرياً وإن دون إعلان بعد، مناهضة للصهيونية لأنها ماكينة حروب من جهة، ووليد وظيفي للنظام العالمي من جهة ثانية.



الصهيونية راسمالية غربية قبل تهويدها



بخلاف سائر المستوطنات البيضاء، وجميعها راسمالية، ينفرد الإستيطان الصهيوني، وهو ابيض كذلك، بعدة خصائص، منها أن وطنه الأم هو المركز الرأسمالي الغربي11 من حيث دافع الإستيطان، ناهيك عن الأصول القومية المتعددة للمستوطنين اليهود في فلسطين التي تتجاوز مركز النظام إلى محيطه ايضاً. وعليه، فإن الحركة الصهيونية معولمة منذ بدايتها، بعكس الدين اليهودي هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن الصهيوينة قد صهينت ورسملت الديانة اليهودية ومن هذا المنطلق تحديداً يمكن التعامل معهما مندمجتين اي بقدر صهينة الدين وتوظيفه وإلحاقه وليس بقدر تهويد الصهيونية.



يفتح هذا الحديث على خلاف مع كثرة من الدراسات التي تنسب الصهيونية كوليد للإمبريالية، بل وطرح المسألة بحالة رمادية تشي بتناقض الصهيونية مع الراسمالية، حتى رغم نسبها إلى حقبة تأزُّم الراسمالية في شرق وغرب أوروبا. ويجادل هؤلاء بأن ولادة الصهيونية ترافقت مع توسع الراسمالية من النطاق القومي وتحولها إلى حقبة الإمبريالية مما قد يوحي بأن الإمبريالية حقبة أخرى مقطوعة عن الرأسمالية من جهة ومع دورها الإستعماري من جهة ثانية. (أنظر لاحقاً)



وهذا يقربنا من أطروحة محمد ولد إلمي، بأن جذور الصهيونية نفسها ليست يهودية، وهو أمر يلقى تفسيره المقبول ويتقاطع إلى درجة كبيرة مع علاقتها المتواصلة، أي الصهيونية، مع النظام الرأسمالي العالمي في حقبتيه الإمبريالية ومن ثمَّ العولمة. ناهيك، وربما هذا الأهم، عن أن هذا الطرح يستكشف بأن الصهيونية كانت ضرورية للراسمالية الغربية في تخارجها الإستعماري، وبأن زرع هذا الكيان في فلسطين، كان سيحصل سواء نادت به الصهيونية السياسية لاحقا أم لا، وهذا الأساس الموضوعي والمنطقي وراء التوليد الراسمالي للصهيونية.



"... منذ عهد الإصلاح الديني فإن العديد من مخططات الإستيطان الصهيوني لفلسطين قد رأت النور وتطورت على أيدي اوربيين غير يهود (متدينين وملحدين على حد سواء) كانوا قد سبقوا كلا من يهودا القالاي (1798-1868)، وموسس هيس (1812-1875) وثيودور هرتسل (1860-1904) الذين صادف ظهورهم مجرد بداية صهينة اليهود أنفسهم وانخراطهم المباشر في فكرة الصهيونية والتي كانت في اساسها فكرة غير يهودية12".



كما يرد ولد إلمي الإهتمام السياسي واللاهوتي باليهود إلى مارتن لوثر (1483-1546) حيث رأى في اليهود حلفاء مرشحين ضد الكاثوليكية ومهتدين احتياطيين للديانة البروتستانتية الجديدة. هذا على الرغم من تراجعه عن موقفه لاحقاً تحت التهديد (نفس المصدر). على أن الأكثر أهمية أن بريطانيا الميركنتيلية في القرن السابع عشر، وخاصة بعد أن تمكن كرومويل من محاكمة وإعدام الملك تشارلز الأول، قد رحب باليهود لأنه كان مصمماً على استقدام التجار اليهود من امستردام، المنافِسة، إلى لندن بغية تقوية التجارة الإنجليزية في وجه البرتغال وإسبانيا حيث تقيم جاليات يهودية عرفت بالثراء والمهارات التجارية وشبكة العلاقات التجارية الخارجية13.



على أن افول نجمي إسبانيا والبرتغال لصالح بريطانيا وفرنسا، وانتقال أوروبا الغربية باتجاه الراسمالية الحديثة ممثلة في الثورة الصناعية، يعطي لكشف الجذور والأسس غير اليهودية للصيهونية، اي الجذور الرأسمالية، أدلَّة اقوى. يتضح هذا من تنافس كل من بريطانيا وفرنسا على كسب ود اليهود، وبالطبع على اساس وظيفي/استخدامي. فإبان محاولته الفاشلة لاحتلال عكا والقدس، توجه نابليون إلى اليهود بإعلان يقول:

" إن فرنسا تعرض عليكم (أي على اليهود) في هذا الوقت، وخلافاً لكل التوقعات، إرث إسرائيل...إن فرنسا لا تناشدكم احتلال هذا الوطن، كلا، بل مجرد الإستيلاء على ما تم احتلاله وبضمانات ودعم تلك الأمة، والمحافظة عليه ضد كل الغازين"14. وأضاف نابليون داعياً اليهود للسير تحت رايته "لإعادة تأسيس القدس القديمة واصفا اياهم بأنهم امة فريدة وصاحبة حق مشروع في وراثة فلسطين15".



قد لا يكون هناك عرضاً أكثر سخاء من هذا! ولكن لا يمكن لهذا السخاء من إمبراطور راسمالي توسعي أن يكون بلا ثمن، وليس هذا الثمن سوى إقامة قاعدة يهودية في فلسطين لخدمة فرنسا في صراعها مع بريطانيا على المنطقة وطرق التجارة إلى الهند. أما وقد عجز نابليون أمام أحمد الجزار وأسوار عكا، ولاحقاً انتهى في معركة واترلو 1815 فقد انتقل توظيف اليهود من الرأسمالية الإستعمارية الفرنسية إلى الراسمالية الإستعمارية البريطانية.(سنلاحظ لاحقاً، أنه بقدر انتقال الإهتمام الراسمالي الإستعماري بتوظيف اليهود، كانت قرون الإستشعار الصهيونية تتابع ايضا تغير ميزان القوى لتُلحق هي نفسها بموجبه بالقوة الإمبريالية الجديدة الأقوى).



ولا شك أن هذا العرض الفرنسي هو الذي كررته بريطانيا بعد أكثر من قرن سواء بوعد بلفور 1917، واحتلال فلسطين ورعاية الإستيطان الصهيوني في فلسطين حتى اليوم. لذا، عارضت الصهيونية البريطانية اندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون داخلها وحرضت على انفصالهم بحجة انهم متميزين.



"...أمر شافتسبري جمعية لندن لتعزيز المسيحية بين اليهود ببناء كنيسة إنجيلية في القدس، "على جبل صهيون نفسه إن أمكن ذلك16، كما انه اكد لبالمرستون ان الصهيونية ستكون الوسيلة الأسرع والأقل كلفة لاستعمار سوريا وبأنه لن يطلب من الضامنين ان يقدموا اية مبالغ مالية وان المنافع الناجمة عنها (أي الصهيونية) ستعود إلى العالم المتحضر بأجمعه17".



بعث الفيكونت بالمرستون إلى السلطان العثماني برسالة يشرح له فيها المنافع المادية والسياسية التي تعود على السلطان من جراء تشجيع الهجرة اليهودية الى فلسطين: "ان عودة الشعب اليهودي الى فلسطين بدعوة من السلطان وتحت حمايته تشكل سدا في وجه مخططات محمد علي او من يخلفه18". لذا، كان التحالف البريطاني العثماني في الإعتداء على مصر وتصفية تجربة محمد علي لبناء دولة عربية حديثة. وهذا يفسر التفكير الإستعماري البريطاني والفرنسي المبكرين لإقامة كيان صهيوني في فلسطين كقاعدة لضرب الأمة العربية، وليست من أجل "ملجأ" يعيش فيه اليهود "المساكين"19!.



كان القناصل الأوروبيون قد عملوا على فصل فلسطين عن دمشق منذ ثلاثينات القرن التاسع عشر بهدف خلق دولة مسيحية في فلسطين وفصلها عن الدولة العثمانية. اما فريدريك ولهلم الرابع فكتب في أمر اداري لمجلس الوزراء مؤرخ في 31-8-1839 قائلا في استسلام: " انني اشاطركم الراي فيما افصح عنه التماسكم...من رغبة في رفع القدس الى دولة مسيحية. وأرجو ان لا تخطئوا بهذا الصدد في تقدير الصعوبات التي تعترض هذه الرغبة20".

هل المسألة خدمة المسيحية أم تسابق دول المركز على المنطقة؟ يذكرنا هذا بحروب الفرنجة، واستخدام الدين لأغراض بحث فائض أمراء الإقطاع عن إمارات. ترتكز محاولات تأسيس دولة مسيحية في القدس بالمشروع الأكبر وهو تفكيك العثمانيةن التي ترنحت طويلاً قبل أن يُجهزوا عليها.



كان انتقال اوروبا الغربية من الإقطاع إلى الراسمالية ونشوء المصارف المسيحية ودخول الراسمالية الى الريف مثابة حراك اجتماعي شامل طال بدوره اليهود الذين فقدوا دورهم كصيارفة للنبلاء والحكام وكسماسرة ايضا. فانتقلوا إلى المدينة بما هي مركز الإنتاج في التشكيلة الإجتماعية الإقتصادية الطالعة. وهناك أنشأوا معازلهم الطوعية، "الغيتو"، التي يعني وجودها رفض الإندماج او العداء للمجتمع المحيط.

نلاحظ انه بالتوازي مع رسملة أوروبا الغربية، كان يتم انعزالا أوسع لليهود، قرارهم الذاتي بالإنعزال ليس على أسس دينية، وإنما لأنهم أكثر ارتباطاً بنمط الإنتاج الإقطاعي (أعمال الربا، والسمسرة، والصيرفة) هذا رغم انتقالهم إلى عالم المدينة الأرحب. بعبارة أخرى، كانوا من المواطنين الأوروبيين الذين أعيق ترسملهم مقارنة مع برجوازيات تلكم البلدان.

يقول الكيالي: " وأدى نشوء الراسمالية الصناعية في أوروبا الغربية إلى انهيار وظيفة اليهود الإقتصادية والإجتماعية، مما اضطرهم لمغادرة بعض البلاد أو إلى طردهم من مدن أوروبا الغربية فنزحوا إلى أوروبا الشرقية، حيث استمروا في لعب دور التاجر والمرابي والخمار ووكيل الإقطاعي في استغلال الفلاح مباشرة إلى أن برز في القرن التاسع عشر فجر الراسمالية الصناعية في روسيا وبولندا فاهتز وضع اليهود اهتزازا تاما...واسهمت ازمة الراسمالية في تغذية اللاسامية...وفي ظل اشتداد وطأة اضطهاد اليهود إثر المجازر الروسية عام 1882، وفي ضوء رغبة المتمولين الغربيين في توجيه هجرة يهود أوروبا الشرقية إلى خارج أوروبا، نشأت الحركة الصهيونية وحددت هدفها في إيجاد دولة يهودية خارج أوروبا21".



تشكل هذه التطورات المناخ الذي طوَّر رؤية الصهيونية السياسية لمستقبلها. فلا شك أن حصافة ما توفرت لهرتسل ومؤيديه بأن مستقبل العالم منوط هذه المرة بالطبقة الراسمالية في اوروبا الصناعية، شريطة أن يكون هؤلاء "اليهود" مطواعين لمتطلبات أوروبا الراسمالية، وأن على يهود أوروبا أن يغيروا موقعهم الجغرافي بقيادة حركة ذات إيديولوجيا برجوازية صغيرة وجدت نفسها في مأزق بين إقطاع يتهاوى وراسمالية مأزومة22، وطالما لم تعد أوروبا مؤاتية لدورهم الإقتصادي كما ان عليهم تجليس دورهم المالي ضمن الإنتقال الراسمالي ألأوروبي إلى مرحلة الإمبريالية. وعليه، كان تفكير هرتسل مثابة نقل الصهيونية الأوروبية (البحث الأوروبي عن أداة في الوطن العربي) إلى الصهيونية اليهودية (بحث البرجوازية الصغيرة اليهودية، عن موقع استثمار اقتصادي ضمن مشروع سياسي بالطبع) ولكن ضمن تطورات النظام الراسمالي العالمي وليس لما قد يبدو تناقضاً بين اليهود والرأسمالية في أوروبا في تلك الفترة، بقدر ما هو توظيف الراسمالية الأوروبية لليهود. كانت الصهيونية السياسية/البرجوازية إذن بصدد البحث عن موقع جغرافي لمشروعها الإقتصادي. ومن هنا زاوجت بين علمانيتها، وهي علمانية تمتعت ولا تزال بمرونة تصل حد التنازل عن العلمانية نفسها! وبين الديانة اليهودية كي تجند الكثافة الديمغرافية لمشروعها. وعليه، فهذا يبين المشترك الامبريالي وتلاقي المصالح بين الصيهونية والرأسمالية الأوروبية الغربية بمعنى أن كليهما أخذ يبحث عن استعمار مناطق خارج الوطن الأصلي، الأولى بحثاً عن مكان لاستعمار استيطاني، والثانية بحثاً عن مستعمرات. وهذا يفتح على حقيقة هامة هي أن الصهيونية لم تجد لمشروعها مكاناً مناسباً في أوروبا، وبما أن مناخ الإستعمار الإستيطاني كان سائداً في أوروبا في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، فالصهيونية كحركة استيطانية، عانت من أزمة الراسمالية في تلك الفترة، وجدت أن خلق مشروع استيطاني هو حلاً لطموحها الراسمالي. أما اعتماد اليهود كمكون بشري لها، فقد دفعها لإحياء مزاعم التوراة بشأن أرض الميعاد وزعم تواصل ما يسمى بتاريخ إسرائيل!



لقد بينا بأكثر من ملاحظة أن دولة غير عربية، أي أوروبية، يهودية/مسيحية غربية في فلسطين ليست فكرة يهودية صهيونية بل استعمارية أوروبية. وعليه، قد تكشف التنقيبات البحثية ان الحركة الصهيونية استقرت على فلسطين تحت رغبة وضغط الدول الكبرى، وهي، رغبة بل مصلحة التقطها هرتسل وطالب أن يكون هذا الإستيطان بحماية "الدول الكبرى مجتمعة، وقد اجتمعت ولا تزال!. لذا، وبعد أن فهمت الحركة الصهيونية ما ارادته الدول الغربية التي هدفت إلى خلق دولة وظيفية في فلسطين، وليس دولة لليهود كيهود في اي مكان يختارونه، تحدث هرتسل عن "الدول الكبرى مجتمعة" وبالتالي رفض عرض السلطان عبد الحميد الذي كان سيئاً للعرب والأتراك، وغير سخي لليهود:

"... إن السلطان عبد الحميد قد وافق عام 1902 بعد مفاوضات طويلة مع هرتسل الذي عرض عليه مبلغ 1,600,000 جنيه استرليني على منح اليهود حق الإستيطان الإستعماري في العراق وسوريا والأناضول واستثنى فلسطين مما دفع هرتسل إلى رفض العرض23". وبالطبع، لا يمكن لهرتسل أن يقبل بغير ما حددته الدول "الكبرى مجتمعة" أو متفرقة.





الهـوامــش



1- تَشي تسمية النظام العالمي الجديد بوجود خلفية تلاعبية من نَحَتَها. لعل قراءة لهذا النظام تؤكد انه هو نفسه النظام الراسمالي (داخل البلد الواحد من حيث علاقات الملكية والإنتاج الراسمالية) وهو نفسه نظام التبادل اللامتكافىء، وبالطبع تخليد التطور اللامتكافىء عبر الإستقطاب، على صعيد عالمي، اي بما يتجاوز الدولة القومية. لعل ما أغرى بوش الأب بتبني تسمية "الجديد" هو الدور المتفرد نسبياً الذي مارسته الولايات المتحدة وهو القيام باحتلال بلدان في المحيط، وربما الإيحاء بانه جديد من حيث أنه قام على "إنقاض" القطب الاشتراكي . ولكن هذا ليس جديداً، ففي حقبة ما قبل الثورة البلشفية وتبلور القطب السوفييتي كان احتلال المستعمرات أقل كلفة من المناورات العسكرية لجيوش الدول العظمى. وعليه، فإن عودة المركز للإحتلال والإستعمار المباشر لا يعني اختلاف النظام "الجديد" عن القديم، بل استدعاء تراثه الإستعماري المباشر. وهذا يفتح على انتقال راسمالية المركز نفسها من حقبة الإمبريالية إلى حقبة العولمة بمعنى أن التغيرات في النظام العالمي هي في علاقات مركز/محيط اكثر مما هي في القوانين التي تحكم نمط الإنتاج الراسمالي أو عموما التي تشكل التشكيلة الإجتماعية الإقتصادية الرأسمالية. إن تسمية "النظام العالمي الجديد" بالإعتماد أو الحصر في مسالة وحدانية القطبية يعطي النظام العالمي سمة عسكرية وقد يؤدي إلى تغييب أو وضع جوهره الإقتصادي الطبقي في حالة رمادية، مما يقلل من وحشية هذا النظام وأحياناً يبرر إلى حدما عدواناته. فحين تعلن القطبية الواحدة أنها ضد الإرهاب، يتهيىء لكثيرين أن المسألة ليست أكثر من "حفاظ" على أرواح البشر!. وهنا يصبح النقاش في القطبية وعلاقات القوة وليس في الإستغلال ومصالح الطبقات، وهذا يقرَّب من يعتمد هذا المنحى من أطروحة "الإمبراطورية" لدى هارت ونيجري.



2- يستخدم البنك الدولي مثلاً مصطلحات التنمية المستدامة والتنمية البشرية، وهي في الاساس مصطلحات اشتراكية، أو على الأقل ليست من خطاب البنك الدولي.



3- بتفكك الإتحاد السوفييتي وتراجع الإمبرياليات القديمة "العجائز" إلى الدرجة الثانية، لم يعد تقاسم العالم وإعادة تقاسمه بالحرب أو غيرها هو ما يحكم علاقات الإمبرياليات، بل اصبحت الإمبريالية الأعظم هي التي تقسم ما بين الإمبرياليات وحتى توزع الأدوار. هل ينسجم هذا مع أطروحة كاوتسكي، ما فوق الإمبريالية ؟ لهذا حديث آخر.



4- الاشكنازية: حسب التعريف القاموسي فالاشكنازية هي وحدة من فرقتين من اليهود، وهي الفرقة االقادمة من شرق اوروبا والتي تتحدث الييدش. لقد هاجر الآلاف من هؤلاء للاستيطان في فلسطين. ان الاشكنازيين هم اليهود الاوروبيون البيض، وخاصة الشرق أوروبين، الذين لعبوا دورا رئيسيا في اقامة "اسرائيل". ان الاشكنازية هي التي بلورت الايديولوجيا الصهيونية الاستيطانية. على ان استخدامنا لهذا المصطلح مقصود به الاشارة الى ان الطائفة الاشكنازية هي النخبة الحاكمة في الدولة الصهيونية، وهو امتياز لها على طائفة اليهود الشرقيين (المزراحيم).

5-

China is still a debatable case, it seems that class struggle is still taking place. If China is evolving towards a stable form of capitalism, its position towards peripheral countries will be different from its position if its recent developments are in a socialist orientation. The Nepalese Maoists consider the recent developments in China as democratic, but Slavoj Zizek (in his “China’s Valley of Tears Is authoritarian capitalism the future? December 3, 2007 http://www.inthesetimes.com/article/3425/chinas_valley_of_tears) asks if China maintain any form of ‘socialism’ it will deeply influence the WO.

على أن الأمر لم يحسم بعد في الصين، بمعنى ان حراك صراع طبقي ما زال يعتمل فيها. قد يؤكد هذا الجدل الإيديولوجي الذي يتجدد في الحزب الشيوعي هناك أنظر:

Also see Stephen Green, China's "New Socialist Countryside, Standard Chartered Senior Economist” where Green explores how China should proceed to raise rural residents out of a cycle of poverty. BusinessWeek March 9, 2006



6- أهي ماساة أم ملهاة أن نسبة عالية من المستثمرين في السوق المالي السعودي من النساء، فالمرأة ممنوعة من قيادة السيارة، لكن مسموح لها بالمضاربة؟



7-

See:

(1) Adel Samara, “Epidemic of Globalization: Ventures in the World Order, Arab Nation and Zionism”, Palestine Research and Publishing Foundation, USA, 2001.

(2) Adel Samara, “Beyond De-Linking: Development by Popular Protection vs development by State:, Palestine Research and Publishing Foundation, USA, and Al-Mashriq Al-A’amil for Cultural and Development Studies, Ramallah, 2007



8- لا يعني ذكر الإتحاد السوفييتي هنا أنه كان بعيداً عن النظام العالمي. فهو نظام انتهى إلى راسمالية بلا راسماليين، ليولَّد النومنكلاتور التي "أزالت" التناقض وحولته إلى بلد راسمالي برأسماليين. ولذا، فهو، منذ الخمسينات القرن الماضي، على الأقل جزء ما بدرجة ما من النظام الراسمالي العالمي، ومعارضته للإمبريالية "الأصلية والأصيلة" كانت من باب التناقض القطبي الدولاني.



9- يلاحظ المتتبع أن الولايات المتحدة تترصد لحزب الله كما لو كان قوة عظمى. وهذا يفتح في حقيقة الأمر ليس على عدوانية الولايات المتحدة، بقدر ما يفتح على الموقع المتميز للكيان الصهيوني لدى هذا المركز الراسمالي المعولم.



10- بموجب اتفاقية نافتا، تُرغم كندا على تصدير مليون برميل نفط يومياً إلى الولايات المتحدة، وبما أن هذه الكمية إضافة إلى حاجة كندا تفوق إنتاج كندا من النفط، فإن كندا مضطرة لاستيراد هذه الكمية من السوق الدولي لسد حاجة أميركا بناء على الإتفاقية المذكورة!. لمعلومات إضافية، أنظر "العطش إلى النفط" تأليف ايان رَتليدج، ترجمة مازن الجندلي، منشورات الدار العربية للعلوم ومكتبة مدبولي، 2006.



11- في دراسته عن الإمبريالية أشار لينين إلى دفاع "المليونير وملك الأموال والمسؤول الأول عن حرب البوير 1895" سيسل رودس، دفاعه عن الإمبريالية بقوله: "كنت أمس في شرق لندن (حي العمال) وحضرت اجتماعًا للعاطلين عن العمل. وعندما عدت إلى المنزل بعد الخطب الرنانة التي استمعت إليها هناك، والتي كانت في أساسها صرخة تطالب بالخبز...إنني ما فتئت القول إن الإمبراطورية هي قضية مَعدة. إن لم ترغبوا في الحرب الأهلية، فعليكم أن تصبحوا إمبرياليين."لكن رودس لم يقل كما قال هرتسل إن على "الدول الكبرى مجتمعة أن تحمي الإستيطان اليهودي في فلسطين" أن تقوم بالإستيطان في ما اسمي لا حقاً باسمه ، ردويسيا الجنوبية، فالإستعمار يغير الأسماء كذلك. وبقي هذا الإسم الرديىء ملصقاً بذلك البلد إلى أن تحررت واصبحت زيمبابوي.





12- انظر محمد ولد إلمي، الأصل غير اليهودي للصهيونية، في كنعان، العدد 113، نيسان 2003، ص ص 29-60.



13-

Sharif. R. Non-Jewish Zionism: Its Roots in Western History. London Zed Press, Quoted in El Mai, (ibid) p. 40.



14-

Kobler, F. Napoleon and the Jews, Jerusalem: Massada Press, p. 55.

لكن، حماية فرنسا للكيان الوارد في رسالة نابليون لن تكون بلا دور وظيفي لهذا الكيان، وهو ما أدركه عُتاة الصهيونية اليهودية لاحقاً وخاصة هرتسل. على أية حال، فإن فرنسا المعاصرة هي التي زودت الكيان الصهيوني بأول مفاعل نووي في بداية خمسينات القرن الماضي، "مفاعل ديمونا".



15- الكيالي عبد الوهاب، تاريخ فلسطين الحديث، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة العاشرة، 1990: 24



16-

Tuchman, B. W. 1984, Bible and Sword: England and Palestine from the bronze age to Balfour. New York: Ballantine Books, p.192.



17- Ibid., p. 192.



18- مذكرة بالمرستون الى بونسونيي 11-8-1940، الخارجية البريطانية – خ ب- 78-390- رقم 134 – مقتطف من كيالي ص 24.



19- يثير هذا الإستهداف الإستعماري للوطن العربي سؤالاً لا بد منه: ألا تعود مسببات العنف العربي والإسلامي ضد الغرب الراسمالي إلى هذا الإرهاب الراسمالي الغربي والمحاولات السابقة له واللاحقة عليه؟ هكذا تجب قراءة التاريخ إذا كان لا بد من فهم الحاضر.



20- مقتطف من كامل العسلي، تحولات جذرية في فلسطين 1856-1882، دراسات حول التطور الإقتصادي والإجتماعي والسياسي: تاليف الكسندر شولش ترجمة كامل العسلي منشورات الجامعة الأردنية الطبعة الثانية عمان 1993. ص 66.



21- عبد الوهاب الكيالي، تاريخ فلسطين الحديث، المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت الطبعة العاشرة، 1990، ص ص 21-22.



22- قاد التطور الرأسمالي المتسارع في روسيا بعد 1863 واصلاح الإقتصاد الروسي إلى تدهور وضع اليهود المتركزين في البلدات الصغيرة. كما ان الطبقات الوسطى في الغرب قد تحولت ضد اليهود الذين زادوا من سوء أوضاعها. على أن هذا ليس شرطاً انه ضد اليهود كدين، وإنما هو نتاج صراع طبقي.



23- أنظر مذكرات هرتسل الكاملة، الجزء الرابع ص 1302، مقتطف في الكيالي، مصدر سابق ص 36. لماذا لا يكون من قبيل الإنصاف للسلطان العثماني أنه رفض "منحهم" فلسطين، وربما كان الرجل على اطلاع ما بأهداف الدول الراسمالية الغربية في الوطن العربي الذي كان ضمن العثمانية، وإلا لماذا عرض غير فلسطين؟ وهنا يبرز السؤال: لماذا كان موقف السلطان عبد الحميد افضل من مواقف أمراء العرب الذين وافقوا على هجرة اليهود إلى فلسطين، الأمير فيصل عام 1918 مثلاً. هل كان جهلا منه بالأمر، أم أن التابع لا يستطيع رفض مطالب السيد! كانت العثمانية ضعيفة، لكنها كانت تقاتل ضد أن تكون تابعة. وهنا، لا يدخل عامل الدين في الموقفين، بل يدخل عامل المصالح، كما لا يدخل عامل القومية، بمعنى أن هناك بعض السلفيين الذين يربطون تهافت أمراء الحجاز أمام المستعمرالبريطاني بالقومية العربية في محاولة منهم لتبرير موقفهم المضاد للقومية العربية. باختصار، في التبعية ومصالح التابعين الصغيرة، آنذاك، وحتى اليوم، تكمن كوارث هذه الأمة.

ليست هناك تعليقات: