2008/09/27

رسالة من جمال عبد الناصر



من حيث أنا الآن ,ومن ملكوت الله,اشعر كأنني مازلت معكم أعيش قضاياكم ومشاكلكم,وأتمثل توجهاتكم وشواغلكم, وأتحسس أفكاركم ومشاعركم , وأتصور إنني استطيع أن أكون قريبا من حالتكم بأكثر مما يستطيع أبطال أمتكم العظام الذين اطلوا عليكم من هذه الزاوية قبلي ,وسبب ذلك واضح وهو إنني كنت بينكم إلى سنوات قريبة وقبل أن يجيئني نداء رب العالمين إلى جواره فألبي .

لله حكمة لا نراها نحن البشر في دنيانا عندما نكون فيها,ونحن نتقبل بالإيمان إحكامها ,لكننا عندما نعود إلى الملكوت الأبدي نلقاها أمامنا فيضا ونورا أوسع وأعمق من كل ما تستطيع قلوب الناس أن تحمله مهما رقت وصفت .لا أخفيكم إنني كنت أتمنى على رب الخلق إن يمهلني في دنياكم حتى أخوض معكم حربنا الحقة والعادلة لاستعادة الأرض وتطهير التراب بعد محنة قاسيناها معا قبل ثلاث سنوات من ذهابي بحساب الزمن في دنياكم, ولقد كنا كما تذكرون اعددنا للأمر عدته , ثم جاء إلى إذني نداء الحق قبل أن يصل إلى أذانكم نفير الحرب. ولقد أطعت النداء ورحلت . وهناك في رحاب مالك الملك استأذنت أن أظل موصولا ولو بشعاع مع عالمكم , وأذن لي .

ورحت أطوف من حول الشعاع انتظر في كل لحظة أن أحس من ارتعاشات خيوط الضوء فيها ما ينقل الي صدى نفير يتردد في آفاقكم , وطال انتظاري أكثر من ثلاث سنوات ولم يصبني ملل في الانتظار ولا اعتراني يأس ,فقد كنت اعرف عن أيامي بينكم كم هي صعبة تلك المسؤولية التي تركتكم معها وتركتها معكم , سوف تترددون بعض الوقت وتتهيبون, لكنكم بما أستودعكم الله من سر عزته سوف تقبلون وتتقدمون ,وعندما أقبلتم وأقدمتم ذات يوم من أيام شهر رمضان قبل أكثر من ثلاثة عقود بحساب زمنكم – رفعت بصيرتي عن الشعاع وتوجهت إلى صوب مصدر النور القدسي أناجيه دعاء وصلاة, حمدا وشكرا.. وجاءني من بعيد صوت قائل لا أراه :" تمهل يا عبد الله ولا تتعجل فما جاءك إشارة وليس بعد بشارة " ومضى الصوت القادم من بعيد يقول لي :"ألا تعرف ياعبدالله ما الفرق بين الإشارة والبشارة ؟ الأولى علامة تؤذن بشيء, والثانية علامة بأن الشيء جاء وبأنه خير لمن جاءهم ".

وقلت :"صدقت".

وتوافقت الحوادث مع قول القائل القادم صوته من بعيد. لقد أخطأتم انتم أيضا في الفارق بين الإشارة والبشارة , وفي حين وجدت في عالمي من ينصحني فأحمد له, فإنكم في دنياكم أعرضتم عن النصح وكان متاحا لكم لو أتبعتم الهدى . لكنكم أتبعتم الهوى , فرحتم تتنازعون الاسلاب والحرب دائرة , و ظن بعضكم انه يستطيع ان يفوز على حساب الاخرين ,و حل بالكل خسران مبين .

حزنت .حزنت .حزنت لا اقول لكم الى أي درجة ؟ و مع ان عالمنا هنا معفى من الاحزان الا ان ما جرى لكم و بينكم سرى الينا من بين افلاك النجوم , واستأذنا ان نأسى ,فأذن لنا عطفا علينا و رحمة. كان يجب ان ينقطع ما بيننا و بين الدنيا , لكن القدرة الاعظم شاءت ان تعطي الضعف الانساني فسحة علّ خواطره تطمئن و تهجع و تذوب بعدها في لا نهاية الأبدية .

لن اقول كثيرا, و لا تقولوا, فنحن هنا نعرف مثلما تعرفون و أكثر, فانتم ترون الأعمال , ونحن نراها و معها الضمائر. و انتم ترون الواقع , ونحن نراه و نرى ما بعده ؟

لو ان الذي حدث لكم بعد 1973 – كان قد حدث لنا بعد 1967 لفهمت وعذرت. في المرة الأولى كان نذيرا , و في المرة الثانية جاء بشيرا لكنكم بأيديكم حجبتم الضياء وأبحرتم الى بعيد مع ضلالات الهوى , اعرف ان حياة الأمم متجددة, لكن ما يحزنني ان عملا صالحا كبيرا بذل في سبيله أخياركم ما لا يسهل تعويضه أو تكراره – عبث به أشراركم في غفلة منكم , وباءت امتكم كلها بالخسران ولم يعد يجدي الندم .

لن اقول كثيرا , ولا تقولوا. ما فات مضى . والمستقبل ميلاد جديد ولكن متى ؟ انني اسمع اصداء تصل الي من عندكم الى هنا تحمل دعوات يتنادى بها بعضكم الى الوحدة في مواجهة خطر داهم وشر مستطير. نوايا طيبة , ولكنني اذكرمن دنياكم قولا مأثورا لحكيم من بني البشر قال فيه "ان النوايا الطيبة لاتصنع سياسات طيبة ". قول صادق كما ترون ونحن هنا في عالمنا لا نعرف غير الصدق ولا نستطيع ان نخفيه أو نداري فيه .

دعواتكم كما تصل الينا هنا نوايا طيبة تمنعها حقائق الأشياء وطبائع الامور ذاتها من ان تتحول الى سياسات طيبة .

كنت مشغولا بهمومكم حينما جاءني صوت من بعيد :"يا عبد الله انهم يطلبون رأيك".

قلت "من الطالب "؟

قال:"بشر من أمة العرب في ركن هناك على خليج شبت فيه نيران حريق ".

قلت :" وكيف يصل رأيي اليهم هناك في وسط الدخان واللهب وعتمة اليأس ".

قال :"لا شأن لك بذلك يا عبد الله . قل ما عندك وسوف يصل الى طالبيه حيث هم".

ْ ْ ْ

لي ان اطمئن إذا ان القول واصل اليكم ,ولكن ماذا اقول ؟ وكيف اقوله ؟

نحن هنا لا نمارس ما تسمونه انتم "تفكيرا" وإنما نحن هنا "نستجلي".ذلك

اننا حيث نحن قرب الحق وفي عزة ضيائه ,وأما التفكير فأداة انسانية منحت للبشركوسيلة للبحث عن الحقيقة .

في ملكوت الحق الكامل لا يحتاج احد لادوات ولا لوسائل . ولالبحث اوتفكير. هنا نستجلي .او قولوا نستوحي إذا وجدتموها أسهل .

انني اعرف ما اريد قوله ,فليس هنا من يستطيع غيرالصدق . مشكلتي انني اريده رفيقا بكم وليس فظا غليظ القلب تخشون لقاءه وتفرون منه .

الرفق في الحق شيء اخر غير التزويق , بمقدارما ان الامل في الغد شيء اخرغير رؤى السراب. لكي اريحكم سوف اقول لكم انني مطمئن على المستقبل الذي هو ميلاد جديد , ولكن المستقبل ليس هو الغد المباشروانما هو مابعد الغد .

اليوم وغدا عناء ,وعليكم تحمل اقدار المؤمنين الصابرين , فلا تتعجلوا الاوهام تطلبون فيها الخلاص ولاتتسابقوا الى النجاة حيث لا نجاة .

تتنادون الى الوحدة واخشى ان اقول لكم انه نداء راح منكم اوانه.. دقت ساعته من زمن ولم تصل الى اسماعكم .

اعرف ان عبادا من خيرة امة العرب شاركوا من عالمنا هنا في التصديق على نداء الوحدة , ولكنكم فهمتم ما قالوه على غير ما قصدوه .

لقد توجهوا اليكم من هنا بالدعاء , الدعاء نوع من الرجاء . طلب شفاعة لا اكثرولا اقل . وعليكم ان تستوعبوا وتضعوا الكلام في مواضعه ولا تثقلوه بامانيكم حتى ولو كانت طيبة.

انكم تتحدثون عن الوحدة ...

وحدة ماذا ؟ ووحدة من ؟

تأملوا ما جرى ويجري في فلسطين ؟ ماجرى ويجري في لبنا ن ؟ ماجرى ويجري في العراق وغيره وعلى امتداد تلك المساحة التي نسميها وطنا عربيا ؟؟ , ماجرى ويجري في صفقات التآمربين قوى العدوان الجاثمة على الارض الآن وبين قوى اقليمية اخرى متحفزة للعدوان ..وكيف ؟ ولماذا ؟ ومتى ؟ والى اين ؟ من يسيطر على موقعكم الآن ؟ من يحكم توجهاتكم ؟ كنوزكم التي كانت في باطن ارضكم كيف تبددت وتبدد؟؟

هل تحرك احد ؟؟؟

هل تكلم احد ؟؟؟

وتتنادون الى الوحدة ؟

ادركتم او لم تدركوا فأنتم تتحدثون عن وحدة حكام ؟ اسألكم ماجدواها الان ؟ لن تكون في احسن احوالها غيراتفاق صمت لا يحل عقدة ولا يفتح بابا .

دعوهم يتخبطون فيما هم فيه الان , فهم لا يملكون اكثر من حاضر مالت شمسه الى المغيب .

اما اذاكنتم تقصدون وحدة امة فاسمعوني اقول لكم : ان الامة لم تكن متحدة في تاريخها القريب بقدر ماهي متحدة الان .

كان مناي ان نوحدها على الامل في المستقبل لا تقلقوا - تولى الالم توحيدها على أي حال .. من الخليج الى المحيط - كما كنا نهتف ايام دنيانا – امة واحدة تعلمت درس الالم بعد ان فاتها درس الامل .

انظروا حولكم وتاملوا في روية وبلا عجلة وسوف ترون وجه الحقيقة ظاهرا امامكم بدون خفاء او رياء.

اقرأوا الصورة بأمانة ولاتخشوا في الحق او تهابوا . امامكم امة باسرها تشعر حتى النخاع بمرارة العلقم الذي شربته جداول وانهارا وبحارا .

وفي احساسها العميق بالمرارة فقد استطاعت اخيرا ان تعرف . والمعرفة وحدها بداية صحيحة . خصوصا اذا لحقتها ارادة .

الامة الان تعرف بمرارة العلقم ما عجزت حلاوة الامل عن تعريفها به .

حلاوة الامل نشوة لها اجنحة تحلق في الهوى . ومرارة الالم نزول على الارض وارتطام بالصخور .

لا بأس , ولا يضر الامم في بعض مراحل تاريخها ان ترتطم بالصخور على الاقل لكي تفيق من اوهامها وتهجر اعراض الامور الى جواهرها .

جواهر امور امامكم تعرض نفسها عليكم فلا تعرضوا انتم عنها :

-اما بان للامة كلها ان تقسيمها الى دويلات تحت دعوى الاستقلال خدعة ؟ - اذا ادركتم ان وحدة الامة بأي شكل يناسب عصركم لامفر منها - فهذا جوهر بان.

-اما بان للامة كلها ان ثراءها بهويتها , محتوى حضارتها , وليس ثراء الامم ارقاما في كشوف حساب او كتل ذهب في خزائن بنوك ؟ - اذا ادركتم ان ثروة الامم ليست مالا فحسب وانما قيم اغلى من المال واعز- فهذا جوهر بان .

- اما بان للامة كلها انه لا امن ولا تنمية ولا تقدم وراء حواجز التقسيم او مصائد الانقسام ؟ - اذا ادركتم ان الامن او التنمية اوالتقدم في بلد واحد هي ضروب من المستحيلات وان هذه الاهداف العظيمة لا تتحقق لغير الامم الكبيرة- فهذا جوهربان..

- اما بان للامة كلها ان حماية القوى الكبرى في هذا العصر لغيرها من الامم هي ذاتها حماية الذئب للغنم ؟ امريكا اوغير امريكا ؟ كل امة بما لديها , والا فهي رهينة للوحوش حتى تتحول من رهينة الى غنيمة ؟ - اذا ادركتم انه لابديل

لقوتكم الذاتية في حماية مستقبلكم - فهذا جوهربان.

- اما بان للامة كلها ان عدوها الواقف ببابها والذي تسمونه "إسرائيل" ليس خطيرا الى الحد الذي صوروه لكم حتى تغلبكم الاوهام على اعصابكم - حتى وان امسك بيده بما يطلقون عليه اسم القنبلة الذرية ؟ - اذا ادركتم ان سلاح الارهاب المنظم الموجه اليكم عقيم - فهذاجوهر بان .

- اما بان للامة كلها ان معظم ما يوجهونه لها من خارجها خديعة ومعظم ما يظهرونه لها خداع , فلقد ارادوا ان يفتنونكم , ولئن افتتن البعض فإن مجموع الامة استطاع ان يتبين الخبيث من الطيب , مجموع الامة تبين وفرز - اذا فهذا جوهربان .

-اما بان للامة كلها ان تجارة السلاح وتكديسه ليست هي بالضبط حماية الامن القومي وتاكيده , بل ان محنة الهوان والاختراق جاءت في عصر شدة التسلحيح وكثافته ؟ - اذا ادركتم ان الانسان هو السلاح وهوا لحرب وهو النصر - فهذاجوهربان .

جواهر كثيرة امامكم وهذه بعضها , وكلها في متناول ايديكم , والشواهد تقول انكم بالغون بها مستقبلا تستحقونه ولكن موعده ليس اليوم او غدا .

بعد غد موعدكم بإذن الله وبهداه يقيني . سوف اقول لكم لماذا ؟ وسوف اختصر لانني لا اريد ان اثقل على "السرالامين" الذي يحمل قولي الى طالبيه هناك على شطآن خليج شبت فيه نيران حريق .. ومحيط فيه باحثون عن ميلاد وطريق .

اسمعوني جيدا قبل ان انصرف عنكم الى ما انا عائد اليه في هذا الملكوت اللانهائي .

اسمعوني جيدا . اسمعوني بقلوبكم وعقولكم قبل ان تسمعوني بآذانكم , ذات يوم كنت بينكم , جئت الى هذه الدنيا ورحلت عنها , ومنذ اليوم الاول لوعيي فيها اعطيتكم حياتي وفكري واعصابي بمقدارما هيا لي رب العرش من الاسباب , ولقد اعطيتمونني قريبا منكم وبعيدا عنكم فضلا كبيرا ولا تزالون , وكرهني اعداؤكم قريبا وبعيدا ولا يزالون , وهذا ايضا فضل كبير , فالحياة عندكم على الارض ليست مثلها هنا عندنا . عندكم الحياة جدل وصراع وحرب بين المبادئ والمصالح والامم . من خلال الاحتكاك والحرارة والنار يتبدى وجه الحقيقة بينما هي عندنا لا تحتاج الى شيء من ذلك يكشف عنها لانها محيطة بكل شيء .

- اقول لكم : انتم الان مايقارب الثلاثة مائة مليون بحساب عددكم .

- اقول لكم :انتم الان عر فتم بأنفسكم درس حياتكم , وعرفتموه بالمر اكثر مما عرفتموه بالحلو , ولم يعد في مقدور الايام ان تلهيكم اوتخدعكم . وعلى أي حال تنبهوا. اقول لكم بصرف النظر عن كل العذاب فقد صنعتم كثيرا يبنى فوقه ويضاف اليه .. لم يضع كل ماجاءكم , وانما مكث بعضه في الارض بالرغم من كل شيء وهو نافع لكم ولو كبداية .

- اقول لكم : لقد عرفتم الطريق الى كثير من العلم , وبدأت بؤر نور كثيرة تظهر على ارضكم رغم الضباب والظلام فتمسكوا بها ووسعوا رقعتها – بينكم الان اكثر من ثلاثين مليونا من خريجي الجامعات ,وهذه طاقة لو تعلمون هائلة.

- اقول لكم : لقد بداتم تدركون ان المرأة و هي نصف مجتمعاتكم لم تعد سلعة ولم تعد متعة , وانما هي شريك كامل لكم في الحياة , وفتحتم لها ابواب العلم والعمل , (وهوما يستدعي منها بدورها ان تحافظ على قيمها وقيمتها ودورها كإنسان وترفض ان تكون مجرد سلعة تشترى وتباع ) وهذا شيء لو تعلمون عظيم .

- اقول لكم : انكم اكتسبتم خبرات هي ذخيرة باقية لكم , وحصلتم على مهارات هي الان طاقات فعل مبدع على أطراف أصابع قوة عمل تكاد تقارب الميائة وخمسين مليونا .

- اقول لكم : ان مواردكم من الارض والماء والطاقة وفيرة , وسوف تكتشفون بدراسة اوسع من اقفاص التجزئة التي ارادوا ان يحشروكم فيها – ان مواردكم تكفيكم وزيادة .

° ° °

يتناها الي همس يتردد في خواطركم وتحبسون السنتكم عن النطق به تحرجا اومجاملة . بلغني وان لم يصدر به صوت - وهذه ايضا خاصية منحت لنا هنا ولم تكن لدينا عندما كنا في دنياكم هناك .

همس صامت مؤداه انني وصفت لكم حالة ولم اعطيكم حلا .

جاءت الان لحظة القول المحدد .

اسمعوني مرة اخرى وسوف اتكلم بلغتكم وبمنطق الحساب عندكم الذي تلجأون اليه احيانا في تحديد المهام والمسؤوليات :

اولا - لا تشغلواانفسكم كثيرا بقضية الوحدة في وجه الخطر. الوحدة المطلوبة والمؤكدة بينكم ليست قضية طوارئ وانما هي قضية مصائروا ستعجالها في الازمات يجعلها مؤقتة , في حين تحقيقها بالاختيار الحر والاقتناع الواعي هو الذي يعطيها دوام الحياة , والحياة ليست عمر رجل اوعمر جيل وانما هي عمر البشرية وعمرالزمان .

استعجالها الان يجعلها اتفاقا بين القمم – او من تسمونهم انتم كذلك او من يتوهمون لانفسهم هذه المكانة – وهذا ماكنت وصفته لكم من قبل ب "اتفاق الصمت " وهو ما لا مصلحة لكم فيه .

ثانيا - وحدتكم الحقيقية - مصيرا ومستقبلا قبل أي عامل آخر -تنمو كل يوم بحقائق وطبائع الاشياء . حقائقها امامكم وطبائعها تسري بينكم ومن حسن الحظ

انه لم يعد هناك مركز واحد قوي يدعو اليها ويثير بدعوته حساسية الباقين .

كانوا يتهمونني في حياتي بينكم انني اريد مجدا شخصيا ,وكانوا يتهمون مصر بدورها الخاص بينكم انها تطلب إمبراطورية لم يعد لذلك كله داع او مقتضى الان , فقد تساوت كل الرؤوس وتلاشت جميع الخصوصيات الظاهرة وان بقيت دو ن جدال خصوصيات الحقائق التاريخية الكامنة . وهذا شيء طيب حتى وان كنتم دفعتم فيه اغلى التضحيات . لابأس . لقد اصبحنا جميعا في "الهم سواء" كما يقول تعبير كنت اسمعه في دنيانا من قطرات الحكمة المترسبة على ضفاف النيل كذلك الطمي الاسمر الغني . لم اكن اصدق في دنياي ان تعبير "كلنا في الهم سواء "يمكن ان تكون له فائدة .

الان عرفت بالتجلي ان كل شيء مهما كانت قوته يطوي اعماقه على شيء له فائدة .

ثالثا - لاتقلقوا كثيرا تحت ظن ان ا لتقدم سوف يترككم موكبه ويذهب , انتم في وسط العالم , وسوف يشدكم العالم معه حتى بالرغم منكم على الاقل الى القدر الذي يحتفظ لكم بنصيب لا بأس من الوعي والتنمية .

لا تنسوا ايضا ما لديكم من اسباب حقيقية قلتها قبل قليل .

لديكم امكانيات انسانية ومادية اضيفت اليها تجارب قد لاتكون كافية للتغيير الكامل ولكنها كافية كحافز. مؤثرة على المستقبل وفاعلة فيه .

رابعا - لاتجعلوا مخاطر اللحظة وهواجسها تطغى على بصيرتكم فتظنون انها نهاية التاريخ . نعم اعرف ان هناك مخاطر. لكن هناك في المقابل ظاهرة ابصرها الان عندكم واسعد لها اكثر مما تتصورون , انها ظاهرة المقاومة .. وهذه الاخيرة لها وجوه متعددة , فمقاومة الغلاة والمستغلين من سالبي لقمة عيشكم ورغيف اطفالكم لاتقل اهمية عن مقاومة عدوكم سالب ارضكم وخيراتها . كلها معارك عزة وكرامة .

دعوا المجسدين لجريمة التجزئة يواجهون عواقب ماصنعوه, واماانتم فاعملوا حيث شاء الله لكم ان تعملوا وثابروا بالقدر الذي يحفظ لكم تقدمكم وسايروا الدنيا في كل أفق يتقدم اليه العاملون , وحافظوا على وحدتكم وعزّزوها واطلقوا العنان لكل الطاقات مما اتاكم خالقكم ومن افضاله عليكم .

نعم هناك مأزق , ولكن اتركوا المأزق هذه الحظة لاصحابه , ودعوهم يتولوا بانفسهم حل ماعقدوه .

نعم لقد آمنت عندما كنت بينكم بالثورة . ونعم مازلت مأمنا . الفكر الثوري ليس عدميا ولكن هناك لحظات في الحياة عندكم يكون الصواب فيها ليس الترميم وانما البناء من جديد وعلى اساس جديد.

واراكم عند لحظة من هذه اللحظات .

خامسا - سعدت . سعدت . سعدت وانا اراكم اكثراهتماما باولادكم مما كان اباؤكم ,اجدكم تكرسون لهم ماتصل اليه ايديكم . تحرصون على ان ينالوا افضل تعليم ,وتوفرون لهم امن حياة . واهم من ذلك تعطونهم من وقتكم مالم يكن متاحا لنا في دنيانا حينما كنا في مثل عمرهم .

هنا البداية الحقة الان . كرسوا لهم واعطوهم ووفروا من اجلهم ما استطعتم من سبل . وبشروا فيهم دوما انهم امة واحدة .

هناك الامل الحقيقي في وحدة الامة . وحدة امة سليمة تقوم على اساس سليم .

هذا الجيل المقبل من ابنائكم هو الذي سيحمل اعلام الثورة للوحدة وللحرية .

للتقدم وللقوة .

بينما انا اقول لكم , اقتربت مني روح شاعر عاش ايام الإغريق اسمه "هومير"- قال لي وهو ينظر الى الارض ناحيتكم :

- " لوكنت رايت ما ارى عندكم الان لكانت الماساة عربية ولم تكن اغريقية".

رددت عليه - وبالطبع لم تسمعوا ردي - قائلا له :

- "ايها الشاعر - لم تتخلص بعد من هوى الشعراء رغم انك هناك قبلنا من الاف السنين .. لم تصف غير ما ترى .مايراه البصر ذاهب وماتراه البصيرة قادم . المأساة على وشك الرحيل والفرح قادم . مواكب جيل وشباب من امتي تتجدد فيهم دماءنا مع المستقبل آتية يملأها عزم اكيد ".

المح شلال نور يتدفق من بعيد . يقترب . الشعاع القريب مني والذي كان يحمل صوتي اليكم يتلاشى في غمرة الضياء الباهر المتدفق نحونا . صوت من اتجاهه يقول صادرا من عمق عميق:

" وذكرهم بان لا يهنوا ولا يحزنوا وان نصرالله قريب " .

هل تسمعونني ؟

لقد اقترب شلال النور وذاب فيه تماماشعاع كان بيني وبينكم يحمل اليكم رأيي فيما سألتموني عنه .

عائد انا حيث كنت قبل ان تطلبونني , نعم , نصر الله قريب ولكن تذكروا ان نصرالله باسبابه الحقيقية وليس بقصائد الشعراء واقوال الحكماء وان كانوا من القدماء , وليس بكلمات تنشرونها على صفحات اوراقكم ملأى بالنوايا الطيبة , قاصرة عن الفعل الطيب ؟

سلام عليكم .

سلام الحق وليس السلام الذي يتحدث عنه بعض المستسلمين هذه الايام .

****

تنويه :

1 ) هذه الرسالة خُطت بقلم كاتب عربي عرف الزعيم الراحل وكلاهما الان في دار الحق مقيم ..ولقد عرفت هذا الكاتب والمفكر الكبير معرفة مباشرة ,وعرفت انه كان يأثر ان تنشر هذه الرسالة بدون امضاء , حرصا منه على شد انتباه القارئ الى المضمون بدل الشغف بمعرفة ذات الكاتب وهي لعمري رفعة نفس وتواضع منه - بالرغم من سمو مكانته - لو تعلمون كبير.

2 ) لقد اعدت تحيين بعض الارقام الواردة في نص الرسالة حتى تتماثل مع المرحلة الزمنية التي نحن بصددها .

مع الاعتذار والشكر

في ذكرى الآلام العظيمة..

جريمة الانفصال، وذكرى رحيل عبد الناصر

أي مستقبل لأمتنا و أي وطن نريد؟؟


"إن القومية العربية هي التي خلقتني لست أنا الذي أثيرها بل هي التي تحملني، إنها قوة هائلة و لست إلا أداتها المنفذة و لو لم أكن موجودا لوجد غيري، واحد، عشرة، ألفا يحلون محلي.. إن القومية العربية لا يمثلها رجل أو جماعة من الرجال.. إنها لا تتوقف على جمال عبد الناصر أو أولئك الذين يعملون معه. أنها كامنة في ملايين العرب الذين يحمل كل منهم مشعل القومية. إنها تيار لا يمكن مقاومته، ولا تستطيع أية قوة في العالم تدميره طالما احتفظ بثقته في نفسه".

جمال عبد الناصر

بهذه الكلمات نتذكر و تذكر أمتنا اليوم رجلا من أخلص أبنائها و فارسا من أنبل فرسانها المقاتلين المقاومين ، الذين ضحوا بجهدهم و فكرهم و حياتهم و دمائهم في سبيل أن تبقى هذه الأمة مرفوعة الرأس عالية الهامة بالغة العزة و الكرامة و الكبرياء بالرغم مما حيك و يحاك ضدها اليوم من خيانات و مؤامرات و عدوان.

إن تاريخ 28 من سبتمبر 1970(ذكرى وفاة جمال عبد الناصر)لم يكن مجرد رحيل عادي.. إنما كان ذلك اليوم يوم جرح و حزن عميقين ودعت فيه الجماهير العربية وفي مشهد غير مسبوق قائدها الذي عاش من أجل أمته و استشهد في سبيلها. كما كان الشأن بالنسبة لكل أحرار العالم الذين رأوا فيه نصيرا و ناصرا لقضاياهم .

و بالرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود(37 سنة) على رحيله فان جمال عبد الناصر يبقى، بلا منازع، شاغل الناس، و رمز العروبة و الوحدة و الوطن العربي الواحد، فهو الغائب الحاضر فينا على الدوام.. مازال يثير في نفوس العرب و كل الأحرار في العالم،الأشجان والأحزان و الأمل و الرغبة في النصر و مازال يمشي بيننا كأنه على قيد الحياة مما يؤكد أن فكرة القومية و العروبة و الوحدة و الأمة الواحدة مازالت حية، و ستبقى حية على الدوام.

إن الحديث في ذكرى الرحيل هذه و في هذه الظروف بالذات التي تمر بها أمتنا اليوم لا يمكن أن يكون مجرد إثارة للآلام و المشاعر بقدر ما هو تعميق للصبر و استدعاء للآمال ودعوة إلى الصمود و الاستبسال.. وحث على الفهم والعمل والاستفادة من كل تلك الدروس و المعارك التي خاضها جمال عبد الناصر بمعية جماهير أمته حتى قضى شهيدا في سبيلها.

و لئن كان من الصعب على أي قارئ أو كاتب متخصص باحث في تجربة هذا الرجل أن يلم بكل جوانبها و تفاصيلها و صورها، فإنني و من موقعي كانسان عربي.. و كعينة من جماهير الأمة التي تربت على مبادئ و قيم هذا القائد الرمز سوف أحاول أن أبين و أستخلص بعض النقاط والدروس التي صار لها من الدلالة اليوم أكثر مما كان لها في الماضي .

1) الثقة بالنفس :

لقد كان امتلاك الثقة بالنفس أو فقدانها احد المحاور الرئيسية التي دار عليها الصراع الإنساني عبر التاريخ كله.. فكان هناك دائما من يعظّم ثقته بنفسه ويفعّل العناصر المكونة لها و يرفع وتيرة أدائها، و هذا في حد ذاته يعد مدخلا إلى الانتصار و امتلاك الشرط الحاكم للنصر.. الذي يعد بدوره مدخلا رئيسيا لتحقيق أي ظاهرة عند هذه النقطة بالذات نستطيع أن نقول أن فقدان الثقة بالنفس هو شرط حاكم للهزيمة أيضا بمعنى أننا سوف نهزم- قطعا- عند النقطة التي نفقد فيها الثقة بأنفسنا و قدرتنا و إيماننا.. مهما كان الشكل الخارجي الذي نبدو عليه أو نحب أن نكون عليه أو الذي أريد لنا أن نكون عليه.. و أننا ننتصر- قطعا- عند النقطة التي يكون امتلاكنا لثقتنا بأنفسنا وقدراتنا قد وصل إلى أوجهه.

(د. محمد يوسف- كتاب الناصرية ج1)

لذلك ليس من باب الصدفة أن نقرأ في تلك المقولة التي جاءت في مقدمة هذا المقال إصرار عبد الناصر على تأكيد هذا المبدأ (مبدأ الثقة بالنفس)الذي هو في الأساس حالة معنوية يصح أن نسميها -الإرادة- تلك الإرادة التي لا يمكن تدميرها بالصواريخ و الدبابات و لا تطالها طلقات الرصاص، ومن ثم فمن الممكن أن تخترق أجسادنا رصاصة لكنها لا تخترق في ذات الوقت إيماننا و إرادتنا بل إنها في ذات الوقت تستنهض هذه الإرادة و تعظمها و تستدعي التحدي الفطري في الإنسان، بمعنى آخر أننا و في كل الأحوال نستطيع أن نحتفظ بإرادتنا بمنأى عن التدمير المادي الذي إذا ما حاق بنا فان إرادتنا هي الشرط الحاكم لتجاوزه.

2)عقيدة المقاومة :

إن عقيدة المقاومة لدى الشعب العربي عامة لا بد أن تتعامل مع الصراع العربي الصهيوني باعتباره مركز الدائرة و رأس العوائق على طريق التوحد العربي و تحقيق التنمية و بناء المشروع النهضوي القومي العربي المبتغى.. و طالما أن الإقليمية مازالت تحاصر الشعب بالقوة الباطشة و الحيل الخفية بالسجون و المشاريع الواهية تقوده من فشل إلى آخر و من هزيمة إلى أخرى و تستكثر عليه حتى لحظات الانتصار العابرة، وتحول دونه و دون دولته الواحدة بالوعود الكاذبة و البدائل الفاشلة، فان عقيدة المقاومة عند الشعب العربي عامة و لدى شعبنا في فلسطين خاصة لا بد أن تتعمق و تتصاعد أكثر، و في هذا الظرف بالذات.. فليس ثمة شريعة و لا تشريع و لا قانون في الكون كله يمكن أن يخول لأحد أن يطلب من شعب أن يوقع بالموافقة على وثيقة عبوديته و بيع وطنه و إنهاء كفاحه و وأد ثورته.

التاريخ كله لم يعترف بمثل هذا المنطق..و لا اعترفت به الشعوب، بدءا من ثورة "العبيد" بقيادة "سبارتاكوس" في العصور القديمة إلى عدم اعتراف الشعب العربي في الجزائر باحتلال و احتواء فرنسي دام 132 عاما إلى عدم اعتراف شعب جنوب إفريقيا بالاستعمار الاستيطاني البريطاني الذي ظل جاثما على أرضه أكثر من أربعمائة عام متواصلة حتى أصبح أمرا واقعا، إلى عدم انكسار الفيتنام أمام أكثر من ستمائة ألف جندي أمريكي مدججين بكل أنواع السلاح.. و كسرتهم بمقاومتها واضطرتهم للهروب و ليس الانسحاب ذعرا من انتقام المواطنين غير المسلحين، إلى عدم اعتراف أي من دول الحلفاء باحتلال القوات الألمانية لبلادهم و بيوتهم و إذلالهم بكل أنواع الذل و الاهانة.. و إصرارهم على تحرير بلادهم فحرروها، و وصولا إلى ما نراه اليوم من نهوض و صمود لطلائع المقاومة في فلسطين و لبنان و العراق الذي كسرت مقاومته الباسلة أنف العدو و مرغته في التراب. لذلك كله ليس أمام جماهير أمتنا من خيار سوى التمسك بخيار المقاومة عقيدة و نهجا حتى تحرير كل الأرض العربية المغتصبة.

3) وحدة الأمة في الضمير و الوجدان العربي :

ليس من المصادفة أن يكون تاريخ نفس اليوم من نفس الشهر( مع اختلاف السنة) و لكن نفس العقد من الزمن الذي شهد رحيل عبد الناصر، هو نفسه التاريخ 28 سبتمبر1961 الذي تصاب فيه الأمة، بلوعة كبرى لا تقل إيلاما عن لوعة فقدانها لقائدها، كانت تلك جريمة الانفصال التي نفذتها فلول الإقليمية الخائنة.. فكانت تلك المؤامرة بمثابة الخنجر الذي طعن به أعوان و عملاء الاستعمار من الانفصاليين، حلم أمتنا و فارسها النبيل الذي ظل ينزف منذ ذلك التاريخ حتى رحل. و لكن بالرغم من كل تلك الآلام العظيمة، و بالرغم من كل تلك الخيانات و بالرغم من كل ذلك التآمر.. و إكراما وإجلالا لكل الذين قاتلوا من أجل الوحدة العربية ومن أجل تحقيقها.. و للذين استشهدوا منعا لجريمة الانفصال. نقول إن الأمة باقية و الحلم باق.. ليس فقط رمزا معنويا في وجداننا العربي، لكنه خيار مستقبلي علمي و موضوعي صحيح لكسر قوى الاستعمار و أعوانه و إفشال مخططاته و مشاريع اغتصابه للأرض و الثروة و الإمكانيات العربية.

يقول جمال عبد الناصر"إن الأمة العربية لم تعد في حاجة إلى أن تثبت حقيقة الوحدة بين شعبها، لقد تجاوزت الوحدة هذه المرحلة و أصبحت حقيقة الوجود العربي ذاته. يكفي أن الأمة تملك وحدة اللغة التي تصنع الفكر والعقل، و يكفي أن الأمة العربية تملك وحدة التاريخ الذي صنع وحدة الضمير و الوجدان، و يكفي أن الأمة العربية تملك وحدة الأمل التي تصنع وحدة المستقبل و المصير".

بهذه الكلمات العميقة حدد عبد الناصر نقطة الانطلاق الصحيحة لمفهوم الوحدة العربية "فالعرب أمة واحدة من حيث هي حصيلة تكوين اجتماعي من الأرض و الشعب، و حضارة متميزة هي حصيلة تاريخية متراكمة من تفاعل الشعب و الوطن، حقيقة لم تعد في حاجة إلى إثبات بمعنى أن النضال العربي لا يمكن أن يكون هدفه إلا تحقيق الوحدة العربية التجسيد السياسي لوحدة الوجود القومي ذاته.. من هذا المنطلق بات لزاما و واجبا على كل المناضلين و المقاومين الأحرار من أبناء أمتنا أن يبنوا أداة نضالهم القومي الصحيحة و أن يتسلحوا بالعزم و الإرادة و الإيمان في مواجهة هذا العدو الغاصب المدعوم امبرياليا، ومن كل قوى الاستعمار القديم الجديد في العالم و لا خيار للقوميين و الناصريين منهم على وجه الخصوص إلا أن يكونوا في طليعة هذه القوى، على خط النضال و المواجهة حتى يحرروا أمتهم و يساهموا في بناء مشروعها التحرري القومي الديمقراطي.

4) قضية فلسطين في المشروع التحرري العربي:

أن الحديث في هذه النقطة بالذات يعد على قدر كبير من الأهمية و الخطورة في نفس الوقت "فالثورة الفلسطينية" التي واصلت قيادة الكفاح المسلح للشعب العربي في فلسطين(1-1-1965) حيث تفجرت شرارتها الأولى بدعم وتنسيق و تسليح كامل من عبد الناصر مستلهمة من تجارب أمتها، و مستفيدة من كل ذلك الرصيد و الزخم النضالي الذي عمّده الشعب في فلسطين منذ ظهور البوادر الأولى للاستيطان الصهيوني، و قدمت في سبيل ذلك الآلاف من الشهداء و الآلاف من الجرحى و الآلاف من الأسرى و الآلاف من المهجرين و الآلاف من البيوت المهدمة و الآلاف من المزارع المجرفة نجدها اليوم و قد ارتطمت بالسد، سد الإقليمية في داخلها وحصار الإقليمية من خارجها، تفاوض من أجل "جيتو" لبعض من شعب فلسطين على بعض من أرض فلسطين (مشروع الدولة الذنب) و في المقابل يمارس عليها العدو و على كل أبناء الشعب العربي هناك كل أنواع الضغوط والحصار و القتل و الأسر و التدمير و التجويع و الإذلال و زرع الفتنة و التناحر بين فصائل المقاومة، وليس هذا الحديث انتقاصا و لا انتقادا من انجازات " الثورة الفلسطينية" بل تذكير بما تذكير بما كان نبه إليه الفكر القومي و تأكيدا لصحته حيث حذر مبكرا من التقدم على الطريق المسدود الذي انتهت إليه اليوم منظمة التحرير و أداتها النضالية.

يقول المفكر القومي الكبير د. عصمت سيف الدولة سيف الدولة: "إن تحرير فلسطين يمر عن طريق وحدة الأمة العربية مجسدة في وحدة قواها التحررية و لن تتحقق وحدة الأمة العربية إلا إذا توحدت قواها الثورية فتتحرر فلسطين و كل الأرض العربية المحتلة، إن بدائل الممكن قد استنفذت و لم يعد هناك مجال للتجربة و السفسطة".

في النهاية يفترض أن أكون قد أجبت على السؤال المعنون لهذا المقال (أي مستقبل لأمتنا.. و أي وطن نريد؟؟)

أو على الأقل قد وضعت الإصبع على موطن الداء الذي يحول دون أن تتحول تلك التضحيات العظيمة التي تقدمها جماهير أمتنا.. إلى فعل عظيم في الواقع.

ختاما ليس لي أبلغ من هذه الكلمات أنهي بها كما جاءت على لسان قائلها تحية إلى كل شهداء أمتنا و دعوة و استنهاضا لكل شرفائها و أحرارها: "إن مرحلة من كفاحنا قد انتهت، و مرحلة جديدة توشك أن تبدأ.. هاتوا أيدكم و خذوا أيدينا و تعالوا نبني وطننا العربي من جديد".

جمال عبد الناصر.

فائزة عبد الله / صفاقس- تونس

28-09-2007



2008/09/24

تسيبي لفني سليلة الارهاب الصهيوني ( مكونات الشخصية / السلوك / ردود الأفعال وجوانب أخرى ملف كامل(


لم تأتي مناخات فوز تسيبي لفني بتفوقها على موفاز بفارق 1% تقريبا ً ولم تتحرك عملية الدمقرطة الصهيونية وفتح ملفات الفساد لأولمرت محض عدالة المجتمع الصهيوني بل كل ما هو مركب في الدولة اليهودية هو رهين النظرة الصهيونية العامة لشخصيات الحكم في الدولة العبرية فكثير من ملفات الفساد بأنواعها المختلفة تبتلي بها القيادات الصهيونية ولكن لماذا فتح ملف أولمرت لابد أن يكون هناك نظرة أمريكية وصهيونية لوجود أولمرت على رأس حكومة الدولة اليهودية في هذه المرحلة والمتتبع لسير الأحداث في الدولة العبرية تحرك ملف أولمرت بعد حرب الجنوب اللبناني بشكل جاد من خلال ما وضعه تقرير فينو جراد وما فتح من ملف فساد مالي بثابت شهود يقيم في أمريكا .

استطلاعات الاحداث تقول أن شخصية المرحلة منذ أكثر من عام مضى هي تسيبي لفني سليلة الإرهاب الصهيوني وابنة الموساد الصهيوني واحتلت صداقة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندا ليزا رايس مع تسيبي لفني محل اهتمام كثير من المراسلين الصحفيين ولقد أثارت تلك الصداقة حفيظة وزراء صهاينة كثر وكشفت وزيرة السياحة الصهيونية عن علاقة شاذة مشبوهة بين لفني وكوندا ليزا رايس .

وقالت إحدى صديقات ليفني التي ساعدت في تجنيدها بالمخابرات الإسرائيلية (الموساد) عندما كانت في سن الثانية والعشرين إن الوزيرة تتميز ببرودة الأعصاب وسرعة البديهة والاستقامة وتمتلك القدرة على سرعة التحليل. وتحدثت صحيفتا "هاآرتس" و "جيروزاليم بوست" الإسرائيليتان عن "ليفني المتناقضة" وقالت إن إسرائيل تحبها وإن كان هذا الحب بسبب عدم معرفة الإسرائيليين بها بالشكل الكافي.
منذ تقلدها وزارة الخارجية في حكومة أولمرت بعد النهاية المأساوية للقاتل شارون استقبلت بحفاوة في العديد من العواصم مثل القاهرة ولندن وباريس وروما وواشنطن وفيينا وقد رحب بها الجانب الفلسطيني ، أقصد قادة فتح أوسلو كما رحبوا بصعود أولمرت إلى رئاسة الوزراء في الدولة العبرية متوقعين من خلال تلك المواقع أن تكون تلك الوزارة الصهيونية أكثر لطفا ً وعطاءا ً لقيادة أوسلو ومتطلباتها الأدبية والأخلاقية والسياسية والتي من أجلها باعت فلسطيني التاريخية وحولت حركة فتح من حركة نضالية إلى حركة سياسية مرتبط برنامجها بالبرنامج الصهيوني والأمريكي .

قالوا عن لفني أنها :-

1/ تنقصها الخبرة السياسية .

2/ تفتقر للثقة بنفسها .

3/ قالوا عنها في حزب كاديما خائنة " ولكن لمن؟؟؟" وكاذب ولكن على من ؟؟".

ربما المصدر لم يوضح ذلك ولكن المتتبع لشخصية لفني منذ ظهورها في حياة حكومة شارون فإنها تعتبر الابنة المدللة لشارون ولذلك في اعتقادي كانت لفني هي العين الخاصة لشارون على مجلس الوزراء الصهيوني والمؤسسات الأخرى وربما وصفت من بعض قادة حزب كاديما بهذه الأوصاف من أجل ذلك ولا تمت تلك التعليقات بصلة إلى أبعد من ذلك فهي ابنة اليمين المتطرف التي تخلص بولائها لأفكاره.

4/ قال عنها أولمرت أنه يخشى على دولة إسرائيل إذا وصلت لفني لرئاسة الحكومة ، فهي عاجزة عن اتخاذ القرارات وتتأثر بمواقف الآخرين بنفسها .

5/ قال عنها باراك ليس لها اهلية في مجال الأمن .

6/ قالوا عنها إذا تتبعنا تاريخ لفني ومواقفها السياسية وانتمائها الحزبي لا فرق بينها وبين لبرمان بهي سليلة الارهاب والظلم والعدوان .

كثير من المحللين ربطوا بين فوز لفني برئاسة كاديما ثم بتكليفها من شمعون بيريز رئيس الدولة اليهودية بتشكل الوزارة بالمرأة الحديدية الثانية بعد جولدا مائير التي كانت وزيرة دفاع للدولة اليهودية في عام 1956 ورئاسة وزراء الدولة اليهودية من عام 1969 إلى عام 1974 وفي اعتقادي أن لا يوجد شبه بين شخصية جولدا مائير وشخصية لفني وبرغم أن وصفت جولدا مائير بالشخصية الحديدة في الدولة العبرية إلا أنها أطاحت بها معارك اكتوبر وأسقطتها من رئاسة الحزب ورئاسة الحكومة .

أما لفني فهي التي مأخوذ عليها أنها تمارس حياتها كإمرأة بعكس جولدا مائير ولها جانب من العواطف يمكن أن يؤدي إلى تذبذب وتردد في أخذ القرارات والدولة العبرية حقيقة وجودها هو أمني ولذلك وفي اعتقادي تبتعد لفني عن عالم الدبلوماسية والسياسة بقدر ما تقترب من عالم الأمن الذي يمكن أن تركز عليه وتكرس جهودها عليه في ادارة المفاوضات مع قيادات أوسلو .

جولدا مائير أتت في عصر مقولة " إسرائيل من النيل إلى الفرات" والجيش الذي لا يقهر " وأتت بتحمس الحرس القديم للبرنامج الصهيوني في فلسطين فتعتبر جولدا مائير من المؤسسين للوجود الصهيوني فكرا ً وتطبيقا ً على الارض الفلسطينية أما لفني التي من أصل بولوني وإن كانت ابنة القاتل والارهابي ايتان لفني وابنة الصهيونية الناشطة فإن لفني أتت في مواقع سياسية بعد متغيرات حدثت في النظرية الصهيونية من إسرائيل الكبرى إلى إسرائيل العظمى وأتت بشكل أساسي في أواخر التسعينات وعلى أبواب الجدار الفاصل والمطالبة بدولة يهودية على حدود متفق عليها أو من جانب واحد تضم 82% من أراضي فلسطين ولذلك المناخات السياسية التي تعاملت معها جولدا مائير ليست هي المناخات السياسية التي ممكن أن تتعامل معها تسيبي لفني .

مواقف تسيبي لفني السياسية :-

1/ كانت من أشد المؤيدين لفكرة شارون بالانسحاب من غزة .

2/ اعتنقت تسيبي لفني الخط السياسي لشارون الذي يدعو إلى الحفاظ على الدولة اليهودية من خلال الانسحاب من بعض الاراضي التي احتلت عام 1967م .

3/ تدعو وبشكل دائم إلى عزل حركة حماس ولذلك كانت حركتها السياسية من خلال وزارة الخارجية وزياراتها المتكررة للعواصم الأوروبية تمارس فيها الضغوط على تلك الدول والعواصم بعدم اقامة أي اتصالات أو علاقات مع حماس .

4/ تدعم في اتجاه استكمال بناء الجدار الفاصل .

5/ تدعو إلى تحسين الظروف المعيشية والانسانية للفلسطينيين .

6/ فكرتها السياسية تقوم على " في غياب شريك فلسطيني على اسرائيل أن تمضي قدما في طريق ترسيم الحدود من طرف واحد وتشمل تلك الحدود القدس والكتل الاستيطانية .

7/ أصبحت شديدة العداء لأولمرت ودعت لعزل أولمرت عقب حرب الجنوب اللبناني في صيف 2006 .

من خلال ما وصفت به تسيبي ليفني من ضعف في الشخصية والتردد فيمكن لليفني بالمنظور السيكولوجي أن يكون لها ردود فعال حادة في نظرتها لما هو مطروح سياسيا لحل القضايا العالقة مع الجانب الفلسطيني ويمكن أن تسير ليفني في إتجاه ترسيم حدود الدولة العبرية من جانب واحد ولكن لن تستغني ليفني عن علاقاتها مع قريع شريكها في المفاوضات الذي أبدى رغبته في تسلم مقاليد سلطة الحكم الذاتي بعد نهاية ولاية الرئيس الفلسطيني الحالي ، الذي أعلن عدم رغبته في تجديد مدة ولايته ، فبالتأكيد لابد لليفني أن تبلور موقف جديد يختلف عن سابقها أولمرت الذي تكن له العداء ، ولذلك ليفني يمكن أن تبحث عن حلفاء لها في رام الله بدلا من حكومة فياض التي يناصبها العداء قريع ، وتسيبي ليفني أتت برغبة أمريكية بالتخلص من أولمرت ، ربما لبعض التصريحات والمواقف مثل المفاعل النووي الصهيوني الذي اعترف بوجود سلاح نووي في الدولة العبرية وهذا ما لم تكن تريده أميركا وإسرائيل في هذه المرحلة التي تجابه فيها أميركا وإسرائيل المشروع النووي الإيراني ، وربما بعض المواقف لموفاز أيضا الذي حرقت أوراقه أيضا وخرج من الحلبة معتزلا العمل السياسي والذي دعى إلى ضرب إيران بما يخالف المنظور الأمريكي للتوقيت وردات الفعل التي يمكن أن تحدث في هذا الجانب .

بعد ثلاث سنوات من إنشاء حزب كاديما الصهيوني الحزب المنشق عن الليكود ، كانت ليفني هي أشد الموالين لشارون ، ولابد لليفني أن تطبق سياسة معلمها وأهم ما هو محتمل هو عملية ترسيم الحدود من جانب واحد أمام العقد مثل قضية القدس واللاجئين .

أما حماس وموقف ليفني فأمام ليفني أن تتعامل بقدر من الأهمية عن سابقها أولمرت في ملف شاليط وتخشى ليفني أن تقدم تنازلات أكثر وهي في بدايات وجودها في رئاسة الوزارة ، ولا يمكن لليفني أن تنجح في تشكيل وزارتها الجديدة إلا بالإئتلاف مع بعض الأحزاب اليمينية ، ولذلك في هذه المرحلة لابد لليفني أن تقدم بعض التنازلات الهامة للأحزاب الصهيونية المتطرفة .

وصفها أحد كتاب الأعمدة الإسرائيليين بأنها "السيدة نظيفة" وينظر لليفني وزيرة الخارجية صعبة المراس على أنها النقيض تماما لرئيس الوزراء إيهود أولمرت السياسي المحنك الودود ظاهرا الذي تحيط به فضيحة فساد تجبره على التنحي من منصبه.

ووصف معلقون آخرون ليفني بأنها نتاج للآلة السياسية المعدة جيدا التي يقوم بتشغيلها شركاء زوجها رجل الأعمال ويشككون فيما إذا كانت ستحدث تغييراً يذكر.

ليفني ووجودها ومستقبلها في كاديما :



هذه المرأة التي تحرص على التصرف كأنثى، لا تبدو من وجهة نظر عسكر المؤسسة الإسرائيلية جديرة بإدارة ناد للنساء فوق الخمسين. فكيف بدولة تواجه تهديدات وجودية كإسرائيل؟

وفي الواقع، فقد كان هذا هو السبب الذي جعل منافسها شاؤول موفاز يحصل على 42% من أصوات ناخبي كاديما، مقابل 43% لليفني، بينما كانت معظم التوقعات لا تعطيه أكثر من 20% من الأصوات. ولكن يبدو ان الذين صوتوا لـ"مفاتن" ليفني اكتشفوا، في اللحظات الأخيرة، ان الشابة الخمسينية انتهازية ووصولية، وأقبح سياسيا مما تبدو عليها هيئتها، فتخلوا عنها.

موفاز، لم يشأ من جانبه ان يبدو مطعونا، ولا أن يثقب القارب بإعلان العودة الى الليكود (حزبه الأصلي)، فاعلن انه يريد الإنسحاب من الحياة السياسية لبعض الوقت. وهذا يعني، ببساطة، ان رئيس الأركان الإسرائيلي السابق لا يطيق ان يجلس الى جانب ليفني، حتى ولو أعطي أفضل الوزارات.

مخاوف من ان يؤدي انسحاب حاييم رامون النائب الأول لرئيس الوزراء الى انسحاب آخرين من قيادة الحزب وقواعده ليعودوا "سالمين" الى صفوف الليكود.

ونقلت هآرتس الجمعة عن أحد وزراء كاديما قوله إن "موفاز قام بمناورة سياسية ضد ليفني وانتقم منها بصورة ذكية، وبدلا من أن تتمتع بفوزها، هي مضطرة الآن للانشغال في شؤون الحزب الداخلية إذ لم يعد لديها رقم 2 حقيقي ولا شخصية أمنية رفيعة، وهذا تصدع في حزب جديد"، مضيفا أن ليفني "ستحوّل كاديما إلى حزب نخب يسارية، وهذا ليس كاديما الذي أسسناه".

ويقول مقربون من موفاز لدى تطرقهم إلى نتائج الانتخابات الداخلية، أن "حركة كاديما لم تنتخب تسيبي ليفني، وموفاز هو الفائز، لكن جهات تدخلت وغيرت نتائج الانتخابات، ولم نشهد هنا نهجا سياسيا مختلفا (كما تقول ليفني دائما) وإنما هذه سياسة مخادعة".

وفي مواجهة التهديد بالإنقسام، نقلت صحيفة معاريف عن ليفني قولها لقياديين في حزب العمل، الذين تتفاوض معهم لتشكيل إئتلاف، إنها لا تخشى الذهاب الى انتخابات مبكرة وحذرتهم من انتخابات عامة خلال 90 يوماً اذا لم تشكل حكومة برئاستها.

وتقصد ليفني بالتهديد ان أمام زعماء كاديما احد خيارين لا ثالث لهما: اما دعم حكومتها، او خسارة كل شيء.

وتعرف ليفني، كما يعرف قادة كاديما انفسهم ان حزبهم حزب ملفق. وهو لم يلتئم إلا حول شخصية إرييل شارون الذي أراد ان يملي خياراته على اللكود، فلما عجز، اختار تشكيل حزب جديد، ليقول لمنافسيه في الليكود انه بمفرده اهم من كل حزبهم. ولكن لم تمض سوى أشهر قليلة على ذلك الإنشقاق في نوفمبر/تشرين الثاني 2005 حتى دخل شارون في غيبوبة لم يخرج منها حتى الآن. ولعله إذا صحا وعرف ان إيهود اولمرت تولى منصب رئيس الوزراء من بعده، فانه سيعود ليغمى عليه. أما إذا قيل له ان تسيبي ليفني اصبحت زعيمة للحزب وتوشك على تولي منصب رئيس الوزراء، فانه سيموت على الفور بجلطة قاتلة في الدماغ.

موفاز ورامون، والكثير غيرهما يعتقدون، على أي حال، ان هذه المرأة المفتونة بنفسها، ليست جديرة بقيادتهم، كما انها لا تستطيع ان تقود دولة تواجه منعطفا بالحجم الذي تنتظره إسرائيل في التفاوض على "حل نهائي" لم يقدر عليه شارون، ولا منعطفا بحجم إعادة الجولان من اجل تحقيق السلام مع سوريا ، ، ولا حربا محتملة ضد إيران، ولا صواريخ جديدة من جنوب لبنان.

وسدد الجنرال موفاز طلقاته الأخيرة إلى محور الحملة الانتخابية للوزيرة ليفني حيث قال إنها "ليست صاحبة أياد بيضاء" كما دأبت على الأدعاء في حملتها وأن مساعديها في المعركة الانتخابية يستغلون على سبيل المثال البنية الأساسية لأحد الصناديق المخصصة لمساعدة الناجين من المحرقة النازية (الهولوكوست).

ليفني وسلوك المرأة :

ألقت ليفني بعض الضوء على أسلوبها الشخصي في الحياة في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز" قائلة إنها تفضل ارتداء الجينز على الفستان والحذاء الرياضي على الكعب العالي والتبضع في الأسواق العادية عن التسوق في المراكز التجارية. وأضافت ليفني في حديثها للصحيفة الأمريكية: "لا أفضل الرسميات" وقالت إنها نشأت في أسرة "متزمتة" لم يكن الوالدان فيها يحتضنان أبناءهما.

السيرة الذاتية لليفني :

تنحدر شخصية ليفني لعائلة إرهابية أتت إلى فلسطين من بولونيا ووالدها يدعى "إيتان ليفني " رئيس عمليات عصابة الأراجون التي ارتكبت مذابح ضد الفلسطينيين في عام 1948 وهم من مؤسسين حزب الليكود ، وكذلك كان والدها أحد قادة منظمة الإستيل وكان ضابطا لعملياتها وفي ما بعد عضو كنيست .

ليفني من مواليد فلسطين المحتلة عام 1958 وعمرها الآن 50 عاما .

درست القانون التجاري ، عملت في الموساد وعمرها 22 عاما من 1980-1984 خبيرة قانون تجاري ، عام 1996 دخلت مجال السياسة في حزب الليكود ، في عام 1999 احتلت المقعد الثامن عشر في الليكود وأصبحت عضوا في الكنيست ، عملها الأساسي محامية ولم تأخذ نصيبها في المقاعد الأولى في المؤسسات الصهيونية إلا في عهد إرئيل شارون ، فلقد احتلت في وزارتين لشارون حقائب متعددة :

1/ وزيرة بدون حقيبة .

2/ وزيرة للتطوير الإقليمي .

3/ وزيرة للزراعة .

4/ وزيرة للهجرة في الحكومة الثانية لشارون .

5/ وزيرة البناء والإسكان .

6/ وزيرة القضاء بدلا من يوسيف ليبيد .

7/ احتلت المكان الثالث لحزب كاديما عام 2006 في إنتخابات الحزب .

8/ في حكومة أولمرت ( حزب كاديما ) أصبحت وزيرة الخارجية والقائمة بأعمال رئيس الحكومة .

ليفني في الصحف البريطانية :

خبراء ومحللون سياسيون يرون أن ليفني ستواجه عدداً من التحديات في طليعتها تثبيت ائتلاف حاكم مترنح واعطاء دفع لعملية السلام مع الفلسطينيين التي تراوح مكانها ومواجهة الأزمة المالية العالمية، ويؤكدون أن على ليفني ألا تنسى أن الإجماع حول زعيم ما في إسرائيل أمر نادر للغاية بل غير موجود ويبقى هشاً محذرين من أنها «قد تكتشف سريعاً أن عقبات كثيرة ما زالت تعترض طريقها» فيما يرى البعض أن «بضعة أسابيع من المفاوضات مع شاس ستكون كافية لإسقاط ليفني جريحة وملطخة بالوحل في انتخابات عامة»، وحذروا من أن المشكلة «هي أن ليفني لم تكن يوماً في قلب نزاعات إسرائيل الكبرى وان لا أحد يعرف كيف ستدير أزمة مع إيران أو المفاوضات السلمية أو انتفاضة ثالثة محتملة».

ليفني وشكواها من المسؤولين العرب :

اشتكت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني من تجاهل المسؤولين العرب لها، ورفضهم مصافحتها خلال مؤتمر أنابوليس للسلام، حتى إن صحيفة "واشنطن بوست" نقلت عن ليفني قولها: "لماذا لا يريد أحد مصافحتي؟ لماذا لا يريد أحد أن يُشاهد وهو يتبادل الحديث معي؟".

وعلّق وزير الشؤون الأوروبية في الحكومة الهولندية فرانز تيمرناز، الذي كان حاضرا في قاعة الاجتماع، إن ليفني "كانت تقول: توقفوا عن معاملتي كمنبوذ. لست مصابة بالجرب". وأضاف: "لقد تجنّبوها كما لو كانت الشقيقة الصغرى للكونت دراكولا"، وفق ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية الجمعة 30-11-2007.

وكان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل قد صرح علنا بأنه لن يصافح أي إسرائيلي، مشيرا إلى أنه لم يأت إلى أنابوليس للمشاركة في عمليات مسرحية. وأدلت كوندوليزا رايس عند نهاية الاجتماع بتعليقات شخصية تعكس بعض الظروف التي كانت سائدة خلال نشأتها في مرحلة الطفولة في الجنوب الأمريكي، الذي كانت تطبق فيه سياسة الفصل العنصري، وهي تعليقات ربطت فيها بين تلك النشأة والتحديات التي تواجه الإسرائيليين والفلسطينيين.

وقال تيمرمانز ومسؤول أمريكي آخر إن صمتا مطبقا ساد الاجتماع عندما ارتجلت كوندوليزا رايس كلمة قالت فيها إنها لا تريد أن تعقد مقارنة تاريخية أو تفرض تجربة ذاتية، وأوضحت أنها عندما كانت طفلة نشأت في مدينة بيرمينغهام، بولاية ألاباما، وخلال فترة اتسمت بـ"الفصل (العنصري) والتوتر". وأشارت أيضا إلى أن انفصاليين بيض نسفوا الكنيسة المحلية في المدينة، ما أسفر عن مقتل أربع بنات، بما في ذلك واحدة من زميلاتها في الفصل الدراسي. واستطردت قائلة: "شأن الإسرائيليين، أعرف ما معنى أن ينام الشخص ولا يعرف ما إذا كان سيتعرض للقصف ويشعر بالخوف وهو داخل حيه السكني ويخاف من التوجه إلى الكنيسة".

وأضافت قائلة: إنها كطفلة سوداء نشأت في الجنوب الأمريكي، حيث كان الفصل العنصري يشمل أماكن الترفيه والمطاعم، تتفهم أيضا شعور وعواطف الفلسطينيين، وقالت في هذا السياق: "أعرف ما يمكن أن يحس به الشخص عندما يبلغ بأنه غير مسموح له باستخدام شارع أو عبور نقطة تفتيش لأنه فلسطيني. أدرك الشعور بالذل والعجز. هناك شعور بالأمل من الجانبين استمر زمنا طويلا".

ماذا قالوا عن سلوك ليفني :

ذكرت صحيفة الرأي عن طريق مراسلها ربيع يحي كما تردد هذا الخبر في كثير من المواقع : قالت عضوة الكنيست الإسرائيلي ووزيرة التعليم السابقة " ليمور ليفنت " أن وزيرة الخارجية "تسيبي ليفني" مستمرة في تأييدها لايهود أولمرت، وقالت أنها تحب "الاحتكاك" بكوندليزا رايس !. لم تكد تنتهي "ليفنت" من تصريحها حتى تم تفسيره بأن هناك علاقة شاذة تجمع بين رايس وليفني، وقامت وكالة الأنباء الفلسطينية "معان " بتأويل التصريح على أساس أن عضوة الكنيست الإسرائيلية "ليمور ليفنت" كانت تخفي شيئا ما يشير إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية ونظيرتها الإسرائيلية تجمعهما علاقة شذوذ جنسي. وفي هذا الصدد قالت مصادر إسرائيلية صحفية أن من طالع موقع الوكالة الفلسطينية على الانترنت أصيب بالصدمة، حين وجد منشتا صحفيا غريبا من نوعه بالنسبة لوكالة أنباء.

وأن المانشيت يقول " وزيرة التعليم الإسرائيلية السابقة تلمح إلى أن هناك علاقة سحاقية بين وزيرة الخارجية الإسرائيلية ونظيرتها الأمريكية ". وقالت المصادر نقلا عن وكالة الأنباء الفلسطينية أن "ليمور ليفنت" أدهشت أعضاء الكنيست عن حزب الليكود، حين قالت أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تقيم علاقة جنسية شاذة مع نظيرتها الأمريكية كوندليزا رايس، وأن وزيرة التعليم السابقة قالت هذا الكلام في حضور رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو، وأنها شعرت بأنها أخطأت، لذا فقد طلبت من الصحفيين بألا يقوموا بنشر التصريح. وفي رد فعل سريع قالت "ليمور ليفنت" أنها لم تقصد بكلمة " تحب الاحتكاك " بان هناك علاقة جنسية شاذة، ولكنها تقصد أن وزيرة الخارجية تسيبي ليفني تحب إقامة علاقات صداقة مع زعماء العالم .



ما أكدته أخبار الصحف والمواقع الأخرى :

ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية الصادرة بتاريخ 29 يونيو 2008 عن علاقة كونداليزا رايس بليفني وكذلك الخبر الذي يفيد بأن كونداليزا رايس على علاقة مع إحدى الشخصيات العربية المرافقة لشخصية عربية هامة ، حيث علقت كونداليزا رايس على هذا الخبر بأنها مجرد صداقة ، وزيرة الخارجية الأمريكية المعروفة بـ " الآنسة كوندي" تعيش حاليا قصة حب كبيرة مع شاب مقرب من زعيم عربي وأن الاثنين يلتقيان في سرية تامة ، قائلة :" إن سفريات هذا الشاب العربي إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تشكل فرصة للقاءه برايس . قصة الحب هذه جدية إلى درجة أن رايس تنتظر بفارغ الصبر انتهاء فترة ولاية الرئيس الأمريكي جورج بوش حتى تتفرغ لها".

وفيما اعتبر بمثابة صفعة على وجه إدارة بوش ، أضافت الصحيفة نقلا عن مصادر دبلوماسية أمريكية لم تكشف هويتها أن الشاب العربي يحظى بالقبول في كواليس الخارجية الأمريكية، حتى أنه يستطيع أن يتجول بالأقسام التى يمنع على بعض الأمريكيين دخولها.

وخوفا من انعكاسات الفضيحة ، حذرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الوزيرة رايس من علاقاتها ونبهتها إلى ضرورة أن تكون في السر، حتى لا يلتقط المصورون صوراً لها مع الشاب العربي قد تضر بمواقف الإدارة الأمريكية وسياساتها , غير أن الوزيرة قالت إنها ترتبط بعلاقة صداقة مع الشاب ليس أكثر، وأن ذلك من خصوصياتها ولا يؤثر على أدائها وعملها مع مجموعة الكبار في البيت الأبيض.

اتهامات بالشذوذ

تلك الفضيحة لم تكن الأولى من نوعها ، ففي 2007 ترددت شائعات كثيرة مفادها أن وزيرة الخارجية الأمريكية شاذة جنسيا ، وهذا ما برز في كتاب أعده المراسل السياسي لصحيفة (واشنطن بوست) جلين كيسلر بعنوان (امرأة السر: كوندوليزا رايس وإبداع ميراث بوش).






كيسلر الذي وصف رايس بأنها أقوى امرأة في العالم بسبب المنصب الذي تشغله في الولايات المتحدة ، أكد أن تصريحاتها المتكررة حول تضحيتها بحياتها الشخصية من أجل حياتها العامة هي مجرد حملة تمويه لإخفاء طبيعتها الشاذة "السحاقية" التي لا تعلن عنها حتى اليوم ، قائلا :" رايس عزباء ولم تعاشر رجلا من قبل وتبلغ 54 عامًا واشترت لصديقة لها شقة لتقيم معها علاقة جنسية ".

وأضاف أن "شريكة حياتها" غير المعلنة هي مصورة الأفلام الوثائقية "رندي بين " ، وهما تسكنان بيتا واحدا لا يعرف كثيرون عنه في كاليفورنيا، ، هذا بجانب وجود حساب بنكي مشترك للاثنتين.

رايس رفضت حينها التعليق على ماورد في الكتاب ، لكن شريكتها رندي قالت إن البيت مشترك لهما لأنها واجهت صعوبات مالية في السنوات الأخيرة بسبب تلقيها علاجا غالي الثمن ، مما اضطرها لإعطاء نصف بيتها لرايس بدل النقود التي أخذتها منها.

ولم يقف الأمر عند ما سبق ، بل إن وزيرة التعليم الإسرائيلية السابقة ليمور ليفنات تحدثت أيضا في 2007 عن وجود علاقة جنسية مثلية (سحاقية) بين وزيرة الخارجية الإسرائيلية الحالية تسيبي ليفني ونظيرتها الأمريكية كونداليزا رايس.

ووفقا لما جاء في موقع "قضايا استراتيجية" العبري فإن ليفنات أكدت أن ليفني طالبت رئيس الوزراء إيهود أولمرت بالاستقالة، ثم واصلت العمل معه والذهاب برفقته للولايات المتحدة ، وكأنها فقط تريد مواصلة الالتقاء بكونداليزا رايس .



إعداد / سميح خلف

Sameehkhalaf@gmail.com