2008/05/31

هكذا يكون الرجال

بسم الله الرحمن الرحيم

د. مخلص الصيادي

لم يكن خطاب السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله في عيد التحرير والانتصار خطابا مناسبة ـ والمناسبة جليلة ـ وإنما كان خطابا استراتيجيا حمل في طياته رؤية ونظرية وبرنامج عمل ، وكشف عن إجابات لكثير من الأسئلة ، بل إن الأسئلة التي لم تجد إجاباتها المباشرة في خطاب السيد ، وجدت جوابا مرتقبا لها ، فقد قال بعبارات واضحة أن قضايا بعينها لن يتحدث عنها الآن ، لكنها ستكون موضع حديثه في وقت لاحق .

الوضوح والصراحة في الخطاب أزعجت الكثيرين ممن كانت لهم أدوارا مشبوهة في المرحلة السابقة ، وكانوا يتطلعون من السيد الى خطاب يغطي فضائح تلك المرحلة ورجالاتها ، ويتجاوز عن ما بات معروفا من خطط بيتت في ليل للبنان والمنطقة ، لكن الرجل الذي عرف عنه الناس جميعا الصدق والوضوح خيب آمال هؤلاء ، وصدًق ظن الناس به ، فجاء خطابه على النحو الذي جاء به .

فلسفة المقاومة ونظريتها

في خطابه قدم سيد المقاومة نظرية المقاومة في التحرير والدفاع بآن ، وقال باختصار إن المقاومة المسلحة هي وحدها القادرة على تحرير الأرض ، وهي وحدها القادرة على الدفاع عن الوطن : عن الأرض وعن المواطن ، وقدم هذه النظرية التي جرى اختبارها في لبنان الى الأمة العربية مطالبا إياها باعتمادها سبيلا لمواجهة العدوان ، ولم يقدم هذه الاستراتيجية كبديل أو خيار آخر ينظر فيه قادة الأمة وقواها الرسمية والشعبية ، وإنما كخيار وحيد ، فما يتبع الآن من النظام العربي ، وما يروج له كتاب وصحفيون وقوى سياسية بشأن طريق التفاوض ، وطريق التعاون مع الولايات المتحدة ، أي طريق أوراق الأمة الموضوعة بين كفي الإدارة الأمريكي ، ليس طريقا أو خيارا في موازاة طريق المقاومة ، وإنما هو سبيل لضياع الأمة وذلها ،وهو سبيل مجرب تماما كما سبيل المقاومة ، وبينما حقق طريق المقاومة ونهجها عزة الأمة وقوتها ومنعتها، حقق طريق التسوية والتفاوض ذل الأمة وهوانها وضياع حقوقها.

وفي حديثه عن المقاومة كشف "نصر الله" عن مفهوم رئيس يتصل بمشروعية المقاومة، وهذه قضية شديدة الأهمية ، وشديدة الخطورة ، في هذا الزمن ، وفي كل زمن،

لقد وصفت المقاومة وحركاتها باستمرار بأنها حركات تمرد ، أو إرهاب ، أو عصابات قتل ، هكذا كان يقول دائما المستعمرون وحلفاؤهم ، وهكذا كانوا يروجون مستهدفين تكوين ثقافة عامة ضد المقاومة والمقاومين ، ومع تطور وسائل الإعلام وازدياد أهميتها وشمولها كثفت قوى الطغيان والعدوان من حملتها ضد المقاومة ، بل إنها جعلت ـ عن غير حق ـ دعوة الديموقراطية نقيضا لدعوة المقاومة ، فما دامت الديموقراطية هي التي تعطي المشروعية لأي حكم ، فإن هذا يعني أن المقاومة المسلحة القائمة على المبادرة والتضحية لا شرعية شعبية لها وبالتالي لا شرعية حقيقية لها. إن هذا المنطق المغلوط كشف عن نفسه في التجربة الديموقراطية في فلسطين المحتلة حينما اختار الشعب الفلسطيني المقاومة ومنظماتها لتعبر عنه ،

لكن "نصر الله" تناول موضوعية الشرعية من جذرها ، حيث أوضح أن مشروعية المقاومة مصدرها المقاومة نفسها، أن مصدرها وجود الاحتلال ، وبالتالي فهي ليست بحاجة الى أي مشروعية إضافية ، إن مشروعية المقاومة منبثقة من فطرة الإنسان في مقاومة العدوان ، ومن سنة الله في جعل المقاومة للعدوان جوهر مفهوم الجهاد الذي لا يحتاج لمن يشرعه لأنه من نوع جهاد الدفع . ولقد جاء بسط نظرية شرعية المقاومة مهما جدا وخصوصا لمستقبل المقاومة في لبنان نفسه ، فما دام هناك احتلال وما دام هناك عدوان فإن المقاومة لا تحتاج الى أحد كي يشرعنها .

ونظرية المقاومة التي اعتمدت في لبنان ، اعتمدت أيضا في فلسطين ، وأعطت الثمار نفسها ، واستطاعت المقاومة في فلسطين وفي لبنان ، أن تحجم دور وقدرة الكيان الصهيوني ، وأن تظهر حدود ما يستطيع أن يفعله ، وبالتالي أن تكشف انتهاء منحنى الصعود في حياة هذا المشروع ودخوله مرحلة الانكماش والتراجع والعجز عن تحقيق ما كان قد رسم له من دور.

ولقد جاء حديث نصر الله عن العراق والمقاومة في إطار نظرية المقاومة المسلحة ، فهو صاحب موقف أصيل الى جانب المقاومة المسلحة ، ثم إنه نزع الستار الذي تدثر به البعض للتعاون مع المحتل بأعذار شتى ، وقال بوضوح إن الانحياز الى طريق المقاومة وأسلوبها ما كان يوما خيارا في العراق ، ولم يعد الآن لأحد عذرا في عدم الإسراع للالتحاق به ،

إن هذا الذي عرضه نصر الله لا يعني أن أحدا كان معذورا في التعامل مع المحتل ، بدعوى إتباع نهج العمل السياسي، ولكنه قول يتضمن معنى فتح الباب لمن يريد أن يلتحق بخط المقاومة ، وإسقاط لكل الذرائع والتبريرات في تنكب هذا الطريق .

بكلمات موجزة ، وواضحة ، ليس هناك في العراق غير طريق المقاومة المسلحة لتحرير العراق ، وليس هناك في العراق غير طريق المقاومة المسلحة لحماية العراق من مخاطر الاحتلال ومن كل خطر يتهدد هذا البلد : خطر التقسيم الطائفي والعرقي ، وخطر إضاعة ثروات العراق وإمكانياته المتنوعة ، وخطر التلاعب بمستقبله .

اتفاق الدوحة : ُصناعُه وآفاقه

من صنع اتفاق الدوحة ، وما هي حقيقة الحضور المكثف الدولي والعربي في جلسة انتخاب الرئيس ميشيل سليمان وما دور هذه الرعاية في صنع اتفاق الدوحة ؟!

هذه الأسئلة وغيرها أجاب عنها نصر الله ، بعض هذه الإجابات كانت واضحة جدا ، وبعضها كانت الإجابة عنه تلميحا على أن يتبعها في زمن قادم حديث واضح ، لكن التلميح كان كافيا لكل متابع ومدرك لمعاني الكلمات والإشارات .

من صنع اتفاق الدوحة ؟ الجواب جاء واضحا من نصر الله : صانع هذا الاتفاق هو العمل الحاسم الذي شهدته بيروت ، والهزيمة الماحقة التي مني بها مشروع الفتنة الذي بدأ أولى خطواته في القرارين المشئومين اللذين صدرا عن مجلس الوزراء اللبناني غير الشرعي والذي أراد أن يضرب مركزا رئيسيا من مراكز قوة المقاومة ، وأراد أيضا أن يضع الجيش اللبناني في مواجهة المقاومة حينما طلب منه أن ينفذ هذين القرارين ،

الحسم السريع الذي رافقه موقف واضح وحاسم من قيادة الجيش امتنعت فيه عن تنفيذ قرار تلك الحكومة في التدخل لصالحها .

خيوط تلك الفتنة كانت موصولة إقليميا ودوليا ، كان الإعداد لها يبتغي أن يضع المقاومة في مواجهة الشرعية اللبنانية المزعومة ،وفي مواجهة الجيش اللبناني ، فيسمح بذلك بتدخل دولي ، وكذلك بتغيير قواعد الاشتباك الخاصة بقوة اليونيفيل ، ويكون دور مجلس الأمن هو تشريع هذا التدخل ، خصوصا وأن الحكومة اللبنانية كانت قد أتبعت إصدار القرارين برسالة الى مجلس الأمن تخبره فيها بموقفها .

وخيوط الفتنة غزلت وفق الاستراتيجية الأمريكية أي استراتيجية التقسيم الطائفي والنعرات الطائفية ، لذلك شاهدنا على الفور ، ومن الساعات الأولى لمعركة بيروت هستريا طائفية قادها ونفذها عبر أجهزة الإعلام والفضائيات مجموعة ممن يعتبرون أنفسهم من علماء المسلمين ، تستثير كل صخب التاريخ ، وكل غثه قبل ثمينه وتنادي بالثأر الطائفي ، وكان هؤلاء على الدوام ممن نسوا فلسطين ، والاحتلال الإسرائيلي ، الوجود الأمريكي في الوطن العربي ، وكل ما له صلة بالتحرير والمقاومة .

علماء الفتنة هؤلاء كانوا جزءا من مخطط الفتنة ، وكان لهم دورهم الكبير ، لكن سرعة الحسم التي قضت على أدوات الفتنة العسكرية كشفت هؤلاء وجعلتهم دون غطاء فعادوا مكرهين الى جحورهم . والى جانب هؤلاء ظهر أولئك الذين تحدثوا باسم ما دعي "بمكتب بيروت لإعلان دمشق" فكان بيانهم الذي أذاعته وروجت له أجهزة إعلام الفتنة يحمل الروح الطائفية نفسها ، ويستثير عوامل التفتيت نفسها ، ويستقوى بقوى الاستكبار والطغيان نفسها .

ولأن حسم المقاومة هو ما صنع اتفاق الدوحة فإن استمرارية هذا الاتفاق ، وفرص تطبيقه كاملا يستند بشكل رئيس على تنبه المقاومة وعلى رعايتها لكل العوامل التي من شأنها أن تسمح بتطبيق الاتفاق الى مداه ،وكلما خطى لبنان خطوة إضافية في تطبيق هذا الاتفاق كلما ولد قوى إضافية قادرة على حمايته وصيانته .

إن انتخاب العماد ميشيل سليمان رئيسا للجمهورية كان واحد من بنود الاتفاق ، وهو إنجاز من شأنه أن يدعم مسيرة تطبيق الاتفاق ويعزز من حجم القوى الحقيقية الملتفة حوله ، وكذلك الأمر مع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، ولقد كان من علائم الوفاء ومن توكيد مصداقية حزب الله بعد سعيه للسلطة وكذلك من خطوات تحصين الاتفاق إعلان نصر الله أن الحكومة الجديدة ستضم أطرافا من المعارضة من غير القوى الرئيسة الثلاثة ، وأن هذه الأطراف سيكون نصيبها مما هو مخصص لحزب الله ،

والمشوار في هذا السبيل طويل ، فقوى الفتنة لا تستسلم بسهولة ، لقد راعهم سرعة الحسم ، وقوة الحسم ، فأفقدهم القدرة على الحركة ، لكنهم اكتشفوا بسرعة أن ما خسروه في لبنان كان كبيرا ، وأن المثل الذي أعطوه في لبنان لحلفائهم في كل مكان كان بالغ السوء ، شديد الرداءة ، لذلك أسرعوا للنهوض مجددا ، لعلهم يستطيعون صنع شيء,

ولعل إدراك حزب الله لهذه الحقيقة هو ما دفع نصر الله الى توجيه رسالتين مختلفتين في المضمون وفي التوجه الى الأكثرية وحلفائهم في الساحة الإقليمية والدولية :

رسالة حاسمة واضحة:

تقول للجميع نحن حاضرون لحماية لبنان ، وأنفسنا ، ولمواجهة كل عدوان ، ونملك من المعلومات والحقائق ما سيؤدي إعلانها الى نزع الأقنعة عن الكثير ، ومن هذه الزاوية جاء حديثه عن توجهات وخطط جورج بوش للبنان، وللصيف الساخن الذي وعدت به غونداليزا رايس ، ومن الزاوية نفسها جاء حديثه عن عروبة لبنان، وعن حقيقة التزام حزب الله بمفهوم ولاية الفقيه ،

ولعل البعض تساءل عن الدافع لمثل هذا الحديث في هذا الوقت ، لكن ما قاله الأمين العام لحزب الله كشف بأن مركز القرار في المملكة العربية السعودية كان قد اتخذ من هذا الالتزام مدخلا للطعن بعروبة الحزب ، ومصدر شك في انتمائه لهذه الأمة ، لذلك أقدم مجلس الوزراء السعودي المصغر على إطلاق توصية بضرورة العمل على إنجاز تعديل في الدستور اللبناني يحفظ عروبة لبنان، أي أن المجلس هذا يقول إن حزب الله بالقوة التي ظهر بها ، وبالانتصار الذي حققه بات يهدد عروبة لبنان،

وهذا في الحقيقة شكل جديد من أشكال الفتنة، ومظهر جديد من مظاهر التلاعب بشخصية الأمة وثوابتها،واستغلال هذه الثوابت في صراعاتها وخدمة للأهداف الأمريكية والخطط الأمريكية ، تماما كما سبق أن فعلت القيادة السعودية مع قوة الفكرة الإسلامية وقدسيتها حينما وضعتها في خدمة وأهداف الإدارة الأمريكية، مرة في أفغانستان زمن حرب المجاهدين ، ومرة أخرى فيما يدعى بالحرب على الإرهاب في زمن بوش الراهن ،

إنهم لم يكتفوا بإثارة الضغائن الطائفية بين السنة والشيعة ، وإنما تحولوا ليجعلوها فتنة عرقية بين عرب وغير عرب وتريد أن توسم حزب الله بأنه غير عربي بسبب مذهبه السياسي الذي يتبع نظرية ولاية الفقيه "وهي نظرية فقهية صرفة ، أعاد الإمام الخميني صياغتها ، وكانت السبيل لتفعيل دور علماء الدين في مواجهة نظام الشاه وفي تحقيق الانتصار وفي جعل الولي الفقيه هو المرجع في النظام السياسي الإيراني".

ولن يغيب على أحد أن حزب الله وقائده ثبت بالدم عروبة لبنان ، حينما حققوا هزيمة العدو ، وأن حزب الله وقائده رفعوا مجد الأمة ، ومجد دينها وعروبتها ، وتاريخها ، حينما أجبروا العدو على الخروج الصاغر دون أي اتفاقات ، ودون أي مفاوضات،وفي وقت كانت القوات الأمريكية تدنس أرض الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والاقتراح السعودي لتعديلات دستورية في لبنان لتوكيد هذه العروبة،

وإذا كان حزب الله وقائده قد ثبت عروبته وإسلامه بالدم ، والشهادة ،مثلما ثبيها بالفكر والموقف فإن أمام هذا التلاعب بثوابت الأمة أعلن وقوفه الى جانب الدعوة السعودية وهو هنا يلقي الكرة في حضن القيادات اللبنانية التي تجد في الرياض مصدر لقراراتها ولمواقفها لتسعى هذه لتعديل دستوري يؤكد عروبة لبنان ويعززها وسيرون أن حزب الله معهم دون قيد أو شرط .

وهنا أيضا شدد الأمين العام لحزب الله على مطلب أن يستعمل سلاح المقاومة في حسم الخلافات الداخلية ما دامت هذه خلافات رأي ورؤية ، وهو موقف قديم وثابت لدى المقاومة ، وأوضح في الوقت نفسه أن المطلوب أيضا أن لا يستعمل سلاح الدولة في مواجهة المقاومة ، كمثل ما حاولت حكومة الفتنة أن تفعل حينما طلبت بعد قراريها المشئومين ، وإثناء الحسم ، أن يتدخل الجيش لصالحها ،

ورسالة أخرى الى الصادقين في الأغلبية :

تقول لهم تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ، أنتم الذين أحببتم الراحل رفيق الحريري ، واعتبرتموه وجها من أبرز الوجوه الوطنية في لبنان ـ ونحن في المقاومة نعتبره كذلك ـ تعالوا ننهج نهجه، ونسير على طريقه ، فقد اعتمد الراحل المزاوجة بين البناء الداخلي وبين دعم المقاومة، بين إرادة العمل والحياة للبنان، وبين ضرورة حماية هذه الإرادة من كل عدوان، بتحرير الأرض، وصيانة الوطن من كل عدوان ، تعالوا نستدرك ما فات ، هذا اتفاق الدوحة دليل على أن المقاومة بكل ما تملك ـ وعلى خلاف ما كان يشاع بينكم ـ لم تعمل على تحصيل أي مكاسب سياسية مبنية على ذلك الحسم العسكري، وأن المقاومة لم تغير أي استهداف لها، فقد كانت قد حددت ثلاثة مطالب رئيسة منذ بدء هذه الأزمة قبل عامين وهي المطالب التي تحققت في اتفاق الدوحة :

حكومة وحدة وطنية بثلثها الضامن، وقانون انتخابات متفق عليه، ورئيس توافقي.

كذلك نحن اليوم أكثر تمسكا باتفاق الطائف ، وليس كما كان يشاع بينكم بأننا نريد تغيير قواعد اللعبة في لبنان وننقلب على الطائف، تعالوا نرمي خلفنا كل عوامل الفتنة الطائفية ومنطقها لنبني لبنان الجديد الذي لا ينتصر فيه غير الوطن، ولا يعز فيه غير أبنائه، ولا يتمكن منه أي عدو، وطن لا ذله فيه، تنتهي فيه القاعدة البائسة أن قوة لبنان في ضعفه ، وتقوم فيه قاعدة العزة الحقيقة أن قوة لبنان في وحدة أبنائه، وفي استراتيجية دفاعية مجمع عليها تصون هذه الوحدة، وتحمي هذا الوطن، وتسترجع ما سلب منه، وتعيده فاعلا في نطاق منظومته العربية، وأوضحت هذه الرسالة أن من ضرورات كلمة السواء هذه نبذ رموز الفتنة، وإخراجهم من بين الصفوف، والتطهر من أولئك الذين ارتبطوا حتى النخاع بالقوى الخارجية ارتباط التابع بلا إرادة، والذي أدى وجودهم الى إعاقة ولادة اتفاق مثل اتفاق الطائف قبل هذا التاريخ بزمان، مما كان سيجنب لبنان أشهر طوال من العناء ويوفر على هذا الوطن الدماء التي أهرقت طوال هذه الفترة .

اتفاق الدوحة : الرابح والخاسر

وقدم خطاب نصر الله نظرة الى اتفاق الدوحة ، نظرة تحمل تقييما لهذا الاتفاق الذي ولد بعد عسر، وبعد أن ظهر أن لا سبيل آخر غير أن يولد، وبعد أن يئس الباحثون عن قوى إضافة تغير الواقع الذي صنعته ساعات الحسم .

وحين قال نصر الله إن الذي انتصر هو لبنان، هو المشروع الوطني في لبنان، هو مشروع العزة والكرامة والتقدم والعدالة، لم يكن في ذلك يريد أن يدغدغ عواطف أحد، ولا أن يراعي شعور أحد، إنه لم يكن يرسل رسالة تآلف للمخلصين من خصومه، ولا للمتشوقين من أنصاره، وإنما كان يريد أن يعبر عن الحقيقة خالصة ونقية .

هناك فارق واضح بين الصانع الرئيس لاتفاق الدوحة، وبين الذي خرج منتصرا في ذلك الاتفاق، قوى المقاومة هي الصانع الرئيس لاتفاق الدوحة، لكن الذي انتصر في هذا الاتفاق هو الوطن، وهو مشروع الوطن، وهو مستقبل الوطن.

هنا لا يعود الأمر فيمن صنع، وإنما الى من يهب هذا الذي صنع، تماما كما كان انتصار التحرير، حينما هزم المحتل واندحر من جنوب لبنان، لقد كانت المقاومة هي الصانع الرئيس لذلك الانتصار لكن النصر كان للوطن كله، لحاضرة ومستقبله، لكل فئاته ، وتكويناته، لكل من يعتقد أن لبنان وطنا له يستحق أن يكون محررا، ويستحق أن يعيش بأمان، ويستحق أن يتطلع الى غد آمن، وكان هذا هو الأصل في مشروع المقاومة .

الانتصار في اتفاق الدوحة كان لأسرى لبنان في سجون الاحتلال الذين سيعودون أحرارا الى وطنهم ، والانتصار كان لمزارع شبعا والأراضي اللبنانية المحتلة التي طال وجودها في الأسر ، الانتصار في لبنان كان للشعب الفلسطيني الذي وأد بهذا الاتفاق مؤامرات التوطين والتهجير ، وتأكد أن سبيله سيكون من لبنان الى فلسطين وليس الى مكان آخر .

هذا التوصيف بقدر ما يحمل من حقيقة فإنه يحمل من تواضع، ومن دعوة صريحة لصناع هذا الاتفاق ليتواضعوا، دعوة تعيدهم الى أصل القضية وجوهرها، فما يقومون به، وما يمثلونه من مشروع، ليس لأجلهم فقط، وليس خاصا بهم فقط، وإن كانوا هم الذين تحملوا مسؤوليته ودفعوا من دمائهم الثمن، إنه مشروع للوطن كله، ولو لم يكن كذلك ما كان ممكنا أن ينجح .

وأمام من ربح في اتفاق الدوحة هناك الخاسرون ، المهزومون ، وهم كل دعاة الفتنة في الداخل اللبناني ، الذين اشرأبت أعناقهم في أيام الأزمة يدعون داحس والغبراء ، ويا ثارات الجاهلية ، يريدون أن يحرقوا الأخضر واليابس من أجل تارة بدعوى الاسلام المفترى عليه ، وتارة أخرى بدعوى العروبة المعتدى عليها ، ولم يكن الاسلام ولا العروبة يوما هما حقيقيا لهم ،

كذلك هم كل قوى الغرب الاستعماري ، والكيان الصهيوني اللذين لم يجدوا سبيلا لولادة شرق أوسطهم الجديد إلا من خلال الفتنة الطائفية ، ومن خلال الاقتتال الداخلي ، ومن خلال وئد كل أشكال وفرص المقاومة ، لقد عبرت الإدارة الأمريكية بوضوح عن هذا التطلع ، وقد كان واضحا على وجوه وزراء خارجية هذه الدول وممثليها الذين حضروا جلسة انتخاب الرئيس سليمان أن خيبة الأمل تتلبسهم ، وفشلوا في أن يبعثوا برسالة تضمين لمن ارتبط بهم في الداخل اللبناني ،

نعم لقد هزم هؤلاء جميعا ، وقال نصر الله إن لبنان لن يكون في المنطقة كما كانت هونغ كونغ بلا هوية ولا وجه ولا انتماء ، كما أراد لها هؤلاء ، وإنما كان وسيكون الدولة والمجتمع والقوى التي أعطت وما زالت تعطي نموذج المقاومة، وفلسفة المقاومة، واستراتيجية المقاومة.

عود على بدء

هكذا يكون الرجال ، وهكذا تكون القيادة : قوة من غير صلف ، وعزيمة من غير كبر ، وانتصار من غير غرور ، ووضوح في الغايات وفي الوسائل ، وسبيل لا تشوبه شائبة ، ولا يدفع عنه ظرف طارئ ، ولا معركة جانبية .

هكذا يكون الرجال، وهكذا يبقى الخيار، إما مع المقاومة وخطها ومشروعها وقواها ، وإما مع صف الهزيمة وخطها وقواها، ليس هناك منطقة وسطى، وليس هناك إمكانية للمزاوجة بين هذا وذاك .

ليس الأمر هنا أن نغمض العين فلا نرى أخطاءنا، أخطاء المقاومين، وهفواتهم، أبدا، فهؤلاء بشر يخطئون ويصيبون وهم أحوج الى النقد والتصويب، ولعل في مسلك المقاومين خلال أيام الحسم العسكري ما يستدعي النقد والتقويم .

وليس الأمر هنا أن نقبل دون تمحيص وتدقيق ما تقدم عليه قوى المقاومة ـ في لحظات الشدة وفي لحظات الرخاء ـ من مواقف ، وما تتخذه من خطوات، ولعل في اتفاق الدوحة ما يستأهل النقد ويستدعي التصويب.

ليس الأمر هكذا، فالمقاومة هي الأحوج الى النقد والتصويب والتنبيه، لكن هذا كله يكون من موقع الانتساب الى نهج المقاومة ومشروعها، من موقع الحرص عليها وحمايتها، من موقع الصدق معها وتحصينها.

القادم من الأيام لن يكون سهلا ، والمهزومون لن يسلموا بسهولة ولو أنهم طأطأوا الآن رؤوسهم ، وكما شاهدناهم من سابق فإن أسلحتهم في الفتنة ، والتخريب كثيرة لا يردعها رادع ، ولا تقيم وزنا لأية قيمة ، أو تقف عند أي حد ، وهي على استعداد وصولا الى أهدافها أو بعض أهدافها أن تستثير كل شيء أو أي شيء.

وإذا كانت المقاومة تبدوا متنبهة ، وقد أثبتت ـ بعد خطيئة الحلف الرباعي ـ أنها لا تلدغ من جحر واحد مرتين ، فإن المطلوب من كل من ينتمي الى هذه المقاومة أن يكون واعيا في التحديد الحاسم لمعسكر انتمائه ، وأن يكون واعيا للمزالق التي يعدها المعسكر المعادي ، وأن يدقق في موقع قدميه فلا يرى نفسه في لحظة غفلة وقد استقرت حيث يكون الأعداء .

28 / 5 / 2008

الجولان .. بالقوة يسترجع

فائز البرازي

[ ان ما أخذ بالقوة .. لايسترد إلا بالقوة ] جمال عبد الناصر

أدّعي انه يخطئ من يظن أن الجولان يمكن أن يعود إلى سوريا العربية بمفاوضات متقطعة كالتي جرت خلال عقود ماضية ، أو كالتي تجري الآن بين سوريا وإسرائيل بوساطة تركية . وهذا ليس تعبيرآ عن رفض المفاوضات بحد ذاتها ، إلا أنه تعبير عن ضرورة أن تكون المفاوضات حاصلة بين قوى متوازنة القوة ، مع ملائمة الظروف والمعطيات في زمن ما . والقوة المقصودة ليست القوة العسكرية فقط ، بل المقصود القوة بكل اشكالها : العسكرية والسياسية والإقتصادية والدبلوماسية وأوراق الضغط ، إضافة هنا إلى توفير الحد الأدنى الفاعل من التضامن العربي ضمن منظومة الأمن القومي العربي بكل أشكاله أيضآ . وهذا الطرح سيفرز تساؤلآ مشروعآ لفهم مايجري .. فمن جهة أولى :

- وهي تتعلق بتوجهات أمة وثوابتها وتطلعاتها وحقوقها المشروعة ، بكون أن كامل فلسطين يجب أن يتحرر من الإحتلال والإحلال الصهيوني ، وتعود أرضآ وشعبآ بكاملها دولة عربية متحررة . وهذا ( ثابت ) لايمكن التخلي عنه ، حتى لو إستمر الزمن مئات السنين لتحقيقه ، وحتى لو كانت هناك تسويات وإتفاقات \" كمتطلبات نظم \" تنحو نحو إقامة إتفاقات بأشكالها المتنوعة مع الدولة الصهيونية ضمن مبدأ السيادة للدولة وسيادة قراراتها وحفظها لجذوة التوجه التحرري والإبقاء تاريخيآ على ثقافة السيادة العربية بكل مناحيها . وأن التمسك بالحقوق وإعادة الأمور إلى نصابها وطبيعتها ، سيبقى دافعآ ضاغطآ لخلق وإيجاد الوعي الفاعل والإرادة المصممة وتوفير أسباب القوة . ولا زلنا نتذكر عندما إنهزمت ألمانيا في الحرب العالمية الأولى ، ووقعت عن ضعف وهزيمة \" معاهدة فرساي \" مع الدول الغربية المنتصرة ، وخسرت بموجبها وبموجب واقع الإحتلال ، أراضي لصالح دول أخرى وخاصة فرنسا ، وتم تقاسم مناطق نفوذها ووجودها في العالم ، وحظر عليها إنشاء جيش قوي ، وعاشت أزماتها الإقتصادية والسياسية الطاحنة ووصول معظم شعبها لخطوط ماتحت الفقر .. وفرت الظروف والمعطيات اللاحقة نهوضآ في الوعي الألماني الفاعل ، وعودة وإسترجاعآ للعزة والأحاسيس القومية الألمانية ، التي أهينت وسلبت حقوقها ، مما \" أفرز \" ظاهرة هتلر بقيادته وتنميته لذلك الوعي والحس القومي ، والحرص على إستعادة ألمانيا لحقوقها التي سلبت منها ، وكانت مقولته الشهيرة : [ إن جميع المعاهدات المذلة تداس بجنازير الدبابات ] . أي : ما أخذ بالقوة .. لايسترد إلا بالقوة . وتبقى توجهات الأمة العربية وثوابتها ومنطلقاتها وتطلعاتها تقول : لاصلح ، لاتفاوض ، لاإعتراف بإسرائيل .

من جهة ثانية : - إذآ ماذا يجري بين سوريا كدولة مقاومة ، وبين إسرائيل الغاصبة ؟؟ أكاد أعتقد أن الأطراف الأساسية : سوريا – إسرائيل – إيران – تركيا – أمريكا .. يعرفون تمامآ أن هذه المفاوضات لن تؤدي لإتفاق في المدى القريب والمتوسط ، وخاصة ضمن المعطيات والظروف السائدة الان في المنطقة . ولكل طرف ضمن هذه \" المعرفة الجمعية \" ، توجهات ورغبات وتطلعات يسعى جاهدآ لتحقيقها أو تحقيق شيء منها ، مع توقعه على جانب آخر أن لاتثمر بشيء على الإطلاق كما جرى في مفاوضات سابقة . أي أن جميع الأطراف تعي أن وقت السلام بين سوريا وإسرائيل ، لن يأت الآن ولا في سنوات قريبة قادمة ، ولا أحد يدري الإجابة عن الصورة على المدى المتوسط والبعيد . وإن حاولتُ الدخول في تصورات كل طرف من الأطراف الآن ، عما يمارسونه من خلال منطلقاتهم الخاصة بكل منهم ، فأكاد أعتقد أن :

1- سوريا : - وقد كانت في عهد المرحوم الرئيس الأسد قد وصلت بالمفاوضات وبلقاء / الأسد كلينتون / إلى قطع اللقاء والتفاوض بسبب نكوص إسرائيل عن وديعة رابين ، وبسبب \" أمتار \" قليلة مطلة على بحيرة طبريا ، لا كما يتوقع البعض اليوم ويشيعوا عن إستعداد سوريا للإبتعاد عن طبريا . وقد يكون الهدف من مسارها التفاوضي اليوم ، وكما كان .. أن تقول للعالم أنها مع السلام ، وهي حقآ مع السلام العادل والشامل . ويكون من النتائج التي تسعى لحصدها وخاصة ضمن الهجمة الصهيوأمريكية الشرسة وحلفائهم في المنطقة ومحاولات حصارها وعزلها وممارسة الضغوط الجبارة عليها بالمستوى العربي والإقليمي والدولي ، محاولة منها أن تكسر هذه العزلة وتوسع إنفراجاتها ، وتحصل على نفس زمني أطول حتى مغادرة بوش والمحافظون الجدد عروشهم . ولتسعى في ذات الوقت وضمن المهلة على دعم أكبر لعسكريتها ، وعلى تثبيت أقوى لمحور الممانعة والمقاومة : سوريا ، إيران، حزب الله ، الفصائل الفلسطينية المقاومة ، المقاومة الوطنية العراقية ، في خطوات تدرجية تراكمية وصولآ إلى مرحلة التعامل مع إدارة أمريكية جديدة .

2- إسرائيل : - ليس بمقدور \" أولمرت \" ولا أحد غيره الان وفي ظل الأوضاع الإقليمية السائدة – وخاصة مع فضيحتيه : خسارة في لبنان ، تحقيقات فساد – أن يتجاوز معارضة 65% من الإسرائيليين الرافضين تمامآ الآن عملية إنسحاب إسرائيل من الجولان : دينيآ وسياسيآ وإقتصاديآ وبمتعلقات مياة الجولان . فهو – أولمرت – يسعى على مستوى الداخل لخلط الأوراق ، ويخلق تشابكآ مبهمآ في الأوضاع وإشغال معارضيه . ويسعى – وهو متشكك – على مستوى الخارج لتحقيق :

• دفع نحو تحييد تدريجي جهة حزب الله ، إيران ، حماس ، وخلق نوع من التردد عند بعض المشاركين في القرارات السورية ، وخلق نوع من التشكك بين : سوريا ، إيران ، حزب الله ، فصائل المقاومة الفلسطينية ، الذي قد يؤدي إلى تبريد وقتي بينهم .

• وقد يكون الهدف من هذا التبريد – إن حصل – تجهيز الساحة لتدخل عسكري سريع ومحدود ضد إيران ، يتخلص فيه من مخاطر إيران ، ومن الضغوط الداخلية المهددة بسقوطه.

3- إيران : - تعلم إيران يقينآ هذه المجريات .. وهي تعي أيضآ ومن نظرة موضوعية للظروف ولطبيعة التحالفات القائمة الآن ، أن سوريا لايمكن أن تسقط في فخ التخلي عن علاقاتها الإستراتيجية معها ، ولا مع محور المقاومة العربية في فلسطين ولبنان والعراق . لأن هذا يشكل إنتحارآ سوريآ وخاصة الآن ضمن المعادلات السائدة ، وضمن تجارب الخداع والكذب والتوجهات الأمريكية والصهيونية ، وأنظمة الإستسلام العربي .

وهي – إيران – أصلآ تدير مفاوضات مع أمريكا \" الشيطان الأكبر \" فلايمكن أن تنظر إلى المفاوضات السورية الإسرائيلية إلا من ذات النظرة البرغماتية المستوعبة لطبيعة المعطيات والظروف والتحالفات .

4- تركيا : - وهو نوع من الذكاء السياسي لتحقيق تواجد مؤثر أكبر في الساحة الإقليمية ، توازن فيه دورها مع الدور الإيراني في المنطقة ، وتكسب حرية تصرف عسكرية ضد الأكراد المتمردين ، وتحقق تقاربآ وتنسيقآ إستراتيجيآ ومصلحيآ مع كل من سوريا وإسرائيل ، وتعزز ملامحها في \" الإتحاد الأوروبي \" ، وتكسب مواقف متعاطفة معها من يهود إسرائيل ويهود أمريكا والعالم ، بما يخفض درجة مخاطر الصراع بين الحكومة التركية والجيش التركي .

5- أمريكا : - وإن كانت \" غير راضية \" بنسبية عما يجري ، إلا أنها تتطلع وضمن تراجع مشروعاتها في المنطقة – ولا أقول فشل مشروعاتها - ، وتبدل نسبي في موازين القوى المؤثرة على إضعاف مشروعاتها ، وبسبب موقفها التشنجي العدائي من النظام السوري وأدواره بما ساهم مساهمة فعالة في إعاقة وإضعاف مشاريعها وسياساتها في المنطقة ، إلا أنها ومع إعتقادها أن هذه المفاوضات لن تثمر عن شيء ، فستحاول تخفيف إنعكاسات تردي مشروعها في المنطقة وتجيير السكوت على مضض عن المفاوضات ، إلى تحسين صورتها إلى حد ما في الداخل ألأمريكي بقطاع المتصهينين الأمريكان ، مما يمكن أن يكون له من إنعكاس على الإنتخابات الأمريكية القادمة دعمآ للحزب الجمهوري ، مع ماقد يساهم ذلك بتوفير ظروف أنسب لمعالجة الصراع مع إيران عسكريآ .

وأخيرآ .. وكتحديد أكثر ، أرى فيما قرأته للمحلل السياسي الإسرائيلي / عكيفا الدار / في صحيفة \" هاآرتس \" الصهيونية ، توضيح لمآل هذه المفاوضات . فيقول بوجود 8 عقبات أمامها :

• الفجوة الكبيرة بين المطلب السوري بإنسحاب إسرائيلي كامل إلى حدود 4 حزيران 1967 ، وبين الموقف الإسرائيلي الحاسم بعدم تجاوز ماكان قديمآ حدودآ دولية .

• قضية المياه .. وهي قضية إستراتيجية وأمنية الآن وفي المستقبل ضمن ما أصبح يعرف \" بحروب المياه \" .

• المستعمرات في الجولان ، وهي قضية كبيرة بين الطرفين فيما يتعلق بالإخلاء ، أو بالجدول الزمني .

• العقبة المركزية الكبرى بخصوص إصرار سوريا على علاقاتها مع إيران وحزب الله ومنظمات المقاومة الفلسطينية .

• علاقة سوريا وأمريكا المتوترة إلى أقصى درجاتها ، ومطالبات كل طرف للطرف الآخر بتغيير سلوكه ومواقفه .

• تحديد حجم المنطقة المنزوعة السلاح بين الطرفين ، وتبادليتها بالتساوي .

• صعوبة إن لم يكن إستحالة التطبيع بين سوريا وإسرائيل ، حتى إن إنسحبت إسرائيل من الضفة الغربية وقطاع غزة .

• صعوبة إلغاء إسرائيل \" قانون هضبة الجولان \" الذي أقره الكنيست عام 1981 ، بفرض القانون الإسرائيلي في الجولان ، وتقنين – من قانون – المستعمرات الإسرائيلية فيه .

من هنا أرى .. أن مايجري ليس أكثر من إدارة مؤقتة للصراع بين الأطراف ، ضمن فترة زمنية معينة تتحكم بها طبيعة وإفرازات المعطيات والأوضاع الحالية والقادمة .

فائز البرازي

25/5/2008

2008/05/19

شعب مصر يحيى الذكرى الستين لاغتصاب فلسطين


تداعت كل القوى الوطنية فى مصر بمناسبة الذكرى الستين لاغتصاب فلسطين ونظمت وشاركت فى عدد كبير من الفاعليات ردا على الاحتفال الذى تقيمه اسرائيل هذه الايام وفيما يلى ملخص لاهم الفاعليات والمؤسسات المشاركة واهم النتائج :

القوى والاحزاب مرتبة ابجديا :

§ الاخوان المسلمون ( مؤتمرات فى المحافظات )

§ الاشتراكيون الثوريون ( ندوة فكرية )

§ حركة كفاية ( مشاركة فى الفاعليات )

§ حزب التجمع ( وقفة تضامنية و مؤتمر سياسى )

§ حزب العمل ( مشاركة فى الفاعليات )

§ حزب الكرامة تحت التاسيس ( مشاركة فى الفاعليات )

§ الحزب الناصرى ( مؤتمر سياسى )

§ حزب الوسط تحت التاسيس ( مشاركة فى الفاعليات )

§ حزب الوفاق ( ندوة فكرية )

§ حزب مصر العربى الاشتراكى ( ندوة فكرية )

§ شخصيات وطنية مستقلة ( بيان مشترك لدعوة المصريين لرفع علم فلسطين ومشاركة فى الفاعليات )

§ ملتقى اللجان الشعبية لدعم فلسطين ( وقفة تضامنية وامسية فنية ومعارض واصدار كتيبات )

§ مواطنون عاديون ( رفع اعلام فلسطين ومشاركة فى كل الفاعليات )

§ اخرى

النقابات والمؤسسات القومية مرتبة ابجديا :

§ صالون الاوبرا ( ندوة وامسية فنية )

§ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ( ندوة فكرية )

§ المركز القومى للسينما ( شهر كامل لافلام عن فلسطين )

§ نقابة الاطباء ( امسية فنية و مؤتمر للتوثيق العلمى لقضية فلسطين )

§ نقابة الصحفيين ( مؤتمر صحفى و امسية فنية ومعرض صور )

§ نقابة المحامين ( وقفة تضامنية ومعارض للصور والتراث الفلسطينى )

§ نقابة المهن العلمية ( توزيع اعلام فلسطين على المشاركين )

§ اخرى

الفاعليات بالمحافظات مرتبة ابجديا :

§ الاسكندرية

§ اسيوط

§ البحيرة

§ بنى سويف

§ بورسعيد

§ الدقهلية

§ دمياط

§ سيناء

§ الشرقية

§ الغربية

§ القاهرة

§ اخرى

القنوات الفضائية مرتبة ابجديا :

§ الساعة

§ المحور

§ النيل الثقافية

§ دريم

§ اخرى

الصحف مرتبة ابجديا :

§ الكرامة ( ملف كامل )

§ العربى ( ملف كامل )

§ القاهرة ( ملف كامل )

§ الاهالى ( ملف كامل )

§ البديل ( ملف كامل )

§ الدستور( ملف كامل )

§ الاهرام ( مقالات لكبار الكتاب )

§ الاخبار ( مقالات لكبار الكتاب )

§ الجمهورية ( مقالات لكبار الكتاب )

§ مئات المشاركات على النت : مواقع ومجموعات بريدية

§ اخرى

ادوات المشاركة :

§ اصدار كتيب " فلسطين ـ القضية والتاريخ " من 20 صفحة

§ اصدار كتيب " فلسطين ـ المختصر المفيد " من 12 صفحة

§ طباعة وتوزيع آلاف من الاعلام الفلسطينية الورقية والقماشية والملصقة

§ طباعة آلاف من شعار الذكرى تحت عنوان ( 60 عاما من المقاومة ) الذى صممه خصيصا للمناسبة الفنان عصام حنفى

النتائج :

§ اجماع وطنى على رفض مشروعية الكيان الصهيونى المسمى باسرائيل

§ ودعم لحركة المقاومة الهادفة لتحرير كامل التراب الفلسطينى

§ مشاركة مصرية ايجابية لحملات دولية وعربية مماثلة ومتزامنة ضد اسرائيل

§ نمو الوعى بالقضية وتاريخها لدى المهتمين بها

§ اكتساب القضية لانصارجدد يرغبون فى الدعم والمشاركة

§ استمرار وتواصل الجهود الوطنية فى مصر فى اتجاه دعم فلسطين والمقاومة والتحرر من اتفاقيات كامب ديفيد ( الحملة مستمرة )

* * *

القاهرة فى 18 مايو 2008

2008/05/17

في الذكرى الستين لنكبة فلسطين والفردوس المفقود

سمير الشيخ

منذ اندحار وفشل الحروب الصليبية بدأ التحرك الاستعماري باغتصاب فلسطين في القرن الثامن عشر الميلادي واثناء غزو نابليون لمصر وفلسطين وحينها عمل على تشجيع الهجرة اليهودية الى فلسطين وحثهم على تأسيس كيان غاصب ومن هنا بدأ التعاطف الغربي مع اليهود وقد استثمر الصهاينة هذه الدعوات لصالحهم من خلال المؤتمرات وطرح الشعارات المزعومة بأنهم شعب الله المختار وأرض الميعاد في اسطورة الوعد الالهي والحق التاريخي في فلسطين ومن خلال هذه الطروحات تم انعقاد مؤتمر بازل بسويسرا عام 1897 ميلادي (بزعامة تيودور هيرتزل ) وقد تمخضت القرارات التي صدرت عن هذا المؤتمر بتشريد شعب فلسطين واقامة الدولة العبرية اللقيطة . وبعد سنوات وعند قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914 ميلادية والتي كان لهم اليد الطولى في دفع دول العالم في ذلك الوقت اليها . وبعد قيام تلك الحرب واثناءها تم عقد اتفاقية سايكس – بيكو سنة 1916 ميلادية بين بريطانيا وفرنسا بتقاسم النفوذ على الوطن العربي بينهما . وفي العام التالي وفي 2 تشرين الثاني 1917 ونتيجة لهذه الاتفاقية تم اعطاء وعد من قبل وزير خارجية بريطانيا ( بلفور ) الى حاييم وايزمن العالم الكيمياوي الذي ساعد المجهود الحربي لبريطانيا من الناحية العلمية . فقرروا مكافئته بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ومن هنا بدأت الثورة في فلسطين بين العصابات الصهيونية وشعب فلسطين العربي واستمر شعب فلسطين بصموده البطولي ونضاله الطويل وجاءت ثورة فلسطين التحررية الكبرى التي اشعل فتيلها الشيخ عز الدين القسام سنة 1929 ميلادية وكان الشهيد المجاهد القسام بعد استشهاده قد اشعل شرارة الثورة التي جاءت سنة 1936 ميلادية وكانت بقيادة الشيخ فرحان السعدي واخوانه الثوار فقام بأروع أطول اضراب بطولي دام ستة شهور ودامت ثورة فلسطين التحريرية من نيسان 1936 حتى أواخر سنة 1939 ميلادية واستمر شعب فلسطين بمقاومته ونضاله حتى جاء قرار التقسيم الجائر في 29 تشرين الثاني 1947 ليخوض شعب فلسطين الأبي بعده حرب 1948 ميلادية ونزح شعب فلسطين عن ارضه بأخطر مؤامرة صهيونية استعمارية ومن هنا نزحت جموع الشعب من مناطق حيفا واجزم ، وجبع ، وعين غزال .. الخ بعد أن انهت بريطانيا انتدابها على فلسطين والذي كان قائما منذ سنة 1918 ميلادية بعد الحرب العالمية الأولى والذي استمر حتى ليلة 14/15 ايار 1948 ميلادية انهت انتدابها في هذا اليوم عن فلسطين لصالح العصابات الصهيونية التي اعلنت على العالم في نفس ليلة 14/15 ايار 1948 ميلادية قيام دولة اسرائيل لتتسابق الدول الكبرى للاعتراف بهذه الدولة على الفور وهذا ما قامت به كل من الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفييتي على حد سواء . حينها قررت الدول العربية الحرب ضد اسرائيل فدخلت جيوش العراق والاردن ومصر وسوريا ولبنان الى فلسطين ومعه المئات من المتطوعين العرب ولكن هذه الجيوش كلها قد خسرت الحرب ضد العصابات الصهيونية في ذلك التاريخ لأن قيادة تلك الجيوش قد اسندت الى قيادات غير مخلصة وغير كفوءة وكامعة على حساب قضية فلسطين . وذهبت تضحيات تلك الجيوش سدى وما قدمته من شهداء على أرض فلسطين بعدما حققت من نجاحات هنا وهناك ضد العصابات الصهيونية المجرمة ولا ننس شهداء الجيش العراقي الباسل التي ما تزال قبورهم قرب جنين وهي موضع تقدير واهتمام وزيارات مستمرة من أهلنا في فلسطين اليهم نحيي الجيوش العربية الباسلة ومنها الجيش العراقي وشهدائهم الابرار الذين سقطوا على أرض فلسطين من الشهيد الشجاع المصري احمد عبد العزيز الى الشهيد الرائد البطل طالب العزاوي من الجيش العراقي الباسل واخوانهم من الشهداء الابرار الآخرين ونحيي بكل اعتزاز وفخر ووفاء القائد المعلم الخالد جمال عبد الناصر قائد الكتيبة السادسة لصموده الرائع البطولي في حصار الفالوجة عام 1948 ميلادية وحتى سقوطه شهيداً خالداً تحت راية فلسطين في ايلول 1970 ميلادية بعد ان حقق بما يشبه المعجزة وقف لاطلاق النار بين الجيش الاردني وقوات المقاومة الفلسطينية الباسلة في الاردن ولا ننسلى المجاهد الفلسطيني البطل مروان البرغوثي واخوانه الابطال الآخرين في سجون العدو الصهيوني ولا ننسى الشعب الفلسطيني الذي يعيش في الشتات والذي يرفض التعويض والتوطين خارج ارض فلسطين ويطالب بحق العودة الى أرضه في فلسطين ولا يريد عنها بديلا او تحويلا والتي ضمنتها قرارات الأمم المتحدة ومنها القرار 194 وغيرها من القرارات الدولية

2008/05/15

رئيس التنظيم الشعبي الناصري في لبنان النائب الدكتور أسامه سعد يقول:

صيدا مدينة المقاومة ونقطة على السطر.

من يعجبه ذلك فليعجبه، ومن لا يعجبه فليشرب من ماء البحر

وأنا مضطر أن أحمي الخط الوطني في المدينة بكل الوسائل وكل السبل وليعرفوا ذلك

خرجت القيادات والفعاليات الصيداوية بموقف موحد مما جرى ويجري من أحداث في بيروت والمناطق، وأعلنت رفض القرارات الصادرة عن الحكومة التي تنقصها شرعية كل اللبنانيين، والتي لا تأخذ في عين الاعتبار مصلحة الجميع.

وأكد اللقاء الموسع الذي عقد في بلدية صيدا بناءً لدعوة رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد، والذي غابت عنه النائبة بهية الحريري، في بيان صدر عنه « تمسك المدينة بوحدتها في مواجهة الاستهدافات والمشاريع المذهبية والطائفية التي تهدد الوطن، ودعا اللقاء المواطنين إلى الوقوف صفاً واحداً في مواجهة الفتنة والتأكيد على موقف المدينة التاريخي في الحفاظ على الوحدة الوطنية والعيش المشترك». كما أكد على «دور المدينة المشرف والأساسي في التصدي للاعتداءات الإسرائيلية ودورها في المقاومة الوطنية، ودعمها المطلق للمقاومة الإسلامية وللدفاع عنها كونها شرف الامة».

وتمنى النائب سعد أن لا يخطئ أحد في مدينة صيدا بقطع الطرقات، لأن هذه المدينة تشكل صلة وصل بين الجنوب وباقي المناطق اللبنانية وهي عاصمة الجنوب. وقال: «على هذا الأساس نحن نرفض أي تعد على هذه الخطوط الحمر للمدينة من أي طرف كان». مضيفا: « نتمنى على سماحة المفتي الشيخ محمد قباني أن يكون صلة وصل بين مختلف الأطراف، وأن لا يكون في موقف يثير الفتن والانقسامات والتوترات في البلد».

وكان الجيش اللبناني حاول تسلم المراكز العسكرية لتيار المستقبل بهدوء بعد اتفاق بين أنصار المعارضة والجيش في صيدا، وبعد أن اتصلت قيادة الجيش بالنائبة بهية الحريري التي أبلغتها موافقتها على تسليم المراكز الى قيادة الجيش مباشرة، الا أنه حين وصلت آليات الجيش لتسلم المركز الرئيسي تجمهر العشرات من أنصار المستقبل وأعلنوا عن معارضتهم لهذا الأمر وحصل هرج ومرج، وعندها استقدم الجيش اللبناني تعزيزات مؤللة. وجرى إطلاق نار فسقط قتيلين وأربعة جرحى، وعلم أن القتيلين هما الدكتور صابر القادري وزوجته فيما جرحت ابنته وهم يمرون بسيارتهم أثناء اطلاق النار. والدكتور القادري أستاذ في الجامعة اللبنانية وهو من أصدقاء التنظيم.

وحمّل رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد «تيار المستقبل» في صيدا، تبعات ما يحصل في المدينة. ووجه له تحذيرا خلال جولة قام بها في أحياء صيدا القديمة وعلى المقاهي الشعبية، وقال: «إنني غير مطمئن لأمن الخط الوطني في مدينة صيدا، وانه إذا لم تعالج الأمور في شكل صحيح في صيدا، فأنا مضطر أن أحمي الخط الوطني في المدينة بكل الوسائل وكل السبل وليعرفوا ذلك».

وأشار النائب سعد الى «أن الرهانات السياسية لدى فريق في لبنان انهارت ولا تزال تنهار. وهذا الفريق يحاول أن يعلق خسارته لرهاناته على شماعة التحريض المذهبي، ونحن نقول لهؤلاء إن السياسات لا تبنى على الأحقاد والتحريض، وندعو هذا الفريق إلى ممارسة النقد السياسي والدخول فوراً إلى الحوار الوطني، من أجل الوصول إلى حل سياسي في لبنان يجنب البلاد المزيد من الخسائر.

ووصف النائب سعد الخيارات التي انتهجتها المعارضة الوطنية اللبنانية بالتجربة الصعبة. وقال: «هذا الخيار الصعب الذي شاهدنا فصوله خلال الأيام الماضية ولا زلنا نشهد فصوله، نتمنى أن ينتج حلاً سياسياً، وهذا ما تريده المعارضة الوطنية منذ بداية الأزمة. وفريق السلطة كان دائماً يعرقل مساعي التسوية إلى أن وصلنا الى ما وصلنا إليه، داعياً الجامعة العربية إلى اتخاذ موقف متوازن وغير منحاز لأحد».

وأكد النائب سعد ان فريق السلطة حاول زج العنصر الفلسطيني في الأزمة اللبنانية وقال: «منذ فترة طويلة وهذا الفريق يحاول أن يدخل العامل الفلسطيني في معادلة الصراع في لبنان، غير أن هناك حتى الآن تحصينا فلسطينيا ضد هذا الاتجاه لفريق السلطة، وليس لدينا أي معلومات عن تدخل أي طرف من الأطراف الفلسطينية في الصراع الدائر حالياً. وأضاف: «لقد اتخذنا موقفاً يحمي المدينة انطلاقاً من خيارات وطنية وليس انطلاقاً من خيارات طائفية ومذهبية، فليتوقفوا عن التحريض الطائفي والمذهبي أولاً وهناك مسائل أخرى يجب أن تحسم، وسنتكلم عنها مرة أخرى». وتابع: «ليكن معلوماً أن أي إخلال بالخيارات الوطنية في المدينة سيعرضها مرة أخرى لمخاطر كبيرة، ونحن نعتبر أن هناك عملاً كبيراً لا زال أمامنا في صيدا، ولم ينته الموضوع بعد، وأن التحريض مسألة غير مطمئنة، ونحن كفريق وطني في هذه المدينة قمنا بما هو متوجب علينا لحماية هذه المدينة، لكن الفريق الآخر لم يقم بواجباته بعد وعليه القيام بواجباته».

واستبعد النائب سعد حصول أي لقاء بينه وبين النائبة بهية الحريري، واصفاً لقاء كهذا بأنه «مسألة شكلية ونحن لدينا خياراتنا السياسية وكل ساحة لها خصوصياتها». وختم النائب سعد كلمته بالقول: «صيدا مدينة المقاومة ونقطة على السطر. من يعجبه ذلك فليعجبه ومن لا يعجبه فليشرب من ماء البحر».

12-5-2008




المؤتمر القومي العربي

Arab National Congress

صنعاء، 13 ايار/مايو 2008

إعلان صنعاء

صادر عن المؤتمر القومي العربي التاسع عشر

في الذكرى الستين لاغتصاب الحركة الصهيونية للجزء الأكبر من ارض فلسطين التي تمر بنا هذه الايام، يستعيد المؤتمر القومي العربي الى الذاكرة العربية ان الصراع العربي – الصهيوني هو صراع على الوجود وليس صراعاً على حدود، ذلك ان الحركة الصهيونية، وبدعم من كل قوى الاستعمار العالمي، استهدفت فلسطين ارضاً وشعباً فاحتلت كامل الارض وطردت الجزء الاكبر من الشعب من وطنه حيث شرد في المنافي في مختلف الاصقاع والاقطار، ولذا فلا حل يعيد الحق الى اصحابه الا برفع شعار التحرير والعودة، التحرير الذي يعني تحرير كل الارض الفلسطينية المحتلة، والعودة التي تعني عودة كل من طرد من ارضه الى دياره وارضه التي شرد منها وليس الى أي مكان اخر.

ولما كان الخطر الصهيوني يهدد الوطن العربي بأكمله بإقامة كيان عنصري اجنبي في قلبه ليفصل شطريه في آسيا وافريقيا، ويشكل حاجزاً وعائقاً يمنع اية محاولات لاقامة الدولة العربية التي تتطابق حدودها مع حدود الامة، فان مهمة مواجهته هي واجب عربي بامتياز، لايجوز لاي نظام عربي ان يتخلى عنه، وان نضال الشعب العربي في فلسطين يشكل رأس الحربة في النضال العربي العام الهادف لتحرير كل فلسطين، وكما ان الشعار الذي يجب ان يُرفع في كل وطن محتل هو انهاء الاحتلال ورحيل قواه ، كما هو الحال في العراق الان، فان الشعار الصحيح الذي يجب ان يتبناة النضال العربي الفلسطيني هو شعار التحرير وانهاء الاحتلال، بديلاً عن شعار الدولة المستقلة، التي لا يمكن لها ان تقوم الا عبر مفاوضات، يفرض فيها العدو الصهيوني ومن يدعمه من القوى الاستعمارية، مواصفات كيان هش لا يحقق التحرير ولا العودة ولا يسمح للشعب العربي المشرد بتقرير مصيره على ارض وطنه .

واذ يتابع المؤتمر بقلق بالغ الممارسات الصهيونية في تهويد الأرض وإذلال الشعب العربي في فلسطين واستمرار محاولات تشريده وإبادته، فانه يسجل استنكاره للحصار المفروض على قطاع غزة ويحمّل الحكومات العربية وفي مقدمتها الحكومة المصرية مسؤولية رفع هذا الحصار وتوفير كافة متطلبات الحياة الإنسانية الكريمة، وخاصة الكهرباء والمنتجات النفطية والمواد الغذائية والطبية، من خلال انشاء صندوق تابع لجامعة الدول العربية يتولى تمويل كل هذة الاحتياجات، وتحرير القطاع من قيود ربطه القسري القائم بالكيان الصهيوني .

إن الأمة العربية تواجه الان واقعا مأساوياً سياسياً واقتصادياً وأمنياً امتدت آثاره إلى تهديد الهوية القومية الحضارية للأمة. هذا الواقع يأتي محصلة لموجة مكثفة من مصادر التهديد العالمية والإقليمية من ناحية ومن مصادر أخرى للأسف على المستويين القومي والقطري من ناحية أخرى. تحديات بهذا المستوى وواقع عربي بهذا السوء يصعب مواجهتها دون إستراتيجية عربية شاملة للمواجهة، قادرة على استنهاض كافة مصادر القوة في الأمة وذخيرتها وخبراتها التاريخية مع مثل هذا النوع من التحديات والمخاطر. فبقدر خطورة ومستوى التحديات يجب إن تكون إستراتيجية المواجهة شاملة هي الأخرى وعلى المستوى نفسه من الجدية والقوة.

يأتي في مقدمة هذه التهديدات ما يمثله المشروع الإمبراطوري الأمريكي المتحالف مع المشروع الصهيوني، الذي لا يرمي فقط إلى تفكيك النظام القومي العربي واستبداله بنظام إقليمي بديل منعدم الهوية، يلعب فيه الكيان الصهيوني دور القوة الإقليمية العظمى، بما يعنيه ذلك من إهدار لكل نضالات الأمة من اجل وحدتها ومن اجل تحرير أجزائها المغتصبة وفي مقدمتها فلسطين، لكنه يرمي بالإضافة إلى ذلك، الى تفتيت الدولة القطرية العربية من خلال الدعوات لإعادة ترسيم الخرائط السياسية وتقسيم ما سبق تقسيمه من ارض العرب أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى عبر العمل على تقسيم الدول العربية إلى دويلات تابعة على أسس عرقية أو طائفية، أو مذهبية، على نحو ما يجري تنفيذه في العراق منذ الاحتلال الأمريكي له في عام 2003.

ولا يقل خطورة عن هذا التهديد ذاك التطابق بين إنتاج استقطاب طبقي اجتماعي – سياسي جديد على الصعيد العالمي تجسيداً لسياسة العولمة وانطلاق الرأسمالية المتوحشة لفرض سيطرتها، متجاوزة كل الحدود التقليدية للدول، ومعتمدة على سياسة التدخل القسري في الشؤون الداخلية، وبين إنتاج استقطاب طبقي – سياسي جديد داخل الدول العربية. ومثلما تم تقسيم العالم إلى مجتمعات وليس دول، غنية مسيطرة ومجتمعات أخرى فقيرة مسيطر عليها، يجري فرض استقطاب طبقي اجتماعي – سياسي داخل الدول العربية بين طبقات تحتكر السلطة والثروة وطبقات فقيرة محرومة ومعزولة ومهمشة ومسيطر عليها.

والاهم من هذا هو ذلك التلاقي، الذي يصل إلى درجة التحالف، بين قوى الهيمنة الرأسمالية الخارجية التي يقودها النظام الإمبراطوري الأمريكي وحليفه الصهيوني، وبين القوى المسيطرة على السلطة والثروة داخل الدول العربية التي تمارس الاستبداد والفساد.

هذا التحالف بين قوى الهيمنة العالمية التي يجسدها المشروع الإمبراطوري الأمريكي الجديد وقوى الاستبداد والاحتكار السياسي والاقتصادي في الداخل العربي ليس وليد تطورات عالمية فقط ولكنه أيضا وليد تطورات عربية، على مستوى كل دولة عربية وعلى مستوى النظام العربي ككل. فالنظام الرسمي العربي أخذ يفقد قدراته على الصمود مع نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي عندما وقّعت مصر "معاهدة السلام" مع الكيان الصهيوني عام 1979، وبعد ان تبنى النظام الرسمي العربي "السلام" كخيار استراتيجي أوحد وبدأ مسلسل التنازلات والخضوع للاملاءات الأمريكية.

هذا الخضوع تحوّل إلى تبعية صارخة بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 وقبول الدول العربية بمشروع مؤتمر مدريد وما أسفر عنه من "معاهدات سلام" جديدة مع الكيان الصهيوني، وجاء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ومشاركة أنظمة عربية في دعم وتيسير سبل نجاح هذا الغزو، ليؤدي إلى مزيد من انكشاف النظام الرسمي العربي وعجزه عن القيام بمسؤوليات الدفاع عن الأمة وحماية مصالحها.

وارتبط بهذا الواقع الاقتصادي – الاجتماعي العربي واقع سياسي لا يقل سوءا، أصبحت فيه "الدولة التسلطية" هي المسيطرة على مقاليد السلطة والثروة وفرضت معادلة احتكار السلطة، وتجريف بنية العمل العربي عبر ممارسات مؤسسات سياسية فاسدة حالت في بعض الأحيان دون قيام تعددية سياسية حقيقية، وأدت في أحيان أخرى إلى قيام تعددية سياسية مشوهة، فرضت معادلة أو لعبة سياسية قائمة على قاعدة وجود حزب أو عائلة أو قبيلة حاكمة تسعى إلى أن تظل حاكمة والى الأبد، ووجود أحزاب معارضة تعارض فقط، وقبلت ان تظل معارضة والى الأبد، وقد سقط اغلبها تحت ضغوط الترهيب والغواية التي تمارسها السلطات الحاكمة والتي استطاعت من خلالها إن تنتزع هذه الأحزاب من قواعدها الشعبية، وتجعلها مجرد أدوات مزيفة لتجميل الوجه القبيح للدولة التسلطية والمعادلة السياسية المشوهة لمجمل العمل السياسي، وشاهد زور على فرض شرعية مزيفة لهذه الدولة التسلطية الحاكمة في اغلب الدول العربية سواء كانت ملكية أو جمهورية، التي هي الوجه الحديث والمعاصر للدولة المستبدة، والتي تسعى إلى الاحتكار الفعال لمصادر القوة والسلطة في المجتمع لمصلحة الطبقة أو القبيلة أو العائلة الحاكمة، وهي خلافاً لكل اشكال الدولة المستبدة السابقة، تحقق هذا الاحتكار عن طريق اختزال المجتمع المدني وتحويل مؤسساته إلى تنظيمات تضامنية تعمل كامتدادات لأجهزة الدولة، كما أنها خلافا لكل إشكال الدول المستبدة الأخرى، تخترق النظام الاقتصادي وتسيطر على مقاليد الثروة أما بالمصادرة أو بالفساد، وتعتمد اعتمادا مفرطاً على الأجهزة الأمنية لدرجة توريط الجيوش في مهمة فرض الأمن الداخلي لحماية النظام الحاكم وفرض استمرار يته بالترويج لمعادلة "الاستمرار والاستقرار"، أي إن استمرار هيمنة النظام الحاكم هو الضمان الأفضل للاستقرار الذي هو البديل المباشر للفوضى التي تحرص على ان تجعلها قرينة لدعوة التغيير لمصادرة هذه الدعوة واعتبارها ومن يقومون بها المصدر الأساسي لتهديد الاستقرار، أي تهديد الشرعية القائمة التي من خلالها تتمكن هذه القوى الحاكمة من ترسيخ سيطرتها على الحكم.

لذلك لم يكن غريبا أن ينعكس هذا الاستقطاب الداخلي في الدولة العربية بين قوى حاكمة مستبدة مسيطرة على الثروة، وبين قوى شعبية تعاني الحرمان الديمقراطي والاقتصادي، مع استقطاب آخر إقليمي، فرضه المشروع الأمريكي بين محور للاعتدال أفرزته جليا تحالفات الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف 2006، يضم دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن متحالف مع الولايات المتحدة (6+2+1)، حيث تم ضم نظام الحكم العميل في العراق إلى هذا المحور بطلب من وزيرة الخارجية الأمريكية، ومحور آخر للشر يضم سوريا وإيران ومنظمات المقاومة العربية: حزب الله في لبنان وحركتي حماس والجهاد الاسلامي في فلسطين.

محور الاعتدال العربي هذا هو المتحمس لما يسمى بـ "مبادرة السلام العربية" والمتمسك بشعار "السلام هو الخيار الاستراتيجي للعرب" وغير المستعد للبحث في خيارات اخرى بديلة او الافصاح عن دعم المقاومة التي باتت توصف بالارهاب، وهو الذي شكك في النصر الذي حققته المقاومة الاسلامية في لبنان صيف 2006 على اسرائيل المدعومة امريكيا، تحت ذريعة ان حزب الله حزب طائفي شيعي وانه مدعوم من ايران، وهو ذاته المحور الذي ما زال متورطا في جريمة فرض الحصار على قطاع غزة، وهو نفسه الذي التقى مع وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس في الكويت، وأبدى استجابة مستترة لدعوة ارسال سفراء عرب الى بغداد لمواجهة ما تسميه واشنطن بالنفوذ الايراني في العراق، وهو النفوذ ذاته الذي كان للامريكيين الدور الاكبر في افساح المجال له من خلال فتح الباب له لدخول العراق والمشاركة في تدمير الدولة العراقية، واليوم يطالبون الدول العربية بخوض الصراع ضد ايران في العراق حماية للمشروع الامريكي ذاته.

وعلى المستوى الاقليمي توجد مصادر اخرى للتهديد بسبب تعارض المصالح بين المشاريع القومية الاستراتيجية لدول الجوار الرئيسة في ظل غيبة المشروع القومي العربي القادر على التفاعل الايجابي مع هذه المشاريع.

ان غياب المشروع القومي العربي يؤدي الى تحول ذلك التعارض في المصالح القومية الى صدام يترتب عليه تهديد المصالح العربية القومية، خصوصاً مع عجز النظام العربي الرسمي عن مواجهة اطماع بعض هذه الدول في الاراضي والمياه العربية.

كل هذا يحدث في ظل غيبة كاملة لمشروع عربي قادر على مواجهة التحديات الدولية والاقليمية في ظل انفراط عقد النظام العربي القائم الذي بات مخترقا وبعنف ومستعدا في احيان كثيرة لأن يتحالف مع الاعداء، وان ينخرط في مشروع الاستقطاب الاقليمي بين محوري "الاعتدال والشر" وأن يفرط ضمن هذا الاستعداد في ثوابت الامة واهدافها العليا في الاستقلال الوطني والقومي والوحدة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

ان مسلسل التفريط في مصالح الامة واهدافها العليا من جانب النظام العربي الرسمي الراهن تتجلى الان بشكل صارخ في العراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال، تفريط يتستر وراء مظاهر العجز على نحو ما تكشف اثناء ازمة المعابر في قطاع غزة، التي كان فيها هذا النظام اكثر من متواطئ، وعلى نحو ما يتكشف يوميا في ظل الازمة السياسية اللبنانية، كما ويتجلى بشكل صارخ في العراق حيث يتستر النظام العربي على جرائم الاحتلال ،كما يتستر على منظومة المعاهدات والتحالفات التي تسعى ادارة جورج بوش الامريكية لتوقيعها مع النظام العميل في العراق وحكومته برئاسة نوري المالكي لفرض هيمنة امريكية كاملة على العراق سياسيا واقتصاديا وعسكريا بل وثقافيا.

ان كل تلك التحديات التي تواجه الامة العربية وتهدد مصالحها القومية واهدافها العليا، تستلزم ان تواجه باستراتيجية عربية قادرة على تحمل اعباء تلك المواجهة، وهذا لا يمكن ان يتحقق دون الاتفاق على مشروع قومي للنهضة قادر على المقاومة والبناء معا، بشرط ان يسعى وان يحدد القوى الفاعلة صاحبة المصلحة في هذا المشروع القادر على تحمل مسؤولياته كاملة.

هذا المشروع القومي يجب ان تنهض به حركة تحرر عربية شعبية في تكوينها أي مرتكزة على القوى الشعبية صاحبة المصلحة في المشروع ومؤسساتها الجماهيرية المختلفة ،من نقابات ومؤسسات مجتمع مدني وحركات شعبية متنوعة مؤمنة بأهداف المشروع وقادرة على انجازه عبر حركات تحرر وطنية داخل الاقطار العربية، ويمكن لهذه الحركة ان تضم كافة القوى والتيارات القومية والاسلامية واليسارية والوطنية اللبرالية، شريطة الايمان بوحدة الامة العربية ، والعمل باخلاص من اجل اقامة دولة الامة لمواجهة المشروع الامريكي الصهيوني، الذي لا تقوى على مواجهته ودحره سوى قوى الامة العربية مجتمعة، مع اعلان رفض كل مشاريع الهيمنة الاجنبية على وطننا التي ترفع شعار تقسيم دوله الى دول معتدلة واخرى متطرفة، مما يؤدي الى تمزيق وحدة الامة ارضا وشعبا، واستبدال أعدائها الحقيقيين باعداء وهميين. ان المشروع يجب ان يكون قادرا على بناء "مجتمع الكفاية والعدل والحرية" وامتلاك القدرات العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية الكفيلة بصون وحماية الامن القومي العربي وتحرير الاراضي العربية المغتصبة والمحتلة، فضلا عن امتلاك القدرات الذاتية للتحديث والتطور والتجدد الحضاري التي تمكّن الامة من التخلص من كل قيود التخلف والتراجع وامتلاك قدرات النهوض والتقدم وتحقيق وحدتها المأمولة.

ان المشروع النهضوي العربي القادر على مواجهة التحديات وبناء المستقبل هو مشروع صنع المستقبل العربي ذاته في مواجهة المعضلات والتحديات الست الاساسية الراهنة: الاحتلال والتجزئة والتخلف والاستغلال والاستبداد والجمود الحضاري، من خلال تحديد الاهداف والمهام النضالية القادرة على مواجهة هذه التحديات والمعضلات التي تتفاقم يوما بعد يوم: هدف التحرر والاستقلال الوطني والقومي لمواجهة حالة الاحتلال والخضوع للهيمنة الاجنبية التي تتفاقم بوتيرة متزايدة، والحرية والديمقراطية لمواجهة الاستبداد الداخلي الذي تجسده الدولة التسلطية المتحالفة مع قوى الهيمنة الخارجية، والعدل القانوني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي لمواجهة الظلم والاستغلال الاقتصادي والاجتماعي والاحتكار السياسي للسلطة، والتنمية المستدامة القادرة على تحقيق مجتمع الكفاية لمواجهة التخلف والتبعية، والنضال المتجدد والمتواصل من اجل تحقيق الوحدة العربية يبقى هو الرد الحاسم ليس فقط لمواجهة التجزئة التي فرضت على الامة في عقود طويلة مضت من الخارج، ولكن ايضا لمواجهة مشروع اعادة التقسيم الذي يسعى المشروع الامبراطوري الامريكي – الصهيوني الى فرضه على الوطن العربي بالتعاون مع اطراف داخلية منعدمة الولاء الوطني والقومي، ارتضت ان تكون بؤراً للعمالة الاجنبية ومرتكزات للتبعية والهيمنة. اما التجدد الحضاري والتحديث المتواصل وتحرير الفكر العربي من انغلاقه وجموده وانفتاحه الحر على كل مصادر التنوير والثقافة الحرة، فهو الكفيل بمواجهة كل قيود التعثر والتأخر التاريخي وحماية الهوية القومية العربية من كل محاولات شطبها واستبدالها بهويات طائفية او عرقية او نزعات شعوبية بغيضة تؤدي الى فرض خطط اعادة التقسيم الراهنة.

ان تحقيق هذه الاهداف يستلزم اولا وضع استرتيجية واضحة ترتكز على تحديد ما يمكن تسميته بـ "هدف الاختراق" أي الهدف النموذجي الذي يمكن من خلاله الانطلاق لبدء مشروع النهضة والقادر على جذب الامة وتمكينها من تحقيق باقي الاهداف عبر سلسلة من المهام النضالية المتداخلة فيما بينها. ويستلزم ثانيا السعى لامتلاك القدرات والاليات والادوات اللازمة للبدء في تحقيق وانجاز المشروع النهضوي بأهدافه الست.

ويسلتزم ثالثا الأخذ بالاعتبار اهمية تفعيل النظام الرسمي العربي حيثما كان ذلك ممكنا ، اذ ان تفعيل هذا النظام في ظل التحديات الراهنة يعتبر ضمانة لبقاء الدولة العربية القطرية المعرضة للتمزيق والتفتيت. ويستلزم رابعا الاخذ في الاعتبار خصوصيات بعض الدول العربية التي قد لا تتلاءم مع اولويات النضال في اقطار عربية لاعتبارات تكتيكية، ان التوافق حول هدف الاختراق لتحقيق المشروع النهضوي العربي ضرورة قومية استراتيجية ، لكن الواقع العربي يفرض التلازم بين مجمل الاهداف النضالية للامة وتأسيس الآليات اللازمة لتحقيقها وفي مقدمتها حركة التحرر الشعبية العربية .

ان المقاومة بكافة اشكالها العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية يجب ان تكون هدف الاختراق لتحقيق المشروع العربي النهضوي، ولكن هذه المقاومة تستلزم توافر العديد من الشروط لانجاحها، وفي مقدمتها الاصلاحات السياسية والديمقراطية وتامين حقوق الانسان وحقوق المواطنة التي كفلتها الدساتير الوطنية والشرعة الدولية لحقوق الانسان .

ويلاحظ المؤتمر ان الاستبداد الذي تمارسه الانظمة العربية الحاكمة على شعبها ومنعه من المشاركة في صنع القرار السياسي، هو الذي يضعف قدرة هذه الانظمة على مواجهة الضغوط الأجنبية الرامية الى فرض التبعية على هذه الانظمة ويدفعها بالتالي لاعلان والرضوخ لهذه الضغوط، بدعوى عدم القدرة على المواجهة، علما بان النظام الذي يستدعي شعبه للاحتماء به من هذه الضغوط لا يمكن ان يخذله شعبه ومن لا يحميه شعبه لا يمكن ان تحميه اية قوة في الوجود، ولذا فان المؤتمر القومي العربي يتوجه بالنداء الى جميع القادة العرب لكي يمكنوا ابناء شعبهم من ممارسة الحريات العامة التي كفلتها معظم دساتير هذه الدول، ولكن على الورق وليس لأغراض التطبيق، لانه لا سبيل لتامين استقرار أي نظام الا بموافقة الشعب والتفافه حول هذا النظام ولا يمكن لشعب مستعبد من قبل حكامه في الداخل ان يتمكن من مواجهة عدو خارجي .

واذ يعي المؤتمر كافة التحديات التي تواجه الامة، فانه على يقين من انها في مجملها تشكل ارتسامات مشهد متكامل من تلك التحديات التي تتجسد في هجمة أمريكية صهيونية تعبر عن نفسها بما يحدث من احتلال وعدوان وتهديد، على نحو ما هو قائم في فلسطين والعراق ولبنان والسودان والصومال، فانه يؤكد على ان المقاومة هي الرد الاستراتيجي على كل اشكال هذه التحديات وان الامة العربية مطالبة بتقديم كافة اشكال الدعم والمساندة لهذه المقاومة للوصول الى اهدافها في التحرير والنصر .

في العراق : يؤكد المؤتمر ان الاحتلال هو السبب الرئيس لكل ما ابتلي به العراق ولا يزال، من تهديد لهويته العربية وتمزيق لنسيجه المجتمعي ووحدتة واستقلاله الوطني واذكاء لنعرات عرقية وطائفية ومذهبية ونهب منظم لثرواته وتبديد لتراثه الحضاري، وان لا سبيل للخلاص من كل ذلك الا بالانهاء الفوري للاحتلال من خلال دعم المقاومة العراقية المسلحة الباسلة بكافة اطيافها القومية والاسلامية والوطنية والانخراط في مصالحة وطنية شاملة على قاعدة ازالة الاحتلال وتوكيد عروبة العراق ووحدة كيانه ارضا وشعبا ضمن مشروع وطني ديمقراطي.

ويطالب المؤتمر الدول العربية بوقف اعترافها وتعاملها مع الحكومة العميلة التى اقامها الاحتلال في العراق، ودعم وإسناد المقاومة العراقية لتحقيق اهدافها ورعاية المصالحة العراقية الشاملة .

واذ يثمن المؤتمر مساندة إيران لقوى المقاومة في كل من لبنان وفلسطين، بما تمثله من مقاومة لمشروع الهيمنة الأمريكي – الإسرائيلي على غرب آسيا، كمنطلق لبسط هيمنته الشاملة على اوراسيا – جائزة القرن – فانه ينظر بعين الاستنكار لمجمل الممارسات الايرانية في العراق التي استغلت أجواء الاحتلال الأمريكي له لتغلب مصالحها القومية الضيقة على ما يمكن ان يشكل ارضية مقبولة لمصالح مشتركة بينها وبين الأمة العربية، وفي مقدمتها الحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا، وعدم المساهمة في تذويب هويته العربية، وتمزيق كيان الدولة والمجتمع فيه، لان ذلك اذا نجح، لا قدّر الله، لن تتوقف اثاره السلبية عند حدود العراق بل ستمتد لتطال بمفاعيلها السلبية ايران، التي لن تكون بمنأى عن هذه الاثار السلبية، وهي النتائج التي لا مصلحة للعرب او للايرانيين فيها .وعلى ايران ان تدرك جيدا ان تبوأها المكانة الاقليمية والدولية التي تسعى اليها لا يمكن ان يتحقق اذا لم تقم علاقاتها مع الدول العربية، وفي مقدمتها العراق، على اساس من احترام المصالح المشتركة للجانبين العربي والايراني، وان احترام هذه المصالح يؤدي حتما الي بناء علاقات عربية -ايرانية على اسس سليمة، وبدلا من ان تقوم هذه العلاقات على التناحر والتصادم فان من مصلحة الجانبين ان تقوم على التفاهم واحترام كل جانب لسيادة الجانب الاخر، مما يفتح الباب لقيام الانسجام بين مصالح الجانبين الذي قد يتطور الى تحالف لمواجهة التهديد والمشترك لهما المتمثل في السياسات الأمريكية – الصهيونية، ولا مدخل لكل ذلك الا باحترام وحدة العراق وهويته العربية وسلامته الاقليمية ونبذ كل السياسات التي تهدف لتمزيق وحدته الكيانية والمجتمعية .

واخيرا فان المؤتمر يستنكر بوضوح أية مساهمة لاية دولة عربية في المخطط الأمريكي - الصهيوني الداعي لضرب ايران والذي يحض الكثير من الدول العربية على ان تكون ضمن الادوات المنفذة لتحقيق اهداف هذا المخطط، تحت شعار مقاومة الارهاب، الذي تتبناه السياسة الاميركية بدون تمييز بين الارهاب الحقيقي الذي تمارسه في الكثير من مناطق العالم وبين المقاومة الوطنية المشروعة لهذا الارهاب الامريكي - الصهيوني.

وفي لبنان : يؤكد المؤتمر حرصه على تأمين الوحدة الوطنية اللبنانية على قاعدة حماية المقاومة والحفاظ على عروبة لبنان وان لا يكون مقرا وممرا للمخططات الاجنبية، ويدين المؤتمر كل الضغوط الاجنبية والعربية التي تتآمر على المقاومة وعلى الوحدة الوطنية اللبنانية .

في السودان : يؤكد المؤتمر حرصه على وحدة السودان ارضا وشعبا ويدين كل محاولات العدوان والتمزيق التي يتعرض لها من مختلف الاطراف الدولية والاقليمية الطامعة في ثروات السودان وترابه الاقليمي، ويدعو المؤتمر الى حل كافة الاشكالات والخلافات بين مختلف الأطراف السودانية عبر مشروع وطني ديمقراطي يُؤمن المشاركة السياسية الفعالة والمواطنة المتساوية وحقوق الانسان .

في الصومال : يتعرض الصومال ومنذ أمد طويل لعدوان أمريكي – أثيوبي يستهدف تمزيق وحدته الوطنية واحتلال أراضيه واقتطاع أجزاء واسعة منها، لذلك فان المؤتمر القومي العربي يؤكد مسئولية النظام الرسمي العربي في التصدي لكل هذه المخططات وتقديم كل أنواع الدعم الرسمي والشعبي للمقاومة الصومالية الباسلة لتحقيق أهدافها في مواجهة العدوان الواقع على هذا البلد العربي وتأمين الوحدة الوطنية فيه.

في العلاقة مع دول الجوار

يؤكد المؤتمر حرصه على إقامة أفضل العلاقات التعاونية مع دول الجوار العربي وعلى الأخص كل من إيران وتركيا وأثيوبيا على قاعدة المصالح المشتركة بين الأمة العربية وبين كل منها، دون تجاوز أو عدوان أو افتئات على هذه المصالح والحقوق.

في الأعلام العربي : ولما كان للإعلام الدور الأكبر في التوصل بين الإفراد والجماعات، فان المؤتمر يؤكد بقوة على ضرورة تبني إقامة فضائية عربية، كمشروع استثماري عربي يفتتح القوميون عملية الاكتتاب به، على إن يستكمل ذلك بفتحه لاكتتاب شعبي عربي، لتكون أداة فعالة في نقل رسالة المؤتمر إلى الجماهير العربية في كل مكان، ولتكون الوسيلة لنشر وتعميق الوعي العربي الشعبي بالأبعاد المختلفة للمشروع العربي النهضوي الذي يتبناه المؤتمر .